مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 قراءة فى وقائع الأحوال فى انتظار الثورة الثالثة

 

سليم

 

بقلم : أحمد عزت سليم
........................

يتشكل التاريخ بعمقه واتساعه وعلاقاته الفاعلة والمتناقضة فى الحاضر بمجموعة من المؤثرات المتراكمة التى تتفاعل مع حركة الواقع بما تخلق وتشكل لحظتنا الحاضرة ، وهذه الحركة الدينامية الآتية عبر التاريخ والمتراكمة لا تتوقف فى الحاضر ولكنها تتشكل معه ، وتسير نحو المستقبل لتساهم فى تشكيل الواقع الجديد ، هذا الواقع الذى سيحمل معه الحاضر بكل تناقضاته وعلائقه الاحتمالية التى استطاعت البقاء والتشبث والصمود والتحدى لعوامل التغير وموازين القوى داخل الحاضر الذى أصبح حضورا سابقا وحضوراً محتملا يحمل معه ماهية ما سبق فى كلية تفاعله عبر تطوره الزمنى الذى يستتر خلفه السلوك الإنسانى والنشاط الإنسانى ، سواء كان هذا النشاط قمعيا متعالياً أو مقاوماً ومفارقاً لقوى القمع ، وتحتى الاتصال . الحضور ليس حضوراً أحادى الجانب وإنما حضور كلى يحمل معه كل السمات المؤسسة لفاعليات المجتمع ليس فى الجوانب الميتافيزيقية وإنما يشتمل على فاعليات الاقتصاد والسياسية والاجتماع والعلم . إنه حضور للإنسان بكل ما أصابه من تطور ولحقه من خير أو شر فى بنيته الذهنية والفسيولوجية والبيولوجية وبنى المجتمع السياسية والاقتصادية والدينية والعلمية والاجتماعية والنفسية التى أصبحت فى مجموعها تشكل ماهية القوة التى تفرض سيطرتها على الإنسان كروح وعقل وكجسد ونفس أو كحياة ضد  الموت وكبقاء ضد الفناء .

   وتبقى الدعوة إلى التفكير وطلب العلم والمعرفة والدعوة إلى الثورة وإلى تغيير النفس كحركة ضد التقوقع والانغلاق ، قائمة ولانهائية من أجل التجدد وضد التجمد ، ومن أجل الاجتهاد الذى هو القانون الحقيقى للإنسان ، ضد التحجر وضد الانحسار والتضييق والكهنوت ، فلا أحد يمتلك " المطلق " و لا أحد يمتلك " الكلى " مهما ادعت ذلك مؤسسات مذهبية وغير مذهبية ، رسمية وغير رسمية ، ومهما كان الأمراء والآيات والملالى ، والأجناد والسادة والشيوخ والرعية ومهما كانت قوى التشبث وقوى الرجعية فلا وساطة بين العبد وربه ولا كهانة بين السماء والأرض ، كما أنه لا وساطة بين النص وملح الأرض فلا احتكار لإبداع الإنسان ولا نصوص قائمة مقام المعابد السرية وإنما النص ملك الجميع والناس أمامه سواسية كأسنان المشط متجدد بديمومة الحياة وباجتهاد الداخلين فيه ، لتبقى هذه الدعوة وهذه السواسية أمل الشعب طوال هذا الحضور الكلى .

     وإذا كان الواقع العربى يأبى كما يرى المفكر الأستاذ الدكتور حسن حنفى " إلا أن يجعل منطقه الحقيقى فى التطور وأداته فى التغيير هى الثقافة وظيفة المثقفين " وبما تحمله هذه النخبة المثقفة من أبعاد تاريخية وموروثات سلوكية وحياتية فإن هذه النخبة المثقفة فى أغلبها تصدرت مشهد منصات الأنظمة الحاكمة و انفصلت فى أغلبها عن حاضر شعبها وتشرذمت إلى مجموعات معزولة مغلقة على ذواتها وارتبطت فقط بمصالحها المادية مع مصالح الأنظمة القائمة والحفاظ عليها وبطرق مباشرة وغير مباشرة سعيا وراء التوازن فى حالة شبه الاستقرار سواء عن طريق التعمية وتعمد الغموض والتجهيل والتقوقع داخل جسد الذات والمصالح الآنية وفكرة أن الصفوة هى الوحيدة القادرة على حمل المسئولية التغييرية ، واللجوء إلى التنظير الفكرى الذى هو فى الواقع شكل تبريرى لمواجهة الضعف والنقص فى مواجهة تغيير الواقع وكما غنى الشيخ إمام لأحمد فؤاد نجم واصفا المثقف : يتمركس بعض الأيام / يتمسلم بعض الأيام / ويصاحب كل الحكام ( ويمكن الرجوع لكتاب :" الثورة الآن " للروائى المبدع سعد القرش ـ إصدار سلسلة "إبداعات الثورة" هيئة قصور الثقافة ، مصرـ والذى يفضج بقوة جلية وواسعة رياء وخداع ونفاق هذه النخبة المثقفة والوثب السريع من أروقة الحكم المكيفة إلي حرارة الشوارع الثائرة وركوب ثورة الشعب الخالصة).

     ولاشك أن الذات المصرية الآن هى نتاج التطور التاريخى لهذا الحضور الكلى  بما يحمله هذا التطور من العناصر التى تكون البناء النفسى والسلوكى للشخصية المصرية بحيث تعتبر الذات المصرية ببعدها التاريخ العميق إحدى المقومات الجوهرية التى تشكل السلوك الفردى والجماعى فى المجتمع المصرى ، وللشعب المصرى بكل فئاته وعناصره  وقد تعرض الشعب المصرى خلال تاريخه الطويل إلى البطش والقهر الأبديين وصولا إلى التعصير ( أن يعصر الإنسان داخل معصرة ) ، لكنه " بقى حيا " على امتداد عصوره التاريخية مهما يدعى البعض أنه قد تم صياغته ذاته مع موجات الغزو والاحتلال وتغيرت لغته وديانته ومع سنوات القهر ، لقد " بقى حيا " وقائما على الرغم من تآمر القوى المتسلطة وتآمر كل الصاعدين من أسفل السلم الاجتماعى والسياسى وتخلوا عن تاريخهم النضالى وغرهم بريق السلطة فوقعوا فى إسارها ومارسوا دورهم بوفاء شديد وخنوع فى خدمة مصالح السلطة واتباعها بل وزجروا الجماهير والشعب الذى خرجوا منه ومارسوا التعالى عليه واتهامه بالجهل والتخلف وبالتحجر ويتهكمون عليهم بالنكات ثم يزيفون إرادة الشعب ويجلسون على المنصات كممثلين له ويأخذهم التصفيق والهتاف ثم يخرجون منتشيين وكأن الأمر لا يعنيهم .     

     وهذا الحضور الكلى بهذ المعنى الموضوعى وخبرة التاريخ المتمثلة فى " بقى حيا "  لم تدركه عناصر الإسلام السياسى فى العالم العربى وأصبحت للجماعة الإسلامية السيادة المطلقة كما تدعى وبالتالى أصبحت ـ من وجهة نظرها ـ أعظم من الفرد ومن الوطن وحقها يفوق حقوق الأفراد ويسمو عليها وأصبح على الفرد أن ينخضع تماما لإرادتها طبقا لنسق دينى حددته الجماعة بطريقة فوقية وحدها وبفاعليتها وبمظاهرها المنفصلة عن تطورالجضور الكلى للمجتمع  وبالتالى تتشكل السلطة العليا للحكم والمؤسسات كافة من الأشخاص والعناصر الذين ينطبق عليهم هذا الانخضاع والذى يحتم عليهم معاونتها فى أداء أهدافها طبقا لهذا النسق الدينى والذى تختفى وراءه المصالح الرأسمالية البحتة للطبقة العليا للجماعة دون أن يكون هناك فرصة حقيقة للمراجعة التى يفترضها تطور الكون والحضور ، وعلى اعتبار أن هذا التطور والحضور مؤثما شرعا كما تدعى ، وبالتالى تنشأ ارستقراطية من أهل الثقة وأهل الانخضاع  وهم الرعية بغض النظرعن الكفاءة والخبرة والتى تشارك القائم على أمور الجماعة أيا كان مايطلق عليه إماما أو مرشدا أو أية أو شيخا أو مرجعا  فى تدبير أمور الجماعة أو الدولة إن وصلوا لكرسى الحكم  نافية فى ذلك الآخرين وانطلاقا من " أن الله ليزغ بالسلطان مالا يزغ بالقرآن "  ليصير السلطان أيا كان مسماه الآنى "وازع حاكم يرجعون إليه " حتى يستقيم الرعية فإذا كان هذا الحاكم / المرجع يشكل ويمثل سلطة الإله/ النص المقدس فإنه يصير المالك للحركة والحضور الآنى والمستقبل وللرعية والمفسر الوحيد للنص ولا رؤية غير رؤيته ولا سياسية غير سياسته  وفى إطار ذلك المفهوم ليس غريبا أن يؤم الرئيس المرسى الصلاة وفى حضور النبى ( عليه أفضل الصلاة والسلام ) كما ادعت رعيته وبالتالى فنحن أمام حكم ثيوقراطى حتمى صار تجسيدا لسلطة القائم على أمور الجماعة  كسلطان إلهى ـ أيا كان مسماه ـ كمفوض لسلطة الإله / النص المقدس ، والتى تشكل جوهر  السلطة السياسية العليا ، وبها تصبح القوانين المدنية الواجبة التطبيق التى تسعى الجماعة لتسييدها هى تعبيرا عن القوانين الإلهية ويصير رجال الدين من أهل الجماعة الحاكمة فقط  وكما يوصفون " حفظة كتاب الله "  هم الخبراء بتلك القوانين الإلهية وتتمثل فيهم سلطة الله وبالتالى تبقى هذه السلطة ورجالها من أهل الجماعة فقط خارج النقد والمراجعة ، بل هم أقوى قداسة من المقدسات ذاتها ( كما قال المرشد العام للجماعة فى25 يوليو 2013  ": أقسم بالله غير حانث أن ما فعله السيسي في مصر يفوق جرما ما لو كان قد حمل معولا وهدم به الكعبة المشرفة حجرا حجرا )  ويكون لزاماً على الآخرين القيام بواجبات السمع والطاعة ولتصير بآلياتها وشروطها المقدسة ـ كما تدعى ـ القانون الذى يحتم تواجد كل ما حاوله بناء عليه هو فقط ، وتتحدد به كل الظروف كقوة فوقية تتنافى مع الحرية الذاتية فى الفعل والامتناع عن الفعل كحق للإنسان فى إثبات ذاته المتفردة وجوهر وجوده وفكره بما لديه من عقل له الحرية والإرادة والاستقلال فى امتلاك واختيار مصيره ، وقلب له حرية الإحساس واختيار عواطفه الإنسانية والتعبير عن إبداعه الإنسانى بقوة حريته ورفض القسر الخارجى والقهر السلطوى ليصير الفعل الإنسانى كما قال الغزالى : " ما يصدر عن الإرادة حقيقة  ، بينما الفاعل من يصدر عنه الفعل مع الإرادة للفعل على سبيل الاختيار ، ومع العلم بالمراد " وكما فسر هذه العبارة الراحل الفليسوف زكريا إبراهيم  " بما يعنى حرية الاختيار القائمة على الإرادة المطلقة وحرية الاستقلال الذاتى بعد تدبر وروية " .  ثم هى مع ثيوقراطيتها تصير نظاما ديكتاتوريا فى آن واحد  بكونها مصدرا لكل السلطات وبكونها القانون الواحد ، رافضة مبدأ الفصل بين السلطات كمبدأ داخل فى صميم الحرية ذاتها وكوسيلة دفاع ضد  شتى ضروب الاستغلال والتعدى على القانون والمساواة  وبالتالى ضد التعدى على الحرية الإنسانية كما رأى مونتسكيو ، لتصير الممارسة بكل أنواعها لصالح الجماعة والفصيل والرعية مرتكزة على تنظيمها الهرمى التراتبى المتنوع والمتعدد والمتداخل الآليات والفاعليات بداية من مؤسسة الإرشاد والحوزات والمشايخ الدينية والتنظيم الأمنى والتنظيم العسكرى والحرس الثورى والتنظيم الاقتصادى والتنظيم الاجتماعى ... إلى أخر الآليات التنظيمية الديكتاتورية التى تستهدف الاستحواذ وممارسة سلطانها وهى ترتكن إلى مجندين ووكلاء من الرعية يرتبطون بها أفقيا وعموديا وبصلاحيات واسعة تستهدف التحكم فى العام والخاص ومن خلال أيديولجيتها التى تقبع خارج التاريخ ولتشكل نسقا خارجا عن المجتمع بما يحمله المجتمع من أنشطة وتفاعلات إنسانية وتحمل فى جوهره نمطا جامدا يأخذ شكل فكرة ثابتة تعتمد النسق المقدس الذى تدعيه وحدها وبمفردها ولا سبيل للاجتهاد الذى دعا إليه النص القرآنى ذاته ، فيها ، ويصعب تغيرها حتى وإن توفرت الأدلة على خطأها ويرتكز على مجموعة من التعميات المتحيزة والمبالغة فيها والتى قسمت المجتمع إلى أنماط بشرية جامدة وعلى سبيل المثال : علمانى ـ كافر ـ ليبرالى ـ مسيحى ـ ناصرى ـ يسارى ، وفى المقابل ـ إسلامى ـ ومؤمن ـ حافظ كتاب الله ـ مسلم ، حتى صار هذا النوع من المماراسات بما يمثله من أنماط سلوكية مستمرة بقوة دوافعها الموسومة بالقداسة والتى تميزت بالجمود والسلوك القهرى نوعا واضحا للرسوخ الشاذ لجماعات مرجعية منعزلة  ، ساهمت بقوة فى تهديد استقرار النظام الاجتماعى وضرب التضامن بين أفراده  والولوج به نحو التفكك  بما تدفعه من تنافر القيم السائدة  بينها وبين أغلبية فئات المجتمع المختلفة وأنماط السلوك الناتجة عنها مما دفع إلى حالة من السخط الواسعة النطاق وخاصة بعد الوصول للسلطة كما فى النموذج المصرى ومحاولتها تسييد نسقها وجماعتها حيث اعتقدت هذه الجماعات أنها تستطيع أن تمتلك القوة والقدرة التامة فى السيطرة على النشاطات السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية ، الإنسانية والقدرة على التحكم فى مسار التاريخ  بل وفى قدرتها الفوقية المستمدة من الإله والمدعومة منه ـ كما تدعى ـ   السيطرة على الحراك الاجتماعى وحاولت بقوة وجودها فى السلطة أن تنقل الرعية على مستوى الحراك الاجتماعى الرأسى  من مركز اجتماعى إلى مركز اجتماعى أعلى ومن طبقة دنيا إلى طبقة أعلى وكذلك على مستوى الحراك الأفقى من مركز لآخر بهدف التمكين للجماعة والأمثلة فى الحالة المصرية خطيرة وكثيرة ممن اعتلوا وظائف ومناصب عليا وهم غير مؤهلين علميا وبدون أية خبرة تخصصية لذلك  وامتدت السيطرة إلى مؤسسات المجتمع كافة ، الساسية والتعليمية والدينية والاقتصادية والصناعية العامة والخاصة بالإجبار على المشاركة فى رأسمال مشروعاتها وحركتها الداخلية والخارجية ، وكما فى اعتقادها ورغبتها ومخططاتها تحقيق القدرة على السيطرة على الشعب وأفراده بل والقدرة على الضغط عليهم ورقابتهم للحصول على طاعتهم والتدخل فى حرياتهم وتوجيه جهودهم إلى نواح معينة ، لا تستهدف فقط تحقيق مصالح الجماعة بل المصالح الرأسمالية للطبقة العليا المتحكمة فى فاعلياتها وعلى حساب الوطن ودولة المواطنة مستخدمة نسقها الدينى كراية ترويع وخداع ، وكطريق لممارسات الإقصاء والقمع بمختلف وسائله وأنواعه السياسية والاقتصادية والبوليسية والعسكرية والدينية والتى تصل إلى حد تكفير المعارضين وتخوينهم ، ( كما وصف البعض منهم الرئيس المؤقت عدلى منصور بأنه يهودى من الطائفة السبتية ) وذلك من منطلق امتلاكهم ـ كما يدعون ـ الحق الآلهى وتمثيلهم له على الأرض وتوقيع الجزاء التكفيرى على المذنب (واقعة اغتيال الرئيس السادات نموذجا اعتلى فيه القتلة القائمين على الجزاء التكفيرى منصة احتفال ذكرى يوم انتصاره على العدو الصهيوينى بعد وصول الجماعة إلى الحكم ) و تحولت دور العبادة والمؤسسات الدينية إلي منابر تأييد الجماعة وسلطة نظامها القائم بدلاً من تقويمه ، مما أفقد دور العبادة دورها الأساسي في دعم الجانب الديني لدي الفرد ، وساعد على بث روح الكراهية والفرقة بين أبناء الوطن الواحد ، ووصولا لإعلان العمالة المباشرة والصريحة المتمثلة فى  تصريحات وتهديدات القيادى الإخوانى البلتاجي عن استمرار العمليات الإرهابية في سيناء ضد الحيش المصرى ، حتى سيطر تيارها المسمى بالإسلامي على معظم مفاصل الدولة التشريعية، التنفيذية ، ومن خلال الإعلان الدستورى الذى أعطى للرئيس مرسي كل الصلاحيات صانعاً فرعون جديد . وبالانفراد بكتابة الدستور المصري بعد الثورة بإصدار دستور غير متوافق وطنياً مع جموع الشعب المصري ، مما أدي لافتقاد التوافق نهائيا ً، وزيادة حالة الإستقطاب في الشارع المصري ، لأنه لا يعبر عن تنوع 83 مليون مصري ، وتزوير الاستفتاء عليه ، بالإضافة إلى سن قوانين وتشريعات مقدمة من جماعة الإخوان من خلال مجلس شورى باطل لم ينتخبه إلا 5% من الشعب المصري وإستخدام سياسة القمع والقهر والإقصاء للمعارضة وتخوينها المتعمد والتي تعاملت بها السلطة القائمة مع المعارضين و المفكرين ، والصحفيين ، ومن خلال ملاحقة الإعلامين المعارضين للنظام قانونياً إلي النيابة العامة أو من خلال قرارات غلق القنوات الفضائية لإتجاهاتها المعارضة وقمع الحركات السياسية المعارضة والناشطين حيث وصلت قضايا الرأي لأعلى معدلاتها فى خلال سنة أكثر من 100 قضية ، وتزايد عدد المعتقلين السياسين حتى المواطنين العاديين تعرضوا للبطش والقتل أمثال  نادرين لويس ( ٢٣ سنه ) ماتت وتم قنصها يوم ٢٨ يونيو في بلكونة بيتها لكونها رافعة علم مصر وبتصورمظاهرات الرعية  ونهى محمد البنت القاهرية وكانت تقضي أجازة الصيف في الأسكندرية وتضع ستيكر تمرد علي سيارتها ووضعها القدر في طريق مظاهرات الإخوان في سيدي بشر فكان كفيل انها تتعري وتموت مسحولة ومتقطعة بسكاكين الرعية. ومع التعدي على سلطة القضاء في مصر وأبرز مثال لذلك حصار المحكمة الدستورية العليا من قبل مؤيدى الرئيس المعزول والذى يعتبر إهانة للسلطة القضائية باكملها ولم يشهد التاريخ مثلها من قبل ، مستغلة فى ذلك سقوط النخبة المثقفة وتغييبها وضعف القوى السياسية والحزبية الهشة والقائمة على مبادئ واهية بلاهوية محددة فتعددت الاتجاهات السياسية داخل الحزب الواحد وتعددت معها الانقسامات والولاءات بين الأعضاء وازداد التسارع على الرئاسات والمناصب الأفقية والرأسية بداخلها وعلى الظهور الأعلامى ثم تمويل مالي شبه معدوم ومتعدد المداخل والمصادر غير شعبى ولا يعبر عن قناعة سياسية بالإضافة إلى افتقاد الرؤية المستقبلية وتحول الوجود الشكلى الظاهرى الإعلامى إلى متاجرة بالثورة المصرية لإثبات تواجدها المزعوم فى الشارع ، ما جعلها أحزاب كرتونية لا تضيف شيئاً إلى الحياة السياسية بل أداة من أدوات السلطة القائمة ـ قبل وبعد الثورتين 25 يناير و30 يونيو ـ  لخداع الشعب بتواجد ديوقراطية مزعومة وحياة سياسية موسومة بالنشاط وموائد الحوار الوطنى الكاذبة وتحالفات وجبهات حزبية هشة لم تتجاوز أعضائها وما زالت تمارس بعد ثورتين نفس أدوارها التخليطية وتكتفي بالمبادرات والشجب والتنديد على صفحات الجرائد ، والمؤتمرات الصحفية الضعيفة والمفرغة المضمون غير عابئة بإعادة هيكلة استراتيجياتها ومعالجة ضعفها التنظيمى وبناء كوادرها فى الشارع المصرى ، ووضع مصلحة الوطن فوق خلافاتها وصراعتها الداخلية .

    ولم تع سلطة الجماعة ومن يذوب فيها من حركات تصف  نفسها بالإسلامية  نتائج تلك الساسيات التى استهدفت التمكين وبعد ثورة 25 يناير التى لم تدعو لها أو يحرضوا عليها أساسا بل اعتبروا الدعوة إليها خروجا على الحاكم ، فى زيادة التباين الاجتماعى بين أفرادها وبين أغلبية فئات المجتمع الأخرى ومؤسساته والناتج عن زيادة المزايا الاجتماعية والساسية والاقتصادية والأدبية للرعية من شاغلى هذه الوظائف والمناصب والأماكن والمؤسسات الرأسمالية التى تمتلكها أو التى استهدفت السيطرة عليها والتدخل فى أنشطتها واحتكار الأخوان لموارد ومنشأت الدولة بشكل غير طبيعى وطردى فجائى ( حالة الصكوك الأسلامية التى استهدف السيطرة على مقدرات الوطن ، والتخطيط لبيع المناطق الاستراتيجية للقوى الأجنبية كما فى مشروعات سيناء وقناة السويس ) مما خلق حالة خطيرة وقوية من التباعد الاجتماعى بينها وبين سائر فئات و مؤسسات المجتمع بكل تنوعاتها وتعدداتها وانتهى معها التعاطف والتفاهم والتفاعل والانتظار أعقاب الانتخابات التشريعية والرئاسية ، مع النظام القائم  ووصل إلى أقصى درجات الرفض والعداء وبما يمثله من أفراد وجماعة ومحتوى ومضمون ومشروع لإقامة الدولة الدينية وتحول الرفض إلى مستويات سلوكية متطورة من السلوك الذاتى إلى السلوك الفردى ومع زيادة درجة التعامى المتعمد لمخاطر سياسات التمكين تحول السلوك الفردى إلى سلوك جمعى وسلوك جماهيرى استهدف الحصول على الحرية وامتلاكها وحماية أنفسهم ضد طغيان النظام القائم الذى اغتصب سلطة الشعب وسيادته الناتجة عن ثورة 25 يناير ، ووضع حد لسلطة استبداد جماعة تتحكم فى مصائرهم ولم تقدم لهم شيئا من أجل تحسين أحوالهم  بل وحولت نجاحها فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية تلك إلى طغيان انتزع مقاليد الحكم من أيادي الشعب إلى صالح الجماعة بتنظيماتها الرأسية والأفقية على حساب مصالح الشعب وإنهاء سلطته المكتسبة من ثورته وسعت إلى تحويل الشعب إلى قطيع تقوم حياته على الاتباع والتقليد والموافقة والتسليم المستمر مثلما يتميز رعية الجماعة القائمة على السمع والطاعة إلى الدرجة التى أطلق عليهم الحس الشعبى  " الخرفان " .

    وكان من نتاج تلك السياسات السلطوية المتعامية عن عمد لخدمة مخططات التحالف الأمريكى القطرى التركى الحمساوى الإخوانى لتفكيك الوطن وصناعة التطرف والتجنيد الأمريكى للتيارات الموسومة بالإسلامية والتى تنعم بالحماية والدعم المالى والعسكرى الاستعمارة الغربى ومن خلال الوسائط التركية القطرية والحاصل الكثير من أعضائها على الجنسية الأمريكية تحت دعاوى إقامة الخلافة الموسومة بالإسلامية  :

     إستمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية وتدني مستوى الخدمات اليومية للمواطنين، وتدهورت الأجور، وارتفعت الأسعار، وزاد معدل التضخم، وانعدمت الإستثمارت ، رغم وعد الرئيس للشعب بتحقيق إنجازات في أهم خمس قضايا يحققها فى100 يوم ، ولكن بعد 365 يوم لم يحقق أي منها مطلقاً . وزيادة الإعتصامات والإحتجاجات من كل فئات الشعب خلال عام واحد فقط ضد الرئيس وجماعاته وصلت إلي 3817 إحتجاج في عام واحد فقط ، وعدم الالتفات لمطالب الشعب من إقالة الحكومة الفاشلة على مدار سنة والتى استدانت 300 مليار جنيه خلال 10 شهور ولم تقدم أى إنجازات على المستوى الاقتصادي وتعيين نائب عام بطريقة غير شرعية ، وتعيين نائب عام بطريقة غير شرعية بالإضافة إلى جريمة تعذيب المعتصمين فى الاتحادية بالقصر الرئاسى تحت سمع وبصر مرسى وكذبه أمام الشعب ورفضه التحقيق فى مذكرة شاهد التعذيب المستشار مصطفى خاطر، المحامي العام الأول ، ومرورا بفضائح تراجع الرئيس عن قراراته و بمقولة تبدأ رئاسة الجمهورية ، تبريرها لعدول مرسى ، عن قرار أصدره ، "احتراما للقانون وحرصا على الشعب "  وأحس معها الشعب بمهزلة الرئاسة فى عدم احترام القانون والاستهانة بالشعب مما دفع الحس الشعبى لوصفه بالمرأة ، ووصولا إلى إحساس المواطن العادى فى نجوع مصر بضياع هيبة الدولة المصرية وحقها فى النيل والإضرار المترتبة علي مشروع بناء سد النهضة والمواقة عليه دون مناقشة ودراسة جادة للموقف ، بالإضافة إلي مهزلة الحوار الوطني لحل مشكلة سد النهضة ومسخرة استقبال مرسى فى أثيوبيا التى لا تليق برئيس مصر ـ وهو ما لم يحدث طوال التاريخ ـ  حيث استقبلته وزيرة إثيوبية فى المطار بالعاصمة الأثيوبية .

    فى إطار ذلك ومع تصاعد الإحساس بعدم وجود الدولة لعدم إتخاذ خطوات ملموسة للإصلاح في سائر قطاعات الدولة وخاصة وإنتشار السلاح وحيث إنتشرت الحوادث والجرائم بسبب الأهمال خلال سنة من حكم الجماعة ، مثل حادثة أطفال أسيوط – أحداث الاتحادية والصعيد وبورسعيد والاحتجاجات فى المحافظات ضد جماعة الاخوان – وجرائم القتل بسبب السلاح المنتشر بين العامة ، تصاعدت حدة حالة التأزم وانتقلت من الحالة الذاتية سريعا إلى الحالة الفردية وبقوة إلى الحالة الجماعية وبقوة أكثر إلى الحالة الجماهيرية وتحولت الحركة الشعورية التى تستهدف وتسعى إلى التخلص من الأزمة التى تهدد الكيان الوطنى فردا ومجتمعا ودولة بالتمزق بسيطرة سلطة الجماعة ومنظماتها وسياساتها والجماعات الذائبة فيها ، وذلك فور إعلان التمرد المتمثل فى حركة " تمرد " والتى صارت معبرة عن القرار الجمعى الجماهيرى السلوكى نحو الثورة على الوضع القائم والتخلص من حالة التأزم وكان المنظر إنسانيا مؤثرا وأنت ترى المواطنين البسطاء يخرجون فرادى وجماعات مسرعين بتلقاء أنفسهم وبحريتهم الخالصة ومن وسط أعمالهم فى الأراضى الزراعية والمصانع وكافة مؤسسات المجتمع الخاصة والعامة وفى تعبير بالسعادة نحو الحصول بقوة على استمارة تمرد والتوقيع عليها ولم ير النظام القائم فى كل هذا الحراك الجماهيرى وفى أكثر من 30 مليون مواطن ثائر فى كل ميادين مصر وعلى لسان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية وعلى لسان المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة سوى الادعاء بحالة تحرش فى ميدان التحرير!! لتزداد الجماهير إصرارا على التخلص من هذا النظام المتعامى عن ثورتهم ، وبإعلان مباشر وظاهر للغضب والرفض مصاحبا ذلك بالتعبيرات القوية الرفض والتمنى من التخلص من السيطرة كإعلان إرادة خالص متفوقا على كل النخب ومنظماتها دائمة الركوب على ثوراتهم ليحقق فى 30 يونيو نهاية سلطة الجماعة ومركزيتها وتمكين رعيتها وإعادة الاعتبار لإرادته الحرة وبعيدا عن فرض وصاية الصفوة عليه على اعتبار أنه صانع الحياة والوطن " لقد بقى حيا " ، وليبقى عدم الحفاظ على هذا الاعتبار الخالص هو الدافع لقيام الثورة القادمة ، وفى ظل استمرار نفس فاعليات وآليات ومحاولات الصفوة الراكبة على كل الثورات . وفى إطار ذلك انتظر الثورة الثالثة وحتى يكون الشعب هو صانع الحياة والوطن .

أحمد عزت سليم
 عضو اتحاد كتاب مصر
وعضو آتيليه القاعرة للفنانين والكتاب


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية