مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 مفهوم السلطة في العالم العربي ( 1 )
...............................................................

 

الْمُلُوكَ

 

بقلم: زهير كمال
..................

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ( سورة النمل34) لن تجد اقوى من هذه الآية القرآنية في حظر الملكية قيمةً ومعنى اي الحكم الفردي والتوريث ، اضافة الى ما يشيعه بعض السفهاء من وجود السلالات النبيلة التي تتميز عن الآخرين بدمها الازرق.

ومع كل محاولات وعّاظ السلاطين تلطيف الموضوع بادراجها تحت بند قصص القرآن ( والكتاب الكريم بالطبع لم يأت لسرد القصص بل لاستخلاص العبر والدروس). الا ان قوة الآية ومدى تأثيرها جعلت العرب والمسلمين يمتنعون عن تسمية الحكام بملوك لمدة الف وثلاثمائة عام ، واذا شئنا الدقة انه بعد الخلفاء الراشدين او امراء المؤمنين كما سمّاهم عمر بن الخطاب لا نجد حاكماً واحداً تجرّأ وسمى نفسه ملكاً ، رغم كل ممارساته الملكية.

ويرجع للانجليز ودهائهم كسر هذا التابو القديم عندما سموا فيصل بن الشريف حسين بن علي ملكاً على سوريا في 8 مارس- اذار 1920. وقد اعتقدت بداية ان التسمية كانت عن جهل بالآية الكريمة ولكن بعد معرفة الاشخاص الذين خلف التسمية تيقّنت ان الخبث والانتقام هو السبب : لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا ورئيس حزب الاحرار المؤتلف مع حزب المحافظين بزعامة آرثر جيمس بلفور الذي ترك وزارة الخارجية قبل أشهر فقط من موعد التتويج الملكي ، ولا يخفى على القاريء من هو السيد بلفور صاحب الوعد الشهير، اما ثالثهم فكان الجنرال اللنبي ( الذي يعرف التاريخ جيداً بحيث يتذكر هزيمة الصليبين على يد صلاح الدين) بعد ذلك كرت المسبحة واصبح سلاطين العرب ملوكاً فقد حول فؤاد الاول لقبه من سلطان مصر الى ملكها وتبعه عبد العزيز سعود بعد احتلاله للحجاز ، كان سلطان نجد فاصبح ملك نجد والحجاز ثم تبع ذلك الملوك الهاشميين في العراق والاردن ثم محمد الخامس في المغرب ليصبح ملكها بدل سلطانها
اطرف تحول ما شهدناه مؤخراً : أمير البحرين الذي أمر بتغيير اسمه ليصبح ملكاً عليها ويبدو للوهلة الاولى ان لا سبب يدعو لهذا التغيير فمساحة البحرين وعدد سكانها لم يطرأ عليهما اي تغيير ، ولكن لو نظرت الى القاسم المشترك بين الملوك لوجدت ان تغيير الاسم ارتبط بشعور الحاكم بان هناك حماية اجنبية كافية توفر له الغطاء وتعطيه الحماية اللازمة التي يستقوي بها على شعبه المسكين!

وهذا نابع من شخصيات تتميز بالحدة في حب الأنا والمزاجية المفرطة .
من المؤكّد ان ميزانية الدولة تتحمل تكاليف عملية التغيير هذه لارضاء مزاجية الحاكم المطلق ، تحملتها أيضاً عندما قام القذافي بتغيير اسم الدولة الليبية لتصبح عظمى ولكن عندما تخطر افكار عجيبة تكلّف مبالغ خيالية طائلة مثل نقل مياه الصحراء الى الساحل فيما سمّي بالنهر الصناعي العظيم ، تصبح المسألة فيها نظر ! بالطبع لم يخطر على بال الرجل بناء مدن جديدة في الصحراء بدل البقاء على شريط ضيق محاذي للساحل ولم يخطر على باله ايضاً دراسة الطرق العديدة لاستخراج المياه مثل تحلية مياه البحر وخلق قاعدة صناعية مصاحبة لذلك او حفر الابار وغير ذلك كثير من مشاريع غير مكلفة ، ومقارنتها بفكرته هذه ، اي بدراسة الجدوى الاقتصادية ضمن تخطيط للمستقبل لمدة خمسين عاماً على الاقل.
لماذا تصرف القذافي عكس المنطق واخذ المياه من الصحراء بدل ضخّها اليها ؟
لأنه ببساطة لا يشعر بقيمة المال الموجود تحت تصرفه !
وهذا الشعور موجود عند معظم الحكام الذين منح الله دولهم ثروة النفط ويمكن ان نطلق عليه لفظ المال السهل. ما يعرفه الحاكم ان في حسابه مبلغ كذا يستطيع التصرف به كما يشاء ، وحاكمنا لا علاقة له بالتعليم او بالثقافة فهو اما ابن شيخ قبيلة او ضابط صغير تلقى بعض العلوم العسكرية في الضبط والربط وفجأة وجد نفسه يتحكم في المليارات بدون رقابة او حساب مما يعطيه الشعور بالاهمية والقدرة يمهّد لها كثير من المتزلفين والمنافقين الطامعين في بعض المال وبعض ما يتبقى من نفوذ لا يهتم به الحاكم مثل تعيين ساع او فراش في احدى فروع وزارة هامشية .
ولكن كم يبلغ حجم هذا المال الموضوع تحت تصرف الحاكم العربي ؟
لنأخذ مثلين:
في مصر اختفت المعونة الامريكية البالغة خمسين مليار دولار امريكي ، وكثير من المهتمين يسألون عنها والسلطات لا تجيب فمبدأ الشفافية في موضوع المال غير وارد اطلاقاً !
في الجزيرة العربية والتي يطلق عليها اسم المملكة السعودية لا أحد يعرف كمية الدخل الآتي من النفط
ولكن لتقريب الامور سنأخذ سنة 1974 سنة بداية الحساب حيث ارتفع سعر برميل النفط بعد حرب اكتوبر
والمبلغ هو حاصل ضرب الرقم المعلن للتصدير وهو 10- 12 مليون برميل يومياً في 365 يوماً في 36 عاماً في سعر البرميل المتذبذب بين خمسة وعشرون دولاراً الى مائة دولار على الاقل.
ناتج العملية الحسابية رقم فلكي لا يعرفه سوى الله الذي يرى حنفية النفط تفتح لصالح هذا الامير او ذاك بدون تسجيل كميتها في الرقم المعلن.
هل يشعر المواطن في الجزيرة العربية ان هذا المال هو ماله وانهم يسرقونه كل يوم بل كل دقيقة !
الحقيقة لا ، فبعض المغرر بهم يقول : جلالته تفضل وأمر بتوسعة الحرم المكي بمبلغ كذا مليار او جلالته امر باصلاح بلاعات جدة حتى لا تغرق ، او غير ذلك
ولكن لو افترضنا مثلاً ان كل دولار من هذه الثروة صرف في محله فاننا لن نجد ان ايطاليا تساوي العالم العربي كله (المكوّن من اثنين وعشرين دولة) في الدخل القومي ولما وجدنا ان ميزانية اسبانيا تعادل ميزانية الدول العربية مجتمعة.( احصائيات عام 2005)
عودةً الى القذافي ، لو قام بتوزيع دخل النفط على الناس بالتساوي كنّا سنجد ان الشعب الليبي هو شعب المليونيرات ... ولكن !
عدم شعور الناس العاديين بان هذه الثروة هي ملكها والثقة في الحاكم ونزاهته وحسن تصرفه هي سبب تخلفنا !
وعدم الشعور هذا له اسباب عميقة تتغلغل في التاريخ وطبعت الشخصية العربية بطابع خاص ، لا بد من تحليلها واستيعابها.

في المقال القادم مفاهيم اخرى

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية