| | | | النظام العربي الجديد
بقلم : زهير كمال .....................
إنهض للثورة والثار إنهض كهبوب الاعصار وأرجم اعداءك بالنار وأهتف بالصوت الهدار الثورة نهج الأحرار أخرج كالريح ولا تهب يا جيل النخوة والغضب مجمل الاوضاع العربية حتى يومنا هذا ( نهاية فبراير 2011) : 1. نجحت ثورتان في إزاحة رئيسي الدولة في مصر وتونس 2. الثورة الليبية على وشك إزاحة القذافي 3. ما زالت الثورة في اليمن والبحرين في المراحل الاولى 4. هناك مشاريع ثورة في الجزائر والاردن والعراق 5. استمرار الثورات الشعبية في الدول الأخرى مرهون بالنجاحات التي تحققها الثورات تباعاً حسب نظرية إنهيار أحجار الدومينو. السمات العامة للأوضاع العربية: 1. الثورات الشعبية المستمرة هي لجماهير غير منظمة فهي ثورة الشارع العربي الذي بُحّ صوته بالمطالبة بتغيير الأوضاع الإجتماعية والسياسية والإقتصادية ولم يجد سوى آذان صماء من قبل النظام العربي الرسمي المتهاوي الذي كان يشعر بثقة عالية بفضل قدراته الأمنية وسيطرته على الجماهير بعد تأكّده من إنتهاء عهد الانقلابات وتقليص دور الجيش في السياسة. 2. رغم نجاح الجماهير في مصر وتونس بإزاحة رأس السلطة ، لم يتقدم احد لإستلامها فتولّاها بقايا النظام القديم الذي كان مؤهلهم الوحيد للوصول الى مناصبهم في العهد القديم الطاعة المطلقة والشخصية الباهتة . وهذا مريح للثوار من ناحية إذ ليس هناك من خوف على وجود أطماع في البقاء على رأس السلطة، إلاّ انهم غير قادرين على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة حسب رغبات الثوار فقد كان وصولهم الى القمة بالصدفة المحضة ، ولابد من تذكيرهم بهذه الحقائق بشكل دائم وعليهم القيام بالمهام المحددة وتسليم السلطة الى المدنيين عبر الانتخابات الشفافة ، وهذا التذكير لا يتم الّا عبر المظاهرات المستمرة إضافة الى الهجوم المستمر عليهم من قبل المثقفين وكتّاب المقالات. وضع كهذا يطرح عبئاً على الجماهير في البلدين فعليها تحمّل القيام بالتظاهر وعدم التراخي لتثبت انها الرئيس الحقيقي حتى إنتهاء الفترة المؤقتة . ولن ننسى تقليد الأوسمة والنياشين وغير ذلك من وسائل التكريم لأعضاء المجلس العسكري وجماعة مبزّع - الغنوشي بعد نهاية عملهم، اما اليوم فعليهم تذكر ماضيهم ، وتذكيرهم بسكوتهم على الجرائم التي كانت ترتكب بحق الشعب . وهذا التكتيك لا علاقة له باحترام الجماهير للجيش وإحتضانها له ولكن حتى لا تسوّل لأحد اللعب بالنار. 3. ستنجح الثورة الليبية رغم الخسائر الفادحة في أرواح الأبرياء، تعنّت القذافي طبيعي فهو يعتبر ليبيا مزرعته الخاصة ، يودع أموالها في حساباته الخاصة في الخارج ويتعامل مع الشعب كعمال مزرعة ، بل اسوأ ، فهم في نظره عبيد يمكن قتلهم كما حدث في سجن بوسليم . 4. انتصار الثورة الليبية له نتائج خطيرة على مستقبل العالم العربي ويمكن تلخيصها كالتالي: أ. تتشابه الأوضاع بين ليبيا والجزيرة العربية (المعروفة باسم السعودية) الى حد كبير ، جغرافياً : توجد حاضرتان كبيرتان تصلح كل منهما لتكون عاصمة هما بنغازي وطرابلس مقابل 3 حواضر في الجزيرة هي الظهران والرياض وجدّة ، مساحة البلدين شاسعة ويغلب عليها الطبيعة الصحراوية. اجتماعياً: ما زالت القبيلة تلعب دوراً في التركيبة السكانية بكل الأعراف والتقاليد المعروفة . سياسياً : الشعب مغيّب عن تقرير مصيره في كلا البلدين، واقتصادياً: الدولتان نفطيتان ويتحكم في الثروة بشكل أساسي الملك والأمراء في كلا البلدين . تشابه هذه العوامل يجعل شعب الجزيرة ينظر بإهتمام الى ما يجري حالياً في ليبيا وما سينجلي عنه غبار المعركة الطاحنة . ( يحتاج الأمر الى مقال تفصيلي عن الجزيرة). ب. سيتمخّض عن الإنتصار الحتمي للثورة الليبية وضعاً استراتيجياً جديداً في المنطقة ، سيصبح هناك خط متّصل من تونس الى القاهرة محكوم بإرادة الجماهير ، ولادة جديدة للأمة العربية ، والطفل الجديد لا يزال ضعيفاً ، بريئاً طاهراً خالٍ من عقد الطائفية والمذهبية وعقلية الأقليات والقبلية والإنفصال وكل الأمراض التي نشروها لإستمرار سيطرتهم ، (ولكن لا تستطيع اي قوة على الارض تغيير الطبيعة الحضارية المتسامحة لشعوبنا). نعم الطفل ضعيف ولكنه محترم ومهاب.( بعض الصحفيين والمعلّقين يخشون التدخل الأجنبي في ليبيا، من يجرؤ على فعل ذلك؟ والمنطقة كلها ملتهبة بالثورات). نعم الطفل ضعيف ولكنه مستعد للتعلّم والإرتقاء . كيف نفسر تنظيف الجماهير المتظاهرة لميادين تظاهرها وإعتصامها ؟ هل أجبرها أحد على ذلك ؟ هذا الفعل لوحده يؤكّد لنا كمّ الإهمال الذي عانت منه شعوبنا على يد أفراد جهلة، والمجال مفتوح لهؤلاء المتشكّكين بعظمة الشعب العربي لإعادة التفكير بمواقفهم السابقة . الدول الثلاثة تصلح لتكوين دولة فدرالية واحدة ، كل العوامل تصب باتجاه إنشاء هذه الدولة، وقد يقول قائل ان في هذا حرق للمراحل فلابد ان تكوّن كل دولة هياكلها الجديدة ثم تتوحد الهياكل بالتدريج كما حدث في الإتحاد الاوروبي. ولكن يختلف الأمر كثيراً ، فهذا شعب واحد تم تقسيمه الى أجزاء صغيرة حتى يبقى ضعيفاً ، لاحظوا مثلاً تضامن جماهير تونس ومصر (وكافة الجماهير العربية) مع الجماهير الليبية في ثورتها، (ولاحظوا رد فعل المجلس العسكري الأعلى وحكومة المبزع – الغنوشي وكأن الحوادث تجري في المريخ). لقد اثبتت الدولة الإقليمية فشلها الذريع وعجزها عن حل مشاكل شعبها على كل الصعد بل زادت في حدة هذه المشاكل ، وآن الاوان لتجربة طرق جديدة . وتكوين دولة جديدة في المنطقة ليس له علاقة بالرومانسية التاريخية للمنادين بالوحدة ولكنها ضرورة مستقبلية لهذه الشعوب وللأجيال القادمة للاسباب التالية: 1. هذا العالم لا يحترم الا الأقوياء والكبار وآن الاوان ان يتوقف مسلسل بيع وشراء دولنا الصغيرة الضعيفة وفرض إرادة الدول الكبرى ومراعاة مصالحها على حساب مصالحنا ، وآن الاوان لوضع حد لتفكير ومنطق (99% من اوراق الحل بيد غيرنا). 2. يخطيء من يظن ان الجماهير قد خرجت لتغيير رئيس الدولة فقط هناك مطالب مشروعة على أي سلطة قادمة ان تضعها على قائمة أولوياتها ومنها تحديد خط للفقر والتأمين الصحي المجاني لكامل أفراد الشعب والتأمين ضد البطالة والجوع. والجماهير التي رأت ثرواتها تسرق وتكدّس في حسابات بعض اللصوص لن تقبل أقل من ذلك ، ولها كل الحق ، وأعتقد ان النخب الحاكمة التي ستنشأ بعد الثورة على أساس قطري لن تكون قادرة على تنفيذ برنامج ضخم كهذا. ( وعد زين العابدين قبل هروبه خلق 300000 فرصة عمل خلال سنتين ، وتحتاج مصر عدة ملايين فرصة فوراً) ، وتحديات كهذه لن يستطيع نظام قطري معالجتها بالطرق التقليدية. شرط إنضمام باقي الدول العربية الى الكيان الجديد هو تخلّصها من حاكمها الطاغية فهي مفتوحة للجميع فهذه وحدة شعوب صاحبة إرادة حرة تفرضها القاعدة العريضة. ضمن النتائج التي تتمخض عن الثورة ونجاحها زوال الحواجز في عقل الفرد وفي العادة يبرز عباقرة وتتولد أفكار جديدة تصب في مصلحة البناء الجديد، وأتوقع ظهور كثير من المبدعين في المستقبل القريب والتي يجب رعايتها والاهتمام بها. هل يستطيع كتّابنا إزاحة الحواجز العقلية والتوقف عن التفكير بطريقة كلاسيكية ، لا شك ان في الأمر صعوبة بعد طول فترة الركود والهزائم على كل الصعد. ولكن علينا التعلّم وأخذ العبرة من الجماهير التي تصنع مستقبلها الآن في هذه الأيام التاريخية الخالدة التي نعيشها الآن .
ملاحظة : استقال الغنوشي بعد إنتهاء المقال .
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|