مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 البحث عن حل للأوضاع المأزومة في العالم العربي الجزء 2


بقلم: زهير كمال
....................

في الجزء الأول من هذه المقالة تحدثنا عن الدول العربية الأفريقية ، وفي هذا الجزء سنتحدث عن الدول العربية الآسيوية .


اليمن السعيد

هناك موشر دولي يسمى مؤشر التعاسة وقد احتلت ثلاث دول عربية ( القمة السفلى ) لهذا المؤشر ، وهي اليمن وموريتانيا وقطاع غزة ( رغم أنه ليس دولة).

والمؤشر هو لقياس الفقر والبطالة التي تتجاوز نسبة 30% في الدولتين بينما تصل الى 40% في القطاع.

لم يفكر أحد في الدول النفطية أن حال بلاده ستكون مثل حالة موريتانيا لو لم يكتشف النفط في أراضي دولته، فيقوم باستغلال هذه النعمة افضل استغلال.

لم يكن هدف الثورة اليمنية العظيمة تسليم السلطة الى نائب الرئيس منصور، ففي العادة يختار الديكتاتور في العالم الثالث شخصية باهتة ليكون نائباً له، فاذا مات لا يستطيع الجديد إدارة البلاد.

نستطيع إطلاق وصف الثورة الكاملة على الثورة اليمنية وذلك لطول المدة التي اعتصم فيها أو تظاهر كل أفراد الشعب بمختلف أطيافه ضد الرئيس، بالرغم من وجود السلاح بشكل وافر بين الناس، وفي لحظة من عمر الثورة زالت كل الخلافات الداخلية بين قوى المعارضة من الحوثيين شمالاً وحتى الحراك الجنوبي جنوباً، ما حدث أنه لم يبرز من قوى اللقاء المشترك من يستغل اللحظة التاريخية ويقود الثورة نحو هدفها النهائي، بل أخذوا يتفاوضون مع النظام السعودي حليف علي صالح على بعض المقاعد وعلى فرض تنازله عليه بدلاً من خلعه ورميه هو وعائلته في السجن جزاء ما اقترفت أيديهم بحق اليمن، وهكذا ضيعوا أهداف الثورة العظيمة في مساومات تجارية محضة. وبالرغم من كل ما يمر به اليمن اليوم فقد تغيّر بفعل الثورة الى الأبد، وسنرى تأثير ذلك في المستقبل بعد أن يشكل شباب اليمن أحزاباً جديدة تحل محل التشكيلة الحالية الفاسدة والتي هي نتاج ما قبل الثورة.

البحرين:

كان جوبلز صاحب الماكينة الإعلامية لهتلر يؤمن أنه إذا رددت كذبة ما عدة مرات ففي النهاية تصبح الكذبة حقيقة. وقد ردد الإعلام السعودي ومن يخطط له، أن ثورة البحرين مدفوعة من إيران. صدّق شعب البحرين الكذبة فاقتصرت مطالبهم على إصلاح النظام ولا أعرف كيف يمكن إصلاح نظام فاسد حتى النخاع بدل المطالبة والعمل على رميه في مزبلة التاريخ.

ولا يزال اهل البحرين يعانون من ظلم مضاعف، ظلم النظام وظلم ذوي القربى.

بداية فإن مسألة الشيعة هي مسألة سياسية لا علاقة لها بالمذهب. وهذه بعض النقاط حول الموضوع:

من ناحية دينية : رغم أن الإسلام هو دين للجميع إلا أن نبي الإسلام عربي من قريش وكتاب الإسلام جاء بلغة عربية صرفة والعرب لا يمنون على أحد ولا يتكبرون لهذه الميزة ولكن على الآخرين أن يعترفوا بهذا الفضل.

كما أن العرب هم الذين ابتدعوا مذهب التشيع وأهل البيت هم من العرب ، ومن المفترض أن تكون الأعراق الأخرى من فرس وأفغان وهنود تابعة لمرجعية عربية في هذا المجال كما يتبع أهل السنة الأزهر الشريف.

وليس في هذا الكلام شوفينية أو تعصب ما دامت حالتنا ينتابها الضعف الشديد، فهذه صفات تطلق على القوي المتكبر وهي صفات مكروهة ونتيجة التحلي بها مأساوية.

من ناحية تاريخية فقد سكت أهل السنة العرب على احتلال شاه إيران الفارسي الشيعي لعمان وسيطرته على مضيق هرمز وقيامه بذبح أهل ظفار السنة ولم نسمع يومها نغمة المذهبية القبيحة التي تطل برأسها علينا كل يوم. ثم شجعوا صدام حسين على خوض حرب الخليج الأولى ضد الفقراء الذين ثاروا على الشاه وكانت نتيجة الحرب موت عدد كبير من أفراد الشعبين وخلق أحقاد وكراهية ستظل قائمة الى فترة طويلة.

واستطراداً للموضوع الطائفي تقوم ماكينة الدعاية بتغريب حزب الله وباقي الطائفة الشيعية الكريمة في لبنان والسبب معروف فالمقاومة اللبنانية بزعامة حزب الله نجحت فيما فشلت فيه هذه الأنظمة البائسة. والخلاف مع حزب الله في الموضوع السوري لا يعني أن حسن نصرالله قد خرج من موقعه العروبي المقاوم، ولتوضيح هذه النقطة سنفترض قيام انقلاب في إيران تتحول به فتصبح تابعة لأمريكا والغرب، فمن يعتقد أن حسن نصر الله سيصبح صديقاً لأمريكا وبالتالي لإسرائيل إنما هو واهم ولا شك .

ومثلما فعل البشير بأهل السودان وجرد جزءً منهم من الجنسية ، فعلها حكام البحرين وجردوا النشطاء السياسيين من عرب البحرين الأقحاح من جنسياتهم ، وهذا إمعان في التغذية الطائفية المقيتة.

ويصبح الأمر مفهوماً إذا أدركنا أن هذه أنظمة تعتبر الشعوب كماً مهملاً.

الأردن

الوضع الأردني شبيه في كثير من الأوجه بوضع البحرين، وقد قام سياسي إسلامي بارز هو السيد ليث شبيلات بوضع الخطوط العريضة للحركة الأردنية لا تتجاوز الإصلاح السياسي للنظام القائم وقد صرح بأن النظام الملكي خط أحمر وأن على الأردنيين إنقاذ الملكية من تصرفات الملك، أو من طيشه ورعونته.

وبتجاهل السيد شبيلات للحقائق التاريخية فهو إنما يعزز اتفاقية سايكس بيكو والتي في خطوطها العريضة تم تخليق الأردن ليصبح دولة حاجزة بين إسرائيل وجيرانها، وبدون إدراك فإنه يخدم هذا الغرض بامتياز، وليس أفضل من هذا النظام الملكي لدولة صغيرة وضعيفة لتحمي أطول حدود برية لإسرائيل، فكل مدن إسرائيل قاطبة تحت مرمى المدفعية ولا يحتاج الأمر الى صواريخ بعيدة المدى أو تكنولوجيا نووية، والأمان الذي تنعم به إسرائيل إنما هو بفضل جهود العائلة المالكة التي يدافع عن نظامها شبيلات. ليس ذلك فحسب بل إن البضائع الإسرائيلية تتسرب الى الأسواق العربية عبر الأردن، وعلم سفارتها يرفرف في عمان.

يلوم السيد شبيلات ملك الأردن الحالي على تسجيل أراضي الدولة باسمه ويتناسى عائلته التي باعت كل فلسطين بثمن بخس.

ويلاحظ أن حركة الإصلاح الأردنية تقتصر على الأردنيين من شرق النهر فقط ويخاف الفلسطينيون الذين يعيشون في الأردن منذ ستين عاماً من المشاركة فيها رغم أنهم يكتوون بنار الفساد ويعانون نفس المعاناة. والسبب واضح فهناك دائماً فزاعة الوطن البديل التي يلوّح بها كلما تعرض النظام الملكي للخطر. ولن يكون مستغرباً تحويل النظام للمعركة ضدهم والقيام بسحب جنسياتهم كما فعل البشير وحكام البحرين.

العراق

من يعتقد أن أهل البصرة والديوانية ينعمون بحياة أفضل من حياة أهل الفالوجة والرمادي فهو واهم. الفرق أنهم يعيشون على أمل أنه يوماً ما ستتحسن ظروفهم ، فالجالس على عرش بغداد منهم، ولكنهم واهمون، فولاء الرجل لطهران أولاً وهناك كثير من أمثاله يعتبرون الطائفة قبل الوطن، مع افتراض حسن النية ، وعدم البحث في ارتباطاتهم بأجهزة المخابرات في البلاد التي كانوا يقيمون بها لمدد طويلة.

وعندما يدرك أهل العراق بمختلف طوائفهم أن لا أحد يهتم بهم وعليهم أن يحكوا جلدهم بأظافرهم وأن من غير المهم النظر في عيني الجالس على العرش، بل ماذا تفعل يداه، تتغير معادلات إقليمية عديدة.

سوريا

عندما اختصمت المرأتان عند سليمان الحكيم فيمن هي أم الطفل. اقترح الحكيم حلاً تقشعر له الأبدان وهو قسمة الطفل الى قسمين متساويين، في سوريا لا نجد أماً رؤوماً تتخلى عن الطفل حتى لا يمسه الأذى ، ولا يهتم أحد إن تم تقطيع سوريا الى أقسام صغيرة وتدميرها، وقد يكون هذا المثل بعيداً عن عالم الواقع ولكن عندما تم تدمير العراق كنا نقول إن الاحتلال هو السبب وعندما تم تدمير ليبيا كانت طائرات الناتو تقوم بالمهمة ، ولكن أن يتم تدمير سوريا بهذا الشكل الممنهج إنما هو عمل يدل على تآكل المواطنة في سوريا بخاصة وفي العالم العربي بعامّة.

وفي استعراض للتاريخ الحديث لا نجد ثورة للتخلص من الدكتاتورية كلفت الكثير مثلما كلفت الثورة السورية فقد بزت الثورة البلشفية للتخلص من حكم القيصر. ولكن حظوظ عائلة الأسد في حكم سوريا تتضاءل مع كل قتيل يسقط وكل بناية تهدم، والتاريخ لا يعود الى الوراء.

فلسطين

أفرز وجود قطعتين منفصلتين من الأرض الواحدة وجود سلطتين ، وهذا أمر طبيعي خاصة إذا كان هناك نهجان، نهج يقول بالمقاومة ونهج يقول بقبول الأمر الواقع والقبول بالاحتلال، ومثل هذا الأمر طبيعي عند كل الشعوب التي تتعرض للاحتلال وخاصة إذا طالت مدته.

مشكلة فلسطين عبر التاريخ أن القوى التي تهاجمها ثم تحتلها كانت أكبر من قدرة أهل فلسطين على دحرها ، ففي الحملات الصليبة كان الفلسطينون يواجهون قارة أوروبا بأكملها ، وفي حملات التتار توقف الزحف المغولي القادم من آسيا في أراضيها. وقد أدرك المحيط الذكي آنذاك هذا الوضع، فقام بتخليص فلسطين مرتين ولم يكن مستغرباً كون معركتي حطين وعين جالوت على الأرض الفلسطينية.

تعتبر إسرائيل أكبر قاعدة عسكرية في العالم الحديث وقد رسا مزاد إيجارها على الولايات المتحدة فهي التي تمدها بالسلاح والمال لكي تستطيع الحياة والاستمرار بالقيام بدورها الهدام في المنطقة. ولن يتم إزالة هذه القاعدة إلا بعمل جاد من المحيط ، وقد يستغرب البعض من أن إزالة هذه القاعدة قد يتم بدون إطلاق رصاصة واحدة إذا انتهى مبرر وجودها، وقد لاحظنا أن بضع مئات من رجال المقاومة اللبنانية في حرب تموز جعل مئات الألوف من سكان القاعدة يفكرون بمغادرتها. أما دور الفلسطينيين أو قدرهم فهو مشاغلة عدوهم وجعله قلقاً باستمرار ، وهذا ما لا تفهمه بعض قيادات الطبقة الوسطى، أمثال محمود عباس، التي تعبت وقبلت بحذاء المحتل فوق رقابها.

لم يبق من الدول العربية سوى لبنان المكتوي بنار الطائفية وإمارات الخليج المهددة بعروبتها.

كما تبين من مقتطفات تحليل الأوضاع أن العالم العربي (كل بلد على حدة) ينحدر الى مستويات غير معهودة من قبل ، فالفقراء يزدادون فقراً والطبقة المتوسطة تتقلص بالتدريج، كما أن مستوى التعليم والصحة يتدهور بالتدريج، ومع ازدياد عدد السكان ستزداد البطالة نظراً لعدم وجود تخطيط لدى الحكومات القائمة وستضطر العقول الشابة الى الهجرة مما يعني مزيداً من الانحدار.

لن تستطيع أية دولة وقف التدهور والنهوض من جديد.

فهل هناك حل لهذه الأوضاع المأزومة ؟

هناك حلان ، كلاهما يحتاج الى خيال واسع وشعور عميق بالمسؤولية لدى كل من يريد قلب المعادلات القائمة.

الحل الأول وهو الحل السهل: استعمال قوة مصر الناعمة.

يستطيع أي رئيس منتخب يتمتع بشخصية قوية تجميع مئات مليارات الدولارات من الدول النفطية وإعادة توزيعها على البلاد العربية الفقيرة بغرض إقامة مشاريع للتشغيل، مما يعني إعادة تشغيل العجلة المتوقفة في كل قطر، مصر مثلاً تحتاج الى تجديد شبكة السكك الحديدية والى بناء مدن جديدة في سيناء تستوعب سكان المقابر والعشوائيات، اليمن يحتاج الى بناء السدود لزيادة الرقعة الزراعية، السودان بشقيه يحتاج الى مشاريع زراعية كبرى، كما يحتاج العالم العربي الى آلاف المستشفيات والمدارس الجديدة والى آلاف الكيلومترات من شبكات الطرق، وغير ذلك.

ينطلق هذا الحل من كون مصر هي الدولة الفاعلة التي يحسب حسابها باقي الدول الصغيرة في العالم العربي، فلو ذهب السيد باسندوه (مع الاحترام للرجل) وبكى طالباً بعض المال لبلده فلن يستمع اليه أحد.

كما أن معظم الدول التي تمتلك المال لا تحتاج إلا الى موافقة رجل واحد على إعطاء المال، للأسف، وإذا استطاع رئيس مصري الحصول على مال من إحدى الدول تكرّ المسبحة وتتبع الدول الأخرى خطاها.

مشكلة هذا الحل هي عدم وجود رئيس مصري حتى الآن يملك الخيال اللازم للقيام بهذه الخطوة الرائدة.

الحل الثاني وهو الحل الأصعب: النضال من أجل قيام الوحدة العربية.

عند إدراك أجيال الشباب في كل بلد عربي أن بلده لن تستطيع حل مشاكلها لوحدها وأن عليهم البحث عن حل آخر، فسيتوصلون الى أن قيام دولة واحدة من المحيط الى الخليج هو الحل المثالي المناسب.

دولة يعيش فيها الجميع دون تحيز الى عرق أو دين أو طائفة، دولة ديمقراطية تتداول فيها السلطة سلمياً، دولة تهدف الى خدمة أفرادها، تمنحهم التعليم والصحة والعمل والسكن المناسب وتحميهم من الفقر والبطالة.

وإننا نراها في المشاعر العفوية للجماهير العربية في كل مكان والتي تفرح لأي انتصار بسيط وتحزن للأخبار المؤلمة، هذه الجماهير هي جسم واحد تم تمزيقه من قبل الأعداء لنهب الثروة التي تمنحها الأرض التي يعيشون عليها. وكذلك غباء بعض الأفراد الذين يفضلون مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة.

ومن واجب الغيورين الشرفاء الدعوة لهذه الدولة. فهل يفعلونها؟؟


البحث عن حل للأوضاع المأزومة في العالم العربي الجزء 1


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية