مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 القذافي وبن علي ومشاكل المستشارين

 

بلير

 

بقلم: زهير كمال
....................


نوفمبر 2009
كان الرجل ما زال يرتاح في حمام سوسة بعد معركة انتخابية قاسية جداً ضد ثلاثة منافسين اقوياء ، ليس هذا فحسب ، بل كان عليه ان يضمن الاكثرية لحزبه في المجلس النيابي!
تذكر المحادثة التالية التي جرت مع مستشاره لشؤون الانتخابات الذي نرفزه كثيراً.
- سيدي لا تزعل مني ، اقترح في هذه الانتخابات ان تكون نتيجة الفوز اقل من النتيجة السابقة
- وماذا تقترح ؟
- يعني ستين في المائة نسـ.. قفز زين العابدين كالملدوغ ولم يدعه يكمل
- انت مجنون ! هل تريد مني ان اخدع الشعب التونسي الذي يحبني واعطيه نسبة مثل هذه، ستقوم المظاهرات في كافة انحاء البلاد ويمكن ان يسبب ذلك حرب اهلية بين الناس الذين أيدوني والناس الذين وقفوا ضدي ! كيف انت مستشار ؟
استمر الفصال بين الطرفين، الرئيس ينزل من نسبته السابقة نصف في المائة والمستشار يرفع خمسة في المائة حتى وصلت الى تسعة وثمانين وثلاثة ارباع النقطة في المائة فالمستشار كان مصمماً بشكل عجيب ان تنزل النسبة عن رقم 90
وهنا قال الرئيس : سأضطر في هذه الحالة ان اوجه خطاباً للشعب احذر كل من تسوّل نفسه التشكيك في النتائج حتى لا يهاجم التسعون في المائة من الشعب باقي العشرة.
قال المستشار : سيدي افعل ما تراه مناسباً فانت لك نظرة وكأنها ميزان.
كان المستشار وبناء على نصيحة من الفرنسيين يريد تقليل النسبة كثيراً ولكن هذا اقصى ما استطاع الوصول اليه.
كان زين العابدين يفكر بان الناس ستظن ان عشرة في المائه منهم يكرهونه فمن هؤلاء المعادين لتونس ورئيسها ؟ اول واحد ، مستشاره ، فهو يكرهه كثيراً ولا يعرف كيف استمع اليه. ربما سيدبر له حادث سيارة ويتخلّص منه !
بعد طول تفكير نحّى هذه الفكرة جانباً فهو يحتاجه للسفر واحضار صبغة جديدة من الشعر وتحتوي على مقويات وميزتها انها تستمر فترة اطول من الصبغة الحالية فقد تعب كثيراً من البقاء ساعتين في الحمام يومياً من اجل هذا البند فقط ، لا يحب ان يراه احد على حقيقته ، حتى اقرب المقربين اليه.
نترك زين العابدين وهو يفكر بالتوقيت المناسب لقتل المستشار ونتوجه الى طرابلس الغرب......
ما سبق جزء من مقال تهكمي كتبته قبل اكثر من عام تناولت فيه خرف الزعماء العرب الذين تقدموا في السن، كان المقال بعنوان ( الخرف ومزبلة التاريخ) .....

يناير 2011

قبل هرب زين العابدين بن علي بأيام اختفى مستشاره الشاب ، انشقت عنه الارض وابتلعته ، وهكذا فقد الرئيس اتصاله بالعالم الخارجي واصبح كالأعمى، كان المستشار يملك كل المفاتيح . وعنده قدرة فائقة على تدبير اتصالات مع كل زعماء العالم .
أدرك بن علي ان حركة الجماهير تزداد كل يوم ويتسع مداها، واذا استمرت على هذا النمط ستصل الى قصره في اي لحظة ، لم يتعود ابداً هذه الشراسة من الجماهير ، لم يعد يهمها القتل والضرب وكل وسائل الارهاب التي يملكها ، وهكذا وجب الرحيل قبل حدوث ما لا تحمد عقباه ، فلكل أجل نهاية ، درس الرجل خياراته وكان افضل خيار له هو الذهاب الى صديقه الحميم معمر القذافي فسيكون قريباً من بلاده وسيقفز في اي لحظة للعودة الى سدّة الحكم والسلطة ، فهناك قرابة تسعين في المائة من الشعب يؤيده اما الباقي فهم من المغرّر بهم .
اتصل زين العابدين بمعمر على الخط الخاص جداً والذي لا يعرفه سوى عدد قليل من الشخصيات الهامة اضافة للمخابرات الامريكية والفرنسية والبريطانية.
ردت نفس الممرضة الاوكرانية التي عرفنا عنها بفضل وثائق ويكيليكس.
قال زين بصوت يظهر عليه الرعب والهلع !
- وين معمر؟
- معمر اصيب بنوبة واغمي عليه بسبب سماعه لأخبار تونس
فكّر زين طلبت العون فوجدته يستحقه اكثر مني.
- سلامته وكيف اوضاعه الآن؟
- الاطباء عنده وهم يحاولون ايقاظه ، عندما يستيقظ سأبلغه انك اتصلت
- ارجوك دعيه يتصل بي للضرورة !
كانت تعليمات معمر لممرضته صريحة وواضحة ، اصطناع اي حجة تراها مناسبة حتى لا يتهور ويقطع وعوداً على نفسه قد تورطه فيما لا تحمد عقباه . لم تكن هذه فكرته بل فكرة مستشاره الخبير توني بلير ، فقد عرف بلير مشكلته الكبرى وهي التسرًع .
وعدم الرد الفوري على التلفونات احدى وسائل العلاج .
اتصل القذافي مع بلير ، الذي كان موجوداً في لندن للتحضير لدفاعه عن توريط بريطانيا في غزو العراق.
- العزيز توني ، زين اتصل ماذا اقول له؟
- سير الاحداث في تونس يشير الى انه سيهرب ويبحث عن ملجأ
- الممرضة تقول ان صوته يدل على انه مرعوب .
- هو يريد القدوم لعندك ، وانا هنا احذرك ان تقبل ، ستكون الثاني على القائمة ، زين قد يجد منفى فله اصدقاء كثيرون اما انت فلن تجد متراً مربعاً على الكرة الارضية . فابتعد عن المشاكل.
- كلامك فيه اهانة كبيرة ، ليبيا جماهيرية يحكمها الشعب ، انت مش فاهم.
- شوف يا معمر ، لا أحد يصدق كلامك سوى حفنة منافقين سذّج ، وانا وانت متفقين على الصراحة وهذا لمصلحتك.
- لن تستطيع فهم الحكم الجماهيري لانك انجليزي ولا تفهم الشعب العربي.
- اسمع يا معمر ، في دول الجامعة العربية البالغة 22 لن تجد اقوى وافضل من نظام زين العابدين الأمني ، حتى انه فاق نظام شاه ايران ومع هذا فهو الآن مثل قشة في مهب الريح ، والحقيقة انا مبهور بالشعب التونسي رغم انني اتألم لصديقي زين.
- ماذا اقول لصديقي ؟ - صارحه بالحقيقة انت خائف مثله ووجوده على حدود تونس قد يؤثر عليك . لا تنسى انني اقترحت عليك فتح الحدود حتى نخفف الضغط عنه ولكن كما يظهر لا فائدة ، شعب تونس يريد رأسه.
- هو شكرني على فتح الحدود في خطابه قبل الاخير. - هو يعرف انك تدعمه ولكن مصلحتك اولاً.
كان القذافي يفكر بما قاله بلير، كيف لن يجد متراً مربعاً على الارض وهو ملك ملوك افريقيا وقد دفع مبالغ كبيرة لكل اصدقاءه الرؤساء ليحصل على هذا اللقب، هذا المستشار لن يفهم عقليتنا الشرقية ، ولكن الاحتياط واجب.
اتصل معمر بزين بعد ساعتين
- يا زين والله انا متألم.
- سلامتك ، الممرضة قالت كنت غائب عن الوعي.
- نعم انا متألم جداً.
- يا معمر ، افكر بالقدوم اليك لاجراء بعض المحادثات ..
- الوضع غير مناسب لذلك الآن ، شوف يا صديقي انا فتحت الحدود للعاطلين عن العمل واذا كنت عايز فلوس انا جاهز ، هذا ما اقدر عليه ، اذا قدمت لعندي فالامور قد تنقلب ضدي ايضاً ، والافضل يا صديقي ان تذهب لفرنسا مع تمنياتي لك بالتوفيق.
شعر زين ان كلام معمر نهائي ، اين اختفى هذا المستشار الذي كان يسهل الامور ويقوم بعمل الترتيبات ؟ عليه اللعنة ، عليه ان يهتم بنفسه بالتفاصيل وهو يجهل الدهاليز السرية بعد طول هذه الفترة في الرئاسة.........
بلغ غضب القذافي وانزعاجه مدى كبيراً عندما عرف ان السعوديين ،غرماءه، قد سمحوا لبن علي بالبقاء في جدة. حصلوا على الدعاية وهذا بسبب المستشار الجبان . لن يستمع اليه ثانية ، لن يخطف السعوديون الاضواء منه ، هاتوا التلفزيون .
قام القذافي بمدح الرئيس الهارب ونصح شعب تونس انهم لن يجدوا افضل منه وماذا يريدون اكثر من تحديد المدة الرئاسية ، يا لجحودكم ، لماذا تضنّوا على رئيسكم بثلاث سنوات ؟
شعر زين العابدين ان معمر بتصريحه هذا هو فعلاً نعم الصديق ، فاتصل به من منفاه في جدة شاكراً له الكلمات الرقيقة التي تعبر عن صداقة حقيقية.
جهّز الناطق السعودي بياناً ينفي به اتصال بن علي مع القذافي في حالة انكشاف الموضوع. وقد عاتبوه على الاتصال بالقذافي فرأي الملك فيه انه ماله حظ ولا نصيب.
اتصل سيف الاسلام القذافي بالمستشار بلير في لندن. وجرت بينهما المحادثة التالية:
- عمي توني ، كيف حالك
فكّر بلير : لا هذا كثير ، انا الآن عمّه ! الا يكفي انني أتحمل ابوه ، هذه عائلة غريبة ، لولا الراتب المغري الذي يتكون من عدد وامامه ستة اصفار لما ابقيت على هذه العلاقة دقيقة واحدة.
-اهلا سيف ، انا مشغول بتحقيقات حرب العراق ، يضيّقون علي الخناق، هل تريد شيئاً ؟ ولماذا لم يتصل ابوك ؟
- ابي زعلان منك بخصوص نصيحتك له عن بن علي ، ابي يعتقد ان السعوديين خطفوا الاضواء .
- ابوك لا يعرف مصلحته ، فقد يحترق السعوديين بهذا العمل الذي قاموا به. هل تعتقد ان الشعوب غبية ، انها مثل الجمل تقوم بالتخزين وتصبر ثم تثور مرة واحدة.
- ابي خائف ويريد ان يعطي راتب شهر لكل ليبي.
- قل له لا تفعل ذلك ، سمعت ان كثيراً من الدول العربية قامت بذلك وبعضها خفض اسعار المواد الغذائية . هذه سذاجة ودلالة ضعف خطيرة ولها تأثيرات مستقبلية ، المواطنون كمجموع سيتأكدون ان الحكومات ضعيفة وخائفة وانهم يستطيعون فرض رأيهم عليها باكتشافهم قيمة العمل الجماعي.
- اذن تقترح ان لا نعطيهم شيئاً
- انا لم اقل هذا ، ولكن اختاروا مناسبة وطنية او اجتماعية ، ليس الآن، بالمناسبة عندي لك اخبار سيئة ، احد نتائج الثورة التونسية ان موضوع التوريث في العالم العربي قد انتهى ، لن يستطيع اي زعيم ان يورث السلطة لابنه ، حظ سيء لك يا سيف ، الوحيد الذي نفذ هو بشار .
نزل كلام بلير على سيف الاسلام كوقع الصاعقة ، فقد كان يخطط للاطاحة بأبيه بتهمة الفساد والتبذير ولكن عليه ان يعيد حساباته الآن ، هناك عملاق خفي لم يحسبوا له حساباً من قبل ، شعب ليبيا الذي سيتأثر بما فعله شعب تونس ويمكن ان يطيح بالاثنين قريباً ......
في اتصال زين العابدين برئيس وزراءه محمد الغنوشي كانت نهاية المكالمة على النحو التالي:
- يا محمد ، ارجو ان يكون ابتعادي عن تونس فرصة مناسبة لك لتعالج المشاكل التي يسببها 10% من الشعب التونسي للنظام.
- عشرة% ؟ من اين جئت بهذا الرقم ؟
- هؤلاء الذين عارضوني في الانتخابات العامة .
ضحك الغنوشي رغم كل الهموم والمشاكل وخاطب زين العابدين بطريقة لم يتعود عليها اي منهما.
- يا بن علي الا تشاهد التلفزيون؟ نسبة الذين يكرهونك ويحقدون عليك هي الف في المائة ، مائة بالمائة من الشعب التونسي والباقي الشعوب العربية التي قامت بالتظاهر في كل المدن.
- هذا كذب فالناس تحبني
- شوف يا بن علي ، من اليوم كل واحد يدبر رأسه ، ليس مستغرباً ان اراك قادماً الى تونس بالاغلال في يديك للمحاكمة ، وقد نحاكم قبلك لاننا كنا نخدمك.

ولاول مرة يقفل الغنوشي الهاتف قبل رئيسه السابق.
نفى الناطق السعودي حدوث الاتصال واضاف ان بن علي ممنوع من العمل او الاتصال بأحد.
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية