| | | | كوكب المريخ – إله الحرب ...............................................................
بقلم: محمد زكريا توفيق ...........................
عانت البشرية بسبب التقدم العلمى حديثا ثلاث ضربات موجعة. الأولى عندما تبين لها أن الأرض ليست مركز الكون. إنما هى مجرد ذرة تراب تسبح فى الفضاء الرهيب، وفقا لنظام فلكى لا يصدقه عقل.
الثانية عندما تبين أن إلإنسان لا يتميز كثيرا عن الحيوان. بل هو وقرود الشمبانزى والغوريلا ينحدرون من جد واحد.
أما الضربة الثالثة الأكثر إيلاما، فقد جاءت من علم النفس. حينما تبين أن الإنسان لا حيلة له فى أمره. فهو رهين جيناته الموروثة وأسير ثقافة مجتمعه، وسجين تجاربه المريرة ورغبات المكبوته.
عاش الإنسان آلاف السنين يجهل مكانه الحقيقى فى هذا الكون. لا يعرف من أين أتى أو إلى أين يذهب. لذلك، كان لا بد له من إيجاد سبب يفسر وجوده البائس. وأى سبب يجده، كان يأخذ صيغة الحقائق التى لا شك فيها. الأساطير تحولت إلى أبقار مقدسة. الحكايات المتوارثة تحولت إلى قيود تعوق تقدمه ورقيه.
فى عام 1543م، أمر نيقولاى كوبرنيق، وهو على فراش الموت، نشر كتاب له فى الفلك. يعتبر بداية خروج الإنسان من غيابات القرون الوسطى، وبذوغ عصر النهضة. جاء فى هذا الكتاب أنه لو راقبنا حركة الأجرام السماوية من نقطة فى السماء تدور حول الشمس. لوجدنا تفسيرا لحركة كل الأجرام والكواكب التى نشاهدها الآن، ولا نرى تفسيرا معقولا لها.
كفر والعياذ بالله. هكذا قابل رجال الكنيسة الكاثوليكية كتاب كوبرنيق. الأرض هى مركز الكون كما يقول رجال الكنيسة فى ذلك الوقت، وكما يقول مولانا المبجل زغلول النجار اليوم. كتاب كوبرنيق يحول الأرض إلى مجرد كوكب صغير مثل باقى الكواكب، وهذا يخالف ما جاء بالكتب المقدسة.
لكن أمام الحجج القوية والبيانات الدقيقة والمنطق الرصين التى أتت بكتاب كوبرنيق، لم تجد الكنيسة بدا من ترك الكتاب، مع إضافة جملة تقول: "هذه مجرد نظرية فلكية، لا يجب أن تؤخذ بجدية". وحرصت الكنيسة الكاثوليكية على صبغ إسم كوبرنيق بالعار، ومنع إسمه من نيل الشهرة التى يستحقها.
الكواكب كما ذكرنا فى مقال سابق عددها تسعة (أو ثمانية إذا إعتبرنا بلوتو شبه كوكب). كلها تدور حول الشمس فى شبه دوائر كاملة مختلفة فى نفس المستوى. أى كلها تدور فى طبق مسطح واحد.
هى حسب قربها من الشمس، عطارد والزهرة والأرض والمريخ والمشترى وزحل وأورانوس ونبتون وبلوتو. لذلك نراها تشرق من حيث تشرق الشمس، وتغرب حيث تغرب الشمس. وتتبع نفس خط السير الذى تتبعه الشمس فى رحلتها اليومية من الشرق إلى الغرب.
أما النجوم فهى عبارة عن شموس مثل شمسنا، لكن بعيدة جدا. أقربها النجم ألفا سنتورى الذى يصل ضياؤه إلينا فى 4.3 سنة. شمسنا يصل ضياؤها إلينا فى ثمان دقائق فقط. القمر ليس كوكبا، لأنه يدور حول الأرض، لا الشمس.
دراسة علماء الفلك القدامى لحركة كوكب المريخ، سببت لهم حيرة بالغة. لقد وجدوا الكوكب يتحرك فى البداية فى نفس مسار الشمس فى السماء. لكنه فى بعض الأحيان أثناء سيره، يتباطأ شيئا فشيئا إلى أن يتوقف عن الحركة تماما. ثم يبدأ فى التراجع والحركة إلى الخلف. هذه الحركة الغريبة تستغرق عدة شهور.
وجد العلماء أيضا أن كوكب المريخ يسير بسرعات مختلفة. تارة يبطئ وتارة أخرى يسرع. كما أن شدة إستضاءته تتغير من شهر إلى شهر. عالم الفلك الإسكندرى المشهور بطليموس القلوذى (90- 168م)، صاحب كتاب المجسطى، وهو ليس من أسرة البطالمة التى حكمت مصر بعد غزو الإسكندر الأكبر وإنتهت بكليوباترا، فسر حركة كوكب المريخ الغريبة هذه، بأن الكوكب يخرج عن مساره ويعمل دورة إضافية مثل عقدة الحبل، ثم يواصل السير فى مساره الأصلى. لكن هل هناك تفسيرا أفضل أو أبسط من تفسير بطيموس القلوذى؟
من هنا جاءت عبقرية كوبرنيق. فقد كانت لديه الشجاعة والقدرة على الخروج عن المألوف. مثل دارون وأينشتين وفرويد فيما بعد. هذا هو الفرق بين العلماء العباقرة والبطيخ. المألوف هنا هو مركزية الأرض كما يقول مولانا زغلول ويصر على ذلك. حتى يرضى الله عنه ويدخله الجنة. ضاربا عرض الحائط بكل الشواهد والأدلة والبراهين التى يسوقها العلم أمامه.
حرب زغلول النجار للعلوم الحديثة ونظرياتها، وتضليل السذج من المسلمين بأمور النصب الإعجازى التى يقوم بها، أصبحت وسيلتة للتقرب إلى الله ونيل رضاه. حجته أن النظريات العلمية أعمال شيطانية أتى بها الغرب لكى تجعلنا على غير الملة والدين. الغريب أنه لا يرفض كل النظريات العلمية. إنما ينتقى منها ما يروق مزاجه ويوافق هواه. ويترك الباقى الذى يكشف عورته وأكاذيبه. لكن هذه قضية أخرى.
نظرية مركزية الأرض، كانت سائدة عند علماء الفلك الأقدمين. المصريون القدماء والأشوريون والبابليون واليونانيون والهنود والعرب والأوربيون فى العصور الوسطى، كلهم وقعوا أسرى لفكرة مركزية الأرض. وأصبحت هى أساس علم الفلك عندهم.
جاء كوبرنيق بفكرة أن الأرض نفسها ما هى إلا كوكب آخر يدور حول الشمس مثل باقى الكواكب. لم تكن هذه الفكرة مجرد حدس، أو خاطر جاء ساعة تجلى، أو بعد تعاطى كمية لا بأس بها من البانجو. لكن هذه الفكرة جاءت بناء علي بيانات وحسابات وقياسات دقيقة، لمسارات الكواكب فى السماء.
كان كوبرنيق يعلم أنه كلما إقترب الكوكب من الشمس، كلما كان مساره الشبه دائرى حول الشمس أقصر وسرعته أكبر. الكواكب البعيدة عن الشمس تأخذ وقتا أطول فى الدوران حول الشمس. وهذا شئ طبيعى.
كوكب الأرض يدور حول الشمس بسرعة أكبر من سرعة المريخ. لماذا؟ لأن الأرض أقرب إلى الشمس، ودائرة مسار الأرض حول الشمس أصغر من دائرة مسار كوكب المريخ. لذلك فالأرض تستطيع أن تلحق بالمريخ وتمر من أمامه ثم تسبقه. السنة الأرضية 365.25 يوم أرضى، بينما السنة على كوكب المريخ 686.98 يوم أرضى.
ماذا يحدث عندما تركب القطار وتنظر من النافذة إلى السيارات التى تسير على الطريق الموازى للسكة الحديد فى نفس الإتجاه. إنك تجد السيارة التى تسبق القطار تتحرك إلى الأمام، لكنها تبطئ السير بالنسبة لك. وعندما يلحق القطار بالسيارة ويسير بمحازاتها، تجدها كأنها توقفت عن الحركة. وعندما يسبق القطار السيارة، تجدها تتراجع إلى الخلف.
هذا ما يحدث بالنسبة للأرض عندما تلحق بكوكب المريخ. فى البداية تتباطأ حركة المريخ فى السماء، ثم يتوقف عن الحركة عندما تلحق به الأرض، ثم يتراجع إلى الخلف عندما تسبقه الأرض فى مسارها حول الشمس. هذا يفسر لنا ببساطة متناهية حركة المريخ الغريبة فى سمائنا، التى عجز القدماء عن فهمها.
المريخ عند الرومان هو الإله مارس، ابن الإله جوبيتر والإلهة جونو، وعشيق الإلهة فينوس إلهة الحب والجمال. هو أيضا إله الزرع والخصب والنماء فى البداية، ثم إله الحرب بعد ذلك. عندما كان مارس إله الزرع، كان يحتفل به فى الربيع. لذلك نجد شهر مارس يأتى فى بداية الربيع.
وعندما بات مارس إلها للحرب، كانت تذبح له القرابين قبل المعارك. من المعتقدات القديمه، أن مارس كان يظهر فى المعارك هو وزوجته بيلونا. له ولدان: رومولوس وريموس اللذان قاما ببناء مدينة روما. لذلك يعتبر مارس أبو الشعب الرومانى.
عند الإغريق، هو إله الحرب آريس، ابن كبير الآلهة زيوس والإلهة حيرا. له ولدان توأم من عشيقته أفروديت (هى نفسها فينوس عند الرومان)، هما: فوبوس (الخوف) و ديموس (الهلع). الخوف والهلع دائما يرافقان والدهما فى المعارك. ويا لها من أسماء تطلق على الأنجال.
عرف المصريون القدماء كوكب المريخ بلونه الأحمر وهو يتألق فى سماء مصر الصافية. أطلقوا عليه إسم "حورس الأحمر". ووصفوا حركته عندما يتراجع إلى الخلف فى مساره عبر السماء فى بردياتهم.
عندما غزا الفاطميون مصر وأرادوا بناء مدينة لهم محاطة بسور. جمع قائدهم، جوهر الصقلى، المنجمين وأمرهم بأن يختاروا طالعا لحفر الأساس، وطالعا آخر لرمى حجارته. فثبتوا بالسور قوائم خشبية. وأوصلوا هذه القوائم بحبال علقت فيها أجراس. حتى يرمى البناؤون الحجارة حينما تدق الأجراس.
حدث أن غرابا شاردا وقف على إحدى هذه الخشبات، فدقت الأجراس، وظن البناؤون أنها إشارة البدء لإلقاء حجر الأساس للسور آنذاك.
صاح المنجمون لا لا، القاهر (كوكب المريخ) فى الطالع. هذا لا يبعث على التفاؤل. عندما قدم المعز لدين الله الفاطمى لمصر وسمع القصة، راقت له الفكرة، فسمى المدينة "القاهرة"، وأصبحت هى "قاهرة المعز".
منذ مائة سنة تقريبا، كثير من الفلكيين كانوا يعتقدون أن كوكب المريخ آهل بالسكان. التليسكوبات التى توجه إلى المريخ، كانت تظهر مناطق متباينة فى اللون والكثافة، تتغير حدتهما من وقت لآخر. تشبه فى ذلك مناطق الغابات والمزارع على سطح الكرة الأرضية. فهى أيضا تتغير ألوانها حسب شهور السنة.
ألهب كوكب المريخ الخيال العلمى للكتاب ومؤلفى الروايات فى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وظهرت القصص وأفلام مثل الحرب الكونية أو حرب العوالم ل"إتش جى ويلز"، التى تتخيل أشكال سكان المريخ وتصف طبيعة حياتهم.
فى عام 1900م، قدمت السيدة الفرنسية كلارا جوتزمان جائزة 10 آلاف فرنك لمن يستطيع إثبات وجود حياة خارج الكرة الأرضية. وإستثنت من ذلك سكان المريخ. لأن الإعتقاد فى ذلك الوقت كان راسخا أن المريخ مأهول بالسكان.
عندما كان المريخ على مسافة 56 مليون كيلومتر من الأرض عام 1924م، أوقف الجيش الأمريكى الإرسال الاسلكى، ليكرس جهوده للإصغاء إلى أى إشارات لاسلكية محتملة يمكن أن يرسلها سكان المريخ إلى سكان الكرة الأرضية. وتكرر ذلك عام 1926م. لكن الأرض لم تستقبل أى إشارة من كوكب المريخ.
رأى الفلكيون أيضا خطوطا مستقيمة تصل المناطق القاتمة بعضها ببعض، مثل الترع وقناوات الرى عندنا. إننا نعلم الآن أن هذه الخطوط على سطح كوكب المريخ لا وجود لها، وما هى إلا خداع بصرى. المناطق القاتمة الكبيرة على سطح المريخ ليست مزارع، إنما هى مساحات من السطح تتكون بسبب العواصف الترابية.
المريخ هو رابع الكواكب بالنسبة لبعده عن الشمس. وسادس الكواكب من حيث الحجم. ويبعد عن الشمس 228 مليون كيلومتر. وهى مسافة تبلغ مرة ونصف بعد الأرض عن الشمس. المريخ عبارة عن صحراء جرداء كبيرة. لونها أحمر أو برتقالى بسبب الصدأ الموجود فى ترابه. الرياح تهب على سطح المريخ بسرعة 400 كيلومتر فى الساعة. تحمل معها الأتربة وتجعل الغلاف الجوى أحمر اللون.
الغلاف الجوى للمريخ ضحل مكون معظمه من غاز ثانى أكسيد الكربون. وهو الغاز الذى نخرجه مع الزفير عند التنفس، ويخرج مع عوادم الإحتراق من السيارات والمصانع.
أثاء الليل، تنخفض درجة الحرارة عند خط الإستواء على سطح المريخ إلى 90 درجة مئوية تحت الصفر. وتصل إلى برودة أكثر من ذلك فى باقى المناطق. أثناء النهار، نادرا ما تصل درجة الحرارة فوق الصفر. بالرغم من هذه البرودة، المريخ يشبه فى أمور كثيرة الكرة الأرضية.
المريخ به عشرات البراكين الضخمة. أكبرها يبلغ إرتفاعه ثلاثة أمثال إرتفاع قمة جبل إيفريست. السحب قليلة على سطح الكوكب، بسبب ندرة بخار الماء فى الغلاف الجوى. هناك على السطح مئات مجارى الأنهار الجافة. المريخ كانت تجرى من تحته الأنهار، لكنها جفت منذ زمن بعيد. إذا ثبت وجود مياة على سطح المريخ سابقا فى يوم من الأيام، فهذا يعنى وجود حياة فى الماضى.
المريخ مثل الأرض، له قطبان جليديان فى شمال وجنوب الكوكب. يومه 24 ساعة و 37 دقيقة، وهو يشبه فى ذلك يوم الأرض. كما أن محوره الذى يدور حوله، يميل على الخط العمودى على مساره ب 25 درجة. وهى زاوية قريبة من درجة ميل محور الأرض، والتى تبلغ 23 درجة. ميل المحور بالنسبة للأرض وللمريخ تسبب الفصول الأربعة. وتجعل الشمس عمودية على النصف الشمالى فى فصل الصيف، وعمودية على النصف الجنوبى فى فصل الشتاء.
قطر المريخ نصف قطر الأرض. مساحة سطح المريخ ربع مساحة الكرة الأرضية، وتعادل بالتقريب مساحة اليابسة على سطح الأرض بدون المحيطات. لهذه الأسباب، كان الإعتقاد فى الماضى بأن كوكب المريخ آهل بالسكان.
للمريخ قمرين، فوبوس (الخوف) وديموس (الهلع). هما قمران صغيران، شكلهما غير منتظم. يدوران حول الكوكب قريبا جدا منه، على مستوى خط الإستواء.
أول المركبات الناجحة إلى كوكب المريخ، كانت المركبة مارينر 4 عام 1964م. أثبتت أن للكوكب غلاف جوى رقيق. مكون معظمه من غاز ثانى أكسيد الكربون. تلا ذلك مارينار 6 و 7 عام 1969م، اللتان قدمتا معلومات مشابهة للمركبات السابقة.
فى عام 1971م، أطلق قمر صناعى يدور حول كوكب المريخ. وهو أو قمر صناعى يدور حول كوكب غير الأرض. مارينر 9، الذى أعطانا أهم المعلومات وأبدع الصور.
مركبتى الفضاء فايكنج 1 وفايكنج 2، هبطتا على سطح المريخ فى صيف عام 1976م، فى موقعين مختلفين وأرسلتا بيانات إلى الأرض. تبين منها عدم وجود أى شكل من أشكال الحياة على سطح هذا الكوكب، فى هذين الموقعين.
فى عام 1997م، هبطت المركبة التى تحمل إسم عالم الفلك الراحل كارل سيجان على سطح المريخ فى منطقة وادى آريس. ثم فقدت الإتصال بالأرض بسبب تلف البطارية لإنخفاض الحرارة الشديد فى منطقة الهبوط.
المركبات الحديثة، التوأم سبريت وأوبورتيونتى, وصلتا كوكب المريخ عام 2004م، بهدف البحث عن المياة والحياة على سطحه. تراب المريخ الأحمر الغنى بأوكسيدات الحديد معقم. المواد العضوية التى تهبط على سطح الكوكب من النيازك والشهب أو العالقه بمركبات الفضاء الآتية من الأرض، تقتل فى الحال بسبب الطبيعة الكيميائية للتربة.
الأحياء الدقيقة والميكروبات التى تنجو من التفاعلات الكيميائية، تدمر بواسطة الأشعة الفوق بنفسجية الساقطة من الشمس، لأن الغلاف الجوى للمريخ ليست به طبقة أوزون تحمى الحياة من الأشعة الفوق بنفسجية مثل الأرض. فالرجا حماية طبقة الأوزون الأرضية من التلوث حتى لا نقضى على الحياة على سطح الأرض هنا أيضا.
علماء البيولوجيا الفلكية يعتقدون أن الحياة على سطح المريخ ربما كانت موجودة عندما كانت المياة متوافرة بكثرة على السطح. ثم غاصت الكائنات الحية الدقيقة، إن وجدت، فى التربة تحت السطح عندما شحت المياة.
فى شهر يوليو من هذا العام 2009م، أعلن فريق من علماء وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أنه برصد كوكب المريخ من الأرض بتليسكوبات التحليل الضوئى والأشعة تحت الحمراء، تبين أن الغلاف الجوى للمريخ فى النصف الشمالى، به غاز الميثان.
الميثان هو جزيئ كيميائى مكون من أربع ذرات من الهيدروجين وذرة كربون واحدة. وهو الغاز الطبيعى الذى يستخرج من باطن الأرض ويستخدم فى الطبيخ وتوليد الطاقة وتبيعه مصر إلى إسرائيل.
الغاز الطبيعى يتكون بطريقتين. الطريقة الأولى عندما تقوم الكائنات الحية بهضم طعامها. والطريقة الثانية، عند أكسدة الحديد، وهى عملية كيميائية بحتة لا حياة فيها. المعلومات المتوافرة حاليا لا تفيد فى تحديد سبب وجود الميثان فى الغلاف الجوى للمريخ.
الطريقة الأولى محتملة إذا كانت هناك حياة بدائية فى باطن المريخ حيث توجد المياة. فقد يتجمع غاز الميثان الناتج من الأحياء الدقيقة، ومع تغير المناخ وعوامل التعرية، يصعد إلى السطح ومن ثم إلى الغلاف الجوى. الطريقة الثانية محتملة أيضا، بسبب كثرة الحديد على سطح الكوكب.
أى الطريقتين هى التى أنتجت غاز الميثان فى الغلاف الجوى للمريخ؟ هذا ما سوف تجيب عليه المركبة الفضائية، التى سوف ترسل إلى المريخ مستقبلا.
البعض الآخر يرى فى كوكب المريخ، الذى تساوى مساحة سطحه مساحة اليابسة على سطح الكرة الأرضية بدون المحيطات، مجرد فرصة لسكان الكرة الأرضية لإقامة مستعمرات فى الكواكب الأخرى، خارج الكرة الأرضية.
ذلك عن طريق تسخين القطب الجنوبى لكوكب المريخ بالمرايا الضخمة التى تعكس أشعة الشمس لكى تصهر طبقات غاز ثانى أكسيد الكربون المتجمدة فى القطب الجنوبى. زيادة ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى تعمل عمل البيت الزجاجى فترفع درجة حرارة سطح الكوكب.
المياة العذبة يمكن الحصول عليها من القطب الشمالى للكوكب أو من باطن الكوكب. بعد ذلك، يمكن عمل مزارع ضخمة من الميكروبات والأحياء الدقيقة. التى تتغذى على المواد الكيميائية الأولية الموجودة، وتخرج أثناء ذلك غازات مثل الأمونيا والميثان. حينئذ، يزداد حجم وكثافة الغلاف الجوى اللازم لحفظ وزيادة درجة حرارة السطح. وبذلك، يكون الإنسان هو ساكن المريخ الجديد فى المستقبل.
يمكننا تخيل إنسان المستقبل وهو يلبس حلة الفضاء الواقية، ويسير بسهولة تقترب من القفز على سطح المريخ، لأن الجاذبية على سطح المريخ تبلغ 0.38 من الجاذبية الأرضية.
يعيش فى بيوت فى شكل قبب مستديرة. يعمل فى حماية مجال مغناطيسى صناعى، يقيه شر الأشعة الكونية. يحصد الطاقة المتولدة من الرياح، لكى يحول بها المخزون الطبيعى من الأكسوجين فى التربة (الصدأ)، إلى طاقة كهربائية هائلة.
يمكننا أيضا تخيل الإنسان وهو ينتج غذاءه فى بيوت زجاجية، ويستخرج المعادن اللازمة من باطن الكوكب، ويسافر على السطح بالمركبات أوسيرا على الأقدام.
لكن قبل أن نفعل هذا، أليس من الأولى بنا أن نستغل أراضينا وصحارينا ومحيطاتنا وأنهارنا وغاباتنا وجزرنا وبركنا ومستنقعاتنا، الإستغلال الأمثل قبل أن نفكر فى إستعمار الكواكب الأخرى؟ مساحة المحيطات تمثل ثلاثة أرباع مساحة الكرة الأرضية. وهى لم تستكشف بعد.
قرب نهاية عمر الشمس، عندما ينضب معينها من الهيدروجين ويبدأ غاز الهيليوم داخلها فى الإحتراق، تنفجر الشمس وتتحول إلى عملاق أحمر يبتلع الكواكب القريبة منه. قد تكون الأرض أحد هذه الكواكب. وقد ينجو كوكب المريخ من هذا المصير المحتوم.
عندئذ، تكون هجرة الجنس البشرى للعيش فى كواكب أخرى داخل أو خارج المجموعة الشمسية أمرا لا مفر منه. هذا بفرض أن الجنس البشرى إستطاع أن يبقى على قيد الحياة حتى النهاية.
إلى عشاق الحياة، لا داعى للجزع والهلع. لأن ذلك سوف يحدث بعد خمسة بلايين سنة هى عمر الشمس الباقى. الكل إلى زوال حتى الشمس والنجوم والمجرات. ولن يبقى إلا العمل الصالح. نكون وقتها قد غادرنا كوكب الأرض إلى مكان آخر، أو نكون قد إنقرضا مثل الديناصورات أو الحيوانات الأخرى المنقرضة.
zakariael@att.net 06/11/2014
مصرنا ©
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|