| | | | الكوسة ومستقبل المناعة في مصر ! ...............................................................
بقلم : معتز شكري .....................
حديثنا اليوم ليس عن "مستقبل الثقافة في مصر" ، كما فعل الدكتور طه حسين عندما أصدر كتابا بهذا العنوان سنة 1938 ، مهما اتفقنا معه أو اختلفنا ، ولكنه حديث عن "مستقبل المناعة في مصر".
طيب إيه المناسبة ؟ المناسبة خبر علمي نقلته لنا صحيفة "الوفد" القاهرية في الصفحة الثانية من عددها الصادر في 25 أكتوبر 2009 ، جاء فيه أن خبيرة التغذية الفرنسية فرانسواز دي كولونر قدمت روشتة من المنتجات الطبيعية التي تساعد على مناعة الجسم وتقويته في فصل الخريف واستعدادا لفصل الشتاء. وتضمنت الروشتة ، علاوة على العسل الأبيض والعنب الأسود والجزر والكرنب ، " الكوسة " أيضا بالذات ، حيث إن الكوسة تحتوي على الألياف سهلة الهضم والمضادة للأكسدة.
والواقع أنني قبل هذا الخبر كنت قلقا جدا على مستقبل المناعة في مصر ، وخصوصا أن كل الأطباء والعلماء الآن ومعهم منظمة الصحة العالمية ينصحون بتقوية المناعة في مواجهة أنفلونزا الخنازير وغيرها من الأمراض ، إلا أن هذه الحقيقة العلمية أثلجت صدري وطمأنتني على بلدنا الغالية وأن لها مستقبلا مزدهرا ستحتل به مكانة نادرة بين الشعوب التي لا تنتشر بها الكوسة. كانت هناك نكتة في شكل فزورة تقول : لماذا لا يوجد تين في الأرجنتين ؟ والجواب : لأنها من دول أمريكا "اللا" تينية ! والآن : لماذا مستقبل المناعة مطمئن في مصر ؟ لأنها بلاد تنتشر فيها الكوسة !
سيقول البعض : ومن قال لك يا فالح إن البلاد الأخرى محرومة من الكوسة ؟ أليس نباتا يزرع في كل مكان ؟ ، وجواب الفالح (اللي هو أنا) على الفلحوس (اللي ممكن يسأل السؤال) هو : الظاهر يا فلحوس أنك لم تسمع بالظاهرة العلمية الفريدة التي سجلتها المواسيع الكبرى (دي غير الموسوعات على فكرة) من أن بلادنا نحن بالذات بلاد عجيبة محيراني : تزرع القمح في سنين ، يطلع القرع في ثواني !
صحيح أنا أحب السلطة ( بفتح السين واللام لأنها لوكانت بضم السين وسكون اللام فستكون بفتح رأسي غالبا ) وأقاوم بها الأمراض والجراثيم ، ولكن مشكلتي الآن أنني طول عمري لا أحب الكوسة من ناحية ، وفي الوقت نفسه هي صنف من غير المستساغ إضافته إلى طبق السلطة. ومع ذلك ، سأحاول بالتعاون مع زوجتي التوصل إلى حل لرفع مناعتي من خلال أحد أقارب الكوسة ، ألا وهو "القرع" ، فأنا مثلا أحب "القرع العسلي" ، والعسلي فقط.
ولأنني أحيانا أصاب بالكسل ، على الأقل ليكون في العبد لله خير في أهله وناسه ، يعني لابد من الانتماء والتوحد مع المجموع ، وحيث إن المجموع يغلب عليه الكسل فأنا أكون كذلك أحيانأ ، فلن أبحث عن صحيفة أخرى لأقتبس منها شيئا آخر لأعزائي القراء. بل سأنتقل إلى الصفحة الأخيرة من نفس عدد جريدة الوفد السابق ذكره.
ماذا جاء في الخبر ؟ جاء يا سادة يا كرام العنوان التالي :
"احتلت أشهر ميادين السويس : أوامر سرية برفع لافتات تدعو لاختيار جمال مبارك نائبا لرئيس الجمهورية"
وقال الخبر إن المواطنين بالسويس استنكروا بدء رفع لافتات كبيرة على أشهر ميادين السويس تدعو على خلفية علم جمهورية مصر الرئيس حسني مبارك رئيس الجمهورية إلى اختيار نجله جمال مبارك الأمين العام المساعد للحزب الوطني وأمين لجنة السياسات نائبا له خلال الأيام المقبلة وقبل حلول انتخابات رئاسة الجمهورية المقرر إجراؤها في نهابة عام 2011 ( ملحوظة : في الخبر الأصلي وضع المحرر علامات تعجب بعد الفقرة السابقة وأنا حذفتها من باب الأدب ، أولا لأنني لم أجد شيئا يدعو للعجب ولاسيما أننا لسنا في شهر رجب ، وأنا دقيق في مثل هذه الأمور ، وثانيا لأنني أعتقد أن المحرر حاقد والجريدة حاقدة والمصور حاقد والصورة حاقدة ، وبعدين مع أنني لست ناصريا إلا أنني من المؤمنين بأن كل عصر وله جماله ).
وفي الفقرة الثانية يقول المحرر : وأكدت مصادر على صدور أوامر وتعليمات من جهات عليا إلى بعض أتباع السلطة (المرة دي بضم السين وسكون اللام حتى لا يختلط الأمر لأن السلطة التانية بتاعت الخضار أنا من أتباعها) والحزب الحاكم وأصحاب المصالح بالسويس بالبدء في رفع اللافتات على خلفية لعلم جمهورية مصر تتضمن ما سبق .. ويختتم المحرر الخبر بالقول إن المواطنين بالسويس استنكروا هذا المخطط مع بدء تنفيذه على هامش احتفالات أهالي السويس بعيد السويس القومي السادس والثلاثين ، وأكدوا رفضهم مساعي توريث الحكم ، إلخ.
ونشرت الصحيفة أعلى الخبر صورة فيها لافتة ضخمة في أحد ميادين السويس ، هي عبارة علن علم مصر بحجم عريض جدا ، وفي الجزء الأوسط "الأبيض" من العلم كتبت كلمات بعضها باهت ، ولكن السياق يفيد أن الجملة كاملة هي : نناشد الرئيس محمد حسني مبارك أطال الله لنا عمره أن يكون السيد جمال مبارك نائبا له ولشعب مصر والسويس ، كما نتمنى من الله أن يكون ذلك المنصب في هذه الأيام المباركة.
هنا يدخل (الفلحوس) مرة أخرى على الخط ليسألني : بالمناسبة يا فالح ، لماذا تستخدم (الكوسة) و(القرع) وهما اسمان لنبات واحد ، أو لنباتين متقاربين ، في معنى مجازي هو النفاق والمحلسة ومسح الجوخ والوصولية ، إلخ ؟
أقول يا سيدي الفلحوس ( على فكرة يا إخواننا المرة دي الكلام اللي جاي بجد لأنني ممن تعمق في البحوث اللغوية ، وبالذات علم أصول الكلمات Etymology ، في العربية والإنجليزية ) :
الأصل هو لفظ القرع ، والمعنى المجازي جاء من كلمة (القرع) بمعنى ( الطرق على الطبول ) وليس بمعنى اسم ذلك النبات ، حيث جرت العادة في مصر في عهود المماليك أن يتم قرع الطبول مع دخول أو خروج السلطان ، وكانت تتولى هذه العملية فرقة متخصصة في دق الطبول يسمون (القرعجية) ، ولما كان ذلك مظهرا واضحا للنفاق ، سمي كل من ينافق إنسانا آخر بسبب منصبه أو جاهه أو مال ، إلخ، "قرعجيا" ، والمصدر أو الحالة نفسها هي "القرع". وفي مرحلة لاحقة ، ولأنه تصادف أن يكون لكلمة القرع معنى آخر في اللغة هو اسم لنبات معين ، انتقل المعنى المجازي من "القرع" بمعنى "دق الطبول" إلى نبات "القرع" نفسه والذي من أسمائه الأخرى "الكوسة" فانسحب على الكلمة الأخيرة أيضا نفس المعنى المجازي !
كنت قد لاحظت من سنوات أن المرأة الوحيدة حتى الآن التي شغلت منصب رئيس الوزراء في فرنسا كان اسمها "إديت كريسون" ولقب عائلتها معناه بالفرنسية "جرجير" ، وأن لقب عائلة المستشار الألماني الاسبق "هلموت كول" – وهو كلمة (كول) - يعني بالألمانية "كرنب" ، وقلت في نفسي : وماله ؟ أكيد دول من "خيار" الشعوب ! أما إذا "رخم" علي الفلحوس مرة أخرى ليسألني : ولما دول من"خيار" الشعوب ، أمال احنا نبقى إيه يا فالح ؟ ، فسوف أقول له وأنا ألتهم طبق السلطة – الخالي من الكوسة - : من "قرعجية" الشعوب !
الخلاصة : يا أهلنا في أمريكا وسائر بلاد المهجر : لا تخشوا شيئا على الوطن الغالي ، وصحة أبنائه ، ومقاومتهم للأمراض والأوبئة ، فمناعة مصر بخير ، وإذا لم تصدقوني اقرأوا المراجع وأهمها : "خلاصة المواسيع : في انتشار الكوسة بمصر وحب المصريين للتقريع". 06/11/2014
مصرنا ©
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|