| | | | جرب فكري ودعارة خلقية
| | مولانا حامي حمى الإسلام | |
بقلم: محمد زكريا توفيق ..........................
طبعا الكلام بجد هذه الأيام يجيب الضغط. لذلك قررت أن أقلب الموضوع إلى كوميديا. إننا لا نشاهد الآن سياسة، وإنما ملهاة وعبث في مسرح اللامعقول. إننا نشاهد عرض لتياترو الحاج حنفي الصول الذي كان يطوف الأرياف في الخمسينيات. فتاوي الفضائيات، جرب فكري، لأنه معدي. ودعارة خلقية لأنها يتكسب من ورائها الشهرة والمال. عندما يتفوه فحل من فحول التخلف، ويعلن على الملأ بوجوب استباحة دم أطهر وأنظف رجل ظهر على الساحة السياسية في الآونة الأخيرة، فقل على الدنيا السلام. القيامة قربت. إنك لا ترى الآن، إن دققت النظر مليا، سوى العفن والقبح والجيفة، بثور طافحة تشوه وجه الساحة السياسية في الدولة المصرية الحديثة.
مجتمعاتنا الآن مصابة بفيروسات معدية. تصيب العقل فتسمم الفكر، وتحول المخ إلى كتلة بطاطس مهروسة، لا يصلح للفصل بين الصواب والخطأ، أو العدل والظلم. فيتحول الإنسان إلى مخلوق عجيب. تخين يمشي يترجرج مثل أكياس الدهن، تطول ذقنه حتى تصل إلى كرشه.
إذا نام فله شخير وخوار، وإذا استيقظ شحظت عيناه، وتصاعد بخار الغباوة من رأسه. يلبس الجلباب الأبيض الناصع رمزا للبراءة والطهر، مكوي مطرزة أطرافه بخيوط الذهب. يخفي صلعته بالطرحة البيضاء المنمقة. يتزوج أربعة ويبدل فيهن بالتطليق والتشريد مثل فرد الكاوتش.
ينقبهم جميعا ويطمسهن بالسواد وهن راضيات، فهن أيضا مثله، مصابات بنفس مكروب التطرف والغباء. لا تستطيعن النظر إلا ببياض العين اليسرى. مخلوقات أحفورية كنا نظن أنها انقرضت منذ سنين مع الديناصورات، لكن شاء الله ولحكمة لا نعلمها، بعثت من جديد، ووجدت مرتعا خصبا في الفضائيات السلفية، فلعنة الله على فلوس البترول. وكما يقول الشاعر:
يا لك من قنبرة بمعمر ... خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري ... قد رحل الصياد عنك فابشري ورفع الفخ فماذا تحذري ... لا بد من صيدك يوما فاصبري
مولانا حامي حمى الإسلام والمتحدث الرسمي باسم جمعية أنصار التخلف، يفتي باراقت دم رجل نبيل أراد أن يوقظ أمة من سباتها، الدكتور البرادعي الغني عن التعريف، رجل القانون الذي تبرع بجائزة نوبل المالية بكاملها إلى الفقراء والمساكين، ولم يترك منها مليما واحدا لعائلته، والذي يتحلى بالخلق النبيل، ولم ينافق أو يكذب أو يعد ولا يوفي.
مولانا، لا فض فوه، أفتى في السنين الغابرة، بوجوب تنصيب الرئيس مبارك خليفة للمؤمنين. وبدلا من ضربه بالنعال أو على الأقل بالشلاليت على قارعة الطريق، خالت الفتوى على السذج من العامة. وتبسم المسؤولين ضاحكين مسرورين من قوله ولم يردعه أحد، قائلا اسكت ياهبل، أو روح إلعب في مناخيرك، أو احلق ذقنك.
ثم أتبع الفتوى بفتوى العن منها وأشد. وهي فتوى وجوب التوريث لولي العهد الجديد أمير الصعيد، وحامي حمى المستثمرين من نصابين وانتهازيين. مولانا صاحب الفتوى، ينتظر الآن الرغيف الملعبط من فرن الحزب الوطني. في صورة وظيفة يمكن يهلب منها قرشين.
لقد باضت الدجاجة للحزب الوطني بيضة كبيرة، بعد أن بلطج ونافق ورشا وزور تزويرا كبيرا. بعد أن قال: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا، متى أضع العمامة تعرفوني. بعد أن وضع المعارضة في القفص، وطلب منها أن تبيض كما تبض الدواجن. وبعد أن أمر الأحزاب بالقيام بعجين الفلاحة وتقليد نوم العازب.
الحزب الوطني عمل كل اللي في نفسه من موبقات، وكله بثوابه. وكل مرة تسلم الجرة. المعارضة ومن وراءها الشعب الغلبان، ليس أمامها سوى اللب والسوداني، أو عمل برلمان موازي للتسالي. ولتذهب المعارضة إلى الجحيم. أو لتذهب لكي تمص قصب أو تشرب بيبسي كولا، حتي تطري على قلوبها وتخفف من غضبها.
كل سنة وانتم طيبين، والسودان وفلسطين مفككين. والحزب الوطني وقانون الطوارئ مستمرين إلى أبد الآبدين.
zakariael@att.net
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|