مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 قصص وحكايات من زمن جميل فات (8)
...............................................................

محل لعرض الغرابيل المصنوعة من جلود الحيوانات النافقة

بقلم: محمد زكريا توفيق
...........................

"ابو جاعورة" رجل في أواخر العشرينات من عمره. يعمل غرابيلي، أي في صناعة الغرابيل. له دكان على بعد خطوات من منزلنا، أرضه ترابية وله بوابة من الصفيح. يبيع فيه ما يصنعه من الغرابيل والمناخل.

عندما يموت حمار في المنطقة أو في قرية مجاورة، نجد ابو جاعورة قد ظهر مثل الذباب الأزرق الذي يظهر مع الرمم والجثث المتعفنة. يأتي ويشمر عن ساعديه، ويأخذ في سلخ جلد الحمار بسكين حاد قصير يسمى "خنصر". ثم يأخذ الجلد وينشره في الشمس على شاطئ الترعة لكي يجف. بعد ذلك، يقوم بتقطيعه إلى خيوط جلدية رفيعة، عندما يكون الجلد طري، لكي يصنع منها الغرابيل.

الغربال عبارة عن حلقة خشبية في شكل الطار سمكها بوصة أو بوصتين. قطرها لا يقل عن نصف المتر. أسفلها ثقوب متراصة، تمرر خلالها الخيوط الجلدية وهي طرية. ثم تترك لتنشف في الشمس، فتشد الغربال من كل جوانبه في وقت واحد. الغربال يستخدم في تنقية الحبوب وفصلها عن الطوب والظلط والحجارة الصغيرة.

ابو جاعورة هذا كان أصلعا يلبس الجلباب ويمشي حافيا. بالرغم من مهنته هذه الغير تقليدية، صناعة وبيع الغرابيل، إلا أنه كان غاوي لعب كرة القدم. حارس مرمى غير عادي.

كان يوجد بغرب مدينة فاقوس، وبجوار السلخانة، مكان فسيح يقام فيه سوق الثلاثاء لبيع المواشي ولوازم الفلاحين من الكفور والنجوع التابعة لمدينة فاقوس.

كان يوجد في نفس المكان ملعبا لكرة القدم. كنا ونحن أطفال نذهب للفرجة على فريق كرة القدم الهواة بفاقوس وهم يقومون بالتدريب. ابو جاعورة أحد أفراد الفريق. واقف حارس مرمى كالأسد الهصور. يلعب وهو حافي القدمين كعادته بملابسه الداخلية.

أثناء ذهابي للفرجة مع باقي الأطفال، رأيت حمارا مغروزا في الوحل في أرض منخفضة مروية حديثا، وصاحبه واقف على الطريق، يحاول جذب الحمار من ذيله لإخراجه من الوحل. وآخر يصرخ فيه: "حاسب حتقطع ديل الحمار يا حمار".

أرى أيضا أطفالا فقراء تجلس بجوار السلخانة. حفاة يلبسون الجلاليب الملطخة بدماء المواشي المذبوحة. يربط كلا منهم وسطه بحبل. ينتظرون خروج الذبائح محمولة على عربات الكارو.

يجري هؤلاء الأطفال خلف العربات الكارو، متظاهرين بأنهم يقومون بالمساعة في دفع العربة إلى الأمام في مطلع. ثم يغافلون صاحب الذبيحة، ويسرقون قطع لحم صغيرة بالسكين من الذبيحة. يخفونها من فتحة رقبة الجلباب داخل ملابسهم.

يجلس هؤلاء الأطفال جنب حائط السلخانة، واضعا كل منهم محصوله من قطع اللحم المسروق في حجره للبيع. تأتي النسوة الغلابة اللاتي لا يستطعن شراء اللحم من الجزار ، لشرائها من هؤلاء الصبية. بعد المعاينة والفصال والمساومة، يبيع الطفل ما في حجره بقرش صاغ أو ثلاثة تعريفة.

السعر يتوقف على نوع اللحم وكمية الشغت والدهن وعدد القطع المسروقة وحجمها. أسعار اللحم المسروق أرخص بكثير من أسعار اللحم عند الجزار، التي كانت تباع بسعر الرطل العجالي المشفي 11 قرشا.

أحد هؤلاء الأطفال، عندما وجد أن عدد قطع اللحم قليلة والكمية صغيرة، لا تغري النسوة على شرائها، قام الخبيث بثقب جلبابه، ووضع قطع اللحم المسروقة في حجره. ثم أخرج إحليله وخصيته من الثقب بين قطع اللحم. حتى تبدو الكمية كافية لمن تراها من النسوة. طبعا هذا شئ لا يحدث في أي مكان في العالم إلا في مصر.

كان هناك مباراة كرة قدم بين مدينة المنصورة ومدينة فاقوس. فريق المنصورة يلعب في الدوري العام، مستواه أعلى بكثير من مستوى فريق الهواة بفاقوس. لكن ابو جاعورة، أثناء المباراة، كان ولا عادل هيكل في مباراة مصر-بنيفيكا في الستينات، أو عصام الحضري في بطولة أفريقيا.

كان يقف ابو جاعورة أمام خشبة المرمى حافي القدمين كعادته كالغول. يطير مثل سوبرمان، لكي يبعد الكرة عن الزوايا العلوية، ويرتمي على الأرض لكي يبعدها عن الأركان السفلية. معجزة بكل المقاييس. لقد أنقذ ابو جاعورة مرماه من أهداف محققة، ومن ركلة جزاء. كانت النتيجة، فوز فريق فاقوس الغير متوقع على فريق المنصورة.

لا زلت أذكر خروج الجماهير الفاقوسية وهي تحمل ابو جاعورة على الأعناق وعلى رأسه قوس النصر من الزهور، كأنه يوليوس قيصر في زمانه. تسير به وسط شوارع المدينة هاتفة: "يا محني ديل العصفورة، وفاقوس هية المنصورة".

المحلات ترش الملح والملبس والفل والورد على اللاعبين، وعلى بائع الغرابيل المنتصر المحمول على الأعناق، أبو جاعورة. الذي يتعيش من سلخ الحمير النافقة وبيع الغرابيل. وعندما أسمع عن أجور لاعبي كرة القدم اليوم التي تصل إلى الملايين، أقول الله يرحمك يا ابا جاعورة.

تشتهر فاقوس بصناعة نوع من الأحذية تسمى "بلغ" مفردها "بلغة". حتى أنك تجد محل بلغاتي، بين كل محل ومحل. الطاولة التي يعمل عليها البلغاتي، مستديرة ترتفع عن الأرض حوالي نصف متر.

يقوم البلغاتي باستخدام إبرتين معقوفتين في نفس الوقت، لتثبيت جلد البلغة بالنعل. الجلد يصنع عادة من جلد الجاموس. بعد ثقب الجلد والنعل بمخراز، يقوم البلغاتي بإدخال الإبرتين من نفس الثقب. واحدة من جهة اليمين والأخرى من جهة الشمال، ثم يقوم بشد الخيطين معا بإستخدام أصابع اليدين.

نظرا لأن العملية كلها يدوية لا تستخدم فيها الماكينة، و شد الخيط يتطلب مجهودا عضليا كبيرا، لذلك تتشوه صوابع البلغاتي بالكاللو وتصبح في شكل حبات البطاطس المستطيلة. صناعة البلغ، جاءت إلى مصر في العصر الفاطمي مع المغاربة الذين استوطنوا فاقوس.

هذا النوع من الأحذية المريحة، تناسب أرجل الفلاحين المفلطحة. لذلك انتشرت انتشارا واسعا حتي صارت حذاء قوميا. في البداية، لم تكن تعرف الفردة اليمين من الشمال. ثم طورها الفاقوسية وأصبحت متعددة الأشكال والألوان، وبلغت شهرة فاقوس في صناعة البلغ كل أرجاء مصر.

عزوز وفاروق الهندي، شابان يعملان هما ووالدهما في تصليح البوابير الجاز. ليس لهما محل، إنما يجلسان على رصيف الشارع. أمامهما طاولة خشبية قديمة عليها وابور لحام وأدوات لزوم المهنة.

دبت بينهما خناقة. تطورت إلى الضرب. نظر الأخ الأكبر إلى الأخ الأصغر شذرا وقال له: "امشي اطلع برة" فأجابه الأخ الأصغر: "هو أنت لك برة، ما احنا الإثنين على الرصيف في الهوا سوا".

وابور الجاز، قام بإختراعه طباخ فرنسي يدعى الكس سوير عام 1849م أثناء وجوده في مدينة لندن. كان يسمى الموقد السحري في بادئ الأمر. في عام 1892م، بدأ يصنع في مدينة استوكهلم بالسويد تحت اسم "وابور بريموس".

هو عبارة عن خزان نحاسي صغير للكيروسين محمول على ثلاثة أرجل. به مكبس لضغط الهواء. في أعلاه من الوسط، توجد فتحة تركب بها رأس. الرأس عبارة عن أنبوبة مجوفة ملتفة، في وسطها ثقب رفيع يسمح بخروج الكيروسين. تسمى هذه الفتحة الفونية.

عندما يضغط الهواء في الخزان بالمكبس، يخرج الكيروسين السائل من الفونية في البداية. عند إشعال النار في الكيروسين الخارج من الفونية، تسخن الرأس ومن ثم يخرج الغاز بعد ذلك على هيئة بخار، يشتعل بطريقة متصلة ويعطينا اللهب اللازم للطهي.

لم نكن نعرف مواقد وأفران البوتاجاز الحديثة التي تعمل بغاز الميثان. نظرا لرخص ثمن الوابور البريموس، لم يخل منه بيت في المدن أو الأرياف في ذلك الوقت. كان يسبب بعض الحوادث عندما ينفجر بسبب الضغط داخل الخزان وإنفصال قاعدته.

على بعد مئات الأمتار من منزلنا، كانت توجد عمارة أربعة أدوار. يسكن بالدور الأرضي فيها أسرة تاجر له محل. في يوم من الأيام، وعندما كانت الزوجة تقوم بطهي الطعام لأولادها وزوجها، قام حريق بسبب إنفجار الوابور البريموس. أودى بالسيدة وأطفالها الأربعة.

بسرعة تجمع أصدقاء التاجر. قام بعضهم بالإجراءات اللازمة الخاصة بالدفن وإقامة سرادق العزاء وإحضار المقرئين. وأصدقاء آخرون قاموا بالإلتفاف حول التاجر المكلوم.

أخذوه في سيارة إلى القاهرة لزيارة كل الأضرحة المشهورة والمساجد الكبيرة ولم يعودوا به إلا في اليوم التالي. كيف يتحمل الإنسان الضعيف، مصيبة في حجم هذه دون إيمان وتسليم بالمشيئة؟

في نهاية الشارع، يوجد مقام الجربي الكبير. ويوجد في حارة ضيقة جانبية مقام الجربي الصغير. وهو مقام صغير في أعلاه تجويف لوضع شمعة مشتعلة، يبدو أنه لطفل.

مقام الجربي الكبير يتوسط الشارع العمومي ويقطع إستقامته. لذلك تجد الشارع يلتف حوله كأنه يحتضنه. يتبارك الناس بزيارة المقام والدعاء ووضع بعض النقود في صندوق النذور . من القصص التي سمعتها عن الشيخ الجربي:

أثناء الحرب العالمية الثانية، أسقطت الطائرات الألمانية قنبلة في حجم الزير على مقام الجربي. قبل أن تصل القنبلة إلى الأرض، وجد الناس رجلا يلبس الجلباب الأبيض يخرج من المقام. هالة من النور تشع من وجهه ورأسه. يلتقط القنبلة بين ذراعية، ويضعها بجانبها على الأرض برفق. ثم يعود للقبر لكي يواصل نومه الأبدي.

أخي الصغير تأخر في الكلام. مع قلق الوالدة، جاءت النصيحة من الأهل والجيران بأن العلاج هو أن نشحت به على البيوت. تركت والدتي الأمر للجيران لكي يتصرفوا.

أخذ الجيران أخي الصغير، ووضعوه في قفة. وقامت بنتان من الجيران بحمل القفة من أذنيها. وذهبتا تطرقان الأبواب للسؤال عما يجود به أهل الكرم والإحسان. هذا البيت يعطيه رغيفا من الخبز، وذاك شقة بطيخ. وآخر مشطين سمك مشوي.

طبعا أخي الذي أصبح فيما بعد مديرا عاما وعضوا منتدبا في أكبر شركات القطاع العام في مصر، لا يتذكر هذه القصة الطريفة ولا يعلم أنني أكتب عنها قبل أن يطويها النسيان.

نحن الآن في شهر رمضان. وكان شهر رمضان يأتي في نهاية الأربعينات في الصيف شديد الحرارة. أمام منزلنا فرن مؤقت لعمل الكنافة.

هو عبارة عن صينية نحاسية مستديرة كبيرة تستند على قاعدة مستديرة من الطوب اللبن ومرتفعة عن الأرض مسافة متر ونصف أو مترين. بها فتحة تحت الصينية توقد بها النار.

يقوم الفران بوضع العجين السائل في كوز كبير. بأسفله ثقوب على خط مستقيم. ثم يقوم برش العجين الذي ينزل من الكوز على الصينية الساخنة في شكل دوائر متوازية.

تعتبر الكنافة والقطايف من أطباق الملوك وأشهر أطباق شهر رمضان. كانت تعمل من عجين الحنطة، وتنضج في السمن وتحشى بالمكسرات أو الكريمة في الفرن ثم تسقى بشراب السكر المعقود.

يقال أنها من اختراع أهل الشام. صنعت خصيصا لمعاوية بن أبي سفيان عندما كان واليا على الشام، وكانت تسمى "كنافة معاوية". قيل أيضا أنها صنعت خصيصا لسليمان بن عبد الملك الأموي.

في رواية أخرى أنها صناعة مصرية قدمت كهدية للخليفة المعز لدين الله الفاطمي عند دخوله القاهرة واستقباله بالفوانيس، وكان ذلك في شهر رمضان. ثم انتقلت بعد ذلك إلى الشام. وللإمام السيوطي رسالة في الكنافة والقطايف سماها "منهل اللطائف في الكنافة والقطايف".

أما القطايف، فيرجع تاريخها أيضا إلى أواخر العصر الأموي وربما تكون أسبق اكتشافا من الكنافة. ويقال إنها أيضا من اختراع العصر المملوكي، حيث كان يتنافس صناع الحلوى على ابتكار أصناف جديدة. فابتكر أحدهم فطيرة قطايف محشوة بالمكسرات وقدمها في شكل جميل في صحن كبير لكي يقطفها الضيوف. من هنا جاء اسم القطايف.

لا زلت أشم رائحة الكنافة والقطايف كلما جاء شهر رمضان كل عام. كذلك رائحة ألواح الثلج في الدكان خلف فرن الكنافة. وأشم رائحة تراب الشارع ورائحة البطيخ على الموائد. وأطباق الطرشي وأطباق قمر الدين وشرابه والمكسرات. كذلك، رائحة صناديق وزجاجات البيبسي كولا والكوكاكولا الفارغة على الرصيف.

لقد كانت البيبسي كولا جديدة لم نشاهدها من قبل. الزجاجة الواحدة كانت في حجم زجاجتين كوكاكولا ونصف. تباع بنفس سعر زجاجة الكوكاكولا الواحدة، ثلاثة تعريفة.

تأتي البيبسي كولا في ثلاث خيارات. سكر زيادة وسكر مضبوط وسكر خفيف. كانت توجد علامات على ظهر الزجاجة، مثلث ودائرة ومربع، للدلالة على درجة السكر الموجود بالزجاجة.

ظهر أيضا مشروب جديد ألماني تحت اسم "سينالكو". شبيه بشراب السيدر. وكانت توجد أيضا المياة الغازية المحلية، ليمون وسيدر عبد الغفار. الذي لم يستمر لمدة طويلة.

كان يوجد كذلك، مشروب "سباتس" لصاحبه الخواجه اسبيرو سباتس ومصنعه في الإسكندرية. وهو شراب ليمون بالصودا، لا أعتقد أنه موجود حاليا.

كانت محلات البقالة، تباع بها علب الكاكاو المستوردة من إنجلترا وعلب الملبن المستوردة من تركيا. والششم أبو ديك لعلاج العماص واحمرار العيون. والتبغ والمعسل وعلب السجاير بأنواعها والكبريت الهلب. كانت توضع أجولة المكسرات واللب والفول السوداني والخروب والعطارة أمام محلات البقالة على الرصيف.

كان الزبون يزهب لشراء علبة سلامون أو سردين، فيطلب من البقال أن يفتحها له. ثم يقوم البقال بإضافة الزيت والخل على العلبة المفتوحة زيادة في الكرم. وقبل أن ينصرف الزبون، يطلب شوية لب فوق البيعة. فيكبش البائع بيده كمية لب من الشوال الموجود أمام المحل ويعطيها للزبون مجانا. كل هذا بثلاثة تعريفة أو قرشين صاغ.

كان السردين المشوي يباع في القفف والمقاطف في الشارع على الرصيف. والبلح في موسمة تجلس به الفلاحات على الرصيف ويباع بالمشنة. وكذلك التوت والجميز.

العيش البلدي كان يسمى "المفقع". يخرج الرغيف من الفرن منتفخ مثل البالونة، فيقوم الخباز بضغطه من المنتصف بكوز فارغ لإخراج الهواء المحبوس داخله، ثم يقوم برشه بالماء وإعادته للفرن ثانية. ليخرج رغيفا مقرمشا لامعا يسر الناظرين، ويؤكل حاف بدون غموس.

كان الصانع يتفنن في إجادة صنعته وكنا نلمس الخير والثراء في كل مكان. هذا ما كان أجدادنا يسمونه البركة. فأين ذهب كل هذا، وأين اختفت البركة؟

وللحديث بقية فإلى اللقاء.

zakariael@att.net


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية