| | | | سقوط شعارالإسلام هو الحل
| | هالة | |
بقلم : زهير كمال ....................
شعار رفعه الكثيرون ممن يريدون الوصول الى السلطة في العالم العربي سواء كانوا مخلصين حسنوا النية او طلاب نفوذ وقوة.ولكن ما ان وصل الى السلطة بعد الثورة أقوى الجماعات الاسلامية التي ترفع هذا الشعار في بلدين عربيين في تونس ومصر، فإن التجربة توشك على الانتهاء بالفشل الذريع. وقد لا يعي أصحاب التجربتين انهم فشلوا بل انهم سيستغربون وسيعاندون بحماس منقطع النظير انهم ما زالوا على طريق النجاح، وانما هي بعض العثرات، كيف لا والله والحق معهم. وبمثل عقلية وتفكير كهذا سيكون من الصعوبة بمكان اخراجهم من السلطة بل ستكون الاطاحة بهم دموية ومكلفة. وتكمن مخاطر هزيمتهم واخراجهم من السلطة لصعوبة اعترافهم بالهزيمة نظراً للتعصب الأعمى فيما يؤمنون به واستعدادهم للدفاع حتى الموت عن المكاسب التي حققوها، وهذا ما دفع الكثيرون الى التحذير بانهم حال استلامهم للسلطة فلن يسلموها ابداً وانه ليس في عرفهم مبدأ التداول السلمي للسلطة.أهم سبب لفشل التجربة الإسلامية العربية هو عدم مواكبتها للعصر وعدم وجود برامج تفصيلية واضحة لما يعنيه الاسلام في حياة الشعوب الاسلامية والعربية، فلا يكفي أبداً ان يقال ان الإسلام صالح لكل زمان ومكان ثم لا يتم ترجمة ذلك الى خطط واضحة يفهمها الناس ويشعرون بتأثيرها على حياتهم.عندما بدأ الاسلام كان ثورة انسانية حقيقية على كل الموروثات التقليدية السائدة في العالم القديم فقد رفع مبدأ المساواة بين الناس فالناس سواسية كأسنان المشط كما ساوى بين الاعراق جميعاً فلا فرق بين عربي وعجمي الا بالتقوى كما انه نقل المرأة درجات كبيرة على سلم التطور بعد ان كانت سلعة تباع وتشترى وهكذا نجح المسلمون وكونوا امبراطورية عظمى يحسب لها الف حساب في ذلك التاريخ القديم اما اليوم بعد توقف الاجتهاد والتطور لمدة تزيد عن الف عام فاننا نجدهم في أسفل القائمة بين الشعوب الا ما ندر.
كان حال المصريين كحال من قال (مكره اخاك لا بطل) عندما رفعوا مرسي لسدة الرئاسة فقد كانوا مخيرين بين ممثل النظام القديم وممثل الاخوان المسلمين فاختاروا أهون الشرين وتفاءلوا خيراً وقالوا لعل وعسى. حلل الكثيرون النتائج المخيبة للأمال التي وسمت فترة العام المنصرم من حكمهم، ولكن أهم سبب لهذا الفشل هو خوفهم على سلطة وصلوا اليها وكان في ظنهم ان ذلك سيتيح لهم مزيداً من السلطة والنفوذ، لم يصدقوا انه بعد نضال طال لمدة ثمانين عاماً استطاعوا الوصول للحكم. لم تتغير استراتيجيتهم القديمة وهي إصلاح الافراد حتى يصلح المجتمع واستمرت بعد استلامهم السلطة وهي نظرة فيها تسطيح شديد للوضع، فإدارة دولة بحاجة الى علم وتخطيط ومفاهيم جديدة ، فما بالك بدولة في حجم مصر. مظاهر عديدة للخوف قد لا يتسع المجال لسردها هنا ولكن من أهمها التفرّد ومعاملة قوى المعارضة باستخفاف يصل الى حد الإزدراء. ومن ذلك ايضاً اعلان دستوري يحصّن الرئيس فيما تأخر وما سيتقدم من افعاله.
كما تظهر رسالة مرسي الى بيريز المدى الذي سيصلون اليه للحفاظ على السلطة، فمن أجل إرضاء الولايات المتحدة واظهار استعدادهم للإنبطاح أمامها يقومون بإرضاء ربيبتها اسرائيل، ولا شك ان هذه الرسالة تظهر مدى سذاجتهم، بداية أداروا ظهرهم لرغبة شعب مصر في تصحيح العلاقة التي تميل لصالح امريكا واسرائيل بطريقة مستفزة لمشاعر المصريين والعرب، ثم تناسوا ان حكم المؤسسات في الولايات المتحدة لن يهمل تصريحات مرسي عندما كان نائباً ووصفه لليهود بانهم أحفاد القردة والخنازير ، ولا شك ان هذه النظرة للأمور التي تهتم بالانثروبولوجيا ولا تعكس حقيقة العداء المصري والعربي انما تعكس اسلوباً متخلفاً تعرفه المؤسسات الامريكية وتبني أحكامها على العقلية التي تفكر بهذه الطريقة. ورسالة هامة كهذه الرسالة عرضت على الرئيس مرسي والمرشد العام وحازت على موافقتهما.
ويعني ذلك تكوّن انفصام في الشخصية او بداية الإنحدار في خيانة المباديء التي تربوا عليها، أمران أحلاهما مر ولكن تصريحات عصام العريان الممالئة للصهيونية وعدم رفضها من قبل الجماعة تشير الى المدى الذي يمكن ان يصلوا اليه في خوفهم على السلطة ضاربين عرض الحائط بكل ما تربوا عليه.
لم يتوقف احد منهم ويقوم بتحليل مطالب الشعب (عيش حرية عدالة اجتماعية) والتى هتف بها في كل الميادين وكل التظاهرات على مدار اكثر من سنتين منذ 25 يناير
الا تعني كلمة العيش خط فقر يحدده المجتمع يستطيع الفقراء والمعدمين، وما أكثرهم، الحصول على راتب شهري حتى يتخطوا وضعهم البائس؟ الا تعني تأميناً للبطالة لكل عامل حتى يستطيع العمل مرة ثانية؟ الا تعني تأميناً صحياً لكل مواطن؟ فما اكثر الذين يموتون بسبب فقرهم. الا تعني الحرية استقلال القرار المصري وعدم الانبطاح أمام امريكا واسرائيل؟ الا تعني عودة مصر لممارسة دورها الريادي الطبيعي في محيطها العربي والافريقي الاسيوي؟ الا تعني العدالة الاجتماعية انشاء مدن جديدة في سيناء واعادة الكرامة لسكان المقابر والعشوائيات؟ الا تعني القضاء على الفساد واقرار مبدأ تساوي الفرص؟ الا تعني المساواة بين الأفراد بغض النظر عن العرق او الدين او الطائفة؟
لم يتوقف احد منهم ليتبنى (ان مقصد الشريعة هي سعادة الناس)، وان الله لا يحتاج صلاة وصيام الفرد قبل وصول الحق الى مستحقيه وان الهدف الأسمى هو تحقيق العدالة على الارض.
وعندما يجد الشعب ان السلطة التي منحها لحكامه لم يفعلوا بها شيئاً فان من حقه استرداد الوديعة وتسليمها لغيرهم، فالمسألة لم تكن أبداً تغييراً اتوماتيكياً للمنصب الاول.
وما يؤسف له انهم لن يعزو سبب فشلهم الى خلل أساسي في مفاهيم عفا عليها الزمن بل سيقولون ان هذه مؤامرة على الإسلام والمسلمين. ولكن اذا استمروا بهذا التفكير العقيم فسيكون مآلهم الاندثار ولن يكونوا افضل حالاً من أحزاب شيوعية عريقة اندثرت رغم اتباعها للنظريات العلمية وذلك لعدم مواكبة العصر وفهمه.
لن يتوقف شعب مصر الرائع وسيشق طريقه نحو المستقبل بثقة وأمل وسيتبوأ مركزه في هذا العالم بعد ان وضع أول خطوة صحيحة على الطريق.
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|