مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 عبدالله بن سبأ بين سقوط بغداد وتحرير طرابلس

 

القذافي

 

بقلم: زهير كمال
...................


احد القلائل من الذين تحسّروا على سقوط القذافي هو توني بلير مستشاره الأمين بعد ان فقد راتباً دسماً كان يقبضه من أموال الشعب الليبي والتي كان القذافي يعتبرها ملكه الخاص ويتصرف بها كما يشاء، راتب بلير كان ضمن أموال كثيرة كانت تصرف لتحسين صورة القذافي وأبناءه، علّ الرأي العام يرضى عنهم وعن أفعالهم الفاضحة. قبّل القذافي أيادي أسياده الجدد في الغرب ليل نهار وقبِل بإبقاء حنفية النفط مفتوحة بغير حساب وأعطاهم مشاريع ذات أرباح خيالية تصب في جيوب المتنفّذين منهم، مقابل بقاءه في السلطة واستمرارها بعده في عائلته. ولكنه في نفس الوقت ظل يوهم نفسه انه الثوري الأوحد ملك ملوك افريقيا.

ينبغي للامانة ان نضيف الى قائمة الخاسرين بعض أشباه المثقفين الذين ينطبق عليهم وصف فلاحي مصري للأغبياء، انهم لا يعرفون الفرق بين حرف الألف وكوز الذرة.

احترت في تفسير مواقف هؤلاء الذين يصفون ثوار ليبيا بثوار الناتو او يوعزون من طرف خفي ان الصهيوني برنار ليفي هو القائد الحقيقي الذي يعمل بخفاء او تحت ستار لتحقيق أهداف الغرب والصهيونية بإثارة القلائل لحكامنا العظام أمثال القذافي والأسد وصالح.

اعتقدت ان سبب مواقفهم هذه كثرة الضربات التي تلقتها الامة العربية والهزائم المتكررة التي منينا بها على مدار قرن مما أعجز عقولهم عن رؤية الفروقات البسيطة والجوهرية التي نراها اليوم وتعمل على تغيير مسار الامة بفعل العمل الثوري الذي لن يتوقف الا بانتصار الشعوب.

لكن مواقفهم هذه لا تنبع من إحساسهم بآلام الشعوب وحرصهم على المصلحة بل هم أنفسهم الذين كانوا يصفون شعوبنا بأقسى الصفات، عن خنوعها وذلّها وعدم ارتقاءها الى المرحلة الانسانية قبولها بالدكتاتوريات والتوريث وسرقة المال العام والفساد.

لو عدنا الى التاريخ، سنجد أمثالهم في كل الشعوب وكل الثورات.
ففي الثورة الفرنسية اتهم كثير من قادتها بالتبعية لبريطانيا او المانيا، اما الثورة البلشفية في روسيا فقد وصمت انها ثورة المانية لفترة طويلة، كيف لا وقد عبر لينين المانيا بالقطار بترتيب خاص من حكومة برلين اثناء الحرب عائداً من منفاه الى بلاده، وبعد ذلك عقد صلح بريست ليتوفسك الذي انهى الحرب على الجبهة الشرقية. ربما تلتقي أهداف الثوار مع الأعداء في مرحلة معينة من التاريخ.

نظرة لينين ان الحرب كانت ضد فقراء روسيا والمانيا معاً فهم الذين يموتون وهم الذين يكتوون بنارها. لماذا نبتعد وفي تاريخنا عبدالله بن سبأ وقد قالوا انه سبب الفتنة الكبرى وغيرها من المصائب التي حلّت بالاسلام.

طبعاً يستكثرون قيام الناس بالثورة على الظلم، الناس الذين ذاقوا طعم العدل والمساواة في عهد عمر بن الخطاب، عدلاً ومساواة قل مثيلهما في التاريخ، فلن نجد ابداً حاكماً يقيم الحق على نفسه وولاته كأحدهم.

لابد من متآمر يهودي يختفي تحت ستار الإسلام يقوم برسم المؤامرات والدسائس ويصوغ التاريخ على هواه.

اما السيد برنار ليفي اليهودي الصهيوني الذي يختفي تحت ستار اليسار فقد أصبح في خيال المرضى اباً للثورة الليبية والثورات العربية كلها.

لا يخفى ان هناك بعض كتّاب المخابرات الغربية الذين يقصدون قياس الرأي العام وردود فعل القراء، ولكن المعظم هم من هؤلاء السذّج الذين لايثقون بأنفسهم فما بالك الثقة بشعوبهم.

لا يفهمون انه لو اجتمعت كل عقول المخابرات الغربية مع كل الإعلام الموجّه فلن يستطيعوا تخليق ثورة شعبية واحدة.

ولو افترضنا وجود مثل هذه القدرات الفذة، هل ننسى السؤال الأساسي؟: لماذا؟

اليس الأفضل التعامل مع رأس واحد؟ يدرسون شخصيته، نقاط ضعفه ونقاط قوته ثم يسيّرونه كما يرغبون ويجعلونه ينفّذ التعليمات الموجهة له في نهاية الأمر.

لنتخيل معاً مشهد ليبيا لو لم تحدث ثورة 17 فبراير:
سيستمر القذافي في الحكم عشرة سنوات أخرى على الأقل ثم يقوم بالتنازل لابنه سيف الاسلام الذي سيحكم عشرين او ثلاثين عاماً أخرى، وخلال ذلك يتم التخلص أولا بأول من كل المعارضين (عفواً الجرذان) وسيستمر قهر الشعب وعذابه وستفرغ ليبيا من شبابها بالهجرة بحثاً عن مستقبل بعد انسداد كل أفق أمامهم وفي نفس الوقت سيزداد عدد العمال الوافدين لتعويض النقص.

لا يشكل الوافدون خطراً على أنظمة الحكم.
يا له من مستقبل كالح للملايين وزاهر لأسرة واحدة.

وفي غمرة الأحداث لا يجب ان ننسى ترتيب الأحداث التي يحاول الجهلة إغفالها عن قصد لإبراز دور الناتو. فقد قامت الثورة الشعبية في كل مدن ليبيا واستمرت فترة طويلة بين كرّ وفرّ قبل تدخل الناتو بطيرانه ومستشاريه، وهذا امر مهم، فقد عرف حكام الغرب من حجم الثورة الجماهيرية انه لابد من انتصارها في النهاية فوقفوا الموقف الصحيح دفاعاً عن مصالح بلادهم بعكس السادة الحكام العرب في الجزائر وسوريا وغيرهم كعادتهم في اتخاذ القرارات المزاجية.

من الطريف ان نرى هذا التنافس المرير بين دول الغرب على كسب ود الثوار ، وصل الأمر بساركوزي العنصري ان يصف العرب بالأشقاء، وهذا درس للحكام الأغبياء في الجزائر الذين يطلبون الاعتذار من فرنسا على ماضيها الأسود في بلادهم. كيف يمكن للضحية ان ترجو من جلادها الإعتذار بدلاً من فرض هذا الأمر عليه فتجعله يتقدم من تلقاء نفسه بعد توفر شعور الندم لديه او الإحساس بالمصلحة اذ لا فرق بينهما في السياسة والعلاقات الدولية.

كان تسلسل الأحداث في الحالة العراقية عكس ما حدث ليبيا: فقد بدأ الأحتلال الامريكي اولاً ثم تلى ذلك بدء المقاومة الشعبية ضد الإحتلال وأعوانه.

وبعكس ثورة عام 1920 التي توحّد فيها شعب العراق ضد الاحتلال البريطاني، اقتصرت مقاومة الإحتلال الامريكي في معظمها على طائفة واحدة ويرجع ذلك في الأساس الى قسوة الدكتاتورية، والقمع الذي مني به الشعب العراقي عامة والأغلبية الشيعية خاصة. ونجح الاحتلال وأعوانه في تصوير الأمر على انه تحرير للعراق من الدكتاتورية والتوريث. لا يستطيع أحد لوم أغلبية الشعب على موقفهم هذا. للمقارنة فقط فان القذافي والأسد وصالح، بكل دمويتهم، يمكن اعتبارهم تلاميذ صغار في مدرسة صدام.

يقع اللوم فيما تعرّض له العراق ولا يزال على المعارضة العراقية التي أحضرها الاحتلال معه. وقد ثبت ان آخر ما تفكر به هو مصلحة العراق، وشهدنا تبعيتها اما لأمريكا او لايران او تتقلّب بين الإثنتين حسب مصلحتها الشخصية.

ما حدث في العراق هو استبدال لدكتاتورية الفرد بدكتاتورية النخبة التي تقتسم السلطة والثروة ، اما المواطن العراقي، بكل أعراقه وأطيافه ومذاهبه، فلم ينله سوى القتل والتشريد والتهجير والمعاناة والعذاب في اكثر دولة في العالم فساداً. وعلى المقاومة العراقية توحيد نفسها ووضع برنامج سياسي شامل لعراق حر وموحّد، والقضاء على من ينادي بالطائفية بين صفوفها، وهذه النقطة بالذات هي التي تثبت وصولها لمرحلة النضج، وليس هناك من طريق غير ذلك لدحر الاحتلال ورحيل اعوانه معه، هؤلاء الأعوان التي تلتقي مصالحهم مع وجود الاحتلال ويفكرون ويخططون لبقاءه جاثماً على أرض العراق.

وليس بعيداً ان يأخذوا موافقة ما يسمى بمجلس النواب الناتج عن ديمقراطية مزيفة على بقاء هذا الاحتلال، مقابل منافع مادية لأعضاءه.
وينبغي التنبيه ان المعارضة القديمة في كل الدول العربية لا تختلف كثيراً عن المعارضة العراقية، وليس هناك من أمل سوى في الشباب ان يتوحدوا ويكونوا احزابهم التي تعبر عن المستقبل.

الشعب العراقي وباقي الشعوب العربية يبحث عن ديمقراطية حقيقية في مجتمع تكافؤ الفرص بين كل الأفراد خال من الفساد والمحسوبية والواسطة، وهذا هو معنى الثورة العربية وهدفها وما ستحققه مهما طال النضال ومهما بلغت التضحيات، فقد اكتشفت الشعوب طريق الخلاص.
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية