| | | | الثقافة الرقمية فى إطار التغيرات الاجتماعية والقيم الإنسانية ...............................................................
أحمد عزت سليم ....................
تأمل هذه الأطروحة أن توصف وترسم العلاقة بين الثقافة الرقمية والقيم الإنسانية وخاصة القيم فى المجتمع العربى ، وتأمل أن ترصد على قدر الاستطاعة العلاقات القائمة بالفعل أو كما يمكن أن تكون عليه هذه العلاقات فى المستقبل . هنا تقدم هذه الأطروحة أطر بعضها يؤخذ كحقائق والبعض الآخر يؤخذ كتوصيف لظواهر متغيرة أو بالأحرى لم تستقر بعد كحقائق .
أولا : فى إطار الحقائق
1 ـ الواقع العالمى الذى يحيط بالثقافة الرقمية :
1 ـ 1 ـ إن حقائق الغزو الأمريكى والغربى التى تجرى الآن على الحقيقة فى العالم العربى ومناطق أخرى من العالم أسقطت الدعاوى الأمريكية والغربية فى توحد العالم تحت عباءة العولمة ، وأن العناصر الأصولية الأمريكية والغربية والتى سيطرت على الحكم فى بلادها كتعبير عن إرادة الناخبين هناك ، أثبتت أنه ليس هناك ثقافة واحدة يمكن أن تجمع العالم فى يوم من الأيام وفى وقت ما ، بل إن هناك ثقافة تحرك السلاح ويحركها ضد الآخرين وتبتغى أن تسيد نفسها على العالم باتساع رقعته الجغرافية ، وأثبت ذلك أن العولمة ليست مجرد آلية من آليات التطور بل أيدولوجبة تعكس إرادة الهيمنة على العالم والعالم الأضعف ومنه العالم العربى خاصة وقد ارتدت مسوح براقة .. حقوق الإنسان وقبول الآخر والدفاع عن الأقليات والعرقيات .. ، بينما هى تحمل بقوة البث الفضائى والبث الرقمى الأوبئة القاتلة من الأكاذيب والإباحية وثقافة العنف والسخرية والاستهزاء من القيم والأخلاق التى تميز الأمم عن بعضها البعض .
1 ـ 2 ـ وفى إطار ذلك هناك حدود رسمتها الشبكات العالمية الاستعمارية الأمريكية والغربية بقصد الهيمنة على الاقتصاد والأذواق والفكر والسلوك وخلق سمات وأنماط ثقافية تبتغى بها أن تعدل المركبات الثقافية الكلية للمجتمع أو القيم والمعتقدات السائدة التى تميز ثقافة ما ، وذلك فى صالح الهيمنة الاستعمارية ، ومن هنا يمكن أن يقبل الكثير من أفراد هذه المجتمعات ـ المراد السيطرة عليها وتحطيم أية مقاومة تظهر فيها ـ الهيمنة الغربية عليها ، وبالتالى إفقاد هذه المجتمعات التكامل الثقافى الذى تتميزبه ويحافظ على وحدتها ، ومن ثم إحداث الفوضى والاضطراب وسلب الوعى وتدمير الثقافة الفردية والجماعية وإخضاع النفوس بتعطيل العقل والتشويش على نظام القيم وتوجيه الخيال وتنميط الذوق وقولبة السلوك وإنهاء سلطة اللغات القومية والوطنية بما تحمله من أطر دلالية عميقة الامتداد ومعها سلطة التاريخ والجذور والتكريس لمعارف التطبيع . 1 ـ 3 ـ إن حقائق الأزمة المالية العالمية ومانتج عنها من دمارمخرب لحق باقتصاد وأثر أكبرالأثرعلى الفقراء والدول النامية والفقيرة فى العالم ، وكما ذكر رئيس الدولى روبرت زوليك عن أن ما يقرب من 100 مليون شخص قد سقطوا بالفعل فى براثن الفقر خلال هذا العالم وسط توقعات بتصاعد هذا الرقم ( الأهرام 2008-10-14) ، تؤكد أن الأزمة سببها الأطماع والصراع بين قوى البشر داخل النظام الرأسمالى الغربى ، وليس أدل على ذلك من تصريح رئيس لجنة التنمية فى البنك الدولى فى مؤتمر صحفى واصفا ما يجرى بقوله " إن مايحدث هو كارثة إنسانية من صنع الإنسان " ( الأهرام 2008-10-14) ولا يمكن تحميل الأدوات التكنولوجية الهائلة والمتقدمة والفائقة والعملاقة والأحدث والمستخدمة فى البورصات العالمية ، هذه الكارثة وماخلفته من دمار طال الإنسان ، فالكارثة تعبرعن رغبات واختيارات وأفعال وثقافة وفكرعميق وممتد عبر سنوات طويلة وأجيال عديدة ، تتجاوزالتكنولوجيا تجاوزا تاما ، بل يمكن القول كما قال رايموند ويليامز أن " التكنولوجيا متوائمة " ، مع مجمل النظام الرأسمالى العالمى وأطماعه فى تدمير الآخرين والسيطرة على مقدراتهم كلما استطاعت قواه ذلك من خلال سعيها الحثيث إلى السيطرة .
1 ـ 4 ـ أنه على الرغم من العدوان الثقافى الذى صاحب هذه الحقائق ورغم الهيمنة الثقافية الأجنبية على وسائلنا الإعلامية ومحتواها ، والتبادل الثقافى غيرالمتكافىْ حيث أن الثقافة أصبحت مجرد سلعة ينطبق عليها من الأحكام ما ينطبق على سواها من السلع المادية وأن مجال المنافسة فى تسويق هذه السلعة بات ضيقا للغاية ولايتسع إلا للقوى التى تمتلك قدرة أدواتية ثقافية أكبر ، والغرب هو الذى يمتلك ذلك الآن ومعهالأنظمة التابعة والعميلة والمجندة لخدمة سياساته وتسويق وترويج أفكاره فى بلدانها ، وما صاحب ذلك من فيض النظام الاقتصادى والتقنى عن حدود الأمة السياسية ونظام الدولة الوطنية والقومية وما استتبع ذلك من نتائج ـ على ما يعتقد البعض ـ من أهمها : 1 ـ 4 ـ 1 ـ تغريب المواطن عن مجتمعه بدلا من تسهيل مشاركته فى أمورهذا المجتمع .
1 ـ 4 ـ 2 ـ ثقافة الاختراق ونتائجها من حصول ازدواجية وانشطار داخل الهوية الثقافية العربية وانشطار بين الأصالة والمعاصرة والانحلال الثقافى والتلاشى الثقافى والتلوث الثقافى وحدوث على نحو$ما يعتقد البعض حالة من الانهيار نتيجة تلك الضغوط الثقافية والقيمية الكثيفة من الخارج . 1 ـ 4 ـ 2 ـ 1 ـ وماكان يمكن أن يحدث هذا لولا تدعيم وسائل الأعلام فى هذه الأنظمة التابعة والعميلة منها .
على الرغم من كل ذلك فإن حقائق الغزو أمدت الثقافة الوطنية بروح المقاومة وبقوة دافعية تجاه ما رأته من جرائم ضد البشرية ارتكبتها جيوش تلك الثقافة الأمريكية والغربية وما سببته للإنسان فى هذه البلدان الواقعة تحت رايات جيوش العولمة الغازية، وكما يقول المفكر محمد عابد الحابرى : أن الثقافات تسعى بصورة عفوية أو بتدخل إرادى من أهلها للحفاظ على كيانها ومقوماتها الخاصة .
1ـ 5 ـ إن ثمار زيادة الإنتاجية فى ثورة التقنية المعاصرة تقاسمها عدد ضئيل من الأفراد يتمثل تحديدا فى رجال الإدارة العليا وحملة الأسهم وعمال المعرفة وفى ظل سيادة الاتجاه إلى السوق الخارجى بديلا عن السوق المحلى العاجز ومع سيطرة أنظمة حاكمة مستبدة على الأوضاع العربية وقوية فى مواجهة شعوبها ، رافعة راية التبعية للغرب وتتبنى سياسات رأسمالية لاتتماشى مع أوضاع بلدانها مع تقليص دور الدولة بناء على تعليمات غربية لصالح الاستثمارت والامتيازات الأجنبية واختفاء دورها لصالح الشركات المتعددة الجنسيات وإحلال السوق محل الدولة ، مع عدم تبنى منظومة وطنية حقيقية للتقدم التقنى على المستوى القومى ، أو ملاحقة هذا التقدم وهذا الفيض التقنى والاعتمادعلى التعاقد على تسليم المشاريع المكتملة التجهيز ( TURN – KEY ) من دون نقل التقانة وقد أفرز ذلك نتيجتين هامتين هما :
1ـ 5 ـ 1 ـ استقطاب شديد فى الثراء والفقر ترتب عليه انقسام العالم والمجتمع إلى أغنياء يملكون ويعرفون ويتحكمون فى مسارالتقانة وجنى أرباحها ، وفقراء لا يملكون ولايعرفون ونتج عن ذلك زيادة أعداد المهمشين والمتعطلين وسقوط الطبقة المتوسطة إلى الحضيض وتعاظم الفوارق الطبقية اجتماعيا وثقافيا . 1 ـ 5 ـ 2 ـ حدوث فجوة رقمية كبيرة بين العالم الغربى الاستعمارى المتقدم وبين العالم العربى وبالتالى بين من يحكمون ويملكون وبين المحكومين المعدمين وزيادة حجم التخلف فى هذه المجتمعات ، وفى ظل عدم إعطاء أهمية حقيقية للبحث العلمى إلا للتشدق الشكلانى به فى وسائل الإعلام أمام المواطنين . 1 ـ 6 ـ زيادة القيمة الاستعمالية للمنتج الإلكترونى واتساعها بسبب التوجهات الكبرى التى أحدثها التقدم فى مجال التكنولوجيا الإلكترونية والذى تمثل فى : ـ الانتقال من الصوتى إلى الرقمى . ـ الاتجاه نحو الرخيص دوما . ـ التطور إلى السعة الفائقة لنقل البيانات . ـ التحول من الثابت إلى المحمول . ـ التحول من شفرة لغوية واحدة إلى الشفرات المتعددة للغات . ـ التحول من الأحادى الاتجاه إلى ثنائى الاتجاه . ـ التحول إلى الوسائط المتعددة . ـ التطور إلى السيطرة والتحكم عن بعد . ـ التطور إلى التكيف مع الإنسان لمزيد من الاستخدام الأكثر سهولة ومحاكاة قدرات البشر نحو الذكاء الاصطناعى. ـ والتطور من عصر البيانات إلى عصر المعلومات ومنه إلى عصر المعارف ومنه إلى عصرتوليد المعارف وتوظيفها ـ التحول إلى النظام المعرفى الشبكى . ـ التوحد مع ثورة الاتصالات . 1 ـ 7ـ وعلى الرغم من أن ذلك قد أدى إلى إيجاد بيئة جديدة يمكن أن يزدهرفيها النشاط الإنسانى ذاته هى البيئة الرقمية ، إلا أن الواقع العربى يكشف أن الاستفادة فى الوقت الراهن من هذه البيئة الجديدة لكل الحقائق السابقة لم يؤد بشكل فعال وحاسم إلى :
ـ تحسين الأداء الاقتصادى. ـ زيادة إجمالى الناتج القومى. ـ خفض التبعية التقانية وكسر الاحتكار التقانى . ـ زيادة التوظيف ورفع كفاءة العامل. ـ المساعدة فى إيجاد سوق دولية للخدمات العربية للتقانة. ـ زيادة حجم المشاركة الشعبية فى التنمية . ـ إحداث ثورة فى النظام التعليمى لتجديد رصيد رأس المال البشرى بكفاءة أكبرمن أجل التنمية والتقدم . ـ وقف نزيف هجرة العقول العربية إلى بلاد تستوعبها وذلك لعدم وجود منظومة تستوعب البحث العلمى وربطه مع حركة المجتمع التنموية التطورية . ـ القضاء على الأمية . ـ زيادة الإنفاق على التعليم والبحث العلمى مثلما ينفق على العسكرة ومهرجانات التتويج والكرة . ـ تعظيم الاستفادة من المعلومات المهمة والجيدة المتاحة على الإنترنت ومن التقنيات الرقمية . ـ أن تكون مؤسسات المجتمع المدنى والمنظمات غير الحكومية إضافة لرصيد الوطن وليست خصما منه حيث تسلل التمويل الأجنبى المشبوه إلى كثير منها . ـ إيجاد ديمقراطية حقيقية وتداول حقيقى للسلطة يعبرعن إرادة شعبية ـ نشر وإعلاء القيم المؤاتية للتنمية الشاملة فى الغرب مثل : الإتقان فى العمل والصدق والعقلانية والديمقراطية بدلا من نقل وتقديم وتبنى كل ماهو شائن فى النمط الغربى . ـ إعلاء القيم العربية والتكامل العربى والقومية العربية فى مواجهة يهودية الدولة الصهيونية .
ثانيا : فى إطار المتغيرات
1 ـ فى معنى الثقافة والعلاقة بينه وبين الثقافة الرقمية: 1 ـ1ـ الثقافة هى عنصرمن عناصر الإدراك بل هى الإطارالفكرى لعملية الإدراك الجماعى، كما يرى العالم الراحل الجليل حامد ربيع . وهى بهذا المعنى مصدر مباشر لتحديد خصائص لا فقط التعامل بين المواطن والسلطة ولا فقط أسلوب الالتحام بين المجتمع القومى والمجتمعات الخارجية بل كذلك الرؤية الذاتية للحضارة القومية بما يعنيه ذلك من تماسك تاريخى وثقة فى التراث والانتماء . الثقافة هى المادة التى منها وبها يتكون الولاء ، والقضية الأكثر التصاقا بالخاص الحميم للأفراد التى تدفعهم للصراع من أجل الاحتفاظ بها . هل يمكن مناقشة الثقافة الرقمية فى إطار هذا المفهوم ، سنحاول معا :
1ـ 1ـ 1ـ يرى العديد من العلماء أن أهم مكنونات مفهوم الثقافة هو الفرق بين الحالة الثقافية ، الحضارية والحالة الطبيعية ، أى الفرق بين ماهو مكتسب وماهو فطرى ففى حين أن الصفات الفطرية تنتقل من الأصل إلى الفرع حسب الناموس الوراثى ، فإن الثقافة تنتشر بين الناس بواسطة الاتصال الاجتماعى أى بواسطة تعلم النماذج التى يقدمها المجتمع ، والناس كما يبتكرون تصرفاتهم ويتناقلونها بالتعلم فهم يبتكرون أساليب التخاطب والأعمال الفنية والأدوات أى الثقافة ويتبادلون هذه المبتكرات على صعيد الزمان والمكان بواسطة اللغات التى جهزوها بالترميز الكتابى ، الأمر الذى يتيح للأجيال المتعاقبة أن تضيف إلى هذه المكتسبات التراثية إسهامات جديدة .
1 ـ 1ـ 2 ـ والثقافة الرقمية فى أغلب تعريفاتها تستنفذ الثقافة بمعانيها المختلفة ففى المعنى الضيق تصير تنمية بعض القدرات فى إطار استخدام تكنولوجيا المعلومات كما تعنى استنتاجا فى هذا المعنى ما هو حاصل نتيجة هذه العملية ، وفى معنى الثقافة الأوسع تكون صفة ذلك الشخص المتعلم لهذه التكنولوجيا والذى أتم ذوقه وحسه النقدى وحكمه بواسطة اكتساب معارف هذه التكنولوجيا وأحيانا للدلالة على عملية التعليم المؤدية إلى اكتساب الصفات المذكورة ومن هذا وذاك ظهرت تعريفات للثقافة الرقمية ترتكزعلى تنمية القدرة على استخدام أجهزة الكمبيوتر والخدمات الإلكترونية وتطبيقات تقنياتها المتجددة بل والترويض الحركى والذهنى على التعامل معها وتنمية لآليات التفاعل مع ما يعرض على الشاشة وتنمية قدرات الحس الفضولى وتربية الذوق كى يعرف كيف يبحث عما يريد بثقة وإتقان ، وأن جوهرها يكمن فى تمكين أفراد المجتمع من استخدام التطبيقات الرقمية بكفاءة وثقة لإنجاز أعمالهم الوظيفية أو الشخصية أو واجباتهم ومهامهم تجاه المجتمع ، وأن الدخول بالشكل الفنى والإبداعى باستخدام الوسائط المتعددة هو أحد ضرورات الثقافة الرقمية تحقيقا للتواصل والتفاعلية والتعميم لكل النشاط الإنسانى .
1ـ 2 ـ بهذا المعنى التعليمى الاكتسابى التفاعلى للثقافة الرقمية تصيرهى بذاتها غيرمنفردة بذاتها أو لذاتها وإنما إحدى الأدوات الضرورية للثقافة كنظام للإدراك الجماعى يحدد عناصر المثالية السلوكية الفردية ، وهى فى المقابل ـ من ناحية ثانية ـ أيضا إحدى أدوات الغزو الثقافى الذى هو فى حقيقته حرب فكرية تستهدف النيل من نظام الإدراك الجماعى وتدميره وتفكيك عناصره المثالية السلوكية الفردية وإحداث الفوضى بها ، وهى أيضا ـ من ناحية ثالثة ـ تعبيرا عن علاقة المشاركة فى المحيط الإنسانى العام .
1 ـ 2 ـ 1 ـ بهذا تصير الثقافة الرقمية فيما هو ناتج عن حدوثها تتكون من دوائر متعددة متشابكة ، دينامية ومتفاعلة ومتكاملة مع بعضها البعض وهى :
ـ القيم ـ القيم الدينية ـ الأنظمة الأجتماعية ـ القواعد الأخلاقية ـ التعبيرات السلوكية ـ جزاءات جماعية للمماراسات والتعامل ـ الوجدان الجماعى ـ الخبرة التاريخية ـ البيئة الجغرافية ـ الأداء التقنى .
1 ـ 2 ـ 2 ـ وهى فى هذا الإطار تشكل صورة إجمالية لحضارة مجتمع ما أو كمرادف لها ، وبالتالى فإن تحليل وتشريح ماهو حاصل منها يكشف هذه الصورة ، ذلك أن الثقافة عامة هى حصيلة اللقاء الديناميكى بين دلالة الخبرة الماضية وعملية المواجهة اليومية لمشاكل الوجود الإنسانى ، وبهذا المعنى هى جامدة ومتجددة فى آن واحد . الخبرة تصيرعلامة على المعرفة . التعامل المستمر يقود إلى مرونة إزاء الواقع المتجدد ، لا ثقافة دون تاريخ ، ولا ثقافة دون حركة مستمرة وانبعاث دائم نحو التغيير والتجديد .
1 ـ 2 ـ 2 ـ 1 ـ وعلى سبيل المثال ، وفى هذا الإطار ، لقد ظن البعض لوهلة لا تكاد من الزمن أن لغة الحاسوب سوف تحل محل اللغة الإنسانية فى التعامل ، وأن الإنسان سوف يحركة الحاسوب ولكن سرعان مافرضت اللغة الإنسانية والإرادة الإنسانية سيطرتها الكاملة على تكنولوجيا الحاسوب وأصبح الحاسوب فى أيدى من يجهلون ما بداخله بل من المتوقع أن لغات حبيسة تتداولها الأقليات فى العالم سوف تعود للظهور بقوة مع إمكانيات الحاسوب الهائلة على إعادة هذه اللغات إلى الوجود والتحدث بها والكتابة بها فى يسر وسهولة . فعبر التاريخ السحيق كان للغة حركتها التى اتسمت بالتطور والابتكار أو التراجع والانحطاط ، فى مواجهة ومواكبة التطورالتاريخى الممتد للتقنيات التى عرفها الإنسان من عصر القوة العضلية إلى قوة البخار إلى اختراع وتطوير وسائل آلية للنقل واكتشاف القوة الكهربائية إلى القوة الذرية والهيدروجينية إلى العصر الإلكترونى والثورة الرقمية ووقف خلف هذه العملية نظام عميق يتشكل من نظم السلوك الآخرى فى المجتمع ، وصراع بعيد المدى خفى وظاهر ينتقل من مكان إلى مكان ومن وطن إلى وطن ، ولنقل – إلى حد بعيد – أن هذا الصراع قد بدأ منذ أن علم الله آدم الأسماء كلها ، أما الأفعال فقد قال عنها سيبويه :(( وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء ، وبينت لما مضى ، وما يكون ولم يقع ، ماهو كائن لم ينقطع )).هكذا ابتدأت حركة اللغة التى لم تنته بل اشتعلت فيما بينها وبين بعضها البعض حتى صارت صراعا عميقا، معقدا ومركبا ومتشابكا مع المصالح المادية فيما بينها ، وأثر هذا الصراع الطويل على اللغات منذ أن خرجت من الكهوف أصواتها ومفرادتها وتراكيبها وأساليبها ودلالاتها ، وحيث أن من الثابت أن الإنسان بصفته التشريحية والبيولوجية والفسيولوجية لم يتغير منذ العصور السحيقة التى استطعنا أن نعرفها نحن إلى الأن، وإنما المتغير هو جانب الفكر والعمل ، وكما أن اللغة هى أيضا إحدى نتاجات الفكر والعقل والوعى السحيق فقد تميزت لكل هذه الأسباب بالنشاط والحركة ، وكلما اشتد الصراع واتقد العقل ذاته اشتدت هى حيوية وطاقة وتوالد وملائمة لكل تطورات المجتمع . هنا تصير اللغة قيمة حاضرة ينخضع لإرادتها الحاسوب والخروج عنها يعتبر خللا قيميا يضع الإنسان بين قوسى الجهل بالمعنى الحقيقى للكلمات أى دلالتها المرتبطة بالمعنى الصحيح ، ذلك أن القيمة حاضرة تحايث دائرة الوجود الإنسانى بأفعاله وتفعيلاته من أبسط العلائق الحسية بين بائع ومشتر إلى أعقد العلائق التجريدية بين متعاليات المخيلة والفكر وصولا إلى الميتافيزيقا أقصى ذروة ممكنة لإدعاءات والعقل وتحليقاته . وعليه ومن خلال تلك البنية السحيقة والعميقة يتفاعل داخل الإنسان حوراته الداخلية وتتنامى تخيلاته البصرية والنفسية ويتفجر الإلهام ويتوقد الاستدلال ويكتسب الإنسان الإحساس العميق بالقداسة والخطر والأمل والمجهول والغيب والقلق والظن والتخمين والتخيل والتقمص والنبوءة والأمانى والتطلع وتمتلئ الروح والذات والنفس بالعوالم اللامحسوسة واللامدركة، ويمتلىء بالمقاومة ويتشبث بالإبداع ومقاومة القهر ، لذلك لن يموت الإنسان مهما تغيرت التقنيات أيا كانت أشكالها وحركاتها وتطوراتها ، وستظل القيم الإنسانية قائمة بما تحمله من معنى وحركة وبنى عميقة عمق الوجود الإنسانى بتكويناته ومجتمعاته المتنوعة والمتصارعة .
1 ـ 3 ـ والمثقف الرقمى هو حامل لكل ذلك ، مرتبط وجوده بمجموعة معينة من القيم وهو من هذا المنطلق تصير وظيفته أساسا هى التقييم ثم اتخاذ المواقف الواضحة الصريحة المعبرة عن هذا التقييم ، تراكما ومعرفة وخبرات وتجارب وليس هذا فحسب بل هو تمثيل لشخصية الأمة فى ماضيها وحاضرها ـ وما تعانيه من تحديات ـ ومستقبلها وما يعنيه ذلك من تمثيل لخصائص الأمة الحضارية والمادية والمعنوية ، وسيلته فى ذلك التقنية الرقمية . هكذا تصير الثقافة الرقمية حصيلة التفاعل بين الإنسان بما لديه من بنى عميقة ممتدة بتجارب الوجود الإنسانى ذاته وبين بيئته الحاضرة المتطورة نحو مستقبل آت قد لايكون رقميا . ويصير للمثقف الرقمى دوره الطليعى الذى يعى حقيقة الواقع العربى ويؤدى وظيفته فى مقاومة انهياره . 1 ـ 3 ـ 1 ـ وتتحدد مهام الوظيفة الثقافية بالنسبة للمثقف الرقمى العربى ، (هى الوظائف نفسها التى حددها العالم الرحل الجليل حامد ربيع ) وتتمثل فى :
ـ فى مقاومة ادخال مفهوم الثقافة و الثقافة الرقمية فى التعامل كبديل للمقاومة العضوية لتحقيق الأهداف القومية . ـ فى مقاومة إلهاء القوى الوطنية والقومية فى وهم العولمة الرقمية وماتخلقه من هيمنة وتكريس الاستتباع الحضارى وإفراغ الهوية الجماعية من كل محتوى ، وتفتيت وتشتيت وربط الناس بعالم اللاوطن وإغراقهم فى الحروب الرقمية والإنترنت وماتستهدفه من ترجمتها إلى حروب أهلية على أرض الواقع . ـ فى مقاومة إضعاف الثقة بالذات القومية . ـ فى مقاومة عزل بلدانهم عربيا . ـ فى مقاومة تحطيم الأمة المحاربة والمقاومة . ـ فى تجديد الثقافة ومقاومة الإنغلاق والاغتراب والعمل أولا وقبل كل شىْ من داخل الثقافة العربية وتجديد مسارها بما يسمح بربط الحاضر بالماضى فى اتجاه المستقبل وأن الدخول إلى أى عصر جديد هو بالعقلانية والديمقراطية والانتصار للحرية والمساواة أمام القانون والعدالة الاجتماعية .
ـ فى إباحة الثقافة الرقمية ـ من داخل هذا الإطار ـ لكل شرائح المجتمع دون استقطاب لشرائح معينة دينية أو عرقية أو اجتماعية أو طبقية. 2 ـ البيئة التى تعبر عنها التغيرات والظروف الاجتماعية والظواهر التى تعترى المجتمع :
2 ـ 1 ـ البيئة هى المجال الذى يحدث فيه الإثارة والتفاعل لكل وحدة حية وهى كل مايحيط بالإنسان من طبيعة ومجتمعات بشرية ونظم اجتماعية وعلاقات شخصية . وهى المؤثر الذى يدفع الكائن إلى الحركة والنشاط والسعى . فالتعامل متواصل بين البيئة والفرد والأخذ والعطاء مستمر متلاحق ، والثقافة الرقمية تعمل فى إطارها ولا تنعزل عنها وتتأثربما فيها ومايجرى بها من تغيرات متنوعة ومتعددة، احتماعية وغير اجتماعية . 2 ـ 2 ـ لابد أن نعترف أن ظاهرة التغير الاجتماعى ظاهرة صعبة التفسير والتنبؤ نظرا لتداخل العوامل المسببة لها ، من حيث أنه ينصب على كل تغير يقع فى التركيب السكانى للمجتمع ، أو فى بنائه الطبقى ، أو نظمه الاجتماعية أو فى أنماط العلاقات الاجتماعية ، أو فى القيم والمعايير التى تؤثر فى سلوك الأفراد والتى تحدد مكانتهم وأدوارهم فى مختلف التنظيمات الاجتماعية التى ينتمون إليها.
2 ـ 2 ـ 1 ـ أن التغير ينقل الإنسان من حال إلى حال آخر فى المستقبل ولكن كما يرى بعض العلماء أن هناك أسئلة ضرورية فى هذا الشأن وتلك تضع أمام أعيننا صورة حقيقية عن ماهية ما يحدث وما يتغير فى أى مجتمع وفى أى زمن وتلك هى : 2 ـ 2 ـ 1 ـ1 ـ ما الذى قد تغير ؟ 2 ـ 2 ـ 1 ـ 2 ـ إلى أى حد قد تغير ؟ 2 ـ 2 ـ 1 ـ 3 ـ كيف تغير ( بسرعة أو ببطء ) ؟ 2 ـ 2 ـ 1 ـ 4 ـ ماهى الظروف التى كانت تسود قبل التغير وبعده ؟ 2 ـ 2 ـ 1 ـ 5 ـ ما الذى حدث خلال مرحلة التحول والانتقال ؟ 2 ـ 2 ـ 1 ـ 6 ـ ما هى المنبهات التى أدت إلى إثارة التغير؟ 2 ـ 2 ـ 1 ـ 7 ـ من خلال أى آلية أو أى آليات حدث التغير ؟ 2 ـ 2 ـ 1 ـ 8 ـ ما الذى أدى إلى حدوث الثبات فى مرحلة معينة من التغير ؟ 2 ـ 2 ـ 1 ـ 9 ـ هل يمكن ملاحظة أى مظهر من مظاهر الاتجاهية فى التغير ؟ ويمكن أن ينبثق عن محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة سؤال آخر هام وهو: 2 ـ 2 ـ 2 ـ هل التغير والثبات والاستقرار متناقضان أى ضدان ؟ بمعنى آخر : هل التغير ظاهرة شاذة أو غير مستحبة ؟ ويجيب العلماء على هذا السؤال : أنه ليس هناك تعارضا أوتناقضا بين التغير والاستقرار إذ قد يكون التغير فى كثير من الأحيان عنصرا أساسيا لتحقيق الاستقرار والنمو .
2 ـ 3 ـ الارتباط بين التغير الاجتماعى ونسق البناء ارتباط مباشر وثيق بحيث لا يمكن فهم التغير أو تفسيره قبل رده وربطه بوحدة بنائية معينة . وقد رتب هارى جونسون أنواع التغير المرتبطة بنسق البناء ترتيبا تنازليا تبعا لمدى أهمية كل منها كما يلى :
2 ـ 3 ـ 1 ـ التغير فى القيم الاجتماعية والمستويات الشاملة ، وهى التى يطلق عليها القيم وترجع أهميتها إلى أنها تقوم على مجموعة من المعايير تحدد وتضبط السلوك كما تؤثر أول ما تؤثر وبصورة مباشرة فى الأدوار الاجتماعية والتفاعل الاجتماعى، وإلى الطابع الشمولى للتغير الذى يحل بالقيم الاجتماعية ، وهو الطابع الذى يترك آثاره جلية على البناء الاجتماعى وكذا على الوظائف الكلية للنظام الاجتماعى .
2 ـ 3 ـ 2 ـ تغير النظام فى كل البناءات المحددة ومن أشكالها : أشكال التنظيم والأدوار ومضمون الأدوار وتشمل كذلك النظم ذات العمومية الكبيرة فى المجتمع ومنها ـ على سبيل المثال ـ التغير فى نظام تعدد الزوجات ، والتغير فى النظام الاستبداى ، والتغير فى نظام الملكية الخاصة ويقع أيضا داخل إطارسائر النظم الاجتماعية الصغرى ـ على سبيل المثال ـ كأن يحدث التغير فى تنظيم العمل نتيجة إدخال الحوسبة فى الأجور أو فى اتحاد عمالى نتيجة سعيه لإدخال مكاسب جديدة .
2ـ 3 ـ 3 ـ التغيرفى نظام توزيع الثروات والمكافئات للسكان الذين يشملهم النظام الاجتماعى وتؤثر هذه التغيرات تأثير كبيرا على كثير من ممارسات النظام فقد أثر ظهور نظام الاحتكار فى العمليات التى تتحدد بها الأثمان وفى توزيع الثروات وفى الأجور كمكافئات وثروة .
2 ـ3 ـ 4 ـ التغير فى مراكز الأشخاص ، وهذا يتسبب فى إحداث تغير بنائى حيث يؤثر التغير فى الأشخاص الذين يقومون بأدوار فى النسق الاجتماعى ، وخاصة الأشخاص الذين يشغلون مراكز اجتماعية يستطيعون من خلالها التأثيرعلى مجريات الأحداث ، فى المجتمع .
2 ـ 3 ـ 5 ـ التغير فى قدرات أو اتجاهات الآشخاص ، ويكون ذلك سببا مباشرا فى إحداث تغير بنائى يصيب المركب المؤلف لشخصيات الأفراد وأدوارهم .
وقد حصر الدكتور صلاح العبد الصورالأساسية للتغير فى الأنماط الثلاثة الأولى فقط ومهما كان الأمر فإن التغيرهنا يتم بطريقة تدريجية ونسبية ويستغرق وقتا طويلا ، ويستغرق كذلك أجيالا ، كما أنه حقيقة مستمرة ومتصلة وعامة ، وكما يقرر صلاح العبد : أن التغير الاجتماعى صفة أساسية من صفات المجتمع ، وهى صفة لايمكن أن تخضع لإرادة معينة ، بل هى نتيجة تيارات اجتماعية وعوامل ثقافية واقتصادية وسياسية يتداخل بعضها فى بعض ويؤثر بعضها على بعض ، وأشار الباحثين إلى:
2 ـ 4 ـ مجموعة من العوامل التى يرجع إليها التغير وهى : 2 ـ 4 ـ 1 ـ العامل البيئى المتعلق بالبيئة الجغرافية . 2 ـ 4 ـ 2 ـ العامل السكانى باعتبار أن الأفراد هم العنصر الفعال فى حمل لواء التغير ، بالإضافة إلى ما يمكن أن يحدث من تغيرات فى التركيب السكانى . 2 ـ 4 ـ 3 ـ الثورات والحروب التى تعمل موجات التغير وتبرز حتميته . 2 ـ 4 ـ 4 ـ التقدم التكنولوجى الذى شهدته الإنسانية فى القرون المعاصرة وأدى إلى بالتغير إلى مدى واسع غير محدود . 2 ـ4 ـ 5 ـ العوامل والتيارات الاقتصادية والسياسية وتغير هذه الأنظمة . 2 ـ 4 ـ 6 ـ ظهور الأيدولوجيات الجديدة والاتجاهات الفلسفية التى تشكل أساليب الفكر والسلوك. 2 ـ 4 ـ 7 ـ سهولة الاتصال بين المجتمعات وانتقال الأنماط الثقافية الحضارية والعمرانية ، نتيجة الاحتكاك الثقافى بمجتمعات أخرى .
2 ـ 5 ـ الثقافة الرقمية فى إطار الهوة الحضارية :
2 ـ 5 ـ 1 ـ الثقافة الرقمية نموذج بارز يوضح العلاقة بين اختلاف معدل التغيرفى كل من العناصر المادية واللامادية ، لصالح العناصر المادية التى تتغير بسرعة أكبر من العناصر المعنوية غير المادية ، حيث ينجم عن هذا التفاوات فى معدل سرعة التغير بينهما الهوة الحضارية ، والتى تحتم على المجتمع أن يعيد تنظيم نفسه بعد كل اختراع حتى تتكيف جميع عناصره وتسير مختلف الجوانب فى تغيرها جنبا إلى جنب ، تحنبا لوقوع ظاهرة التخلف الثقافى وإطالة فترة سوء التكيف الاجتماعى ويحصر أوجبرن الأسباب التى تؤدى إلى ذلك فيما يلى :
2 ـ 5 ـ 1 ـ 1 ـ السرعة غير المتكافئة فى التغير الثقافى بين المظهرين المادى والمعنوى لأن العناصر المادية أسبق وأسرع تغيرا ، ومن ثم لاتستطيع العناصر المعنوية ( العادات ـ العرف ـ التقاليد ـ الآداب العامة ) اللحاق بها . 2 ـ 5 ـ 1 ـ 2 ـ تمسك الأفراد بالقديم وحرصهم على عدم الخروج عما درجوا عليه . 2 ـ 5 ـ 1ـ 3 ـ صعوبة تغير عقلية الأفراد وتصورات العقلية الجمعية بصدد كل اختراع إو كشف جديد . 2 ـ 5 ـ 1ـ 4 ـ عدم التجانس فى التركيب الاجتماعى مما يترتب عليه وجود تناقضات اجتماعية بين بعض الهيئات والجماعات .
2 ـ 5 ـ 2 ـ والهوة الحضارية تعبر عن اختلال التوازن فى تغير بعدى الثقافة الأساسيين وتشير إلى حالة لامفر من حدوثها وهى حالة الصراع الثقافى كما تتجسد بين الأجيال المختلفة فى المجتمع وهو ما يطلق عليه صراع الأجيال ، وتشتد حدة الصراع كلما ازدادت الجماعة التفافا حول ذاتها وانغلاقا عن غيرها من الجماعات ، وتخف شدة الصراع كلما تميز بناء الجماعة بالمرونة والاستعداد للتشكل وتقبل التوازن البنائى الذى لاغنى عنه لنمو الجماعة والمجتمعات وتلبيتها لاحتياجات التطور . وطالما أن العادات والتقاليد والأعراف وأنماط الحياة فى مجتمع معين تؤدى وظائفها بكفاءة كاملة فإنها تدفع الجماعة إلى زيادة التمسك بها فى مواجهة التجديد والتطوير مما يكسبها درجة أعلى من الصلابة ويضفى على شكلها ومحتواها مجموعة جديدة من مظاهر التبجيل والتقديس . وكلما كانت الثقافة القديمة صلبة وراسخة ظلت آثارها حتى بعد أن تظهر التيارات الجديدة وتنفذ إلى الأجزاء الأكثر تقبلا واستعدادا فى الثقافة القديمة . وإذا كانت التيارات المستحدثة هى المغلوبة فإنها سوف تترك بصماتها وآثار صراعها على جبهة الثقافة القديمة المنتصرة ؛ وإذا كانت الغلبة للتيارات الوافدة فإن الثقافة القديمة المتنحية لن تترك آثارها بل إن تأثير المعايشة الطويلة على علاقات الأفراد والجماعات سوف يظل صداها ردحا يطول مداه بقدر ماكان لهذه الثقافة المتنحية من انتشار وذيوع فى أعماق ووجدان الجماهير. وعندئذ تظهر الهوة الحضارية بين القديم والجديد . فالتباين بين مضمون القيمة وواقع تطبيقها يعكس تناقضات تتفاوت فى أبعادها وأعماقها على البناء الاجتماعى . وتظهرهذه التناقضات نتيجة لظهور شكلين من الاهتمامات داخل إطار التشكيلات الجماعية ، فبينما تمثل التقاليد الجانب الاجتماعى الثابت فى الاهتمامات الجماعية والمجتمعية ، فإن التيارات الجديدة تمثل الاهتمامات المستحدثة التى تتطلع إليها العناصر الشابة فى هذه التشكيلات .
2 ـ 5 ـ 3 ـ ويظهر فى إطار التغير الاجتماعى والهوة الحضارية ظاهرة الاغتراب والتى تؤثر تأثيرا كبيرا على درجة التوازن والاستقرار والتماسك الاجتماعى وهى ترمز أوتشير إلى نشوب حرب دائرة بين فرد ومجتمع ، والاغتراب ينصب على القيم ويركز الفرد المغترب على قضايا القيم المعارضة لإطار القيم السائدة فى المجتمع الذى يعمل بداخله ، وتتسم بعض أنماط الاغتراب بنمط العلاقة السلبية بين الفرد ومجتمعه نتيجة لتصوره أن تطلعاته الشخصية لايستطيع تحقيقها لما تلقاه من إحباط ورفض ، كما أن التغير الاجتماعى يأتى بمجموعة من المثل والاتجاهات التى لا يلحق بها المجتمع نتيجة لسرعة تحوله وتغيره ، تطبيقها على النحو الذى صيغت به فى بداية الأمر ، الأمر الذى يخلف إحساسا لدى البعض بخيبة الأمل . والاغتراب فى مختلف صوره وأشكاله يعنى قيام مجموعة صلدة من القيم الشخصية تتعارض مع الإطار المرجعى للجماعة والمجتمع ، وبهذا المعنى يكون الإنسان المغترب غير آمن لأنه يفتقد إلى التبرير الوضعى والشعور بالذاتية . فهو من ناحية أخرى يكون واثقا من العالم الذى حوله ولكنه غير واثق فى ذاته ومجمل القول أن افتقاد الإحساس بالانتماء وكذا بالشعور الذاتى يعدان من المصاحبات السيكولوجية للاغتراب.
2 ـ 6 ـ التغيرات المتنوعة التى لحقت بالمجتمع والتى رصدها العلماء والباحثون :
2 ـ 6 ـ 1 ـ تغير جذرى فى سلوك الإنسان شمل تأصيل ثقافة التناحر والصراع بين أطراف المجتمع وفئاته المختلفة واستخدام العنف فى التعاملات اليومية . 2 ـ 6 ـ 2 ـ زيادة الحقد وموجة الطمع الفردى والأنانية التى لا تعترف بالمسئولية الأخلاقية ووصلت الى حد الانفلات القيمى والأخلاقى سواء على مستوى الأسرة أو المدرسة وإدارات الدولة وأجهزتها أوالمجتمع بكل فئاته وطوائفه وكل فرد يبحث عن مصالحة الخاصة . 2 ـ 6 ـ 3 ـ واقع تصارعى لا رحمة فيه سواء كان ذلك على مستوى العلاقات السياسية والاجتماعية أو الاقتصادية أو حتى الثقافية ، وكل طرف سواء كان مستواه فرديا أو مؤسسيا أو دوليا يحاول اقتناص كل شىء وإلقاء الأخر فى جهنم. 2 ـ 6 ـ 4 ـ تغير النمط الدينى بسبب السفر إلى الخارج وخاصة دول الخليج وهو ما أطلق عليه البعض سيادة الحقبة الوهابية . 2 ـ 6 ـ 5 ـ ارتفاع حدة التعصب الدينى أوالعرقى أوالطائفى أوالإقليمى أوالمهنى وأصبح الناس حاليا يتعارفون من خلال ذلك . 2 ـ 6 ـ 6 ـ غياب الدور الحيوى للأسرة والمدرسة والمجتمع . 2 ـ 6 ـ 7 ـ افتقاد القواعد لفكرة الإجماع وعدم وجود قواعد تتفق على الخطأ والصواب . 2 ـ 6 ـ 8 ـ زيادة الأحكام المقيدة للحريات بنسبة مخيفة . 2 ـ 6 ـ 9 ـ فقدان القيم المركزية فالعدل والمساواة موجودان شكلا وليس فى الأداء الفعلى للبشر ولا فى السلوك اليومى للناس فهناك أفراد يحصلون على كل حقوقهم وآخرون لايحصلون على أى شىء . 2 ـ 6 ـ 10 ـ السياسات الاقتصادية الجديدة وتطوراتها منذ الانفتاح الاقتصادى فى السبعينات حتى الآن ، وما أدت إليه من : 2 ـ 6 ـ 10 ـ 1 ـ تنامى القيم الاستهلاكية . 2 ـ 6 ـ 10 ـ 2 ـ الرغبة فى الثراء السريع . 2 ـ 6 ـ 10 ـ 3 ـ شيوع ثقافة الفهلوة . 2 ـ 6 ـ 10 ـ 4 ـ الانتهازية . 2 ـ 6 ـ 10 ـ 5 ـ زيادة الفوارق الطبقية . 2 ـ 6 ـ 10 ـ 6 ـ إساءة توزيع الأموال . 2 ـ 6 ـ 10 ـ 7 ـ إختفاء الطبقة المتوسطة . 2 ـ 6 ـ 10 ـ 8 ـ زيادة نسبة الفقر والتى وصلت فى المجتمع المصرى على سبيل المثال حسب صندوق التنمية الدولى التابع للأمم المتحدة إلى أن حوالى 50% من الشعب المصرى تحت خط الفقر . 2 ـ 6 ـ 10 ـ 9 ـ تفاقم مشكلة البطالة . 2 ـ 6 ـ 10 ـ 10 ـ انحدار الثقافة الأخلاقية وإصابة القيم الأخلاقية التى ترسم معايير الخير والشر وتبين متى يكون الفعل أو الشىء خيرا ومتى يكون شرا ، بالخلل والميوعة والذوبان . 2 ـ 6 ـ 10 ـ 11 ـ العدالة البطيئة التى تدفع الناس للحصول على حقهم بالقوة .
2 ـ 6 ـ 10 ـ 12 ـ تدنى القيم الخاصة بالتفكير العلمى الموضوعى والقيم المتعالية النهائية الميتافيزيقية وصولا إلى عدم الاعتراف بالقيم الفلسفية والعلمية ، وذلك لحساب القيم المعيوشة يوميا واقتصار الوعى على الوعى اللحظى واليومى والذاتى حسب الحاجة والذوق والموقف والشخص وتقطع العلاقة بينهما وبين القيم المعيارية والقيم العليا التى تشكل الخير الأسمى . 2 ـ 6 ـ 10 ـ13 ـ انحدار القيم الجمالية واختلاط القبيح بالجميل وعدم التمييز بينهما وتدنى النظرة إلى الفنون الإبداعية التى ترقى بالعقل والحس والتذوق داخل الإنسان لحساب المتعة واللذة الحسية الوقتية .
2 ـ 6 ـ 10 ـ 14 ـ تحولات مؤثرة فى قيم العبقرية والبطولة والتفوق وسيادة نماذج الانحراف فى كافة المجلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية والتعليمية والثقافية والفنية والرياضية والإنتاجية والمحلية والقومية ...إلخ ، على اعتبار أن الانحراف أصبح يمثل هذه القيم ، وأصبح التمرد وكسر قيمة المألوف والشائع والمتواضع عليه لاينتج الإبداع الذى يجدد الأمة وينعش حياتها ومقوماتها ، فتمت محاربة الاجتهاد والتحرر والتفكير وتقييم الأفكار والنظر والتمعن ، حتى كفروض تقتضيها الشريعة ، وذلك فى صالح الخنوع والتواكل والرضى بالمذلة وانتظار الحل أن يهبط من السماء أو أن يمن به أهل الحل والعقد .
2 ـ 6 ـ 10 ـ 15 ـ أما زيادة النزعات المحافظة والثبات والحفاظ على التقاليد فقد تحولت هى الأخرى إلى الشكلانية فى الأداء وازدادت ضراوة على الفقراء وأخضعتهم للخنوع والتواكل وانتظار الحل من أن يهبط من السماء ، وأصبحوا المادة الخام التى يستخدمها الأغنياء من أصحاب هذه النزاعات ـ وغيرها ـ فى عملياتهم الانتاحية النفعية .
2 ـ 6 ـ 10 ـ 16 ـ اختلال القيم الاجتماعية وتوازناتها وافتقاد الصفات التى يفضلها أو يرغب فيها الناس للعمومية بالنسبة لهم جميعا كأفراد فلم تعد موجهة للسلوك أو أهدافا عند أغلبهم .
2 ـ 6 ـ 10 ـ 17 ـ سيادة قوى السوق وإجبار الأفراد على أن يشغلوا أماكن محددة لهم ومقررة سلفا من خلال سياسات تستهدف تفريغ المجتمع من مكتسباته التى استحقها بالنضال فى صالح النخبة الحاكمة والمسيطرة حيث يتحول الأفراد إلى أدوات وسلع وأشياء وعلاقات آلية ويفتقد الإنسان نتيجة لذلك إنسانيته ويجرد من خصائصها التى تميزه عن غيره من الكائنات فيتحول إلى ماهو دون الإنسان ، ومغترب عن ذاته وجوهره ، ويصبح بلا معنى ، هش من الداخل ، لايشعر بالأمن ولابالمقدرة على التجاوز ، عبدا للسلعة والسوق وقوانينه النفعية ـ ذئبا وحيدا متمركزا حول ذاته ومرجعيته ذاته نفسها ، القوةهى وسيلته فى تحقيقها، ويتمتع بالخصوصية التى يستطيع بها أن يستنفذ جسده فى اللذة التى يريدها مهما كانت وأصبحت الدعارة والشذوذ وسائل إنتاجية هى أقصى ما يتمتع به الإنسان فى الحياة / السوق، غير مرتبط بالقيم العليا وتنزع القدسة عنه وعن العالم من حوله ، واقع فريسة تحت صناعات اللذة والإعلانات التى قامت بعملية هندسة اجتماعية شاملة فأعادت صياغته بما تراه يخدم مصالح أصحابها وظهر مع ذلك حضارة قطع الغيار والتى تم فيها سلعنة الإنسان والاستعداد لتجزئته كلى وكبد وأعين ...إلخ ، واستعداد لبيعها لمن يدفع أكثر ، وبالتالى تسقط كل القيم الجوانية التى تعبر عن خصوصيته وتركيبته وتفرده ، وأصبح الأنسان ما هو إلا مجموعة من الدوافع المادية والاقتصادية والجنسية لايختلف فى سلوكه عن سلوك أى حيوان أعجم ، وأصبح إدراك الإنسان للواقع ليس عقلانيا وإنما تحكمه مصالحه الاقتصادية وأهواؤه النفسية. ثم أن السوق يمتد ليشمل الوطن بأسره الذى أصبح سلعة تباع وتشترى فى العالم بأسره ، حسب قوانين العرض والطلب الكامنة فى السوق ذاته ، وأصابه غياب أى مركز أوالمرجعية أو المركزية ، ولأن الواقع لا اتجاه له ، ولأن الكون لاثبات فيه ، ولأن الحقائق منفصلة عن القيمة ، ولأن كل الأمور متساوية ، بسبب كل هذا ، لايمكن قيام أية معيارية ، ولايمكن تأسيس نظم أخلاقية عامة ، وأنما يمكن تأسيس اتفاقات محدودة الشرعية لاتتحدد فى ضوء منظومة أخلاقية كلية وإنما فى ضوء الوظيفة والنتيجة ، وكل ما يمكن التوصل إليه هوأخلاقيات برجماتية تأخذ شكل فلسفة القوة والهيمنة ( للأقوياء ) وفلسفة الإذعان ( للضعفاء ) . ( د. عبد الوهاب المسيرى موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ج 1ـ الجزء الرابع ) .
3 ـ الإنترنت والتغيرات بين المفيد والضار 3 ـ 1 ـ المفيد 3 ـ 1 ـ 1 ـ أدت إلى ظهورمجتمع المعلومات وما يتميز بسرعة النفاذ إلى المعلومة وسرعة انتشارها وتوظيفها وظهور اقتصاد عصر المعلومات بقوة وما أفادت الإنسانية منه وخاصة وأن موارد المعلومات ـ على عكس الموارد المادية ـ لاتنقص بل تزيد مع زيادة استهلاكها .
3 ـ 1 ـ 2 ـ ديمقراطية المعلومات على الإنترنت فى كل وقت وكل مكان ولكل الناس وكسر الهرم الاجتماعى فى تداول المعرفة بين الفقراء والأغنياء وحدوث الفيضان المعلوماتى وما تميزم به من تفاعل ديناميكى بين المستخدم ومصدر المعرفة ، حيث تسعى الإنترنت ومن خلال تقانة المعلومات عموما إلى توظيف المعرفة فعليا ، لا الاقتصار على نشرها فقط ، وفى كل التخصصات التى تهم المعرفة الإنسانية والتى توصل إليها الإنسان .
3 ـ 1 ـ 3 ـ زيادة التعارف والتفاعلية بين الشعوب بالحضور الرقمى أون لاين المتبادل بين الآخر والأنا فى ذات الوقت على شاشة الحاسوب مما زاد التحاور والتجاور والتقارب والتبادل والاهتمام المشترك والتسامح . 3 ـ 1 ـ 4 ـ المساهمة فى النمو الاقتصادى والتكوين الرأسمالى وخاصة المعتمد على المعرفة الفنية كالتقانة الحيوية والتقانة المعلوماتية ومن خلال إتاحة العلم للجميع .
3 ـ 1 ـ 5 ـ ظهور أجيال جديدة شابة أقدر ذهنيا على الاستيعاب والبحث والمشاركة ولديها الاستعداد للابتكاروتوليد الأفكار الجديدة . 3 ـ 1 ـ 6ـ كما يستخدم الإنترنت كطريقة للخروج من رقابة وأسر السلطات القهرية والأنظمة الديكتاتورية على قدر مايستطيعون وما يملكون من مهارات فى تقانة المعلومات ومع الكثير من الحركات الاجتماعية والسياسية والاحتجاجية المعارضة بالإضافة إلى حرية التعبيرخارج كافة النظم المؤسسية .
3 ـ 2 ـ الضار 3 ـ 2 ـ 1 ـ وظهر مع كل ذلك فوضى المعلومات وتلوثها وصولا إلى حرب المعلومات إلى الحد الذى بشر فيه فيلسوف مابعد البنيوية الفرنسى فرانسوا ليوتارد من أن مانشهده حاليا ماهو إلا مرحلة جديدة من مراحل الصراع العالمى وأنه من غير المستبعد أن تدخل دول العالم فى حرب من أجل السيطرة على المعلومات كما حاربت فى الماضى من أجل السيطرة على المستعمرات والحصول على المواد الخام والعمالة الرخيصة واستغلالها .
3 ـ 2ـ 2ـ أن الإنترنت أصبح معقل اقتصادى وسياسى وعلمى ومعرفى واجتماعى حصين تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بما تمثله من مؤسسات سياسية وإدراكية ومعرفية ومخابرتية وعلمية وعنصرية ودينية وعسكرية وفضائية بكافة ثماره دون القوى الأخرى باعتبارها المسيطرة عليه ، تتحكم وتمنع وتمنح وتتجسس كيفما تشاء ويليها فى ذلك قوى الحكم وأهل التجارة وأصحاب القوى الاجتماعية الاحتكارية فى البلدان الأخرى والأنظمة العميلة فأهل التجارة يرون فيها وسيلة طيعة للإعلان عن سلعهم وتحسس نبض السوق وتسويق منتجاتهم والقوى الاجتماعية الاحتكارية تخشى من حراك اجتماعى يحتل فيه أصحاب الأفكار والعقول قمة الهرم الاجتماعى أما أهل الحكم فاتخذوه وسيلة فعالة للسيطرة على ردود أفعال جماهيرهم وسلب وعيهم الاجتماعى والسياسى والإطاحة بمعارضيهم والإيقاع بهم من خلال كل موبيقات الإنترنت .
3 ـ 2 ـ 3 ـ ثم أن الإنترنت أصبحت أداة وتكريسا للحركات الانفصالية والعنصرية والعرقية والطبقية والطائفية بكل ألوان الطيف الظاهرة والمرئية والخفية وبكل أنواعها المتوقعة وغيرالمتوقعة .
3ـ 2 ـ 4 ـ كما تستخدم الإنترنت فى سحق الهوية والخصوصية التى تتمتع بها الشعوب وتكون أحد أدوات الغزو الثقافى وكتوطئة للغزو العسكرى المباشر كما أنها إحدى منصات الإنتاج الدعائى التى تبرر العدوان على الشعوب من قبل القوى الاستعمارية .
3 ـ 2 ـ 5 ـ وكما يرى أندرو كين فى كتابه " صرعة الهواة " أن شبكة الإنترنت فى سبيلها لقتل وسائل الإعلام الموثوق بها وتفتقد إلى المعلومة الصادقة ، وأننا قد فقدنا المصداقية والموضوعية الموجودتين فى وسائل الإعلام الرئيسية وذلك بسبب الصرعة التى أصابت الهواة أو النرجسية الرقمية التى أصابت كل فرد فأصبح يفضل أن يكون فاعلا فى هذا المجال ، فوسائل الإعلام فى الويب مشخصنة ، وفوضوية وليس لها معايير تستند إليها فى توخى الصدق 3 ـ 3 ـ الإنترنت فى العالم العربى 3 ـ 3 ـ 1 ـ كل ماسبق من مضار موجود بفاعلية فى العالم العربى ويعمل بكفاءة عالية .
3 ـ 3 ـ 2 ـ كما قدم لنا أ. جمال غيطاس على صفحات جريدة الأهرام من أن العرب يفتشون فى الإنترنت على القمامة وأن مسار البحث عن العلوم والسياسة والاقتصاد فى مرتبة ضعيفة ومتذبذبة فى حين كان البحث عن الجنس والرياضة والدين فى مرتبة متوسطة ، وفاضت به المواقع الإباحية ومواقع الأغانى الهابطة ومدعى الحب بعيدا عن رقابة البيت والمنتديات المشينة حيث الألعاب الإلكترونية الفردية والجماعية الإجرامية والمرعبة أوغير ذلك وسيادة الألفاظ السوقية والعامية الضحلة ،وعلى حد تعبير د .عمرو عبد السميع "الشوارعيزم "، وعدم احترام الهدوء والخصوصية والتشارك فى الممارسات الشاذة فى المنتديات والخطريشمل الجميع بما فيهم الأطفال بلا رحمة.
3 ـ 3 ـ 3 حول مزاعم الحرية المطلقة :
3 ـ 3 ـ 3 ـ 1 ـ إن الحرية المطلقة الموعودة ماهى إلا خداع فقد بدأت الطبقية التقليدية تتسلل إلى شبكة الإنترنت التى أصبحت تحتوى حاليا على عدد من النوادى المعلوماتية الخاصة بأعضاء هذه الطبقات فقط مثلها مثل المنتجعات والمناطق التى يحرم على الآخرين الدخول إليها إلا كخدم . 3 ـ 3 ـ 3 ـ 2 ـ ثم أن طبيعة التحكم فى الإنترنت والسيطرة عليها من قبل الأنظمة ومن قبلها الولايات المتحدة الأمريكية تفرض واقعا رقميا حقيقيا وليس وهميا هو أن كل ما على الإنترنت مراقبا وليس هذا فحسب بل ومتحكما فيه من قبل هذا أو ذاك .
3 ـ 3 ـ 4 ـ فإذا أضفنا إلى كل ذلك الضعف الشديد الذى تتميز به بنية التقانة المعلوماتية والعلوم الأخرى وعدم مقدرتها على متابعة التطورات العلمية فضلا عن افتقاد القدرة العلمية الخاصة على تطوير وابتكار نظرية خاصة بها فى التقانة المعلوماتية وفى العلوم الأخرى تقاوم بها الاحتكار العلمى الغربى فإن آثار هذه المضار يتضاعف ويؤثربالسلب فى بنى المجتمع الأخرى .
3 ـ 3 ـ 5 ـ ويساند هذه المضار السيطرة الإعلامية والفضائيات الواسعة النفوذ والانتشار وما فيه من تكريس للسطحية وتعبيرعن الصراعات بين الأنظمة الحاكمة والنزعات الطائفية والعنصرية ، وما تتميز به هذه الوسائل من احتكار الأدوات الأحدث والأشمل وتركيزها على ماتشاء وإهمالها ماتشاء، وبالتالى سعيها لفرض ثقافة بذاتها . . 3 ـ 3 ـ 6 ـ وقد أطلق البعض على الإنترنت " أمبراطورية الكذب " و"أمبراطورية الوهم " وذلك للكم الهائل من عمليات النصب والاحتيال والسرقة بكل أنواعها المادية وغير المادية ، بالإضافة الى انتشار الأدعياء فى كل المجالات التى عرفها الإنسان .
3 ـ 3 ـ 7 ـ كما يجرى استخدام الإنترنت فى تسهيل العمليات الإجرامية والدعارة والعصف بالقيم والأعراف والقانون والأخلاق . 3 ـ 3 ـ 8 ـ خاصية الانتشار السريع التى تتميز بها شبكة الإنترنت وتنقلها من مكان إلى مكان ومن منزل الى منزل وفى أى اتجاه على وجه الكرة الأرضية ، مما يؤدى الى عولمة كل هذه القيم والسلوكيات الضارة ، وفى غياب الوعى الذى يتميز به عالمنا العربى وغياب أى مشروع لمواجهة هذه الأخطار تكون الخطورة .
3 ـ 3 ـ 9 ـ تهديد اللغة العربية وما تحمله من قيم عميقة ومركبة تعمل بفاعلية فى تلقى العالم بما يحمله من معانى وأحداث وذلك بسيطرة لغة الإنترنت على مستويين هما :
3 ـ 3 ـ 9 ـ 1 ـ الأول سيطرة لغة غريبة بما تحمله من قيم ترشح استقبال المعانى وماتؤدى إليه من إنهاء فاعلية اللغة العربية .
3 ـ 3 ـ 9 ـ 2 ـ الثانى سيطرة اللغة العربية الركيكة والعامية الضحلة على التعاملات وإنهاء اللغة العربية كأداة للتذوق والإبداع والتميز وبالتالى المساعدة فى إفشال القومية العربية والاعتماد على اللهجات المحلية وتعميقها تكريسا للانفصال والتباعد.
4 ـ الخاتمة :
4 ـ 1ـ لايمكن تحميل الثقافة الرقمية كل آثام العالم وكل المضارالتى أفرزتها شبكة الإنترنت، ولايمكن تحميلها ما أصاب القيم وعلى سبيل المثال : قيم الإنجاز ( ومن مظاهره المثابرة وتفضيل الأعمال الصعبة والرغبة فى المزيد من المعرفة ) ، وقيم الاستقلال ( ومن مظاهره حرية التصرف وحرية اتخاذ القرارات وتحديد المستقبل ) ، وقبم الصدق ( ومن مظاهره الشجاعة فى قول الصدق ومعاقبة أصحاب الخبر الكاذب والسعى نحو معرفة الحقيقة ) ، وقيم الأمانة ( ومن مظاهرها المحافظة على الممتلكات العامة والتصرف بأمانة ومعاقبة غير الأمناء ) ، قيم الصداقة ( ومن مظاهرها تقديم المساعدة للأصدقاء والسعادة بصحبتهم والعمل معهم والتواجد معهم ) ، قيم التدين ( ومن مظاهره الالتزام بأداء الشعائر الدينية وتفضيل إقامة المشروعات الدينية وإعمال الرحمة بين أفراد المحتمع ) ، وقيم المساواة ( ومن مظاهرها المساواة بين الأفراد فى الجوانب المادية والعدالة فى إصدار الأحكام وعدم التفرقة فى المعاملة وإعطاء فرص متساوية للجميع ) ، ماحدث بكل هذه القيم من تغيرات وماحدث بقيم أخرى مثل قيم الحياة والعائلة والحب والتطلع والاستكشاف والأمن الشخصى والطموح واحترام الذات و النقاء والقدير الاجتماعى والمسئوولية و الراحة والاستمتاع و الصراحة و والسعادة والعمل و المقدرة والكفاءة والتقدمية والعقلانية والمنطقية والنظام والنظافة والتسامح والكرم والإثارة والحياة العملية والأمانة و الحكمة وسعة الأفق وسعة الخيال والطاعة والتهذيب وضبط النفس والثقافة وغيرها .
4 ـ 2 ـ لابد من الاعتراف والتأكيد على أن القوة الحقيقية للعقل البشرى فى مواجهة " الآلة الذكية " هى فى القدرة على الإبداع الدائم والمزيد منه ، والقدرة على التصرف الإنسانى والمبدع أمام " المجهول " و " الجديد " ، وهذه القدرة غير متوفرة فى المدى المنظور للآلة الذكية التى مازالت عاجزة عن مجاراة الإنسان فى استيعاب الجديد والإبداع فى كيفية مواجهته ، ومن هذا الإبداع كانت السيطرة التامة على كافة منجزات التقنيات الرقمية وإخضاعها تماما للإنسان وتحولها إلى وسائل يستخدمها ملايين البشر بكل اختلافاتهم المعروفة وثقافاتهم المتنوعة وأعراقهم وأجناسهم وألوانهم وطبقاتهم .
4 ـ 3 ـ أن رغبة الإنسان وسعيه الحثيث للإحساس بالأمان النفسى والاجتماعى وما يكمن وراء ذلك من سعى إنسانى فطرى نحو البقاء تجعله يتحسس الخطرالذى يتهدده ويحاول أن يعزز عناصر التكامل والتضامن والتى يربط بينها إطارمن القيم والمعتقدات العامة التى تخلق حسا جمعيا بين أفراد الجماعة والوطن الواحد يعزز روح الجماعة وعناصر القوة التى توجه صور الاعتلال والتوتر والانحراف وبالتالى تخلق ـ كما ذكرنا ـ مقاوماتها .
4 ـ 4 ـ الثقافة الرقمية كتكنولوجيا مثلها مثل أى تكنولوجيا أخرى من الضرورى أن نعرف كيف نستخدمها فى حياتنا وعملنا وما يجب أن نبتعد عنه فيها وبالتالى يمكن المقارنة بين المجتمعات على أساس مستويات استخداماتها التكنولوجية ولأن التكنولوجيا الرقمية تطورت ـ كما ذكرنا ـ إلى أن أصبحت أداة طيعة فى يد الإنسان ، فقد أصبحت مستوياتها ترمز إذن للثقافة غير المادية ، وبالتالى صارت لا تعبر فحسب عن القيم الاجتماعية بل صارت إحدى الأدوات الإنسانية التى يستخدمها فى فى تحقيق السلوكات والمعايير مثل القوانين والمراكز والقواعد والتشريعات والعادات والطرق الشعبية والأعراف والذوق العام والطقو والسكن والرسميات والتقاليد والإتيكيت وطرق المعاملة وما تتسم به هذه المعايير من منع وإتيان أفعال معينة وبالتالى :
4 ـ 4 ـ 1 ـ صارت الثقافة الرقمية إذن تمثل حصيلة الوجود الإنسانى وخبرته الإدراكية والمعرفية وقيمه ونظمه الإنسانية بما يعتريها من تغيرات وتحولات وبما تمتد فى جوف الكيان الاجتماعى الثقافى . وعلى نحو ما عبر عنه الكاتب الأمريكى ديفيد واينبرجر " إنها نحن بكل اختلافاتنا " . 4 ـ 4 ـ 2 ـ أن ارتقاء القيم التى تبثها أدوات ووسائل الثقافة الرقمية يخضع استيعابها للمراحل ذاتها التى تمربها القيم الأخرى وهذه المراحل كماحددها كراتول تمر بثلاث مستويات :
4 ـ 4 ـ 2 ـ 1 ـ المستوى الأول : مستوى التقبل ويتضمن الاعتقاد فى أهمية معينة وهى أدنى درجات اليقين .
4 ـ 4 ـ 2 ـ 2 ـ المستوى الثانى : مستوى التفضيل ويشير إلى تفضيل الفرد لقيم معيمة وإعطائها أهمية .
4 ـ 4 ـ 2 ـ 3 ـ المستوى الثالث : مستوى الالتزام وهو أعلى درجات اليقين حيث الشعور بأن الخروج عن قيمة معينة سوف يخالف المعايير السائدة . 4 ـ 4 ـ 3 ـ وكذلك الأمر بالنسبة لمحددات اكتساب نسق القيم عامة ، هو ذاته بالنسبة للقيم التى تبثها أدوات ووسائل الثقافة الرقمية ، كما يقسم موريس هذه المحددات إلى ثلاث فئات أساسية هى :
4 ـ 4 ـ 3 ـ 1 ـ الفئة الأولى المحددات الاجتماعية : حيث يمكن تفسير أوجه الاختلاف بين الأفراد فى ضوء احتلافات المؤثرات البيئية والاجتماعية . 4 ـ 4 ـ 3 ـ 2 ـ الفئة الثانية المحددات السلوكية : وهى تتضمن العديد من الجوانب ، كسمات الشخصية ودورها فى تحديد التوجهات القيمية للأفراد . 4 ـ 4 ـ 3 ـ 3 ـ الفئة الثالثة المحددات البيولوجية : وتشمل على الملامح أو الصفات الجسمية ( كالطول والوزن ) والتغيرات فى هذه الملامح وما يصاحبها من تغيرات فى القيم ، وتغيرها مع النمو الفردى .
4 ـ 4 ـ 4 ـ بالنسبة للقيم التى تبثها أدوات ووسائل الثقافة الرقمية ، وبناء على تصور ريشر فى ارتقاء القيم ، هناك عمليتان يسيران جنبا إلى جنب فى ارتقاء القيم ، واختفاء قيم أخرى هما :
4 ـ 4 ـ 4 ـ 1 ـ أشكال نمو بعض القيم وظهورها وتتمثل فى : ـ اكتساب القيمة ـ زيادة إعادة توزيع القيمة ـ تقدير مرتفع للقيمة ـ اتساع مجال عمل القيمة ـ ارتفاع معايير القيمة ـ تزايد أهمية القيمة .
4 ـ 4 ـ 4 ـ 2 ـ أشكال اختفاء القيم وتتمثل فى : التخلى عن القيمة ـ نقص إعادة التوزيع ـ تقدير منخفض للقيمة ـ ضيق مجال عمل القيمة ـ انخفاض معايير القيمة ـ تناقص أهمية القيمة.
4 ـ 5 ـ أهمية الثقافة الرقمية فى إحداث التغير فى الأبنية المعرفية وبالتالى ارتقاء القيم واكتسابها :
4 ـ 5 ـ 1 ـ يرى جان بياجيه ومعاونيه أن اكتساب القيم وارتقاءها يقوم على أساس التغير فى الأبنية المعرفية عبر مراحل العمر المختلفة وأن هذا التغير فى الأبنية المعرفية يتضمن جانبين : الأول : حيث إعادة تنظيم العمليات المعرفية .
الثانى : يتمثل فى الظهور المتتالى لبناءات وعمليات جديدة . ولاشك أن الثقافة الرقمية بما تتيحه من فيض فى البيانات والمعلومات والمعرفة والتى تقدم للفرد عبر مراحل العمر المختلفة تزيد من عمليات الارتقاء العقلى والذى بينه بياجيه كنتيجة للتفاعل بين عمليتى التمثيل والموائمة ، فالتمثيل يقصد به تفسير الفرد للموضوعات والأحداث الخارجية فى ضوء الأفكار والمعلومات المتاحة ، والثقافة توفر قدرا هائلا منها مضافا إليها المعرفة التى تضيف أحكاما قيمية متعددة يستطيع الفرد أن يختار بينها بحرية ليؤسس لتفسيرات أكثر قناعة ومنطقية وعلمية وذلك من خلال العملية التى أسماها بياجيه الموائمة والتى تعنى الإدراك والاستبصار للعلاقة بين خصائص الموضوعات الخارجية والعمليات الداخلية والتى تزداد هى الأخرى ـــ بالفيض البياناتى والمعلوماتى والمعرفى الذى توفره الثقافة الرقمية ـــ حراكا وفاعلية ، وعملية التمثيل / الموائمة فى ضوء تصور بياجيه تتغير من عمر لآخر نتيجة عمليات التدريب المستمر التى يقوم بها الفرد لوظائفه العقلية بهدف التوافق مع البيئة ، وكما يرى بياجيه أن التغير فى الأبنية المعرفية يصاحبه تغير فى تفكير الفرد من العيانية إلى التجريد ، وأوضح أن ذلك يؤثرعلى الارتقاء الوجدانى وعلى نسق القيم الذى يتبناه الفرد والذى يمكن أن يكون هذا عيانيا أو مجردا .
4 ـ 5 ـ 2 ـ وعليه فإن الثقافة الرقمية ، من خلال إحداث التغير فى الأبنية المعرفية من خلال مراحل العمر خلال وإحداثها التغيرفى القيم وارتقائها واكتسابها فإنها تساهم بقوة فى :
4 ـ 5 ـ 2 ـ 1 ـ عمليات التقمص الوجدانى كعمليات تسهم فى زيادة مقدرة الأفراد على التغير والسعى إلى اكتساب مكانة جديدة وبالتالى اختبار القيم التى يؤمن بها مما قد يؤدى إلى تعضيدها أو الارتقاء بها أو تغيرها واكتساب قيم جديدة .
4 ـ 5 ـ 2 ـ 2 ـ وكذلك المساهمة بقوة فى تحقيق وظائف ارتقاء القيم ومنها وظيف المعرفة أو تحقيق الذات وهى تعنى كما يرى كاتز البحث عن معنى والحاجة إلى الفهم والاتجاه لعمل أفضل تصور وتنظيم ممكن بهدف الوضوح والاتساق ، بالإضافة إلى الوظائف الأخرى مثل الدافعية والتوافقية والدفاع عن الأنا .
4 ـ 5 ـ 2 ـ 3 ـ كما أنه من احتمالات التغير فى نسق القيم كما تصور وليامز ، الخلق والذى يعنى بروز محك تقويمى أو معتقد من مواقع خبرة جديدة تؤدى إلى فاعية فى تشكيل نمط سلوك الفرد ومن ثم إحداث التغير فيما كان محتصنا من قيم سابقة والثقافة الرقمية من أهم العوامل التى توفرالخبرة الجديدة ، بل مما يزيد الأمرفاعلية وتغيرا أن الثقافة الرقمية تقدم الخبرة الجديدة المتطورة بشكل فورى وبشكل موسوعى .
5 ـ أخيرا : يجب أن نتذكرعند الحديث عن التغير فى القيم : أنه من الصعب الاعتماد على مصدر واحد فى تفسير التغير وارتقاء واكتساب القيم ، وأننا يجب أن نأخذ فى الاعتبار جميع العوامل الأخرى ، فالتغيرفى القيم إنما هو محصلة التغيرات المتراكمة فى الجوانب التى يتضمنها المجتمع البشرى سواء كانت اجتماعية أوسيكلوجية أوبيولوجية أو اقتصادية أومعرفية أو سياسية وأيدولوجية أو مؤسسية ونظامية ولاشك أن الثقافة الرقمية تجمع بين كل هذه العوامل تؤثر فيها وتتأثر بها ، ولا تعمل وحدها أبدا بل أنها متوائمة ومتفاعلة مع كل ذلك وأداة لها.
أحمد عزت سليم عضو اتحاد الكتاب وعضو آتيليه القاهرة المحلة الكبرى فى : 2008 -10 -12
المراجع التى أعتمدت عليها الدراسة :
1 ـ معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية ـ أحمد زكى بدوى ـ مكتبة لبنان ـ 1986 . 2 ـ الموسوعة الفلسفية العربية ـ المجلد الأول ـ معن زيادة ـ معهد الإنماء العربى ـ 1986. 3 ـ الثقافة العربية بين الغزو الصهيونى وإرادة التكامل القومى ـ حامد ربيع ـ دار الموقف العربى ـ القاهرة ـ 1983 . 4 ـ موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ـ المجلد الأول الجزء الرابع ـ د عبد الوهاب المسيرى ـ دار الشروق 1999 . 5 ـ العرب والعولمة ـ مركز دراسات الوحدة العربية ـ أسامة أمين الخولى وآخرون ـ الطبعة الثانية ـ بيروت ـ 1998 . 6 ـ ارتقاء القيم ـ عالم المعرفة ـ عبد اللطيف محمد خليفة ـ 1992 . 7 ـ التنشئة السياسية والقيم ـ سمير خطاب ـ إيتراك للطباعة والنشر ـ القاهرة 2004 . 8 ـ مجلة العلوم الاجتماعية ـ المجلد الثانى والعشرون ـ العدد 1 /2 ـ 1994. 9 ـ المدخل السسيولوجى للإعلام ـ صلاح الكردى ـ القاهرة 1977 . 10 ـ التغير والبناء الاجتماعى ـ أحمد النكلاوى ـ القاهر الحديثة ـ 1968 . 11 ـ قيم منسية ـ قضايا إسلامية ـ العدد 109 ـ وزارة الأوقاف ـ القاهرة ـ محمود حمدى زقزوق 2004 . 12 ـ القيم الدينية وثقافة العولمة ـ قضايا إسلامية ـ العدد 121 ـ وزارة الأوقاف ـ القاهرة ـ الصاوى الصاوى أحمد ـ 2005 . 13 ـ ضد هدم التاريخ وموت الكتابة ـ مركز الحضارة العربية ـ أحمد عزت سليم ـ القاهرة ـ 1997 . 14 ـ مجموعة مقالات منشورة عن الثقافة الرقمية على الإنترنت لكل من غازى حسين على ـ السيد نجم ـ حسين راشد .وكذلك مقالات الدكتور عمر عبد السميع فى الأهرام عن الشوارعيزم فى 2008. 15 ـ العرب يفتشون فى قمامة الإنترنت ـ جمال غيطاس ـ جريدة الأهرم ـ القاهرة ـ يوليو2008 . 16 ـ مناظرة بين خبيرين ـ ميرفت عبد العزيز ـ جريدةالأهرم ـ القاهرة ـ 21أكتوبر2008. 17 ـ طرائق الحداثة ـ عالم المعرفة ـ رايموند ويليامز ـ 1999 . ..............................
عضو اتحاد الكتاب وعضو آتيليه القاهرة 06/11/2014
مصرنا ©
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|