| | | | أنا والقراء وتنويعات الشرف العربي ...............................................................
بقلم: زكية خيرهم ...................
أثارت المقالتان اللتان نشرتهما في الأسابيع القليلة الماضية بعنوان: " فحولة الرجل العربي على المحك " و " من معارك الشرف العربي المجيدة " العديد من ردود فعل القراء المتفاوتة من السلب إلى الإيجاب إلى الاستفهام، سواء من خلال التعليقات على المقالات أو من خلال الرسائل العديدة التي تلقيتها على بريدي الخاص . ولمزيد من التفاعل مع القراء على طريق الوصول إلى قناعات مشتركة ، سأرصد في هذه المقالة أهم الرسائل التي كانت على شكل استفسارات كي أوضح موقفي منها، على أمل توضيح ما هو غير واضح سواء قوبل ذلك بالتأييد أم بالرفض، فمن المحال أن يكون البشر كلهم على نفس الموقف أو في نفس الخندق، أملا في أن يعي الجميع مقولة العرب القديمة ( الخلاف في الرأي لا يفسد المودة بين الناس).
القارىء ( محمد المرزوقي ) من الجزائر، كتب يسألني: ( هل تعتقدين كما فهمت أن غشاء البكارة ليس مهما للفتاة عند زواجها؟ ). أولا تحية طيبة للأخ محمد المرزوقي. كثير ممن قرأ روايتي طرح علي نفس السؤال لسوء فهمهم ماذا أقصد. عندما طرحت موضوع الشرف ومفهومه في روايتي" نهاية سري الخطير" ليس أني مع الممارسة الجنسية الغير الشرعية. بالعكس كل العكس، أنا مع القيم الأخلاقية التي بها تبقى الأمم وبدونها تفسد. كل شيء يؤدي إلى الأمراض المميتة للإنسان يرفضها العقل وترفضها الإنسانية. الجنس الغير الشرعي يؤدي إلى الأمراض وإبادة مجتمع بأكمله، ويكفي أن أن نقرأ ونسمع ونشاهد في شاشة التلفاز كم من الدول تعاني من أمراض الإيدز الذي يهددها بالإنقراض ... وهذا سببه الجهل للتعامل مع إنسانية الإنسان. أما أن تسألني أن غشاء البكارة مهم للفتاة عند زواجها، أقول لك، أن غشاء البكارة ليس بالضروري أن يرمز لعفة الفتاة. وكما كتبت في مقالتي السابقة، كم من فتاة حافظت عن بكارتها ولكنها كانت لها علاقات جنسية كثيرة. . الدكتورة صالحة رحوتي في تعليقها سردت تجاربها مع فتيات يأتون لعيادتها تقول: " كلهن طبعا يمارسن الجنس في إطار العلاقات المفتوحة…و جلهن أو لنقل كلهن لا يبحثن ـ بشهادتهن التلقائية ـ إلا عن المتعة الجنسية و عن اكتساب التجربة الجنسية قبل الزواج اقتداء بالرجل و اعتدادا بحقوق تكفلها لهن مساواة يعتقدن أنهن أصبحن يتمتعن بها… ثم و عن البكارة حين أسأل يجبن دون تردد بأن الرتق موجود و بأبخس الأثمنة !!لأنهن يعلمن بأنه ذلك الزوج الموعود لم يصل بعد إلى “مستوى” التخلي عن المطالبة بوجودها ليلة الزفاف"!!!
السيدة ( إنصاف الصعيدي ) من أسيوط في مصر، كتبت تسألني: ( هل كل أحداث روايتك " نهاية سري الخطير " أحداث واقعية مررت بها أم هي خيالات روائية؟. تحية للسيدة إنصاف وتحية لمصر وشعب مصر. لست الأولى التي طرح علي هذا السؤال كثير من الكتاب يطرح عليهم ذات السؤال إن كانت القصة حياتهم الشخصية أو شيئا من حقيقة حياتهم. للأسف أن ثالث مقالة كُتِبَت عن روايتي كان عنوانها بالخط العريض، روائية مغربية أزالت بكارتها بحثا عن رجل يتزوجها لذاتها وأن جل أحداث الرواية حقيقة. لا أريد أن أخوض في موضوع صاحب المقالة الذي كتب ما كتب ليثير ضجة وقد نجح في ذلك. ما أريد قوله لماذا بعض القراء تجلبهم أخبار الناس سواء كانت حقيقة أو بهتانا، لماذا لا يهتم القارئ بالقصة ذاتها أكثر من إهتمامه عن معرفة حياة الكاتب. للأسف هناك مجلات تتحدث عن أخبار المشاهير وفضائحهم وتجد عددا من عشاق هذا النوع من المجلات ... لا أعرف ماذا يجدون من متعة في ذلك أو استفادة. عندما يكتب الكاتب من طبيعة الحال قد يعطي لشخصية من شخصيات روايته سلوكه، طباعه طريقة تفكيره ... وقد يتقمص هو الشخصية الرئيسة، لكن هذا لا يعني أنه يتحدث عن نفسه أو تجاربه. الكاتب قد يتحدث في روايته عن مجرم أو مهرب مخدرات هذا لا يعني أنه مر بتجارب من هذا النوع جعلته يكتب عنها, بطبع الكاتب الحساسية المفرطة تجعله يتأثر بالواقع وكأنه هو المعني فيكتب عن الموضوع بكل جوارحه وأحاسيسه. وإذا قالوا أن الرواية قصة حياتي وإن كانت فعلا قصة حياتي، فهذا لا يزيدني إلا فخرا بشخصيتي وليس خجلا منها. فغالية بطلة الرواية لم تذهب للطبيب حتى يرقع لها ما أفسده ضميرها المنحل ... غالية عانت من وهم ظنته حقيقة وعندما تأكدت من كذبة عذبتها طوال حياتها وجعلتها تهرب من عالم متعطش لدم البكارة بغض النظر عن مصدره، إلى آخر بحثا عن الإطمئنان وهروبا من ذلك اليوم الموعود ليلة الزفاف التي تفرح بها كل فتاة. غالية الفتاة الأخلاقية التي تربت عن قيم وأخلاق، تهرب من سر خطير وتتغرب وتعيش كوابيسا في الليل، تجري حافية وأبوها وإخوتها يلاحقونها قصد قتلها ولا تستيقظ من الكابوس إلا بعدما يغرز أباها الخنجر بصدرها، تتألم ، تلهث والعرق يتصصب من جبينها وكأنها فعلا عاشت حادث قتلها. وبعد كل تلك السنين من الألم والخوف من شيئ كان مجرد وهم، يكشف عنها الطبيب ويخبرها بأنها عذراء. تسأله عن تلك البقعة الحمراء التي كانت في لباسها الداخلي من أين جاءت وما هو سببها. يجيبها بأن تلك القطرة قد تحدث لطفلة لم تتعدى السنة من العمر. فتنفجر غالية لتنتقم من تلك العادة المشينة ومن كل من وراء تلك العادات والتقاليد. وتطلب الطبيب لإزالة تلك البكارة بعملية . لأنها تؤمن أن الشرف أبدا لم يكن مربوطا بالبكارة وإنما بالأخلاق والقيم، وبالتربية الصالحة بمعرفة الخطأ من الصواب بتدريب العقل أن يتحكم في الغرائز ... بالإيمان أن كل ممنوع مرغوب وكل ممنوع ماهو إلا إيذاء للإنسان ووبالا عليه. القارىء ( جمال الحلبي ) من سورية، كتب يسألني: ( هل تعتقدين أن أحداث روايتك مسألة تشرفك كي تفتخرين بها ؟ تحية للسيد جمال الحلبي وتحية للشعب السوري الطيب. نعم، أحداث الرواية كلها تشرفني، لأنها رواية صادقة تتحدث عن موضوع شائك وإنساني. إلى يومنا هذا تقتل الفتيات والنساء بحجة الدفاع عن الشرف. وكم من فتاة ماتت بحجة أنها ليست عذراء وبعد التشريح اتضح أنها عذراء وذهبت كما ورقة سقطت من شجرة. وكم من فتيات أغتصبن أو اعتدي عليهن من أقرب الأقرباء وعاشوا الموت كل يوم إلى أن متن في ليلة زفافهن موتة الكلاب. وهذا لايحرك ساكنا في الكثير من رجال أمتنا. أحداث روايتي ، أحداث من صميم الواقع العربي المر، واقع فعلا يتألم من أجله الضمير الحي، ويسعى جاهدا إلى تغييره بالكلمة الصادقة، لا بالبهتان وتنميق الجمل وستر عورات الواقع. كم من واقع مزري يعيشه مجتمعنا والكثير لا يعرف عنه. وكم من واقع نتستر عنه لماذا؟ أهو خوف أو نفاق؟ لماذا لا نقول كلمة الحق . لأن الحق دائما يعلو ولا يعلا عليه. وأنا متأكدة أن كثيرون من أصحاب الكلمة النزيهة والضمير الحي معي في كل ما طرحته، ويؤيدون كل فكرة طرحتها، ولكم البعض فقط من ما كتب في تعليقهم عن مقالتي السابقة ناهيك في بريدي الإلكتروني أنهالت علي رسائل من رجال كثيرين يثنون على ما كتبت. يكتب الدكتور فاروق مواسي : " ليتنا نقرأ وندرك" المقالة أنصح بقراءتها في لقاءات فكرية ومناقشتها ..وألا تكون كلاما عابرا. والكاتب والباحث أحمد محمود القاسم يقول: أود أن أشكرك جزيل الشكر على موضوعك الرائع والجريء والصريح بما فيه الكفاية، والذي يضع النقاط على الحروف، في موضوع حساس ودقيق وهام جدا، يلقي الضوء بصدق وإخلاص على حقيقة بعض الرجال في مجتمعاتنا العربية، مع أنهم كثر، ونظرتهم الدونية للمرأة العربية من المحيط إلى الخليج. ! القارىء ( جمال الحسيني ) من فلسطين، كتب يقول: ( هل كان ذهابك للنرويج من أمريكا هروبا من عار كنت تعيشينه ؟ ). كل التحية لجمال الحسيني ولشعب فلسطين وطن كل شريف. أتمنى ألا تكون ممن يقول عنهم المثل: يهتمون بالأشخاص وحياتهم، أتمنى أن تكون من الذين يهتمون بالأفكار والرقي إليها لأجل أن نرتقي. وكم نحن في أمس الحاجة إلى ذلك. القارىء ( سعود أبو مزهر ) من المملكة السعودية، كتب يسألني: ( أنا أعجبت بشجاعتك في التعبير عن تجربتك الحياتية، وأنا متأكد أنها تجربة الملايين من الفتيات والسيدات العربيات، لكن قلة من لديهن جرأتك...سؤالي: هل لديك أعمال روائية أو إبداعية جديدة في طريقها للنشر؟). تحية قلبية بكل المودة للشعب السعودي الطيب وللوطن الطاهر بأنبياءه وتحية خاصة لعضو مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية الكاتب والمفكر المعروف الأستاذ الفاضل " ابراهيم البليهي" في حوار معه حول عقلانية النص الأدبي. استدل بروايتي وقال عنها كلاما أكثر مما تستحق ووضعني في خانة الكتاب العمالقة وأنا مازلت في خطواتي الأولى أشق طريقي وأحتاج إلى الكثير من الخبرة الطويلة عبر السنين حتى أصل لتلك الأسماء الكبيرة واالامعة. الأستاذ الفاضل إبراهيم البليهي يقول: أشكر ابن سلمة على ترحيبه وعلى مشاركته وأقول له بأن من مفارقات الثقافات المغلقة أن المحكومين بـها يواصلون هجاء العقل وتحقيره لكنهم أكثر الناس ثقة بعقولهم فلولا هذه الثقة العمياء لما كانوا بـهذا الوثوق الأعمى لما في رؤوسهم إنـهم حين يذمُّون العقل ويُحَقَّرونه فإنـهم يقصدون عقول الآخرين لكنهم متأكدون من صواب فهومهم ودقة معلوماتـهم وصحة استنتاجاتـهم وهذه إحدى النقائص الكبرى للعقل البشري.. إن الغرب لم يتقدم حتى عرف أن العقل مقودٌ بالأهواء ومأسور بالتحيزات فأصبح يستوثق من كل شيء ولا يتقبَّل الأحكام والآراء إلا بعد المراجعة والتمحيص إن العقل ليس جامحاً وإنما الأهواء هي الجامحة وهي في الغالب تسيطر على العقول وتخدع الناس.. إن العقل أداةٌ تتلاعب بـها العواطف ومهمة الإنسان الأساسية أن يراقب عواطفه ويتفحَّص أهواءه ويعيد الفاعلية لعقله ولا بد أن تبقى المراقبة شديدة اليقظة وأن يظل التفحُّص مستمراً حتى يعتاد الإنسان على الرؤية الموضوعية وما لم يصل الفرد إلى هذا المستوى من التعوُّد على الموضوعية النسبية فسوف تستعيد العواطف سيطرتـها ويعود للأهواء سلطانـها المطلق. أما سؤالك عن إمكانية أن يكون النص الأدبي عقلانيا فأقول إن العقلانية هي السمة الغالبة في آداب الحضارة الإنسانية المعاصرة فالكثير من الإبداعات الأدبية في الغرب ليست للإمتاع والمؤانسة وإنما هي لنشر الأفكار الإنسانية إنـها نصوصٌ أدبية لكنها في الغالب تحمل مضموناً فلسفيا أو رسالة اجتماعية أو ثقافية أو سياسية أو تحملها جميعا وبالنسبة للثقافات الأوربية لم تكن عقلانية النص الأدبي طارئة أو جديدة بل إن الأدب الإغريقي منذ القرن الخامس قبل الميلاد كان زاخراً بالعقلانية ثم عاد المضمون العقلاني إلى الأدب منذ عصر النهضة ولقد كان شكسبير في مسرحياته صاحب رسالة تنويرية وظل المسرح في الغرب من أهم أدوات التنوير من شكسبير مروراً بـهنريك ابسن إلى بريخت ومئات المسرحيين الغربيين وكذلك كان الفن الروائي في غالبه عقلانياًّ حتى النخاع ويكفي أن نقرأ كنموذج روايات جورج أرويل لنرى إشعاعات العقلانية في كل سطر من رواياته بل حتى على المستوى العربي نجد نجيب محفوظ وعبد الله العروي وتوفيق الحكيم والطاهر بن جلون وغيرهم كثير يتخذون من الفن الروائي وسيلة للتنوير وتوطين العقلانية بل من يقرأ رواية ( نـهاية سري الخطير ) لخيرهم زكيَّة على سبيل المثال يجد معالجة عقلانية باهرة لقضية ثقافية واجتماعية شديدة التعقيد وحين نلتفت إلى تجليات الفن الروائي على المستوى المحلي السعودي نجد معظم الروائيين يستخدمون هذا الفن الرائع لتوطين الفكر العقلاني التنويري أما الأدب العربي القديم فهو نثارٌ للإمتاع والمؤانسة ولكن هذا النوع الترويحي من الأدب لم يَعُدْ له مكان في حضارة العصر العقلانية الجادة. أما عن سؤالك الثاني فأقول لحضرتك، أنني سأنشر قريبا مجموعة قصص تحت عنوان: الأعراب في بلاد القراصنة. وهناك مشروع رواية بطلها رجلا متمنية ألا أتهم بأن ذلك الرجل هو أنا وأن القصة هي حياتي الشخصية. القارىء سلمان البوسعيد من سلطنة عمان، كتب لي يسألني: ( أدهشتني جرأتك في الكتابة عن تجربتك لذلك أسألك": هل تعرضت لعملية ختان وما هو رأيك في عملية الختان التي تنفذ في العديد من الدول العربية؟ سيدي الفاضل تحية لك وللشعب اليمني الطيب. غالية ليست زكية، بطلة الرواية أمها سودانية وأنا من المغرب وولدت في المغرب، وعادة الختان ليست موجودة والحمد لله في وطني. فليس كل ما تقرأونه هو حياتي ... اليوم كتب عن غالية وغذا قد أكتب عن علية أو علي أوعن زيد أو عمر ، فهذا لايعني أن هؤلاء أنا.
القارئ سعد أبو مطر من بلاد الشام. كتب لي يقول: في مقالتك تشجعين الإنفتاح الجنسي ومتأثرة بالغرب كثيرا نسيت وطنك وعروبتك وذبت في عالم النرويج. أقول للأستاذ الفاضل أبو مطر، تحية أولا لبلاد الشام ولشعب الشام. أولا أنا ضد الإنفتاح الجنسي الغير الشرعي، وسبق لي أن ذكرت ذلك. لأنه يجلب أمراضا ومشاكل صحية وإجتماعية أيضا. أما عن تأثري بالغرب، فهذا صحيح. إنني مـتأثرة بكل جميل في النرويج. متأثرة بالنظام الراقي الذي رفع بالبلد وجعلها من الدول الأولى في أحترام القوانين. كقانون السير مثلا حيث الحوادث سنويا لا تتعدى 500 حادث. وأن الإنسان لا يبصق في الشوارع أو يرمي بالقمامة والركاب في القافلات لا يحتكون بأجساد النساء كما في وطننا العربي. والشعب لا يتكلم بصوت مرتفع ولا يقاطعك في كلامك بل ينتظرك السامع حتى تنهي كلامك. المحسوبيات منعدمة، والقانون مطبق على الكل من الملك إلى الرعية. تأثرت بصراحتهم المهذبة وبعدم النفاق وقول الحق انتقاد الغلط سواء تعلق الأمر بالرئيس أو المرؤوس. تأثرت بديموقراطية هذا الوطن وإحترام أهل الوطن. بل الحقوق المخولة للأجنبي في النرويج لا يمكن أن يحلم بها في كل الدول العربية ويمكن للأجنبي أن يشتري سكنا ويتزوج من أهل البلد وله حقوف تحميه عند المرض وتحمي عائلته عند الوفاة وحقوق للمرأة المطلقة أو الأرملة أو من تعاني عنفا وتعذيبا من زوجها وقوانين أخرى تحمي الطبيعة والإنسان والحيوان. هنا يكتبُ الكاتبُ من غيرِ خوفٍ من أنَّهُ يتجاوزُ خطوطًا حمراء، ولا سيّما ثالوثَ المحرّماتِ الأبديّ (الدين والجنس والسياسة)، دونَ أن يكونَ مبتذَلاً بل يظلُّ شامخًا كقامةِ سروة. الكاتب الغربي، لا أحدَ يقفُ على أصابعِهِ (المحتلّةِ والمختلّةِ) حين يمارسُ الكتابة. لا يقفُ التاريخُ والتّراثُ والمخابراتُ سواطيرَ حادّةً فوق أصابعِهِ حينَ يمارسُ عادةَ التّنفّسِ السّرّيّة. أما قولك تخليت عن عروبتي، فأقول لك أخي الفاضل عروبتي حملتها معي منذ غادرت وطني للدراسة في أمريكا وجئت بعروبتي إلى النرويج وهي تعيش في عروقي وروحي وإلا لما كتبت باللغة العربية وعن قضايا تهم شعبي العربي. إنني ككل كاتب مغترب حمل معه هم وطنه في حقيبة سفره، وعندما وصل إلى الوطن الثاني ظل يحن ويبكي وطنه قائلا قول أبا فراس الحمداني. فقال أصيحابي الفرار أو الردى فقلت هما أمران أحلاهما مر. القارئ الدكتور الفاضل محمد قصيبات. يقول صدمني الخبر فأرسلته يوم صدوره إلى دروب كتعليق… لكنني أختلف معك في طريقتك لتناول الموضوع… لا أعرف لماذا كلما تعلق الأمر بالمرأة نضع مشكلة العروبة والإسلام أمام أعيننا رغم أن المشكلة تختلف من ثقافة إلى أخرى… وفي كلا الثقافتين يبحث المجتمع عن حلول… يبدو أن فقدان الغشاء مشكلة وبقاءه كذلك. لم أفهم معارضتك للمفتي… كمثقفة تعلمين أن الإسلام يحمي المرأة في أمور الجنس… تعلمين أن الدين يرى الزانية بريئة ما لم يكن هناك دليل قاطع (وهذا طبعًا شبه مستحيل)… والدين لا يربط قط بين البكارة والفتاة البكر… رغم التقارب اللغوي… فيمكن في الشرع أن تكون الثيب ذات بكارة وكذلك العكس لهذا لم يشترط الدين البكارة كدليل للعذرية على الإطلاق… وكذلك الطب لا يربط بين العذراء والبكارة … المشكلة تتعلق بالجهل الذي يقتلنا.
تحياتي للدكتور الفاضل محمد قصيبات وكل عام وحضرتكم بألف خير. صحيح كلامك عن غشاء البكارة يختلف موضوعه من مجتمع إلى آخر، لكنني مادمت أحمل عروبتي معي وأحمل هم شعبي سواء كان من الرجال أو النساء. لا يهمني الحديث عن بكارة المرأة الغربية ومعاناتها لإزالتها. ولسن كلهن يجرين وراء إزالتها. والمثل الذي وضعته حول تلك الفتاة يظهر جليا أنها فتاة معقدة ومنزوية مقارنة بفتيات مجتمعها. حيث أنها لم تخبر صديقاتها حتى لا يضحكن عليها بل أخبرت عن مشكلتها لمجلة، مشكلة تلك الفتاة عدم أستطاعتها للحصول على صديق كغيرها من فتيات مجتمعها وهي لا تمثل كل فتيات المجتمع. ولا ننسى أن هناك كثير من العائلات الأروبية المتحفظة والمتسكة بدينها ولاتقبل العلاقات الغير الشرعية مثلنا نحن المسلمين. وقد رأيت الكثير من هذه النمادج المسيحية عندما كنت أدرس في أمريكا. دكتور محمد قصيبات إن الإسلام بريء من هذه العادات المشينة، وأن سلوكيات الكثيرين من المسلمين يقتلهم الجهل. أما معارضتي للمفتي ، فأنا قلت بكل وضوح تلك الفتوى التي أتى بها لم تكن حلا بل هي عكس ذلك. هي فتوى قصد تزوير الحقيقة والتزوير في الإسلام وفي كل الأديان السماوية حرام. إن فتوى على هذا النحو كذب والستر عن الشيء حتى وإن كان الإنسان مظلوما. فالأجدر بالمفتي أن يفتي ضد هؤلاء الذكور الذين وراء كل ظلم وتعسف واستغلال للمرأة ووراء العار الذي حل بها ولم يزده هو إلا رجولة وبطولة. الدكتور جمعة غض بصره عن الظالم وجاء بفتوى تغطية الجرم بجرم آخر. نحن نريد حلولا والأجدر بمن يمثل الدين الإسلامي أن يكونوا قدوة في كلمة الحق ومثلا أعلى في ظحض الظلم كان من الحكام أو من الشعوب وأن ينادون يتعليم القيم والأخلاق فإن أردنا مجتمعا صالحا على المرأة أن تكون قدوة ومدرسة أولى والأب أن يكون مثلا لأهله حتى نضمن جيلا نقي الضمير لأن من ذلك الجيل سنضمن ملكا أو رئيسا عادلا وحكومة تمشي حدو الملك رب الأسرة الكبيرة الوطن وشعب طيب الأعراق. وكما يقول شاعر وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت وإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ونحن الآن نعيش مقولة: " إذا كان رب البيت للدف ضاربا فلا تلومن الصبيان يوما على الرقص
زكية خيرهم كاتبة مقيمة في النرويج Ghaliawin11@yahoo.com
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|