مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 غروة الحدث الدرامي في مسرحية الجميلة
...............................................................


للكاتبة السويدية لينا ستايملر والمغربية زكية خيرهم
.......................................................

مسرحية "الجميلة" المستوحاة من المسرحية الخالدة "بيت الدمية"

بعد مائة سنة من وفاة ابسن ستقوم النرويج بإحياء ذكرى الكاتب المسرحي هنريك ابسن كما سيقوم المركز والمتحف الثقافي الدولي في أوسلو بمبادرة ثقافية يستقطب فيها مؤلفين من جنسيات مختلفة للتعاون مع كتاب مسرحيين نرويجين لكتابة أعمال مسرحية مستوحاة من أعمال المسرحي النرويجي العالمي هنريك ابسن. من ضمن تلك المجموعة من المؤلفين، كتبت الكاتبة السويدية لينا ستايملر والكاتبة المغربية زكية خيرهم مسرحية "الجميلة" المستوحاة من المسرحية الخالدة "بيت الدمية" لأنها عالجت النفس الإنسانية بمصداقية لذلك لم يكن الوقت فيها مقتصرا على زمن معين. صراحة جارحة ، مزق ابسن ذلك القناع المكبوت وكشف الزيف الاجتماعي المغلف بالمظاهر، داعيا إلى الاعتدال والوسطية بعيدا عن التطرف ، لكن ذلك جعله يدفع ثمن جرأته، لتنهال عليه انتقادات من المفكرين والمثقفين آنذاك.

مر أكثر من قرن على مسرحية بيت الدمية، وتغيرت الحياة في النرويج كما في أروبا كثيرا فيما يتعلق بوضعية المرأة ومشاركتها في المجتمع وفي كل الميادين لتصبح متساوية للرجل في كل شيء. بل أصبحت المرأة في النرويج لها امتيازات أكثر من الرجل في بعض الميادين، وتتمتع بفرص العمل أكثر منه. كما أصبحت تحظى بوظائف رئاسية على كل الأصعدة المهنية سياسية كانت أو اقتصادية.

وهنا يأتي السؤال:
كيف ستكتب الكاتبيتين زكية خيرهم ولينا ستايملر مسرحيتهما المستوحاة من بيت الدمية؟
هل ستصفق بطلتهما الباب كما فعلت نورا؟ هل ستعاني بطلتهما في المسرحية اضطهادا من نوع جديد؟
هل مازال المجتمع النرويجي يعيش المظاهر ويعير الاهتمام لما يتقوله الناس كما في القرن الماضي؟
هل وصل النرويج إلى الحرية المطلقة واحترام ذات الإنسان رجلا كان أو امرأة، بغض النظر عن جنسه أو عرقه ودينه؟

تغيرت أشياء كثيرة في المجتمع النرويجي، كما أصبح مجتمعا يعيش خليطا من الأجناس الأخرى المغتربة والتي جاءت إلى النرويج حاملة حقيبة تقاليدها وقيمها وأفكارها. صحيح اختفت سيطرة الكنيسة وعظمتها "الزائفة" كما اختفت معها أفكارها البالية، وأصبحت النرويج بلدا علمانيا تحت ظل فكر جديد وقانون يحمي حرية الانسان. لكن يبقى النرويج كأي مجتمع في العالم، يعيش حاضرا جديدا بمشاكل أخرى جديدة من نوع آخر وشكل آخر حسب العصر الذي تعيشه.

أصبح في البلد مجتمعين إن صح التعبير. المجتمع النرويجي والوافدين الجدد تحت سقف الوطن، ويبقى هناك البون بين المجتمعين أو الشعبين وهذه هي معضلة المجتمع النرويجي اليومية. مشكلة الاندماج في البلد والتأقلم مع قانونه وتقاليده واحترام شعبه، في حين الوافدين الجدد في النرويج متمسكين بتقاليدهم ، يعضون عليها بالنواجد أكثر فأكثر. هناك جزء من الوافدين متأقلم مندمج وجزء آخر مبتعد متعصب وخائف من كل شيء يختلف عما تربى عليه. يقابله جزء آخر من الشعب النرويجي يحمل نفس النزعة متطرف متشدد خائف من كل شيء غريب، يحمل ثقافات وعادات غير ثقافات وعادات النرويج. والنتيجة أن كلا هاتين الشريحيتين في النرويج تقرأ عن بعضها في الجرائد وفي البرامج التلفزيونية التي تتعلق بالأجانب ومشاكله، مما يزيد نفورا أكثر بالنسبة للمتطرفين الخائفين من كل شيء دخيل على وطنهم ونفورا أكثر من قبل الشريحة الأجنبية التي يركز على سلبياتها أكثر من ايجابياتها في الاعلام النرويجي.


تقدم الكاتبتان زكية خيرهم ولينا ستايملر مسرحية مستلهمة من "بيت الدمية" لتعرض مشكلة الاندماجية والاغتراب في النرويج وليضعا أصبعيهما على الداء بطريقة فكاهية تحمل داخلها هموم الاغتراب وصورة الاندماج التي تبقى معلقة بين علامات من الاستفهام والتساؤلات. أي نوع من الاندماج يستوجب اتباعه ؟ وهل الاندماج مفروض على طرف واحد من هذه الشريحيتين؟ لم يستوجب اندماج البعض على حساب البعض الآخر؟ وهل هناك مجتمع كامل الأوصاف حتى يندمج فيه المرء كليا؟ أوهل الاندماج مقتصر على أخذ ايجابيات من كلا الشريحتين وترك ما هو سلبي في كليهما؟

بطلة مسرحية الجميلة، هو آرون ، أجنبي ، مثقف متأقلم مع الحياة العصرية ، يحمل شهادة عليا ويريد المزيد من العلم والدراسة حتى يتفوق على النرويجين. سيعيش حياة ربة البيت وامرأته ليف ستكون مشغولة بمستقبلها المسرحي وبعلاقاتها ولقاءاتها مع الممثلين والصحافيين. ماريا ابنتها، ستأتي لتعيش معها وستصطدم بآرون العربي صاحب الشعر الأسود مستعرة من أمها التي تعيش معه تحت سقف واحد. كريستيان صديق ماريا المستهتر في علاقته معها والبعيد عن المسؤولية. حسين الشخصية الأكثر مرحا في المسرحية وهو يمثل الوجه التقليدي للمسلم الأجنبي في البلد. يعمل سائق تاكسي بطريقة غير نظامية، راضيا عن نفسه وعن سلوكه المستقيم حيث لا يشحت مالا ولا يسرق. متزوج من امرأتين، الثانية جاء بها من بلده بأوراق تثبت أنها أخته حتى يتهرب من عقاب القانون الذي يمنع الزواج المتعدد.

أحداث متتالية بطريقة جدية وموضوعية وفي نفس الوقت فكاهية، لتضع الأصبع على العوامل المسؤولة عن هذا التفكك والكذب والمثالية الزائفة لنموذج مثالي مزيف على وهم، منها وضعية المرأة النرويجية والمبالغة في تحررها ومساواتها مع الرجل الذي اصبح هو القاعد في البيت ، القائم بأعماله وهو المهمش كما نورا في بيت الدمية. ماريا وصديقها كريستيان، مراهقة وسط الحرية المطلقة ستؤدي بانفصالهما. اصطدام آرون وصديقته ليف، حول ارسال النقود لأمه واخوته. ذلك بالنسبة لليف مرفوض مطلقا ، بينما بالنسبة لآرون أمه واخوته فوق كل شيء.
يكتشف آرون أن أبا ماريا ليس أبوها الشرعي، وستكون تلك هي السبب الأول لمغادرة آرون بيت ليف ويصفق الباب وراءه بسبب عدم المصارحة والصدق في حياتهما.
ويبقى السؤال :

هل آرون في مسرحية الجميلة هو المضهد كنورا في بيت الدمية أوفقط أصبحت الحياة في النرويج فيما تتعلق بالرجل والمرأة معكوسة حيث المرأة أخذت مكان الرجل في المجتمع والرجل أصبح يفقد تدريجيا سلطته الباترياركية أو الرجولية؟ أوهل مغادرة آرون لم تكن هروبا من تهميش بقدر ما كانت هروبا للبحث عن نفسه في هذا المجتمع المتحضر والملاذ إلى حرية انسانيته الضائعة بين كذبة الاندماج والتأقلم....؟
مسرحية "الجميلة" واقعية انتقادية من خلال منظور اجتماعي قدم بطريقة فكاهية متناولا شرائح وأحداث حياتية التي تعيش فيها زكية خيرهم ولينا ستايملر.


Annika Vesterberg
Writer and poet
 

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية