| | | | الضربة الأمريكية لسوريا
| | الأسد | |
بقلم: زهير كمال ..................
لن تكون هناك ضربة أمريكية لسوريا لا اليوم ولا غداً ولا بعد شهر أو بعد عام. وإن ما يحدث الآن هو جزء من الحرب النفسية والإعلامية التي تخوضها الولايات المتحدة ضد سوريا وقوى الممانعة في المنطقة. وكما هو معروف فإن الحرب قبل أن تكون قعقعة سلاح وأزيز رصاص إنما هي صراع عقول وإرادات يكسب فيها الأذكى صاحب الإرادة القوية وربما يكسب الضعفاء لو أحسنوا توظيف قدراتهم بشكل أفضل كما حدث في حروب التحرير الشعبية. وما نراه أمام أعيننا اليوم هو توظيف جيد للقوة الناعمة وهو التهديد باستعمال السلاح دون اللجوء اليه فعلاً وهذا ما يفعله اوباما من تحريك للأساطيل وتأهب للقوات وبث الرعب من خلال بعض أجهزة الإعلام التي تصف خطر الضربة وتضخمها الى آخر هذه المعزوفة التي ينساق اليها للأسف بعض الإعلاميين فيقومون بنسخ ما حصل في العراق على ما سيحصل في سوريا. وما يخشى منه الانصياع تحت الضغط والتهديد لتقديم تنازلات غير ضرورية.أوباما الذي ألف كتابين هامين يؤمن بمبدأ استعمال القوة الناعمة ويستعمله بكفاءة جيدة بعكس سلفه ، وما نراه من تكتيكات مثل الضغط والتراجع إنما يدخل ضمن هذا السياق ومن أعجب الأمور أن يفسر بعضهم حالة التراجع بالتخبط أو حتى الهزيمة. وبطبيعة الحال فالأجهزة المختصة التابعة للأنظمة مشغولة بأمور أخرى ولهذا نرى القادة يردون فعل الآخرين عليهم فقط.
عندما تقوم مكاتب الدراسات الاستراتيجية في أمريكا بإجراء حسابات الربح والخسارة لعمل كبير ودراسة المعطيات على الأرض ونقاط الضعف والقوة عند الأطراف المعنية في الصراع فإنها ستصل الى الوقائع التالية عند دراسة الحدث السوري واحتمال توجيه ضربة عسكرية لهذا البلد: نقاط في صالح توجيه الضربة العسكرية:
1. إن الرد الروسي سيكون مقصوراً على الاحتجاجات الشفهية، ولكن لا يستحسن تحدي الدب الروسي والتعدي على ما يعتبره موقع نفوذه في البحر الأبيض المتوسط ، وفي غالب الأحوال فان روسيا وما سبقها أيام كانت الاتحاد السوفييتي تفضل الانسحاب على مواجهة الولايات المتحدة لما فيها من مخاطر على السلم العالمي ووقوع حرب نووية.
2. رغم كل التصريحات النارية الداعمة لسوريا والتي يطلقها زعماء إيران إلا أنه في حالة الجد فلن تقوم بعمل عسكري مضاد، لخطورة الفعل ورد الفعل في منطقة الخليج وسيكون المنطق الذي يحكم الفعل الإيراني هو: إيران أولاً.
3. لا يستطيع الجيش السوري القيام بأي فعل مضاد ضد إسرائيل أو الأردن أو تركيا كما يصرح بعض الساسة السوريين، فبعد أكثر من عامين من الحرب الأهلية وانشقاق بعض ضباطه ومقتل بعضهم الآخر، لن يكون في وضع يسمح له بفعل خارجي يزيد من مشاكله ويفاقمها، لم يقم صاحب القرار السوري برد فعل ضد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في السابق وكان يمتلك حق الرد ولكنه آثر السلامة وتأجيل الرد الى إشعار آخر، فأولوية النظام القصوى هو الحفاظ على نفسه من السقوط قبل أي اعتبار آخر.
4. بالنسبة لحلفاء أمريكا ، فرغم كل التصريحات النارية للزعماء الأوروبيين وبخاصة الفرنسي الذي يحاول وضع موطيء قدم في السياسة العالمية إلا أنه عندما يحين الجد فلن يتورطوا في منطقة الشرق الاوسط ورمالها الملتهبة وكان تصويت مجلس العموم البريطاني إشارة هامة لمزاج الأوروبيين، تركيا كل همها الحصول على منطقة نفوذ في سوريا أسوة بإيران التي تتخذ من العراق منطقة نفوذ لها، وستكون قيادات المعارضة السورية المسيطرة الآن مثل الخاتم في أصبع أردوغان. أما بالنسبة للحلفاء العرب فهم على استعداد لتمويل الضربة العسكرية بل يستعجلونها.
5. إن الحزب الجمهوري سيحاول توريط أوباما في اتخاذ قرار الحرب المحدودة ولن يخلّصه من تصريحاته السابقة فالموضوع يدخل ضمن اللعبة السياسية الدائرة في الأوساط السياسية في أمريكا، وفي النهاية يتحمل الرئيس صناعة قرار الحرب. ولو فشل فسيقولون للشعب الأمريكي : ألم نقل لكم!
نقاط ضد توجيه الضربة العسكرية:
1. إن الاقتصاد الأمريكي ما زال في غرفة الإنعاش يتعافى ببطء من ركود طويل وأي خلل في الحسابات سيهدد شفاءه وربما لن تقوم له قائمة.
2. إن شخصية الرئيس الأمريكي كصانع قرار نهائي تلعب دوراً في قرار كهذا فلو كان جورج بوش مثلاً هو الرئيس لقام بالضربة دون تفكير معمق ولكن أوباما سيحسب ألف حساب لها، إذ يهمه كثيراً نظرة التاريخ اليه كأول رئيس أسود كان صانعاً للسلام وحاول إخراج أمريكا من ورطتها الاقتصادية التي أوقعها فيها سلفه، كما أنه مكبّل بجائزة نوبل للسلام التي لم يكن يستحقها عندما أعطوه إياها في بداية عهده، ولن يضحي بهذا الإرث من أجل حرب غير ناجحة.
3. هناك بدهية لدى صانع القرار الأمريكي لا يتزحزح عنها هي الحفاظ على أمن إسرائيل وضربة عسكرية أمريكية سيكون لها فعل عكسي على أمن إسرائيل برد فعل حزب الله.
وبينما يقوم الكثير بإطلاق التصريحات، إلا أن حزب الله هو الصامت الوحيد وربما كان هذا الصمت أبلغ من الكلام.
حزب الله ليس لديه مسؤولية دولة وشعب مثل إيران ويستطيع تحمل ضربات إسرائيلية وثبت أن تدمير المباني أو الطرق والمطارات لا تؤثر على الحزب ولا تحطم معنوياته كما حدث في حرب تموز 2006 ، ولكن هذه المرة ستكون إسرائيل تحت تهديد جاد مثل احتلال شمالها الذي يسكنه فلسطيينون داعمون للحزب. وكما هو معروف فإن بضع مئات من مقاتلي الحزب في الحرب السابقة قد دوخوا الجيش الإسرائيلي، فما بالك بعد سبع سنوات من الاستعداد والتجهيز والتدريب.
وهذه المخاطر الحقيقية على أمن إسرائيل من قبل حزب الله هي السبب الأساسي في عدم التفكير في التدخل العسكري وستجعل أوباما وغيره يبتلع تصريحاته النارية وهناك ألف طريقة لدى الساسة للتراجع عن تصريحاتهم ولن يكون مستغرباً صدور تقرير المفتشين الدوليين الذي يتم تأجيله عمداً أنه لم يكن هناك استعمال للأسلحة الكيماوية أصلاً. فهناك عجائب كثيرة تجري في الأمم المتحدة .
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن كافة الحروب التي خاضتها أمريكا منذ نشأتها إنما قامت لأسباب لها علاقة بالمصالح أو الأطماع ولم يكن هناك حرب واحدة في تاريخ حروبها قامت لسبب أخلاقي محض كما يروج الآن.
وبالنسبة لأعداء سوريا والعرب، فإن ما يجري اليوم في سوريا هي حرب ناجحة ما دامت النتيجة النهائية لها هي تدمير الوطن والدولة السورية وبغض النظر عمن سينتصر فيها، وأي محلل سيسأل نفسه لماذا يريد أحد التدخل لإنهاء أو تحويل أنظار عن مثل هكذا حرب؟
ولكن من المؤسف أن أحداً من العرب لم يسمع منذ زمن طويل بالمثل القائل : أكلتُ يوم أكل الثور الأبيض، لم يسمعوه عند احتلال العراق ولا يسمعونه الآن بل إن بعضهم كالنظام السعودي الذي يموّل الحرب الجارية الآن ضد الشعب العربي بأموال الشعب العربي ، قابل بالتبعية الكاملة لأمريكا وكنظام جاهل لم يسمع بالذي جرى في الأندلس ويثبت فعلاً أن المال ليس له وطن.
مصر الغائب الاكبر منذ زمن طويل لن تستطيع عمل شيء في المدى المنظور حتى تستقر أوضاعها.
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|