من روابينا القمر
...............................................................
 | |
توفيق | |
بقلم: محمد زكريا توفيق
...........................
ليس فى هذا الكون شئ يمكنه أن يسير بأسرع من سرعة الضوء. ومن يقول لك غير ذلك يكذب عليك. لو أطلقنا شعاع ليزر (الليزر هو شعاع رفيع مضغوط له طاقة عالية)، من الأرض. هذا الشعاع يصل القمر فى زمن قدره واحد ونصف ثانية.
سرعة مركبات الفضاء التى ترسل لإستكشاف الفضاء، تعتبر أشياء تحبوا بالمقارنة بسرعة الضوء، التى تبلغ 300 ألف كيلومتر فى الثانية. الضوء يستطيع أن يدور حول الكرة الأرضية سبع مرات فى الثاية الواحدة. ضوء الشمس يصلنا فى زمن قدره 8.3 دقيقة (500 ثانية)، وأقرب نجم لنا (ألفا سنتورى)، يصل ضياؤه إلينا فى زمن قدره 4.3 سنة.
مجرة المرأة المسلسلة (أندروميدا)، يصل ضوؤها إلينا فى زمن قدره 2.3 مليون سنة. مجموعة مجرات قنطورس (سنتورس)، يصل ضوؤها إلينا فى زمن قدره 200 مليون سنة. وهناك مجرات أبعد، يصل ضوؤها بعد رحلة قدرها 300 مليون سنة.
نعود بعد هذه الرحلة الرهيبة إلى أقرب الأجرام إلينا، القمر. القمر يعرف فى اللغات السامية القديمة ومنها العربية ب "سنين". ومنها جاء إسم شبه جزيرة سيناء وجبل صنين فى لبنان. إسمه فى اللغة الإنجليزية (Moon). وهو يأتى من كلمة (Moneth) الأنجلو ساكسونية. إسمه عند الرومان (Luna)، وعند الإغريق (Selene). يوم الإثنين فى اللغة الإنجليزية (Monday) هو يوم القمر، وفى اللغة الفرنسية أيضا (Lundi). كلمات اللغة الإنجليزية التى تعنى القياس، مثل (Meter) و(Menstrial) و(Measure)، تأتى جذورها من كلمة القمر بالإنجليزية (Moon).
الجرم الذى يدور حول الشمس أو أى نجم آخر هو كوكب. والجرم الذى يدور حول الأرض أو أى كوكب آخر هو قمر. لذلك تسمى الأقمار الصناعية أقمارا، لأنها تدور حول الأرض. النجوم ما هى إلا شموس أخرى بعيدة جدا عنا. لذلك نراها صغيرة. ضوؤها خافت بسبب بعد المسافة لا أكثر ولا أقل.
القمر هو ثانى الأجرام التى نشاهدها فى السماء بعد الشمس، وأكثرها إضاءة أثناء الليل. يدور القمر دورة كاملة حول الأرض فى 28 يوم. أثناء هذه المدة، تكون الأرض قد تحركت من مكانها إلى الأمام. ولكى يظهر القمر فى نفس المكان فى سمائنا، يلزمه 29.5 يوم، هى الشهر القمرى، لا 28 يوم.
من المعلوم أن القمر غير مضئ بذاته. فهو يرى ليلا بفضل ما يعكسه من ضوء الشمس. عندما يقع القمر بين الأرض والشمس، لا نتمكن من مشاهدته. وعندما ينتقل فى مداره، يتغير شكله لأن الشمس تنير المزيد من سطحه تدريجيا حتى يصبح بدرا. ثم يأخذ بالتناقص حتى يختفى ثانية. تسمى هذه الأشكال المختلفة: الهلال والبدر وخلافه، أوجه القمر. تتكرر أوجه القمر كل شهر.
عندما يكون القمر بدرا، أى كامل الإستدارة، يكون فى الجهة المقابلة للشمس. أى تكون الأرض بين الشمس والقمر. وبذلك يشرق البدر عندما تغرب الشمس. ويغرب عندما تشرق فى اليوم التالى. فى هذا اليوم، لا ينقطع الضياء عن الكرة الأرضية لمدة 24 ساعة. وكان قدماء المصريين يأخذون مثل هذا اليوم، فى الإعتدال الربيعى، عيدا للربيع. ثم يستمر القمر فى شروقه متأخرا 50 دقيقة كل يوم عن اليوم السابق.
منازل القمر هي مجموعة النجوم التي يمر بها القمر في دورة له كاملة حول الأرض في 28 يوماً. ويرجع القمر عند تمام هذه الدورة إلى النجم نفسه الذي اتخذه أصلاً لحركته. عدد منازل القمر 28 منزلاً ينزل القمر كل ليلة بمنزل منها من أول ليلة يهل فيها إلى أن يكمل 28 ليلة. وهى:
1-الشرطين، 2-البطين، 3-الثريا، 4-الدبران، 5-الهقعة، 6-الهنعة، 7-الذراع، 8-النثرة، 9-الطرف، 10-الجبهة، 11-الزبرة، 12-الصرفة، 13-العواء، 14-السماك، 15-الغفر، 16-الزبانا، 17-الإكليل، 18-القلب، 19-الشولة، 20-النعايم، 21-البلدة، 22-سعد الذابح، 23-سعد بلع، 24-سعد السعود، 25-سعد الأخبية، 26-المقدم، 27-المؤخر، 28-الرشا.
حركة القمر معقدة جدا. لأن الشمس وباقى الكواكب والأرض يجذبه بدرجات متفاوته. القمر يدور حول محوره فى نفس الزمن الذى يستغرقه للدوران حول الأرض. وهذا يعنى أن وجها واحدا من القمر (تقريبا 59% من سطحه)، هو الذى يواجه الأرض طول الوقت. والوجه الآخر يحتجب عنا دائما.
يحدث للقمر خسوف كلى عندما تكون الشمس والأرض والقمر على خط مستقيم، وتتوسط الأرض بين القمر والشمس. فى هذه الحالة، تحجب الأرض أشعة الشمس عن كل القمر. الخسوف لا يحدث للقمر إلا وهو بدر. فى بداية الخسوف، يميل لون القمر إلى الحمرة. بسبب الأشعة الحمراء أعلى الغلاف الجوى.
ينير القمر ليالينا الظلماء بنوره الفضى. فمن أين يأتى اللون الفضى هذا إذا كانت أشعة الشمس ذهبة وسطح القمر مكون من تراب وصخور قاتمة. سطح القمر يعكس فقط 7% من أشعة الشمس الساقطة عليه. وهو يشبه فى ذلك شوارع الأسفلت فى مدننا. لكن بسبب وجود تراب القمر الذى يغطى مساحة كبيرة من السطح، وبسبب إنكسارات الضوء وإنعكاساته بينها، يبدو لنا القمر فى حلته الفضية البهيجة هذه.
القمر لا يظهر فقط أثناء الليل كما يعتقد معظم الناس. فهو أيضا لا يحب الظلام، ويظهر نصف الوقت أثناء النهار. لكن لا يلاحظ وجوده الكثيرون منا.
أول ظهور البدر وقت الغروب, يطل علينا كإبتسامة. أو كما يصفه ابن المعتز: "انظر إليه كزورق من فضة - قد أثقلته حمولة من عنبر". وابن الرومى فى شعره الرائع، يشّبه رقاق الخبز فى إستدارته بوجه القمر:
"إن أنس لا أنس خبازا مررت به – يدحو الرقاق كلمح العين بالبصر"
"ما بين رؤيتها فى كفه كرة – وبين رؤيتها قوراء كالقمر"
"إلا بمقدار ما تنداح دائرة – فى لجة الماء يلقى فيه بالحجر".
البدر فى الأفق يبعد عنا مسافة 240 ألف ميل. وعندما نقارن حجمه وهو فى الأفق بحجم الأشجار والمساكن البعيدة التى تبعد عنا عشرة أميال فقط، نراه ضعف أو ثلاثة أضعاف حجمه وهو يتوسط كبد السماء. السبب هو خداع بصرى لا غير. عقولنا تقارن حجم البدر بحجم الأشجار فى الأفق وتقول لنا أنه لابد أن يكون القمر كبير جدا. لكنه عندما يتوسط السماء، لا نجد بجواره شيئا يخدعنا ويجعلنا نراه على غير حجمه الطبيعى.
الأحجار الكريمة المرتبطة بالقمر مثل اللؤلؤ والكوارتز والأوبال وحجر القمر، لا يوجد أى منها على سطح القمر. السبب هو عدم وجود الماء. ولا نقطة ماء واحدة توجد على سطح القمر. الأحجار الكريمة تحتاج إلى وجود الماء فى مراحل تكوينها. لهذا السبب لا توجد معادن كثيرة ومركباتها على سطح القمر. فقط ما يقرب من 100 معدن وسبيكة بينما مركبات المعادن توجد بالآلاف على سطح الأرض.
لكن من أين أتى القمر؟ يقول العلماء أنه بعد تكوين المجموعة الشمسية منذ 4.5 بليون سنة، كان هناك كوكب آخر غير الأرض يدور حول الشمس. لسبب ما إقترب هذا الكوكب من الأرض وحدث تصادم مروع.
الأرض والكوكب كانا فى بداية تكوينهما. لذلك كانا فى حالة السيولة والحالة الغازية. نتيجة للتصادم، إندمج الكوكب مع الأرض وتناثرت أشلاء كبيرة منهما فى الفضاء. بسبب الجاذبية والسرعة التى تناثرت بها هذه الأشلاء، إلتحمت الأشلاء وكونت القمر الذى نعرفه، لكى يدور حول الأرض بتكوينها الجديد. هذا حدث منذ 4.4 بليون سنة مضت. وربما تسألنى هنا عن عمر الكون. عمر الكون حسب آخر تقدير هو 13.7 بليون سنة.
القمر يقوم بجذب مياة المحيطات والبحار الموجودة على سطح الأرض مرتين فى اليوم. وكأنه يشعر بالغيرة لعدم وجود مياة على سطحه. ترتفع المياة عندما يجذبها القمر، والمرة الثانية عندما يبتعد القمر ويذهب إلى الجانب المقابل من الأرض فلا تجد المياة قوة جذب كافية لكى يبقى سطح الماء فى مستواه العادى فترتفع مبتعدة عن سطح الأرض. إرتفاع الماء وإنحساره يسمى بالمد والجذر.
الشمس أيضا لها تأثير على المد والجذر. ولكن هذا التأثير يكون غالبا ضعيفا بسبب بعد الشمس عن الأرض. لكن عندما تصطف الشمس والأرض والقمر فى خط مستقيم، وهذا يحدث فى بداية الشهر القمرى وعندما يكون القمر بدرا. فى هذه الحالة يكون المد أعلى ما يمكن.
عندما يكون القمر بدرا ليضئ بنوره ظلمة السماء، تنبح الكلاب، وتعوى الثعالب والذئاب. وكما تخبرنا الأساطير، يتحول بعض الناس إلى ذئاب، ويستيقظ مصاصى الدماء "الفامبير". تكثر الجرائم ويزداد عدد المواليد وتنتاب موجات من الجنون كثير من المرضى بالأمراض العصبية.
لأن معظم جسم الإنسان مكون من سوائل، فالقمر له تأثير على جسم الإنسان أيضا، وخصوصا النساء. فالدورة الشهرية عند المرأة كل 28 يوم، تتفق مع الزمن اللازم لدوران القمر حول الأرض. بسبب تأثير القمر، قد يتهيج دم الإنسان وتتغير نفسيته. وقد لوحظ فى هذه الفترة أن الناس فى الغرب يكثر وجودها فى البارات وتزداد تصرفاتهم الغريبة ويصبحون متقلبى المزاج.
كما أن القمر يجذب مياة المحيطات أثناء المد والجذر، فإن الأرض أيضا تجذب القمر بكتلتها الكبيرة. هذا الجذب المتبادل بين القمر والأرض، يبطئ سرعة القمر حول الأرض بمعد 10 ميل فى الساعة. هذا يعنى أن القمر فى المستقبل البعيد، سوف يثبت فى مكانه ويصبح مثل الأقمار الصناعية التى تستخدم فى بث البرامج للقناوات الفضائية، فهى أيضا ثابتة فى مكانها.
هذا يعنى أن نصف سكان الكرة الأرضية سوف ترى القمر فى مكانه بصفة دائمة. أما النصف الآخر, فعلى سكان نصف الكرة الأرضية السفر إلى النصف الآخر لمشاهدة القمر فى هذه الحالة.
وجدت عظمة متحجرة لطائر النسر عمرها 13 ألف سنة. عليها علامات، فى عددها وترتيبها، تمثل أوجه القمر. ربما تكون مجرد نقوش زينة. لكن علماء الحفريات يواصلون العثور على أحجار وحفريات عليها نقوش وعلامات تشبه أوجه القمر فى مناطق مختلفة فى أفريقيا وأوروبا.
وجدت حفرية من العظام عمرها 30 ألف سنة. كان عليها علامات تمثل أوجه القمر لفترة تمتد إلى عامين ونصف. ووجد أيضا تمثال عمره 27 ألف سنة يمثل أمنا الأرض، تحمل فى يدها قرن حيوان منقوش عليه 13 علامة. الرقم 13 ليس غريبا علينا إذا علمنا أن السنة قد يظهر بها 12 بدر أو 13 بدر، حسب بداية حساب الأيام.
القمر كان يستخدم لقياس الزمن بالنسبة للإنسان القديم. الشهر القمرى مقداره 29.5 يوما بالتقريب. السنة القمرية المكونة من 12 شهر قمرى هى مجرد تقريب للسنة الشمسية. ويرجع الفضل للإنسان القديم فى إكتشاف السنة كمقياس للزمن.
كل الحضارات القديمة تقريبا، عبدت القمر. المصريون القدماء كان لهم إله القمر "خنسو". السومريون كان لديهم "نانا". والرومان واليونانيون كان لديهم "هيكات" وهى إلهة القمر فى المحاق، وأرتيمس أو ديانا إلهة القمر الساطع، وسيلين أو لونا إلهة القمر وهو بدر. أما هبل، فهو إله القمر فى مكة قبل الإسلام.
القمر فى الأساطير القديمة كان يسبب الجنون لمن ينام فى ضوئه. بيتهوفن له سوناتا رقم 12 بعنوان ضوء القمر. والموسيقار ديبوسى أيضا، له عمل موسيقى بإسم ضوء القمر(Clair de Lune)، شكسبير قام بتشبيه هلال القمر بالقوس الفضى. ورائعة أم كلثوم، هلت ليالى القمر. فيروز المعجزة، هى أجمل من غنت للقمر:
يا حلو يا قمر، ياقمر أنا وياك، ياقمر على دارتنا، طلع القمر، نحن والقمر جيران، من روابينا القمر، لا تتعب على أخرنى القمر، كان ياما كان ليل وقمر عشقان، حبيبى بدو القمر، بلغه يا قمر، القمر بيضوى على الناس، على بالى ياقمر، قمرة ياقمرة، قمر السهرات،...
مع ظهور البدر، كانت تبدأ الأعياد بالرقص والغناء وإقامة الصلاوات. الإسكيمو كانوا يحتفلون بظهور البدر بأكل السمك وإطفاء المصابيح وتبادل الزوجات. ونحن المسلمون نحتفل برؤية هلال رمضان وبداية شهر الصيام.
السنة القمرية، كما ظهرت فى شعر هيسيود الشاعر اليونانى، 800 سنة قبل الميلاد، كانت 354 يوما. وكانت كذلك عند السومريين والصينين والهنود الحمر.
الإعتماد على السنة القمرية يسبب مشاكل كبيرة. لأن السنة القمرية تنقص 11 يوما عن السنة الشمسية. بعد عدة سنوات قمرية، تصبح شهور السنة غير مطابقة لفصول السنة الطبيعية. بمعنى أن شهر رمضان مثلا، يأتى فى الصيف، وبعد عدة سنوات، نجده يأتى فى الشتاء.
هذا لا يشكل أى مشكلة بالنسبة للعبادات، مثل الصوم والحج. لكن بالنسبة لمواسم الزراعة والحصاد والتجارة، تصبح السنة القمرية غير مناسبة بالمرة.
البابليون، رغم تقدمهم الكبير فى العلوم والفلك، ظلوا أسرى السنة القمرية. فى عام 432 قبل الميلاد، توصل العلماء البابليون إلى نظام قد يصلح الخلل فى السنة القمرية. وهو: لمدة سبع سنوات، السنة 13 شهر قمرى. يتبعها 12 سنة، كل منها 12 شهر قمرى. وهى دورة تتكر كل 19 سنة. هذا يجعل السنة القمرية تتطابق مع السنة الشمسية مع فروق عدة ساعات فقط. لكن هذا النظام لم يحظ بالقبول. بسبب صعوبة متابعته لمدة طويلة بالنسبة للناس.
الإغريق حاولوا حل المشكلة أيضا بإضافة 90 يوم كل ثمان سنوات كتعويض عن نقص السنة القمرية عن السنة الشمسية. لكن هذه الإضافة لم تستمر بصفة منتظمة، ويبدو أن الناس كانت تنسى تعديل التقويم القمرى فى حينه. أما التقويم العبرى، فكان يضيف شهر كل ثلاثة شهور. والصينيون كانو يضيفون 7 شهور كل 19 سنة.
السومريون كانو يستخدمون النظام الستينى فى حساباتهم، مثل إستخدامنا الآن للنظام العشرى. لقد نقلنا عنهم هذا النظام فى قياس الزمن. فمثلا الساعة 60 دقيقة, والدقيقة 60 ثانية. وأيضا الدرجة، فى قياس الزوايا، 60 دقيقة، والدقيقة 60 ثانية. ولا نزال تستخدم فى قياس خطوط الطول والعرض النظام الستينى. فى لغتنا الدارجه نقول: "راح فى ستين داهية". لماذا 60 بالذات، مع أن 100 أو 1000 أكبر فى العدد؟ لأن وقع 60 داهية أكبر وأعظم على السمع. كل هذا قد أتانا من السومريين.
قام السمريون بحساب السنة 360 يوم، مضاعفات ال 60، والشهر 30 يوم، نصف ال 60. هذه السنة لا تزال غير مطابقة للسنة الشمسية. لا أحد يعرف السبب فى إتخاذ السومريين للنظام الستينى.
ثم قام البابليون بإقتباس النظام الستينى من السومريين، وتحويره وتقسيم اليوم إلى 24 ساعة. تقسيم اليوم إلى 24 ساعة، له علاقة بدائرة البروج التى تمر بها الشمس وباقى الكواكب، والتى يبلغ عدد أبراجها 12 برجا.
المصريون القدماء هم أول من صحح الخطأ فى حساب السنة. فعلوا ذلك عن طريق حساب السنة 12 شهر، والشهر 30 يوم. ثم أضافوا خمسة أيام فى نهاية السنة هى الأيام النسى. بذلك تصبح السنة عندهم 365 يوم وليست 354 يوم كما فى التقويم القمرى. الشهور هى: توت، بابة، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، أبيب، مسرى. وهى أسماء آلهة مصرية قديمة. أما الأيام الخمسة النسى، فهى أيام الآلهة: أوزوريس، أيزيس، حورس (العم)، نفتيس، ست.
فى بداية الزمن، وقعت الإلهة نوت إلهة السماء وزوجة الإله رع فى حب إله الأرض جب. الخيانة الزوجية كانت بين الآلهة أيضا. عندما إكتشف الإله رع أن زوجته نوت حامل من الإله جب، صب رع لعناته على زوجته ومنعها من الوضع فى أى يوم من أيام السنة المكونة من 360 يوم. الإله توت، إله الحكمة والذى يحمل إسمه أول الشهور المصرية، كان هو الآخر فى حالة حب مع الإلهة نوت. يبدو أن نوت كانت ماشيه على كيفها حبتين.
عندما طلبت نوت من الإله توت إخراجها من هذه الورطة، كان عليه أن يخلق زمن جديد خارج السنة، يمكن لنوت الوضع فيه. كيف يخلق توت الزمن الجديد؟ ذهب إلى إلهة القمر ولاعبها وقامر معها على ضياء القمر. كسب توت بذكائه من إلهة القمر جزء من سبعين جزء من ضياء القمر فى سنة كاملة. أى فى 348 يوم. باقى أيام السنة لا يظهر فيها القمر، وبالتالى ليس لها ضياء يمكن الإقتباس منه.
بذلك تمكن توت من خلق 5 أيام خارج نطاق الزمن، حتى تتمكن حبيبته نوت من الوضع فيها. وضعت نوت فى اليوم الأول أوزوريس، وفى اليوم الثانى إيزيس، واليوم الثالث حورس (العم)، ونفتيس فى اليوم الرابع، وفى اليوم الخامس ست. وبذلك أصبحت السنة فى التقويم المصرى القديم 365 يوم.
السنة فى التقويم المصرى القديم قريبة جدا من السنة الشمسية التى نستخدمها الآن. بعد ذلك، عندما رصد علماء مصر القديمة النجوم ولاحظوا أن نجم الشعرى اليمانى (Sirius)، يشرق مع شروق الشمس فى بداية فيضان النيل. تنبهوا إلى أن السنة تحتاج إلى ربع يوم إضافى حتى تستقيم مع بداية الفيضان. بذلك يكون المصريون قد سبقو يوليوس قيصر بألفي سنة فى إستخدام السنة الشمسية 365.25 يوم.
ظل التقويم المصرى مستخدما حتى سنة 30 قبل الميلاد، عندما غزا الرومان مصر أيام كليوباترا، وفرضوا التقويم الرومانى على المصريين وبذلك، أصبح أول شهر توت بداية السنة فى التقويم المصرى القديم (القبطى)، يوافق يوم 29 أغسطس من كل عام.
zakariael@att.net
06/11/2014
