| | | | مظاهرات للتضامن أم فوضى للاستنكار ...............................................................
بقلم: زكية خيرهم ـ أوسلو ............................
انطلقت اللجنة الفلسطينية مع عدد من المتظاهرين احتجاجا على الهجمات الاسرائيلية على قطاع غزة أمام البرلمان النرويجي يهتفون " دعوا غزة تعيش". مقاييس أخلاقية وسلوك بشري أنساني وحد الشعب النرويجي والمواطنين الأجانب ليخرجوا متظاهرين ضد السلوك الإسرائيلي الوحشي بحق أهل غزة. كما جرى تنظيم مسيرات أخرى في ثلاث أكبر مدن في النرويج،(بيرجين)و(ستافانجر)و(ترومسو) مساندة لأهل غزة ومطالبين بوقف إطلاق النار. وضمن نفس السياق تمت إدانة الغزو الإسرائيلي على غزة. هذا النظام الصهيوني الذي يمارس غطرسة وعنجهية إزاء الشعب الفلسطيني رافضا الرضوخ لمنطق العصرالذي يرفض الاحتلال والبطش والوحشية. هتافات تعلو بلغات متعددة لآلاف من المتظاهرين دعما لغزة وأهلها، من أجل وقف العدوان على وفتح المعابر ورفع الحصار.
(كريستين هالرفورسن) وزيرة المالية ورئيسة الحزب اليساري الاجتماعي، كانت واحدة من آلاف الحاضرين المحتشدين أمام البرلمان. تقول أن وجودها في المظاهرة مهم لأجل السلام في غزة وفي فلسطين وتتمنى أن تستمر المظاهرة بطريقة سلمية. (أولاف سبورستول) ريئس منظمة التطوير من أجل فلسطين يرى أن المظاهرة ضرورية لإظهار وحشية جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد غزة وأضاف قائلا : " الشعب النرويجي لم يعد يتعاطف مع اسرائيل كالسابق. كنا ندعم اسرائيل سابقا لكن الحال انقلب الآن. الغالبية من الشعب النرويجي مع الشعب الفلسطيني ".
إدانات من كل الفئات
الصحافي والمصور الوثائقي (أرلنغ بورغن) التابع لجريد آفتن بوستن اليومية المشهورة يقول" أعتقد أن جميع الأشخاص الذين يتحلون بتطور عقلي وحسي وروحي، يشعرون بالغضب لما تقوم به اسرائيل ضد الأبرياء في قطاع غزة. علينا أن نكون هنا. بل من الضروري أن نكون هنا." وكان يأمل أن تكون المظاهرة سلمية وأن لا تتطور وتصبح عنيفة.
أحد منظمي المظاهرة يقول:" أن اللجنة الفلسطينية تتمنى أن تكون المظاهرة سلمية مثلما كانت يوم السبت الماضي حيث كنا أكثر من ألفي شخص نتظاهر بطريقة سلمية، كما أن المنتدى الفلسطيني قام بإعداد أكثر من سبعين حاارس فقط من الرابطة الإسلامية والباقي من منظمات مختلفة حتى يتمكنوا من ضبط المظاهرة وحتى لا يتكرر العنف والفوضى كما حصل في مظاهرات سابقة، متوقعا أن المظاهرة ستكون سليمة إلا أنه لا يضمن انضباط المظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية.
كانت الشوارع في اوسلو تعج بالآلاف من المواطنين النرويجين والعرب وهتافات وتنديد للحكومات العربية ومطالبة بفتع المعبر ووقف البطش والقتل للمدنيين العزل. كما أن هناك من كان يناشد حماس بالإستمرار في الجهاد. كل المتظاهرين يطالبون بوقف التعامل مع اسرائيل.
رشق الحجارة وحرق قطع الخشب وأغصان الأشجار لا يحل مشكلة غزة.
بعض المتظاهرين يحملون أكياسا مليئة بالحجارة في غضب ضد المؤيدين للإسرائيل. اليساريون الراديكاليون يدقون الطبول، كما تصاعدت وتيرة أعمال الشغب وأصبح شارع كارل يوهان يشبه ساحة معركة. والشباب الأجانب و العرب و منهم المغاربة و الصوماليون يجرون في الشوارع كالعصابات ويصرخون الجهاد الجهاد. تقف مقطورة في الشارع فيسرع شاب ويكتب عليها قاطعوا اسرائيل. يستمر رشق المفرقعات النارية وتتدخل الشرطة. يهجم أحد المتظاهرين على شرطي ويدفع به حتى كاد أن يسقط على الأرض والآخرون من المتظاهرين متأهبين للهجوم عليه. الدخان من جراء القنابل المسيلة للدموع عمت تلك الشوارع، فأصبح منظر أوسلو في ذلك الليل وكأن العاصمة تعرضت لغارة وقصف مدفعي. صوت سيارات الشرطة تدوي في تلك الشوارع وتلاحق المتظاهرين. من حقنا نحن الأجانب الذي نعيش في النرويج أن نتظاهر لأجل قضية تخصنا. لكن علينا أن نحترم قانون البلد وأن نتظاهر بطريقة متحضرة كشعب هذا البلد. لأن ما حصل للأسف الشديد لم ولن يخدم القضية اطلاقا كأن تلك المظاهرات التي كانت بالآلاف راحت سدى ومن دون هدف.
تسارع العنف وتبعثر المظاهرة
تنقلب المظاهرة فجأة من سلمية إلى أخرى صاخبة. بينما حرس المنظمين للمظاهرة يحاولون جاهدين عدم خروج الشباب عن نطاق المسيرة . لكن من غير جدوى، تم اطلاق المفرقعات النارية ضد كل من الشرطة والناس المتواجدين وأطفال يحاولون الأنفلات من حرس منظمي المسيرة للهجوم على السفارة لكن القنابل المسيلة للدموع فرقت ذلك الحشد. بعد فترة وجيزة يلبس بعض المتظاهرين أقنعة سوداءواستمروا في اطلاق المفرقعات النارية على الشرطة أمام السفارة الإسرائيلية والشرطة تطلب من المتظارين أن تخلي المكان. وأطلق عدد من المتظاهرين المناوئين للمسيرة مفرقعات نارية تجاه الشرطة التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع. للأسف العنف الذي استعمل ضد الشرطة التي هدفها حفظ الأمن لكل الأفراد ولكلا الطرفين المتظاهرين، الموالي والمعادي لإسرائيل. تكسير واجهات المحلات التجارية لم يخدم القضية الفلسطينية أوسيجعل الشعب النرويجي أكثر تعاطفا. عوض ما تكتب الصحف النرويجية على ما يحصل في غزة واستياء أغلب الشعب النرويجي للجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني. كانت المقالات تنهال على مختلف الجرائد بعناوين مختلفة.
. "المفروض مشاركة الأطفال تعيق المشاغبة والعنف" . كانت هذه الجملة عنوان المقال بجريدة الأفتن بوستن مصحوبا بصورة تظهر الأطفال المشاركين في المظاهرة بلباس ملطخ باللون الأحمر تعبيرا عما يحصل لأطفال غزة. ومداخلة من متحدث من الرابطة الإسلامية يقول للصحافي كاتب المقال: الحمد لله لم يصاب أحد من الأطفال.
نفس الجريدة بعنوان آخر " الأطفال من حقهم المظاهرة" يتحدث فيها (رايدار ييرمان) يقول: على الوالدين أن يكونوا الصورة المثالية لأطفالهم وأن يكونوا لهم القدوة كما أن الأطفال من حقهم المشاركة مع الكبار.
ويقول الصحافي "بول هيلسنس" في جريدة الكلاس كامبن. مظاهرة أوسلو تذكرنا بما حصل في باريس وأثينا. لتنتهي بتحسر من (سولدال لوند) عضو باللجنة الفلسطينية، يقول: من المحزن أن تأخذ هذه المشاغبات الإهتمام أكثر مما يحصل في غزة هذه اللحظة.
يتحدث عضو مجلس الحزب اليميني المحافظ ( أرلنغ لا) إلى جريدة ( داغ بلاد) يقول: لن يتكرر هذا ابدا ولن نسمح بمشاركة الأطفال في المظاهرة مرة أخرى، ويضيف متأسفا أن المفرقعات النارية التي ألقى بها اتجاه الشرطة تنفجر بقربهم فأصيبوا بالرعب وهربوا من المكان. هكذا غطت الجرائد فوضى المظاهرة والمشاغبات عوض ما تتحدث الصحافة عن تعاطف الشعب النرويجي وكبار ساساتهم المتعاطفين مع القضية. كانت التعليقات كلها مركزة على العنف والسلوك الهمجي الذي أخفى إيجابية المظاهرة وهدفها. وهنا نتساءل بحيادية: هل هناك أكثر من العرب والمسلمين يسيئون لقضاياهم العادلة؟ لماذا أصبحت الفوضى وخرق القانون وبث الرعب علامات بطولة في ثقافتنا وممارساتنا؟ لماذا نريد العيش في هذه البلاد الوديعة الآمنة بتقاليد بلادنا ؟ متى نتعلم أن المحافظة على قوانين البلاد التي آوتنا من خوف وأطعمتنا من جوع ، يكسبنا الاحترام والتعاطف مع قضايانا. ألف لماذا وألف متى تحتاج لصفحات لطرحها ، ويبدو أن الشاعر العربي كان محقا ، عندما صرخ قبل عقود من الزمن:
لقد أسمعت لو ناديت حيّا ولكن لا حياة لمن تنادي
بدليل أن هذه النصائح نكتبها منذ عشرات السنين دون سماع من جهلة لا يعرفون الطريق الصحيح لخدمة قضاياهم العادلة . فمتى نفيق عربا ومسلمين من هذه الغيبوبة التي تزيد كراهيتنا كل يوم؟ ونسأل: لماذا يكرهوننا؟
Zakia khairhoum ghaliawin11@yahoo.com www.zakianna.se
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|