استمارة الجرائم الغامضة .. راكبة حمارة "مشلولة" !
| |
انتهى الكلام | |
بقلم : معتز شكري
هل تذكرون قصيدة الشاعر العبقري فؤاد حداد "الاستمارة راكبة الحمارة" ؟ إليكم
نص هذه القصيدة الساخرة حتى نتذكرها سويا ، وبعدها لنا كلام :
مسحراتي منقراتي
ع الطبله إيدي
ريشه ف دوايتي
اسمع ياسيدي
اسمع حكايتي
مع استماره
راكبه حماره
أول ماراحت
راحت لحسني
قالت ياحوستي
هو انت فاطر
قال كنت فاكر
مش حانسى تاني
خليك مكاني
الاستماره راكبه الحماره
راحت لفكري
قال تيجي باكر
وتروح لزكري
قال روح لشاكر
ولا لشكري
شكري في اجازه
راحت لبهجت
لا حط ماذا
ولا سألها
أشر نقلها
راحت لهاني
خليك مكاني
هاني الطاطوري
قال فيما يبدو
حتروح لعبده
لازم ضروري
ضروري لازم
راحت لحازم
منه لتيفه
شاغلاه لطيفه
منه لمكتب
راجل مؤدب
ببدله بني
قال لي أظني
في تاني أوده
عند الموظف
أبو بدله سودا
بدله رصاصي
قال لا مؤاخذه
مش اختصاصي
سيدي لاظوغلي
خلص لي شغلي
في تاني طرقه
على شمالي
لبدله زرقا
شرحت حالي
قال ثانيه واحده
والاستماره
من يومها قاعده
راكبه الحماره
لو كنت راكب
ماكنتش اوصل
ولا أؤدي واجب
ولا أحصل
واطلع بلاشي
أحسن لي أفضل
على مهلي ماشي
المشي طاب لي والدق على طبلي
ناس كانوا قبلي قالوا في الأمثال
الرجل تدب مطرح ماتحب
وانا صنعتي مسحراتي في البلد جوال
حبيت ودبيت كما العاشق ليالي طوال
انتهى النص ، والآن يأتي دور الكلام :
سوف نغلب حسن النية المفرط ، والسذاجة الشديدة ، ونفترض جدلا أن كل
علامات الاستفهام حول الجرائم "المفتوحة" التي لا تغلق أبدا مبالغ فيها ، وأن
كل المشكلة تكمن في الروتين والإجراءات ، وإذن فالمفترض في النهاية حتى مع
كل تلك البيروقراطية النكدة والروتين العقيم وكسل الموظفين الأزلي ، وحتى مع
حسني اللي فاطر ، وفكري اللي مش فاكر ، وتيفه اللي شاغلاه لطيفة وأبو بدلة
رصاصي اللي بيقول مش اختصاصي ، إلخ ، أن تصل في النهاية هذه الاستمارة
المنكوبة مهما كانت الركوبة !
أما مشكلتنا الأزلية منذ الثورة فهي أن كل القضايا تفتح ولا تغلق بما يشفي الغليل
، أو بما يبرد قلوب المكلومين ، أو حتى بمنتهى البساطة لا تغلق أبدا ! هل لأنها
تصل إلى القضاء "منزوعة الأدلة" ؟! وهل هذه مسئولية النيابة أم أن هناك
جهات أخرى في الدولة لا تتعاون ولا تزود النيابة بالأدلة الموثقة ؟ هل لأنها
"تتوه" في الروتين والإجراءات ؟ أم لأن الحمارة اللي شايلة الاستمارة اتضح
أخيرا أنها حمارة "مشلولة" أصلا وبالتالي فهي في الحقيقة لم تبرح مكانها ! ،
وأننا كنا نتوهم أنها بطيئة صحيح ولكن في النهاية ستصل إلى بر الأمان المنشود
، فإذا بصرنا كليل وفهمنا قليل وحظنا بائس وأملنا يائس !
أقول هذا بمناسبة إحالة النيابة العامة ل75 متهما للمحاكمة في مجزرة بورسعيد
التي راح ضحيتها 75 شهيدا (شوف الصدف في الأرقام !) ، فإذا
المتهمون الرئيسيون هم مدير الأمن وشوية ضباط واضح أن الاتهام ضدهم
ينصب على "التقصير" في اتخاذ الإجراءات الأمنية التي كان من شأنها أن تحول
دون وقوع المجزرة ، وليس على أنهم هم أنفسهم "القتلة" ، طيب أين "القتلة"
الذين ألقوا بالناس من المدرجات إلى أرض الملعب ، بما فيهم رجال وشباب
وأطفال ونساء حوامل ، وذبحوا البعض ببلط وسكاكين ، وخنقوا البعض بجنازير
حديدية ، وحرقوا آخرين ، وأين الذين فتحوا بابا معينا ليخرج منه القتلة
المحترفون المدربون المأجورون وأغلقوا بابا آخر ليتكدس أمامه الضحايا
ويموتوا تحت الأقدام واندفاع وتراكم الأجسام ؟ وأين الذين أطفأوا الأنوار ؟ ومن
دفع للقتلة ؟ ومن نقلهم بالعشرات أو بالمئات لارتكاب المجزرة وحماهم حتى
تبخروا كأنهم فص ملح وذاب ؟
سيقول البعض : لماذا تتعجل .. ولماذا لا تترك للقضاء الفرصة لبحث القضية ..
هل تريد استباق الأمور أو تقويض أسس العدالة ؟ هل تريد الزج بأبرياء
واتخاذهم كباش فداء ؟ أليس في البلد مؤسسات يا رجل ؟! (على طريقة فيصل
القاسم !)
ولأنني مفقوع المرارة فسوف لا أرد بكلام مني حتى لا أحرق دمي ، وسأستعمل
ما يرد على خاطري في هذا السياق من الأقوال المأثورة والأمثال الفصيحة
والشعبية ، وأبيات الشعر الخالدة ، والكلمات التاريخية لبعض زعمائنا الراحلين ،
وكليشيهات بعض رموزنا الحاليين ، وكلمات من أعمال فنية ، ربما يبدو
الاستشهاد ببعضها غامضا ، وربما يتناقض بعضها مع بعض ، لا بأس .. ،
وليختر كل منا ما يناسبه ، ومع كون معظمها محبطا ، فأرجو أن يبعث آخرها
على الأمل :
- لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين !
- كيف أعاودك وهذا أثر فأسك ؟!
- إن كنتم نسيتم اللي جرى هاتوا الدفاتر تنقرا !
- وراء الأكمة ما وراءها !
- كله بالقانون !
- الديمقراطية لها أنياب وأظافر !
- كبابك ما جاني ودخانك عماني !
- يا قوم لا تتكلموا إن الكلام محرم
- ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوم
- أما السياسة فاتركوا أبدا وإلا تندموا !
- العاقل من اتعظ بغيره !
- لا تلم كفي إذا السيف نبا صح مني العزم والدهر أبى !
- المنحوس منحوس ولو علقوا على بابه فانوس !
- دولة الظلم ساعة ، ودولة العدل إلى قيام الساعة !
- لك يوم يا ظالم !
- أروح لمين وأقول يا مين ينصفني منك !
- تعظيم سلام لأرواح الشهداء !
- وبناء عليه .. لن نتنكر لدماء الشهداء !
- بما لا يخالف شرع الله .. سوف نحقق أمل الشعب فينا !
- مصر لن تركع !
- وإذن ، تبدأ على الفور إجراءات سحب الثقة من الحكومة !
- يا قلبي يا كتاكت يا ما انت مليان وساكت !
- النهارده قهر وبكرة قهر والعمر كله كام شهر ؟!
- الأرض التي تروى بالدماء لا تنبت الزهور !
- ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود !
- أهو ده اللي صار وآدي اللي كان .. مالكش حق تلوم عليا
- تلوم عليا إزاي يا سيدنا وخير بلادنا ماهوش ف إيدنا ؟
- قول لي عن أشياء تفيدنا وبعدها ابقى لوم عليا !
- مين معايا ؟ - إحنا عصابة اللهو الخفي !
- اسلمي يا مصر إنني الفدا ذي يدي إن مدت الدنيا يدا
- أبدا لن تستكيني أبدا إنني أرجو مع اليوم غدا
- مرة أخرى : أبدا لن تستكيني أبدا إنني أرجو مع اليوم غدا
- للمرة المليون : أبدا لن تستكيني أبدا إنني أرجو مع اليوم غدا
وهل هناك ما هو خير من كلام الله تعالى يمنحنا الأمل وينزل بردا وسلاما على
قلوب أهالي الشهداء والمصابين ، وعلى قلوبنا نحن جموع المصريين ، بعد أن
صرنا جميعا "مستضعفين" نشكو إليه سبحانه ضعف قوتنا وقلة وحيلتنا وهواننا
على الناس :
"ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم
الوارثين. ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا
يحذرون" (القصص – 5 و 6)
" أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء
والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر
الله قريب" (البقرة - 214)
صدق الله العظيم.
اللهم ارحم شهداءنا واقتص أنت يا قوي يا عزيز بحولك وقوتك ممن قتلهم غدرا
وغيلة ، فإنك سبحانك تمهل ولا تهمل. آمين.
انتهى الكلام.