ورقة التوت والعلاقة السعودية الاسرائيلية
...............................................................
|
ورقة التوت والعلاقة السعودية الاسرائيلية |
بقلم : زهير كمال
....................
عن موقع عرب تايمز (ذكرت صحيفة التايمز البريطانية في موقعها الإلكتروني السبت 12\6\2010 أن ثمة اتفاقا بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل حول السماح لطائرات سلاح الجو الإسرائيلي باستخدام المجال الجوي السعودي في حال شنها هجوما على المنشآت النووية الإيرانية. وأضافت الصحيفة، نقلا عما قالت إنها مصادر أمنية أمريكية وأخرى خليجية، أنه بموجب هذا الاتفاق سيتم إبطال مفعول الدفاعات الجوية السعودية لمدة قصيرة لإتاحة الفرصة للطائرات الإسرائيلية لاجتياز المجال الجوي للمملكة دون تعرض ونقلت الصحيفة عن مصادر دفاعية، لم تسمها، في الخليج أن الرياض وافقت على السماح لإسرائيل باستخدام ممر ضيق من مجالها الجوي في شمال البلاد لتقصير المسافة من أجل توجيه ضربة جوية لإيران، مشيرة إلى أن هذا الاتفاق تم تنسيقه مع وزارة الخارجية الأمريكية. انتهى الاقتباس
قبل عام ونصف تقريباً كتبت عدة مقالات لتحليل العلاقات السعودية الاسرائيلية ذكرت فيها ان هذه العلاقة لن تخرج الى العلن الا عند شن اسرائيل لهجوم على ايران، ولهذاعنونت المقالات بورقة التوت الاخيرة
واذكر اني وضعت في أحد المقالات الثلاثة سيناريو الحرب المقبلة وذلك بشن اسرائيل هجوماً جوياً كاسحاً بقرابة اربعمائة طائرة على المواقع النووية الايرانية ويتبع ذلك بقاء هذه الطائرات في السعودية لحماية مصادر الطاقة ومنع ايران من اغلاق مضيق هرمز.
في نفس الوقت وضع احد المعاهد الاستراتيجية في واشنطن سيناريو الحرب بتوجيه اسرائيل ضربة صاروخية لهذه المواقع.
والمشهدان السابقان يفتقران الى الدقة لعاملين:
الاول: رد الفعل الايراني الذي يعني حرباً طويلة لا تستطيع اسرائيل تحملها وغير معروفة النتائج، اضافة لتعرض امدادات النفط للخطر مما يؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي.
الثاني: النفسية الاسرائيلية وعنصريتها الفائقة التي تعتبر غير اليهود لا قيمة لهم. ولها تاريخ طويل في اثبات ذلك ، وتجويع شعب بأكمله وقتل الابرياء بدم بارد في عرض البحر آخر شاهد على ذلك.
السيناريو الخيالي القادم يعتبر اكثر واقعية كما يلبي اهداف اسرائيل وهو على النحو التالي:
تنطلق عشرة طائرات اسرائيلية محملة بقنابل نووية صغيرة من قواعد حلف الناتو في افغانستان او اية قواعد قريبة من الاهداف الايرانية.
تقوم بالقاء قنابلها على مراكز التحكم والقيادة وصنع القرار اضافة للمنشئات النووية في ايران
تستمر في طيرانها نحو اسرائيل عبر المجال الجوي السعودي حيث تكون الطائرات المحملة بالوقود في انتظارها في هذا المجال لتزويدها بالوقود لاكمال خط سيرها الى قواعدها في اسرائيل.
طبعاً من الصعب ان يتخيل احد مشهداً مخيفاً وغير انساني كالمشهد السابق الذي يعيد مشاهد هيروشيما وناجازاكي الى الذاكرة ولكن هناك بعض الشواهد الدالة على امكانية ارتكاب اسرائيل لجريمة كبرى بحق الانسانية
1. في اسرائيل حكومة يمين متطرف في غاية العنصرية وهي تعاني من عزلة دولية آخذة في الازدياد بعد حماقاتها في البحر الابيض، ولو تشكلت لجنة تحقيق دولية محايدة لتوصلت الى ان الحكومة الاسرائيلية هي التي خططت بعناية ودقة لهذا القتل بدم بارد للمدنيين ( صرّح احد الناجين ان الجنود كانوا يرددون عبارة : دقيقة واحدة التي كان يرددها رجب طيب اردوغان قبل انسحابه من المؤتمر الاقتصادي احتجاجاً على تصرفات اسرائيل) ولا يتم هذا الا لتوصيل رسالة للاتراك ان هذه واحدة بواحدة.
2. الصمت المطبق تجاه التصريحات النارية للمسؤولين الايرانيين والتي تستهتر باسرائيل وقوتها واعتبار احمدي نجاد لها بعوضة لا قيمة لها، وكل هذا يزيد من جرأة الطرف الفلسطيني المقاوم وجرأة الشعوب العربية، والعقيدة القتالية لاسرائيل لا تسمح بذلك لمدى طويل لاعتمادها على تخويف الخصم وشل تفكيره . وطبعاً ستستفيد اسرائيل من تدني اسهم نجاد في الغرب نظراً لانكاره اسطورة الهولوكوست المقدسة. ومثل هكذا تصريحات انما تخدم اسرائيل في النهاية وكأنها تقول لنفسها : دعه يلف الحبل حول عنقه.
3. في الولايات المتحدة حكومة ضعيفة بسبب مشاكلها الاقتصادية الكبيرة والحروب التي ورثتها عن الادارة السابقة.
4. قرار مجلس الامن الاخير بفرض عقوبات اضافية على ايران وبموافقة روسيا والصين يعتبر بمثابة اعطاء الضوء الاخضر لاسرائيل لبدء الاعمال الحربية بعكس الاخرين الذين اعتبروه نزع لفتيل الحرب.
5. في تصريح غريب من نوعه، صرح قائد القوات الامريكية في افغانستان الجنرال ماكريستل بان ايران تساعد طالبان ضد قوات حلف الناتو! ولا يفهم تصريح كهذا الا بمثابة غطاء لاي عملية عسكرية تقوم بها اسرائيل من الاراضي الافغانية ولا حاجة لشرح العداء التقليدي المتبادل بين طالبان وايران !
في الوقت الحاضر هناك مسعى لتشكيل حكومة وحدة وطنية في اسرائيل بضم جناح يميني آخر هو كاديما ، فقرارات خطيرة ومصيرية مثل هذه تتطلب اجماعاً لتنفيذها، وفي حال نجاحهم بذلك فان العد العكسي لضربة كبرى يصبح قريباً .
اذا نجحت اسرائيل في خططها فان هذا يعني اسكات المقاومات الشعبية في لبنان وفلسطين وذلك بالتهديد بضرب ايران مجدداً.
ولاسرائيل سوابق في القيام بعمليات عسكرية كبرى مفاجئة ومن اشهرها حرب 1967 التي شلت التقدم العربي واجهضت المد الناصري ولا زلنا نعاني من تبعات الهزيمة حتى هذه اللحظة، ولا يخفى ان المستفيد الثاني من الهزيمة كان النظام السعودي الذي أرسى ما يعتبر الحقبة السعودية من تاريخ الامة الحديث وما جرته من ويلات الانحطاط والتخلف الذي نعانيه .
اذا نجحت اسرائيل فان هذا يعني تكريس الحقبة السعودية في المنطقة الى أمد طويل اي ان المستفيد الثاني في هذه الحالة ايضاً هم السعوديون.
ليس هناك من عذر للقيادة الايرانية اذا لم تأخذ احتياطاتها وان تكون قواتها متأهبة لكل الاحتمالات ، ولن يكون مقبولاً ان يقولوا لقد كنا نتوقعهم من الغرب فجاؤونا من الشرق ، او تم تعطيل اتصالاتنا فهم يعرفون ويتوقعون وعليهم يقع اجهاض ضربة كهذه.
اما انهاء الحقبة السعودية التي طالت اكثر مما يجب فهي على عاتق الشعب المصري ومثقفيه اولاً وعلى شعب الجزيرة ثانياً.
فغياب مصر عن التصدي لدورها الاقليمي سمح للجهلة والمتخلفين وسارقي اموال الشعوب باهدار الثروة العربية ونشر ثقافة الاستسلام والانبطاح والتخلف وسمح بالانقسام والفرقة وتدمير الصومال ثم العراق والقادم اعظم ان لم تنهض هذه الامة من سباتها فتخريب الوعي مستمر بشكل يومي ودائم عبر تحويل الدين الى ممارسة طقوس لا علاقة له بالعدالة الاجتماعية وبالكرامة والعزة .
وكمثل بسيط للفت الانظار فقط : لو كان الازهر يقوم بواجباته ، هل تجرأ احد من الجهلة وعاظ السلاطين في الجزيرة العربية ان يقوم باصدار فتاوي تمنع نصرة اهل فلسطين وتمنع التظاهر وتحث على الطاعة العمياء لاولي الامر ، او فتاوي اخرى تهتم بالغرائز والجنس، مما يدل على نية مبيتة للتخريب ونشر ثقافة الاستسلام.
وليس امام شعوب المنطقة من اجل مصلحتها ومصلحة الاجيال القادمة الا العمل على رمي انظمة القرون الوسطى هذه الى مزبلة التاريخ.