مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 (10) قصص وحكايات من زمن جميل فات
...............................................................

 

محمد توفيق

 

بقلم: محمد زكريا توفيق
...........................


في عام 1952م، نظمت مدرستنا رحلة للطلبة في أجازة نصف السنة إلى القاهرة. كانت أجرة الإشتراك في الرحلة خمسون قرشا. تشمل المواصلاة واللوكاندة والوجبات الغذائية لمدة أسبوع كامل. المشرف على الرحلة الأستاذ القاضي مدرس التاريخ، ومعه مدرس آخر مساعد. عدد الطلبة المشتركين في الرحلة لا يزيد عن عشرين طالب.

كانت الرحلة من مدينة فاقوس إلى القاهرة بالقطار. هذه أول مرة أرى فيها القاهرة. كان نزولنا في لوكاندة "مصر" بميدان العتبة. لوكاندة مصر لم تكن لوكاندة خمس نجوم، ويمكن اعتبارها من الفنادق الشعبية. لكن القاهرة كانت في ذلك الوقت مدينة خمس نجوم بمعنى الكلمة.

إذا كان هناك حب من أول نظرة، فهذا كان شعوري نحو القاهرة، عند رأيتها أول مرة. لم تكن مكتظة بالسكان كما هي الآن. شوارعها كانت نظيفة كأنها مغسولة بالماء والصابون. واجهات المحلات الرخامية والفتارين الزجاجية والإضاءة والديكورات الجميلة تدل على ثراء وأصالة وعظمة.

يفط المحلات رقيقة مكتوبة بحروف من نور. لمبات النيون بألوانها المتناسقة وأنوارها البهية تسر الناظرين. الشوارع مستقيمة تنتهي بميادين فسيحة تتزين بالتماثيل البرونزية والزهور. خطوط الترام وسط شوارعها تزيدها جمالا وخصوصية.

كانت غرفتنا، التي تتسع لأربعة تلاميذ، في لوكاندة مصر تطل على ميدان العتبة الخضراء. بجوارها حديقة الأزبكية، وخلفها دار الأوبرا الخديوية التي احترقت عام 1971م. بعد جولة قصيرة لمعالم القاهرة القريبة، تناولنا العشاء في أحد المطاعم القريبة، ثم ذهبنا إلى غرفنا للنوم.

لكن كيف ننام ونحن في القاهرة. صخب الميدان وصوت السيارات وعربات الترام، تذكرنا باستمرار بأننا في مدينة كبيرة عظيمة. أعمدة النور والمحلات التجارية ويفط النيون للإعلانات، ترسل أضواءها المتغيرة لكي تنير أجزاء من حائط الغرفة بالألوان المتحركة.

أخذنا نسلي أنفسنا قبل النوم بالقصص والحكايات والنكت. أحد هذه النكت التي قيلت ولازلت أتذكرها حتى الآن هي النكتة التالية:
"واحد بخيل معه أربع بلحات. فتح البلحة الأولى في ضوء المصباح فوجد بداخلها دودة. رماها. ثم أطفأ المصباح وأكل الثلاث بلحات الباقية"

القاهرة مدينة عظيمة تطورت عبر القرون. كان اسمها مدينة القتال "حري عي" منذ ستة آلاف سنة قبل الميلاد. ثم مدينة الشمس "أون" أو "هليوبوليس" منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد. ثم أصبحت مدينة الفسطاط التي بناها عمر بن العاص عام 641م، لسكن جنوده. بعد ذلك أضيفت إليها مدينة العسكر في العصر العباسي. ثم القطائع في عصر أحمد بن طولون، وهي التي يقع بها جامع ابن طولون الشهير.

عندما غزا الفاطميون مصر وأرادوا بناء مدينة لهم محاطة بسور. جمع قائدهم، جوهر الصقلى، المنجمين وأمرهم بأن يختاروا طالعا لحفر الأساس شمال مدينة الفسطاط، وطالعا آخر لرمي حجارته. فثبتوا بالسور قوائم خشبية. وأوصلوا هذه القوائم بحبال علقت فيها أجراس. حتى يرمى البناؤون الحجارة حينما تدق الأجراس.

حدث أن غرابا شاردا وقف على إحدى هذه الخشبات، فدقت الأجراس، وظن البناؤون أنها إشارة البدء لإلقاء حجر الأساس للسور آنذاك.

صاح المنجمون لا لا، القاهر (كوكب المريخ) فى الطالع. هذا لا يبعث على التفاؤل. عندما قدم المعز لدين الله الفاطمي لمصر وسمع القصة، راقت له الفكرة، فسمى المدينة "القاهرة"، وأصبحت هى "قاهرة المعز" بدلا من الإسم المقترح وكان "المنصورية".

اللوكاندة التي كنا ننزل بها في ميدان العتبة الخضراء، تقع خارج قاهرة المعز. ميدان العتبة وكذلك باقي منطقة وسط البلد، كانت أرضا بلقعا وبركا ومستنقعات حتي نهر النيل. تغمرها مياة الفيضان معظم الوقت. يرجع الفضل في تعمير منطقة وسط البلد للخديو اسماعيل ووزيرة علي باشا مبارك.

في بداية ولاية الخديو اسماعيل التي دامت من عام 1863م إلى عام 1879م، قام الخديو بزيارة باريس. اعجب اعجابا بالغا بالحضارة والعمران الباريسي. ومن ثم عاد إلى مصر عاقدا العزم والنية على أن يجعل من القاهرة باريس أخرى على النيل.

طبعا القدر يلعب دورا هاما في حياة الشعوب. في هذه الأثناء، كانت الحرب الأهلية على أشدها في الولايات المتحدة بسبب قضية تحرير العبيد. بالتالي كانت هناك أزمة في إنتاج القطن العالمي نظرا لغياب القطن الأمريكي.

اتجهت الأنظار إلى القطن المصري وغلا سعره. زادت صادرات القطن المصري إلى السوق العالمية من 16 مليون دولار عام 1862م إلى 56 مليون دولار عام 1864م. القطن كان بالنسبة لمصر في ذلك الوقت، مثل البترول بالنسبة لدول الخليج بعد حرب 1973م.

الفلوس موجودة، والنية معقودة، والأيدى العاملة متوافرة، والخديو كان يقول هوايتي الطوب والمونة. فماذا ينقصنا الآن؟ الذي ينقصنا هو الخبرة. فلنستورد الخبرة اللازمة. لذلك تطلعت الأنظار إلى خبرة الإيطاليين والفرنسيين في تخطيط المدن والمعمار.

في نفس الوقت، أسس الخديو إسماعيل مدرسة الري والمهندسخانة في العباسية، التي أصبحت فيما بعد كلية الهندسة بجامعة القاهرة. وأسس أيضا مدرسة الفنون والحرف ببولاق، التي صارت نواة لكلية الهندسة جامعة عين شمس فيما بعد.

قام علي باشا مبارك بتعيين الأوروبيين وخصوصا الإيطاليين منهم في وزارة الأشغال وفي المشاريع الخاصة بالبناء وتخطيط القاهرة الجديدة، وبناء قصور الخديو والفيلات الخاصة.

بعض الأسماء التي لمعت هي: فرانسيسكو باتيجيللي، كارلو برامبوليني، برتو أفوسكاني، كارلو فيرجيليو سيفاجني، لوجي جافاس، أوجستو سيساري، وجوزيب جاروزو، الذي قام ببناء متحف الآثار المصري، وقصر عابدين، وفندق شبرد، ومبني المطافي في ميدان العتبه، الذي يمكن رؤيته من نافذة لوكاندة مصر.

معظم المباني التي بناها الإيطاليون كانت على غرار مباني عصر النهضة في إيطاليا. حيث الأعمدة "التوسكان" والدعامات "الأيونية" والشبابيك والأبواب المزينة بالتماثيل.

أما المهندسون الفرنسيون، فكانوا مشهورين بالطراز "الباروكي" الفرنسي، الذي ظهر في بعض مباني القاهرة وحي جاردن سيتي والظاهر. حيث البلكونات الرقيقة، وشغل الحديد و"الفرجيه" في الأبواب والشبابيك ومداخل الرخام والمشايات.

قام "باريليه ديشامبز" المهندس الفرنسي مع "ديلشيفاليريه"، بتصميم حديقة الأزبكية على نمط الحدائق الفرنسية. ونقلت إليها مجموعة أشجار ونباتات نادرة الوجود من كل أنحاء العالم. وعملت بها بحيرة صناعية صغيرة بها قوارب للنزهة تعمل بالبدال مثل الدراجات.

أنشئت فوق البحيرة عدة كباري. وبنيت على ضفافها استراحات شرقية لتناول الشاي، ومطاعم لتناول الوجبات الخفيفة واستديو للتصوير الفوتوغرافي، وسرادق على النمط الصيني، ومدرسة للتدريب على رياضة الشيش، ومسرح (مسرح الأزبكية) ومول تجاري.

وكان الخديو يعرض الأراضي الفضاء في منطقة وسط البلد للبيع بثمن بخس بشرط أن تقوم بالبناء في خلال 18 شهر وأن لا تقل التكلفة عن 30 ألف فرنك للمبنى الواحد.

أمر الخديو ببناء دار الأوبرا الخديوية في الأزبكية عام 1868م، على نمط دار أوبرا "لاسكالا" في ميلانو. بناها الإيطالي "بيترو أفوسكاني" في خمسة شهور. لكي تعرض فيها أوبرا عايدة لفيردي والتي كتبها مدير المتحف المصري جان فرانسوا شامبليون. لكن الأوبرا لم تكن مكتملة عند افتتاح قناة السويس. لذلك عرضت بدلا منها الأوبرا الإيطالية "ريوجوليتو" وهي أيضا لفيردي.

تم بناء كوبري قصر النيل في عصر الخدوي إسماعيل عام 1871م. وهو أقدم الكباري التي انشئت في القاهرة. يقع بالقرب من ميدان التحرير، ويتميز بتلك التماثيل الأربعة للأسود القابعة عند مدخلي الكبري. قامت ببنائه شركة فرنسية. وتم إعادة بنائة عام 1932م في عهد الملك فؤاد.

أما بالنسبة لكوبري أبو العلا المصنوع من الصلب، والذي أكمل بناءه عام 1912م في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، فالخطأ الشائع هو أن المهندس الفرنسي إيفل، باني برج إيفل بباريس، هو الذي بناه. لكن هذا غير حقيقي. باني كوبري أبو العلا هي الشركة الفرنسية "فيف ليل".

من القصص التي تروى عن كوبري أبو العلا أن مهندسه عندما تم انشاؤة، ووجده لا يفتح للمراكب كما يجب، قام بالإنتحار بأن ألقى بنفسه من فوق الكبري.

هذا أيضا كذب لا نصيب له من الصحة. الكبري كان يفتح ويقفل في بادئ الأمر بدون مشاكل وكان تحفة هندسية لم نستطع الحفاظ عليها. لكن لسوء الصيانة، أصبح فتحه متعذرا بسبب الصدأ. كوبري أبو العلا القديم تم تفتيته عام 1998م لبناء كوبري جديد مكانه. أما إيفل المهندس الفرنسي، فهو باني الكبري المعلق بحديقة الحيوان بالجيزة.

حديقة الحيوان بالجيزة، أمر بانشائها الخديو إسماعيل. وتم افتتاحها عام 1891م في عهد الخديو توفيق. وكانت توجد بها زهور ونباتات وأشجار مستوردة. بها قرابة ستة آلاف حيوان، تمثل 175 نوعا مختلفا. بينها أنواع نادرة من التماسيح والأبقار الوحشية. وهي تقع على مساحة 80 فدان.

كانت توجد بها جداول مائية وكهوف بشلالات وجسور خشبية. وبحيرات للطيور المعروضة. وكان بها أيضا مجموعة نادرة من الطيور والزواحف ومتحف للحيوانات والطيور والفراشات المحنطة.

سرعان ما أصبحت القاهرة مدينة لا تضاهيها مدينة أخرى. لا في الشرق ولا في الغرب. ولا في أوروبا ولا في أمريكا. وكان على باشا مبارك يشرف على تصميم شوارعها وميادينها بنفسه لكي تكون أفضل من شوارع وميادين مدينة باريس.

أحد قصور الخديو إسماعيل الذي خصص سابقا للزوار، أصبح فدق شبرد فيما بعد. شارع الهرم المزين بالأشجار على الجانبين، كانت به إستراحة تحولت إلى فندق ميناهوس.

القصر المخصص للملوك وكبار الزوار في إفتتاح قناة السويس، كان يقع في أرض الجزيرة المعروفة حاليا بالزمالك والذي نزلت به الإمبراطورة أوجيني من فرنسا، وولي عهد بروسيا، وغيرهم من الزوار. هذا القصر أصبح الآن فندق ماريوت.

في شارع شبرا، كانت أشجار الأكاسيا والجميز على الجانبين. وكان من أهم شوارع القاهرة. لأن علية القوم حزت حزو الخديو في بناء الفيلات والقصور الفارهة على الجانبين.

لكن أين ذهبت هذه الكنوز المعمارية؟ وكيف تثنى للفرنسيين الحفاظ على ثروة باريس المعمارية وتحويلها إلى أسطورة، بينما كنوزنا المعمارية بوسط البلد قمنا بتحويلها إلى عيادات مهملة وورش ودكاكين وبوتيكات قبيحة المنظر. وأضاع الإهمال والغباء وعدم الوعي، أعمالا فنية شديدة الرقي والروعة. كانت في يوم من الأيام آيات للفن والتاريخ والثقافة.

ما يقرب من ثلاثمائة عمارة ومبنى وسط القاهرة، تترك للقذارة والزبالة والحشرات والقوارض والرطوبة. تحول معظمها إلى ورش وعيادات ومحلات حلاقة وقهاوي بلدي. لا تلقى الحد الأدنى من العناية والصيانة اللازمة. ذاكرة تتآكل لبلد ينتحر.

حديقة الحيوان التي كانت تصنف من أجمل حدائق الحيوان في العالم، اقتطع جزء كبير من أرضها لبناء كلية الهندسة بكافة مساحاتها ومبانيها ومعاملها لتتقلص مساحتها من 80 فدان إلى 357 الف متر فقط. مع استمرار التدمير والتشويه للحديقة، تراجع التقدير العالمي لها، وأصبحت من أسوء حدائق الحيوان في العالم.

حديقة الأزبكية التي أنشأها المهندسون الفرنسيون، والتي كانت بها 800 شجرة نادرة وكشك للموسيقى الحية، تم اغتيال نضرتها وقتل نباتاتها وردم بركتها وتقليص مساحتها حتي لم يبق منها شئ الآن.

وتم تقسيم ميدان الأزبكية إلى أربعة أماكن. تضم حاليا مبنى البنك المركزي الجديد ومحطة بنزين وجراج الجمهورية ومبنيين لوزارة الشئون الإجتماعية والتأمين الصحي.

أما الحديقة نفسها، فقد قسمت وشيد على جزء منها سنترال الأوبرا، واخترقها شارع 26 يوليو فقسمها نصفان. فلم تعد حديقة وميدان الأزبكية كما كانت، وأصبحت ذكرا من هذا الزمن الجميل.

حديقة التحرير هي الأخرى تم تحويلها إلى مواقف أوتوبيسات. حديقة قصر محمد على بشبرا، والتي كانت تبلغ مساحتها 50 فدان، كانت تعتبر من روائع القاهرة ومن أندرها. فأين هي الآن؟ القصر نفسه من أندر القصور في العالم.

حديقة قصر الأمير محمد علي ابن الخديو توفيق، كانت حديقة عالمية الشهرة. وحديقة السيدة زينب، وحديقة ميدان الظاهر، وغابات الدّراسة، وحديقة ضريح أحمد ماهر، وحدائق القبة، وحدائق المتحف الزراعي بالدقي، وحدائق بولاق. كل ذلك ذهب إلى غير رجعة وأصبح في خبر كان.

منذ سنتين تقريبا، كنت في زيارة القاهرة. نزلت إلى منطقة وسط البلد لقضاء بعض المصالح. شارع فؤاد وشارع سليمان ومنطقة الأزبكية. لم أصدق ما رأيت. الأرصفة منزوع بلاطها. كل محل، الرصيف أمامه يختلف عن الرصيف أمام المحل المجاور له. الطوب والظلط والرمال هنا وهناك.

ديكورات المحلات تنم عن ذوق ردئ وعشوائية قبيحة. اليفط واعلانات الأطباء تشوه البلكونات وجدران العمائر التي كانت تحفة للناظرين في يوم من الأيام. الشوارع قذرة والزبالة تتكوم في كل مكان. حتي الناس شكلها قد تغير وصار قبحا. وأصبحت لا تختلف كثيرا عن المكان الذي يعيشون فيه.

سينما كايرو أصبحت خرابة. سينما مترو تعرض أفلام عربية. منظر الإعلانات حولها ردئ مقزز. دور العرض التي كان يمتلكها إخوان جعفر بوسط البلد قبل التأميم، سينما ريفولي وراديو وأوبرا وقصر النيل، بمسارحها الجميلة وسجاجيدها الفاخرة وستائرها الحريرية المخملية المتعددة وديكوراتها الرائعة، أصبحت خرائب أو حوانيت رديئة المنظر.

تشويه وتخريب لكنوز لا يملكها جيل واحد، وإنما هي ملك لكل الأجيال. يجب أن نصونها ونعض عليها بالنواجز. جريمة بشعة مع سبق الإصرار والترصد. لا يشفع فيها التذرع بحجة ما. سواء كانت حجة الفقر أو الجهل بمعنى الحياة والجمال. ولا يقبل فيها القول بعدم فهم أهمية الحضارة والثقافة والفنون الراقية في حياة الشعوب.

وللحديث بقية، فإلى اللقاء.


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية