مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 قانون العودة

 

قانون العودة
وقانون أملاك الغائب الصهيونى
والأحزمة العنصرية والمستعمرات الاستيطانية الإحلالية
نموذجا
لتهويد التاريخ والحاضر والجغرافيا
بالإبادة المقدسة وإلغاء الهوية والذاكرة
سعيا لتهويد القدس واستعادة عاصمة المملكة المزعومة

 

بقلم: أحمد عزت سليم
......................


ما تعرض شعب فى التاريخ البشرى من اقتلاع ومحو واجتثاث مثلما تعرض الشعب الفلسطينى تحت سمع وبصر كل من فى أرجاء المعمورة البشرية بل ومشاركة العديد ممن فيها ، وممن يتحكمون فى العالم ويقودون الحركة الاستعمارية العالمية ، وتقع مدينة القدس فى قلب سياسات الاقتلاع والمحو والاجتثاث حيث تخضع المدينة بالكامل لسلطة الإبادة المقدسة وإلغاء ومحو الهوية والذاكرة وتشكيل تاريخ مزيف ومحرف ، تلك السلطة التى تفرضها القيود والقوانين والإجراءات الإجرامية على الجغرافيا الفلسطينية بما تحتويه من أرض ومواطنين ومؤسسات ومنشآت وآثار وبما تحتويه من هوية وذاكرة جمعية وتاريخ ممتد وعميق ، تلك السلطة الإجرامية التى تشكل فى مجموعها بنية التهويد الكلية والتى تبلورت كاملة فى عملية تهويد القدس تلك العاصمة الدينية المقدسة التاريخية السياسية الاقتصادية العربية مستهدفة الاجتثاث الكامل للشعب المقدسى لإقامة عاصمة سياسية سيادية لـ"دولة" "إسرائيل" إلى الأبد كمقدمة لإقامة المملكة المزعومة التى تستعيد العصر الذهبى والتى يعملون من أجل اختلاقها وصناعة قدس يهودية توراتية كما اختلقوا وصنعوا" دولة "إسرائيل ، وهذه السلطة الإجرامية فى التهويد تفوق التعريف الذى عرفه العلامة عبد الوهاب المسيرى : بأنه هو نزع الطابع الإسلامى والمسيحى عن القدس وفرض الطابع الذى يسمى " يهوديا "، وتهويد القدس جزء من عملية تهويد فلسطين ككل ابتداء من تغيير اسمها إلى " إرتس إسرائيل "، وانتهاء بهدم القرى وإقامة المستوطنات ودعوة اليهود للاستيطان فى فلسطين . وحتى يمكن فهم عملية تهويد القدس ـ كما وضحها العلامة عبد الوهاب المسيرى ـ فإنه يجب أن نراها لا باعتبارها عملية التهام عشوائية نهمة ، وإنا باعتبارها مخططا باردا له أهدافه الواضحة ويترجم من خلال إجراءات محددة . هذا المخطط يهدف إلى " تأسيس القدس الكبرى الموسعة ، اليهودية الخالصة : كتلة استيطانية ضخمة تمزق وإلى الأبد الوحدة الجغرافية للضفة الغربية " ( كما ورد فى إحدى وثائق حزب الليكود) . ويستهدف هذا المخطط أن تكون القدس الكبرى بمنزلة متربو ليتان ، تمتد غربا باتجاه تل أبيب، وجنوبا باتجاه حلحول والخليل ، وشمالا إلى ما وراء رام الله ، وحتى حدود أريحا شرقا . وكل هذا يعنى ضم حوالى 1250 كم ( ثلاثة أرباعها من الضفة الغربية ) ، وأن تبلغ مساحة القدس الكبرى 21% من مساحة الضفة ، وتبلغ طول المدينة 45 كم وعرضها 25 كم . وفى سبيل ذلك تصاعدت الإعمال الإجرامية من خلال مجموعة القوانين والإجراءات العنصرية منذ اختلاق الكيان الصهيونى وشهدت سلطة الإبادة المقدسة تصعيدا مع نيتانياهو الذى يؤمن بأن القدس تجسيدا للأبدية اليهودية قائلا "الأبدية تتجسد في القدس والناس يتوجهون للعاصمة ويدركون استمراريتنا وتاريخنا"، وازدادت إجرامية التوجهات العنصرية لـ "لدولة " الصهيونية بعدما إدعاه "بأن هنالك حوالي 30 ألف معلم تاريخي يهودي يجب إحياؤها من جديد، وذلك فى الأربعاء 3/2/2010"ومن قبله أعلنتها الولايات المتحدة على لسان رئيسها الأصولى بوش وأمام 17 وزير خارجية ومسئولا عربيا عدا العشرات من ممثلى الهيئات والمنظمات الدولية والعالمية فى مؤتمر أنابوليس 2007: ان الولايات المتحدة ملتزمة إلتزاما مطلقا بأن إسرائيل دولة يهودية للشعب اليهودى ووطن قومى لليهود جميعا .وفي أعقاب ذلك ارتفعت وتيرة المخطط والهجوم الإسرائيلي التراثي على المواقع الدينية والتراثية العربية الإسلامية كما تجلى ذلك بقرار حكومة نتنياهو اعتبار الحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال بن رباح وأسوار القدس من المعالم التراثية اليهودية ، كما ارتفعت حدة الهجوم العنصرى على المدينة المقدسة ، وبات الاحتلال يستهدف المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والبلدة القديمة بشكل مباشر، وتوفر حكومة الاحتلال لهذه الهجمات والمعارك مسوغين من السياسية واللاهوتية ، وفى إطار ذلك أعلن سيلفان شالوم الوزير الأسرائيلى وأبرز الوجوه المتشددة في الليكود "إن المعركة بدأت لفرض السيادة الإسرائيلية على القدس وبشكل خاص جبل الهيكل-المسجد الأقصى ، و بدأت عمليات التهويد الصهيوني للقدس مع احتلال الشطر الغربي من المدينة في حرب 1948، ومن ثم تم إصدر الكيان الصهيونى عن الكنيست الأول قانون " حق العودة "فى عام 1950 والذى يمنح أى يهودى فى العالم حق الهجرة إلى فلسطين حيث تحول التفرد العنصرى باليهودية كجنس مزعزم بالتميز والتفرد إلى شكلا قانونيا تمنح صاحبها حقوقا قانونية دون غيره من غير اليهود ، وخضع لتعديل لاحق عام 1954 وفى عام 1970 وذلك اعتمادا على بأن اليهود " شعب بلا أرض " نفى بالقوة والقسر من وطنه " إرتس يسرائيل " ويعتبر بموجبه كل يهودى هاجر إلى فلسطين قبل سريان القانون وكل يهودى مولود فيها قبل سريانه أوبعده ، شخصا جاء إلى فلسطين بصفة " مهاجر عائد "وأصبح القانون على حد تأكيد بن جوريون هو التعبير القانونى عن الرؤية الصهيونية وتضمن التعديل الأخير فى عام 1970 بأن اليهودى هو" المولود لأم يهودية أو المهتدى إلى الدين اليهودى والذى لايدين بدين آخر " كما نص على أن تمنح الجنسية الإسرائيلية بصورة آلية لجميع أفراد الأسرة المهاجرة من غير اليهود " وعدل فيما بعد بأن يعرب المهاجر على نيته فى الاستقرار فى إسرائيل ، وكان التنفيذ فى التعديلات الأخيرة محروم منها تحريما قطعيا كل الفلسطينيين كل المهاجرين الين هاجروا من أراضيهم عام 1948 ، وعليه فقط وفى بدايات تطبيق القانون العنصرى تجلَّى التهويد العنصرى الإحلالى باجتثاث الوجود البشري والاجتماعي والعمراني والاقتصادي لأكثر من 60000 فلسطيني قامت سلطات الاحتلال بتهجيرهم القسري وتحويلهم إلى شتات من لاجئي مخيمات الصفيح في الدول العربية المجاورة، ومع سقوط القدس الشرقية في قبضة الاحتلال في حرب حزيران/يونيو 1967، بدأت إسرائيل استكمال مشروعها التهويدي للمدينة بخطى متسارعة. أفضت السياسات الاستيطانية التي اعتمدتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى تغيير جذري في خارطة التوزّعات الديمجرافية في المدينة المقدّسة. وفى عام 1967 بعد أن كانت القدس الشرقية (العربية) خالية من أي مستوطن يهودي قفزت أعداد المستوطنين إلى أكثر من 160 ألفًا حتى منتصف العام 1996 وإلى 180 ألفًا حتى نهاية العام 2001 ثمّ إلى 236 ألفًا العام 2008 مقابل 155 ألفًا فقط من العرب ؛ الأمر الذي يعكس فجوة الاختلال السكاني لمصلحة اليهود و بالتالي تنفيذ مشروع تهويد المدينة ومع استصدار قانون أملاك الغائبين في عام 1950 لتكتمل المنظومة الإحلالية العنصرية التى تسمح للعصابات الاستيطانية لإضفاء الصفة القانونية الكاملة على سيطرتهم على الأراضي الفلسطينية تدريجيا، حيث يمنح "القانون" الوصي الإسرائيلي على أملاك الغائب "الحق" في الاستيلاء والإدارة والسيطرة على الأرض التي يملكها أشخاص يعرفون "كغائبين".من اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا أملاكهم وديارهم إلى خارج فلسطين إثر نكبة عام 1948، والغائب هو أي فلسطيني هجر إلى خارج فلسطين في الفترة من 29 نوفمبر 1947 إلى 18 مايو 1948 عن تلك الأقسام من فلسطين التي أقيمت عليها إسرائيل ومن أجل ذلك قامت القوات الصهيونية بتشريد الآلاف من الفلسطيين حتى تصبح ممتلكاتهم وأراضيهم مباحة للنهب والسيطرة والاستيلاء من قبل الصهاينة ، ويشمل هذا القانون كذلك الغائبون الحاضرون ، وهم اللاجئون المحليون الذين يقيمون داخل الخط الأخضر في قرى ومدن غير قراهم ومدنهم الأصلية ، وتم في آخر الأمر تحويل الأراضي الفلسطينية التي استولي عليها وفقا لهذا القانون من الوصي إلى سلطة التطوير الإسرائيلية أو الصندوق الوطني اليهودي واستخدمت لتوطين اليهود فقط والاستيطان . وفى إطار السعى الإجرامى لحكومة نيتانياهو على تطبيق قانون الغائب في مدينة القدس توسعت مخططات الحكومة الصهيونية للإطباق على المدينة وتهويد كل مناحي الحياة وصولا إلى الإخلال بالتوازن السكانى لصالح التواجد اليهودي في المدينة. والذى وصل الآن إلى مايقرب من 300 ألف يهودى مستوطن بالقدس الشرقية فى إنتظار وصول التهويد إلى منتهاه وصولا لاجتثاث السكان العرب المقدسيين من المدينة وقبل عام 2025 ، وأصبح فى إطار تطبيق هذا القانون العنصرى يجرى التأكيد والتنفيذ الفورى بمصادرة الأرض الواقعة إلى الغرب من الجدار العازل العنصرى الصهيونى وعدم دفع أي تعويضات لمالكيها الفلسطينيين، ولا تعرف مساحة الأراضي التي ستتأثر بتطبيق قانون أملاك الغائب ، لأن الحكومة الإسرائيلية فى إطارمخططات تهويد الجغرافيا الفلسطينية والتاريخ الفلسطينى استولت على سجلات كل الأراضي الفلسطينية المستأجرة في القدس بعدما أغلق بيت الشرق في أغسطس 2001 ، كما حرقت الأيدى الصهيونية المكتبة الوطنية الفلسطينية التى تضم الوثائق والمخطوطات الخاصة بالوزارات والسجلات ووثائق الملكية وكل السجلات حتى عام 2003 . ، وفى هذا الإطار صودر43.5من الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية واستخدمت لبناء المستعمرات الإسرائيلية فقط، كما أعلن عن 41% من الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية "منطقة خضراء"والتى تبلغ مساحتها 41% من الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية وهي بذلك تخضع لقيود بناء مشددة وضعتها الحكومة الإسرائيلية ومن جراء ذلك ، بات المزارعون الفلسطينيون يواجهون صعوبات جمة في الوصول إلى أراضيهم، فضلا عن إغلاق أكثر من 88 منظمة فلسطينية في القدس منذ العام 1967، فقد أجبرت 33 منظمة على نقل مكاتبها ونشاطاتها إلى الضفة الغربية لطمس الهوية الفلسطينية ومؤسساتها ابتداء من إغلاق بلدية القدس العربية ( أمانة العاصمة) التي تم إغلاقها في عام 1967، وتلاها إغلاق 35مؤسسة وجمعية مجتمع مدني من مختلف الأحجام، لغاية العام 1986ومع ارتفاع وتيرة الانتهاكات وتقييد حرية العمل الأهلي والمدني واندلاع الانتفاضة الثانية في العام 2000 شهدت مدينة القدس حملة إغلاق لمؤسسات المجتمع المدني العاملة بمختلف القطاعات التنموية والاغاثية؛ فمنذ العام 1995 ولغاية نوفمبر 2011 تم إغلاق أكثر من 53 مؤسسة فلسطينية منها بيت الشرق، ومركز أبحاث الأراضي، وجمعية الدراسات العربية، والمجلس الأعلى للسياحة، وهيئة الإذاعة التلفزيون الفلسطيني، والمركز الجغرافي الفلسطيني، ونادي الأسير الفلسطيني، واتحاد الغرف التجارية العربية الصناعية الزراعية، وجمعية الرعاية للمرأة العربية، والمنتدى الثقافي – صور باهر”.ومركز نضال للعمل المجتمعي البلدة القديمة، ومؤسسة القدس للتنمية- بيت حنينا والضاحية، ومؤسسة شعاع النسوية في شعفاط، ومؤسسة عمل بلا حدود في كفر عقب كنوع من أنواع التضييق الإجرامى للمؤسسات التى تحتوى الشعب الفلسطينى لإكراهه على المغادرة ولم تسلم آثار المدينة من عمليات التهويد الإجرامية الممنهجة وعن طريق الهدم والجرف وعمل الأنفاق والحفريات بزعم البحث عن الهيكل وتهويد حتى الشوارع بحجة التوسعة وجذب السياح بالإضافة إلى نهب ما يزيد على 11 ألف موقع أثرى فلسطينى بعد عام 1967 معظمها يعود إلى العصور البرونزية والحديدية والرومانية والبيزنطية والإسلامية ، فضلا عن بيع مائة ألف قطعة أثرية سنوياً ونقل آلاف القطع من المناطق الفلسطينية عن طريق سلطة الاحتلال وقيامها بتهويد منطقة القصور الاموية الواقعة الى جنوب المسجد الاقصى ، وتحويلها الى مطاهر للهيكل المزعوم !!وإقامة الطقوس التلمودية فى المساجد بحراسة الآليات العسكرية لقوات الاحتلال الصهيونى وعلى سبيل المثال لا الحصر أدى عشرات المستوطنين فجر الثلاثاء 28/2/2012 طقوسًا تلمودية بمسجد النبي يونس في بلدة حلحول شمال الخليل بالضفة الغربية المحتلة بحراسة الآليات العسكرية لقوات الاحتلال الصهيونى ...ونتيجة لذلك تواجه كل أراضي هذه "المنطقة الخضراء" خطر المصادرة والنهب والطمس ، وليس فقط المساحة التي يملكها أصحاب الأراضي "الغائبون وتقوم إسرائيل باستخدام 3.4% من مساحة القدس الشرقية للمرافق العسكرية الإسرائيلية والطرق وغير ذلك من البنى التحتية الإسرائيلية، وفيما يتعلق بأراضي "المنطقة الخضراء"، تتلاعب الحكومة الإسرائيلية بقانون عثماني قديم ينص على أن الأراضي التي لا تتم فلاحتها لمدة ثلاث سنوات يمكن مصادرتها من قبل الدولة وإعلانها "أراضي دولة لتصير ملكا للعصابات الصهيونية الإجرامية سعيا لإلغاء السمات الحضارية العربية والاستيلاء على الجغرافيا ،وفى ظهر الأربعاء 29-2 - 2012 أعلنت الحكومة الإسرائيلية ، عن تشكيل فريق لفحص تنفيذ أوامر هدم المباني في شرقي القدس المحتلة، وسبل تسريع عمليات الهدم بحجة عدم وجود ترخيص لهذه المباني تحقيقا للإستيلاء على الجغرافيا لاستعادة أرض الميعاد وتبديا مع المزاعم اللاهوتية والتلمودية تحقيقا لمقولة " الأرض الموعودة " و "شعب الله المختار" وإنجازا لأيديولوجية التفوق اليهودي ومن هنا تكون للسيطرة الكاملة على جغرافيا القدس وإفراغها من الإنسان العربى بهويته وتاريخه ومحو ذاكرته الثقافية ومعالمها الأثرية والدينية الأهمية القصوى للكيان الصهيونى لتحقيق التفوق العنصرى على الأرض والسيادة اللاهوتية للعالم المسيانى الذى ينتظر عودة الماشيح وتحقيق تطلعات الصهيونية بإقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات وحلم عودة المملكة المزعومة بالإضافة إلى تحقيق نبوءات الصهيونية المسيحية والتى يتوارى خلفها الغرب الاستعمارى فى سعيه للعودة والسيطرة على المنطقة بأكملها ، وتأكيدا لمقولات الأرض الموعودة والعودة التوراتية فقد وصف رئيس الوزراء "ليفي أشكول" احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في حرب 1967 "بالعودة" إلى المدينة التوراتية التي ظلَّت، بحسب رأيه، في الانتظار ألفي سنة متشوِّقة إلى عودة اليهود إليها. أما وزير الدفاع "موشيه دايان" وهو العلماني فكان أكثر دلالة في تصريحه لحظة وصوله إلى حائط البراق في القدس القديمة، أي القدس الشرقية، بعد احتلالها العام 1967، حيث قال: "لقد عدنا إلى أقدس مواقعنا، ولن نتركه مرة ثانية". والأمر نفسه عبّر عنه رئيس الحاخامين في جيش الدفاع الإسرائيلي الجنرال غورين، الذي أصرّ على تأدية الصلاة في ساحات الحرم القدسي الشريف في 16 أغسطس 1967 غير مكترث بالفتوى الدينية الصادرة عن الحاخامية العليا في إسرائيل، بل راح يشدِّد على المطالبة ببناء كنيس يهودي في الحرم نفسه. هذا، وكان الحاخام نسيم قد أصدر فتوى أعلن فيها قدسية سور الحرم من جهاته الأربع مشيرًا بذلك إلى قدسيته اليهودية . ويذكر الدكتور محمد مراد الباحث الاسترتيجى فى الإسرائيليات كيفية تم تطويق مدينة القدس بإقامة الإحزمة الاستيطانية بهدف محاصرتها في الداخل من جهة، وعزلها عن الخارج أي المحيط العربي المجاور في الضفة الغربية من جهة أخرى. فالأحزمة الاستيطانية هي عبارة عن تجمعات سكنية يهودية أحاطت القدس العربية على شكل أطواق دائرية بجدران من القلاع الاسمنتية الصمّاء التي شوّهت الطابع الحضاري التاريخي للمدينة. وتتشكل الأحزمة الاستيطانية على النحو التالى :

الحزام الأول: عشرة أحياء داخل القدس الشرقية هو عبارة عن عشرة تجمعات أو أحياء سكنية يهودية، بلغت مساحتها المبنية حوالى 69636 دونمًا بإجمالي عدد مستوطنين مقيمين فيها 52810 مستوطنين، وهذه الأحياء هي على الشكل الآتي :

ـ الحي اليهودي: أقيم داخل البلدة القديمة عام 1968 على مساحة مصادرة بلغت 116 دونمًا. عدد وحداته السكنية 468 وحدة تستوعب 1800 مستوطن.

ـ حي رامات أشكول: أقيم عام 1968 على أرض صودرت من المواطنين العرب زادت مساحتها عن 600 دونم يقع الحي في منطقة الشيخ جرّاح شمال غرب القدس ويضم 20200 وحدة سكنية بحجم كتلة سكانية استيطانية حوالى 7500 نسمة.

ـ حي معلومات دفنا: هو امتداد لحي رامات أشكول، أقيم أيضًا عام 1968على أراضٍ في الشيخ جرّاح تعود ملكيتها لعدد من الأسر العربية ووقف أمينة الخالدي وعارف العارف. تقدر مساحة الحي بحوالى 270 دونمًا أقيمت عليها 2400 وحدة سكنية بلغ عدد مستوطنيها 4500 نسمة.

ـ حي سانهدريا: وهو امتداد آخر لحي رامات أشكول، أقيم عام 1973 على أراضٍ عربية مصادرة. استوعب حوالى 1000 وحدة سكنية بعدد مستوطنين وصل إلى 3200 نسمة.

ـ حي جبعات همفتار: امتداد لرامات أشكول من الناحية الشمالية الغربية، أقيم في منطقة "تل الذخيرة" على أراضٍ عربية مصادرة ومستملكة، وتم فيه إنشاء 500 وحدة سكنية يُقدر عدد سكانها بنحو 1500 نسمة .

ـ حي النبي يعقوب: هو عبارة عن نواة لمستعمرة استيطانية، أقيم عام 1973 على الطريق الذي يربط القدس بمدينة رام الله، وعلى أراضٍ عربية تقع إلى الشمال الشرقي من بيت حنينا. بلغت مساحة الأراضي المصادرة لإقامته حوالى 30 ألف دونم، أنشئت عليها، حتى عام 1981، أكثر من 4000 وحدة سكنية زاد عدد مستوطنيها عن 12000 نسمة. ولم يلبث الحي أن استوعب إقامة 1000 وحدة سكنية إضافية وصلت قدرتها الإستيعابية إلى 17000 نسمة.

ـ حي التلة الفرنسية: عُرِف أيضًا بحي "شابيرا". بدأ العمل به عام 1969 شرق جبل المشرف(سكوبس) على طريق القدس – رام الله. بلغت مساحة الأراضي العربية التي صودرت لإقامته أكثر من 15 ألف دونم تعود ملكيتها لمواطنين عرب وللدولة الأردنية ولدير اللاتين. أنشئ في هذا الحي 5000 وحدة سكنية يزيد عدد مستوطنيها على12500مستوطن. ـ

حي تل بيوت الشرقية: أقيم عام 1972 على أراضي جبل المكبّر وصورباهر إلى الجنوب من مدينة القدس. بلغت مساحة الأراضي العربية المصادرة لإقامته نحو 20 ألف دونم. أقيمت وحداته السكنية على مرحلتين: الأولى حتى عام 1981، عددها 2342 وحدة بعدد مستوطنين 7820 مستوطنًا. الثانية بين العامين 1981 و2000 وحداتها السكنية أكثر من 5000 وحدة تستوعب أكثر من 15 ألف مستوطن.

ـ حي تل عناتوت: يقع شمال شرق القدس على أراضي قريتي عناتا وشعفاط العربيتين. أقيم عام 1974 على مساحة مصادرة من الأراضي بلغت 3650 دونمًا، وحداته السكنية 500 وحدة يقيم فيها نحو 2000 يهودي.

ـ حي الجامعة العبرية: كانت بداية إقامته عام 1969 على جبل المشرف (سكوبس) بهدف توسيع الجامعة العبرية القديمة ومشفاها. وقد أقيم فيه سكن للأساتذة والطلاب ومكاتب جديدة وقاعة للمحاضرات ومشفى للجامعة. يستوعب هذا الحي حوالى 31500 طالبًا وموظفًا جامعيًا يقيمون في 109 وحدات سكنية شُيِّدت على مساحات من لأرضي العربية المصادرة.

الحزام الثاني: 15 مستوطنة أومستعمرة في محيط القدس الشرقية وهو عبارة عن طوق من 15 مستعمرة أقيمت حول مدينة القدس في نطاق المرحلة الأولى من مشروع القدس الكبرى. والمقصود بالقدس الكبرى القدس الموحَّدة بعد ضمّالشطرين الشرقي والغربي.في مارس 1971 كشف "ميرون بنفنستي" – نائب رئيس بلدية القدس – عن مشروع "القدس الكبرى" وهو يقضي بتوسيع حدود بلدية القدس لتشمل المناطق الممتدة من مدينة رام الله شمالاً إلى بيت لحم جنوبًا. وقد أطلق على هذا المشروع إسم "مشروع الأب"، وهو يمثل الحزام الإستيطاني الثاني حول مدينة القدس بعد أن كان الحزام الأول قد تمثَّل بالأحياء العشرة التي أقيمت ضمن نطاق "أمانة القدس" لعام 1967. والحزام الثاني هو عبارة عن 15 مستعمرة تحيط بالمدينة على شكل طوق استيطاني من جميع الجهات. تبلغ المساحات المبنية لهذه المستعمرات أكثر من 195 دونمًا، عدد الوحدات السكنية فيها 5266 وحدة استوعبت نحو 31600 مستوطنًا.

الحزام الثالث: 15مستوطنة أو مستعمرة إضافية في محيط القدس الشرقيةفي 30سبتمبر 1975 أعلنت الحكومة الإسرائيلية موافقتها على خريطة القدس الكبرى أو الموسّعة، التي تمتد فيها حدود بلدية المدينة ما بين الخان الأحمر شرقًا، واللطرون غربًا، ودير ديوان وبيتين شمالاً، وضواحي مدينة الخليل (مستعمرة كريات أربع) جنوبًا. ويقضي هذا التوسع بضمّ 9 مدن و60 قرية عربية وما يقارب 30% من المساحة الكلية للضفة الغربية. شكّل هذا المشروع التوسيع النهائي لحدود القدس الكبرى، وكانت ترجمته العملية إقامة 15 مستعمرة جديدة تشكل الحزام الثالث من الأحزمة الاستيطانية حول القدس.

أما المستعمرات فكانت:

في الشمال: أقيمت حول مدينتي رام الله والبيرة وهي تضم مستعمرات: كوخاف هشاحر، عفرة، بيت أيل، كفارروش، ينفي تسوف، بيت .

في الجنوب: أقيمت في المناطق الممتدة من شمال مدينة الخليل إلى مناطق بيت لحم وبيت ساحور، وهي تضم مستعمرات: تكواع، كفارعصيون، تكواع (ب)، أليعازر (أ) و(ب)، أفرات، مجدل، روش تسوريم،آلون شيفون، متسبي جوبرين.أما الشكل الهندسي الذي اعتمده مخططو الاستيطان الصهيوني في إقامة الأحزمة الاستيطانية الثلاثة فكان وفق نظام "كرستيلر"، وهو نظام استيطاني مؤدلج يربط الشكل الهيكلي للمستوطنة أو المستعمرة بمضامين أيديولوجية دينية تستوحي أفكارها من التوراة في تقديمها مسوغات تبريرية تساوي بين الدين والسياسة. ويقوم على أساس إنشاء سلسلة من المستوطنات ذات الرتب الوظيفية المختلفة، تربط بينها علاقات وظيفية أيضًا. والشكل المعتمد هو أقرب إلى النجمة (نجمة داود)، إذ تقام 4 - 6 مستوطنات صغيرة حول مستوطنة (مركز النجمة) من رتبة أعلى هي عبارة عن بلدة أو مركز ريفي. ووظيفة هذا المركز تكون بتزويد المستوطنات المحيطة ذات الرتبة الأدنى الخدمات الضرورية. وتحيط 4 أو 5 مراكز ريفية أو أكثر بمستوطنة أكبر وذات رتبة أعلى وتكون مدينة في الغالب تقوم بتقديم خدمات من رتبة أعلى للمراكز الريفية والمستوطنات التوابع. وما يجدر بالإشارة أن شبكة الإستيطان في مدينة القدس ومحيطها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمتروبول الإسرائيلي المتمثِّل بالقدس المحتلة.
أما الأهداف المتوخاة من إقامة الأحزمة الاستيطانية الثلاثة فكانت كما يحللها د. محمد مراد :1 ـ التجزئة الجغرافية والديموغرافية للضفة الغربية، الأمر الذي يصيب الوجود العربي بالشلل ويدفعه مكرهًا إلى الهروب والمهاجرة.
2 ـ محاصرة الضفة الغربية من الداخل، لا سيما المراكز المدينية فيها تمهيدًا لتجزئتها إلى منطقتين محاصرتين بالاستيطان اليهودي، وهما منطقة الخليل جنوبًا ومنطقة نابلس شمالا 3 ـ . ضم مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية، تراوح بين 400 و500كلم2، بالإضافة إلى المساحات التي جرى اقتطاعها وإلحاقها بالقدس الكبرى وفق المخططات الهيكلية التي كان آخرها في يوليو 1980، حيث أقرت بلدية القدس اليهودية اقتطاع 63 كلم2 من أراضي الضفة الغربية لتوظيفها في خدمة المخطط الهيكلي لتهويد المدينة. 4 ـ تحويل القدس الكبرى إلى عاصمة مركزية للـ "دولة" الإسرائيلية، تتركَّز فيها كل العوامل الجاذبة لاستقطاب النشاطات الاستثمارية والسياحية والصناعية والزراعية لليهود من جميع أنحاء العالم. وبذلك فإن القدس الكبرى في ظل تركّز الرأسمال اليهودي والشركاتي العالمي وبخاصة الأميركي منه، باتت هي المدينة المعولمة بفعل التدفقات المالية، وربطها بحركة الرأسمال للشركات المتعددة الجنسية، كل ذلك بهدف تحويل القدس إلى مدينة مركزية في "الشرق الأوسط الكبير" الذي تسعى رأسمالية الذروة الأميركية لقيامه ومن ثم تشكل لهذا الكيان العنصرى الشرعية والحماية والمساندة والتعاطف والجباية المالية والتنظيم اليهودى العالمى الذى يتكفل بتحقيق هذه الأهداف كلها باعتبار اليهود شعبا ذات طبيعة عرقية وإثنية متفردة عن الشعوب الأخرى صاحب أرضا خصصها له الإله وميزه عن غيره من البشر باختياره شعبا له

عضو اتحاد كتاب مصر

Aehs2020_20@hotmail.com
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية