مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 مقتل القذافي ورقّة قلب مثقفي مرحلة الإنحطاط

 

مثقفي مرحلة الإنحطاط

 

بقلم: زهير كمال
..................

Oh la la, c’est très sauvage
هذا ما قالته سيدة مجتمعات راقية من الطبقة البورجوازية الفرنسية وهي تطرز سترة لابنها عندما أعدم الشعب الفرنسي ماري انطوانيت وزوجها لويس. ومن هؤلاء الغوغاء خرجت مباديء الحرية والإخاء والمساواة التي لا تزال حتى اليوم تشع على العالم. يا لها من وحشية وقساوة! هذا ما قاله بعض مثقفي مرحلتنا الحالية بينما يشربون القهوة ويدخنون السجائر عندما شاهدوا شباب ليبيا يتعاملون مع القذافي بهذا الشكل المهين ثم يقتلونه بدم بارد.  طبعاً لا أحد يحب الدم والقتل والتعذيب ولكن أسباباً كثيرة لهذا العنف لم يتعمقوا في دراستها فجاءت أحكامهم متسرّعة تخلو من الدقّة.  ويخطر على البال سؤال ان كانوا شعروا نفس الشعور عندما قتل زبانية القذافي وبأوامر منه الدكتور جمال توفيق الورفلي او خالد مفتاح وغير هؤلاء من شهداء مجزرة سجن بوسليم البالغ عددهم 1270 هل كان لديهم نفس الشعور عندما استشهدت عائلات بأكملها ومعمر يدك المدن الليبية بالطائرات والمدفعية الثقيلة؟

هل يختلف معمر عن احمد عبدالقادر الثلثي او بن عيسى حمودة الذين قتلهم بدم بارد ولم يعطهم فرصة الدفاع عن أنفسهم امام محكمة عادلة.
أين كانت هذه المحكمة؟ وماذا ستقول لفتحي مصباح ابن الرابعة عشر ربيعاً؟
هل ستتهمه بمحاولة قلب نظام الحكم؟
هل لأن اسم القذافي يتردد في الإعلام يريدون إعطاءه محاكمة عادلة وكل هؤلاء الذين قتلهم لم يحظوا بذلك!
هل هم أرقام لا قيمة لها ولا يحسب لها حساب؟
أليس الجزاء من جنس العمل؟
يا لها من وحشية وقساوة!
سيقولون إن كان القذافي لم يقدّم خصومه للمحاكم فنحن لسنا مثله، اننا حضاريون نريد ان نرسي مبدأ سيادة القانون. وهذا كلام منطقي لا غبار عليه. ولكن دعونا نبحث عن سبب توحّشنا.
كان لدى القذافي فرصة ليعلّمنا ويحضّرنا ويرفعنا الى مصاف الشعوب الراقية.
اربعون عاماً كانت كافية ليعلمنا اصول الإتيكيت وكيف نستعمل الشوكة والسكين
ولم نمانع ان علّمنا كيفية تناول حبات الرز بالعصي الخشبية لو أراد، فنحن شعب مطواع، نبحث عن حاكم يهتم بنا، يعدل بيننا ويوزّع المال علينا بالتساوي، يعطينا فرصاً للعمل والسكن والتعليم والاستشفاء .
ولكن هل يحتاج الحاكم اربعين عاماً ليرفع مستوانا ؟
عند دخول القدس عام 638 ميلادية لم يمس أحد من الجنود الذهب والمجوهرات الثمينة التي وضعها اهلها على ابواب بيوتهم افتداءً ، فلا أحد منهم يريد ان يسبب إحراجاً لحاكمهم عمر، جنود كان يغزوا بعضهم بعضاً من أجل لقمة عيش. واحتاج الامر اربعة سنوات فقط من حاكم يعتبر نفسه واحد كأحدهم.
اما السيد معمر القذافي فقد وصفنا بأقذع الأوصاف وعاملنا كجرذان ينبغي القضاء عليها. ومدى فهمه للحكم ان يجعلنا كما يقول أهل مصر (نمشي على العجين فلا نُلخبطه)
بعض الكتّاب يصفون ثوار ليبيا تندراً بثوار الناتو ولكن أليست افعال القذافي وعناده وحبّه للسلطة كانت السبب الحقيقي وراء تدخل القوى المتلهّفة على فرصة للتدخل بحجة ظاهرها انساني، حماية المدنيين، وباطنها النفط وعقود بناء ما سيقومون بتدميره وقد فعلوا.
ولكن ما أسهل لوم الضحية! وقد صبرت اربعين عاماً.
يا لها من وحشية وقساوة!
كان على ثوار ليبيا ان يلعقوا جراحهم ويوفروا لجلاّدهم محاكمة عادلة وهكذا نثبت للعالم اننا شعوب حضارية. ويحق لنا ان نسأل : ماذا ستكون نتيجة حفلة المحاكمة؟
هل من أحد يعتقد انه سيخرج بريئاً؟ ومن أراد للقذافي ان يعيش سنة اخرى فإنما يجهل التركيبة القبلية للشعب الليبي اضافة الى كمية المال الضخمة المتوفّرة لدى عائلة القذافي ، وفي المحصّلة يريد إطالة الصراع والقتل والدمار.
لقد تم قطع رأس الحية وانتهت المحنة الطويلة.
يا لها من وحشية وقساوة!
احتفلت الشعوب العربية في ساحات التظاهر في ليبيا وسوريا واليمن وشاركهم الإحتفال هؤلاء الذين لم يتظاهروا من أقصى الغرب في أغادير الى أقصى الشرق في المنامة بمقتل القذافي ولم يفكّروا كثيراً في طريقة مقتله.
يبدو ان هذه الشعوب مصابة بمرض ما، مرض مثل عمى الألوان فهي لا تفرق بين القذافي ومن على شاكلته وبين بيجين وبيريز ونتنياهو ومن على شاكلتهم وتقول كما قال محمود درويش:
سجّل
برأس الصفحة الأولى
أنا لا اكره الناس، ولا أسطو على أحد
ولكني… اذا ما جعت، آكل لحم مغتصبي
حذار…حذار… من جوعي ومن غضبي!
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية