رسالة من ضيف " رزل " إلى صاحب البيت والعتبة الخضراء !
...............................................................
|
القس الطموح بيشوى |
بقلم : معتز شكري
.......................
التأم شمل الأسرة الصغيرة على العشاء ، وقرأ أفرادها في وجه كبيرها شيئا غير قليل من أمارات الهم ، وما لبثوا أن تيقنوا من صدق ظنهم عندما بادرهم الكبير قائلا :
- كما تعودنا ، فسوف أطلعكم اليوم على شيء أهمني وأقلقني حتى تنظروا فيه معي وتطلعوني على آرائكم
قال الابن الأكبر : خيرا يا أبي ، لقد أقلقتنا ، ما الموضوع ؟
- الموضوع باختصار وبدون لف أو دوران : أننا مهددون بالطرد
- قديمة !
وهنا نهرته الأم قائلة : عيب يا ولد ! انت هتخش مع أبوك قافية ؟
- لا أقصد يا أمي ، ولكنها قديمة فعلا ، فنحن منذ سنوات في نزاع مع صاحب البيت الذي يريد أن يطردنا ، والقضية شغالة في المحاكم ، ولم أسمع أن هناك جلسة قريبة
وهنا قالت الزوجة : صحيح يا ابو محمد ، ايه موضوع الطرد دا ؟
- يا ستي ، أنا لا أتكلم عن طردنا من بيتنا هذا الذي نقيم فيه ، وإنما من البيت الكبير
- يا نهار أبيض يا ابو محمد ، أنت لك بيت آخر يا رجل ، وكمان "أكبر" هي دي آخرة العشرة والمرار اللي انا شايفاه معاك (إهيء إهيء) ؟!
- يا جماعة ، أنا أتكلم عن الوطن ، أتكلم عن مصر
- (بعد أن انتهت وصلة الإهيء ) : يا لهوي يا ابو محمد ، احنا ننطرد من مصر ، مين دا الي عايز يطردنا من مصر يا راجل ، انت جرى في عقلك شيء ؟
ولأن الابن الصغير أحمد كانت فيه دعابة ، دخل في الموضوع ليدلي بدلوه :
- بس يا جماعة ، أنا الآن فهمت الفولة
- وما هي الفولة يا فالح ؟ سأل أخوه الكبير محمد.
- حدث شيئان لم يعرفهما إلا أبي باعتباره خبيرا ببواطن الأمور ، وبالتأكيد سوف يذاعان في وسائل الإعلام بعد قليل. الأول أننا صرنا تابعين لحكومة ساركوزي رئيس فرنسا ، والثاني أن هناك من وشى بنا من خصومنا إلى السلطات – وأنا شخصيا أشك بأنفي البوليسية في جارتنا النكدية المنفسنة أم الباتعة – بادعاء أننا أصلا من الغجر ! فالسيد ساركوزي وحكومته رأسهم وألف سيف يطرودون الغجر المساكين من فرنسا باعتبارهم غرباء وأجانب !
وهنا قال الأ ب :
- كويس والله أنكم واخدين المسألة ضحك وهزار ، ياريت تكون كده فعلا بدل الهم اللي راكبني
قال محمد :
- يا بابا ، من فضلك قل لنا ما الموضوع ؟
- الموضوع يا محمد يا ابني ، ويا احمد يا ابني ، ويازوجتي العزيزة ام محمد ، ان هناك شخصية دينية مشهورة أكدت أننا "ضيوف" في مصرنا العزيزة ، وأن الطائفة التي تنتمي إليها هذه الشخصية هم "أصحاب البلد" الحقيقيون. ليس هذا فقط ، ولكنه قال أيضا إن صبرهم طال جدا علينا وعلى ضيافتهم لنا ، بما يعني ان كل شيء له حدود.
وهنا قال احمد ضاحكا :
- بس عرفتها يا بابا ، انها أم كلثوم ! فهي التي قالت للصبر حدود .. للصبر حدود .. للصبر حدود .. يا ا ا حبييييبي ! بابا إذن يريد أن يضحكنا بقفشة ظريفة من قفشاته ! حلوه يا عم ! قشطة !
- طب بذمتي انت حمار ولا انت فاهم حاجة !
- ليه بس يا بابا مش هي ام كلثوم ؟!
- يا ابني ام كلثوم الله يرحمها ماتت من سنين ، وبعدين انا باتكلم جد ، فيه أنبا من كبار قيادات الكنيسة القبطية اسمه الأنبا بيشوي قال الكلام ده فعلا بعظمة لسانه والكلام نشر في وسائل الإعلام كمان
قال محمد :
- قال ايه بالضبط يا بابا ؟
- قال يا ابني اننا اصحاب البلد .. يقصد هم يعني .. والمسلمين ضيوف عندنا ، لكن الاحتمال له حدود
قالت الأم :
- كلام غريب فعلا ، لكن هوه احنا ضيوف عندهم من قد ايه يا ابو محمد ؟
- يا ستي ، دي حاجة تجيلها كده يعني حسبة ألف وربعميت سنة !
- يا لهوي ! يا نضري ! ولو الكلام ده صح ايه اللي كان سكتهم علينا المدة دي كلتها ، طب دول يبقوا كرما قوي بحق وحقيق يا ابو محمد ! بس فيه حاجة انا مش فاهماها يا اخويا .. معلش استحملني شوية .. انت عارف ان علامي يا اخويا على قدي .. وان انا يعني اسم الله على مقامك كده خرجت من اولة ابتدائي ما كملتش عالي يعني ! لما هما كده كرما من وسع لدرجة انهم يا كبدي مستحملينا وشايلينا على روسهم كده وزاعقين الف وربعميت سنة زي ما انت ما بتقول .. مش كانوا برضه اسم النبي حارسك وصاينك كده يكملوا جميلهم يعني ويخلوها بجميله ودول ناس مأصلين من أيام الفراعنة ويسيبوا الشعب المسلم الغلبان ده اللي طافح الكوتة كام ألف سنة كمان ، يمكن ساعتها تكون القيامة يا نضري قربت تقوم ، وأهو ساعتها كل من له حق يبقى ياخده يعني قدام اللي ما بيغفل ولا ينام .. مش كده ولا ايه ؟!
- معقول برضه يا ام محمد اللي يقول الكلام ده وصبره نفد من الف وربعميت سنة ممكن يصبر كمان زيهم ؟
- يعني ايه ، مش حيسيبونا طيب ندور على حتة تانية قبل ما نخلي لهم بلدهم ؟
- الظاهر عاملين حسابهم ومش هيسيبونا
قال احمد :
- بس ده كلام غير معقول ، المفروض في المسائل اللي زي دي ، اللي عايز يهد البيت يعطي فرصة للسكان او يوفر لهم مساكن ايواء
قالت الأم :
- يا حومتي .. يا حومتي ! دي بايننها جد يا ناس ! اتشردنا واتفضحنا واللي كان كان ، مش كانوا يسيبونا ولاد الاصول دول ندور على بلد تانية تكون كده شرحة وبرحة .. وتكون في الوقت ذات نفسه كويسة ورخيصة وبنت ناس ننقل فيها
قال محمد :
- مفيش يا ماما دلوقتي بلد كده ، كل بلد يا دوب على قد اللي ساكنينها
- بس يا ابني برضه فيه حاجة تانية مش فاهماهما .. لو دي بلدهم لوحدهم صحيح مش ياابني كانوا اتنصحوا لنفسهم كده وماقبلوش حد يسكن عندهم الا بشروط وبأجرة كبيرة ، فيه ياابني حد يضايف حد الف وربعميت سنة ؟! دول كان زمانهم اسم الله على مقامك لموا لهم دلوقتي شيء وشويات من الايجار لان البلد يعني اغلبيته لا مؤاخذة مسلمين وهما عددهم يا نضري قليل يعني كمان زمانتهم دلوقتي اغني ناس في الدنيا بزيتها !
- صح يا ماما ، بس هما ما كانوش بياخدوا ايجار
- معقوله يا محمد ؟ ده اللي مأجر دكان والا حتى فترينة في بير سلم بيأجره ويسترزق منه
وهنا دخل احمد في النقاش ساخرا كعادته :
- ايوه صحيح ، دول ما حصلوش اسماعيل ياسين في فيلم العتبة الخضرا لما ضحك عليه احمد مظهر وباع له الميدان ، لأنه صدق وراح فعلا يطالب قسم الموسكي والمطافي بالاجرة وكان عايز المطافي يحضروله وابور يروح بيه البلد !
قال محمد :
- وفيه حاجة تانية انت ناسيها يا ابو حميد .. انه عمل يافطة جديدة للميدان باسم (ميدان عديلة) على اسم شريكته في الصفقة !
قالت الأم :
- ايه ده ؟ يعني يا ولاد مصر هتبقى اسمها جمهورية عديلة !
- حاجة زي كده ياماما ، لأن اتضح ان كلها من املاكهم ، بما فيها حتى العمارة اللي فيها احمد حلاوة !
قال احمد :
- يا حلاوة يا جدعان .. يا حليلة يا حليلة .. ده حبيبي زارني الليلة !
وهنا نهرهم الأب الذي طال صبره عليهم :
- بس بقى كفاية مسخرة منك .. له .. لها ! انا سايبكم من الصبح وصابر عليكم
فرد احمد :
- يا بابا انت صابر علينا من الصبح .. طب تقول ايه للي يا ولداه صابرين علينا الف وربعميت سنة !
- اسمعوا بس انا فكرت كتير وفي الآخر وصلت لرأي
قالوا جميعا :
- يا ترى ايه ؟ ريح بالنا
- انا شخصيا مش معزل ، واللي يحصل يحصل
احمد – طب يا بابا حتقول لهم ايه ؟
- - حا قول لهم انا مش مقتنع بكلامكم ، لأن كلامكم ده لو صحيح معناه ان الاسلام لما دخل مصر فضل الاقباط جميعا او حتى معظمهم على دينهم بحيث ان المسلمين الحاليين كلهم من نسل الفاتحين المسلمين ومعناه ان دولة الاسلام لما كانت بتفتح - أو خليها "بتحتل" أو "بتغزو" أو أي كلمة تعجبهم وتشفي غليلهم - كانت محتاجة جيش جرار لكل بلد تفتحه لأن كده الجيش ما بيرجعش تاني ! يعني كل جيوش الاسلام التي كانت بتفتح عشرين بلد في وقت واحد كانت كلها بتبلط في البلد اللي بتخشه وتتناسل فيه مئات السنين لحد ما يبقوا عشرات الملايين .. وده معناه ببساطة انه لازم تكون دولة الاسلام نفسها فضيت من السكان سواء كانت المدينة او الكوفة او دمشق الخ ، لانهم ازاي كانوا هيلاحقوا على بلدان بحجم نصف العالم تقريبا في ذلك الزمان يملوه بجيوش جرارة بتنفذ الغزو بطريقة سكة اللي يروح ما يرجعش !
محمد – تقصد يا بابا ان غالبية المسلمين الحاليين هم من نسل الاقباط الذين أسلموا باختيارهم وبالتدريج ، اما الاقلية فهي نسل الاقباط الذين بقوا على دينهم ؟
- طبعا يا بني ، هل هناك اي تصور آخر يقبله العقل ؟
- يعني في هذه الحالة ، نصبح جميعا اصحاب البلد مثلهم ، ولكن لابد اذن ان نستثني المسلمين الذين هم من نسل الفاتحين !
- والله يا بني ، مع ان الموضوع هكذا يكون هزليا جدا ، لكن جوابي عليك وعليهم في هذه الحالة هو : لو استطعتم أن تفرزوا هؤلاء من هؤلاء فتفضلوا اصلحكم الله !
أحمد – طيب ، افرض يا أبي انهم لم يقتنعوا بكل ذلك وبعشرات الأدلة والبراهين والحجج الموجودة في دراسات كثيرة حول حقيقة عددهم وحول حقيقة الفتح الاسلامي لمصر الخ ، وأصروا على أننا ضيوف ، واستغلوا ان المسلمين ليس لهم بابا ولا ماما ولا حتى انور وجدي ! ، ماذا نفعل ؟
- نبلط يا بني ! نقول لهم نحن لا مؤاخذة يعني ليس عندنا مكان آخر ، فاعتبرونا ضيوفا "رزلاء" ، واللي في شوقكم افعلوه !
- هل نأخذ التصويت على هذا القرار يا أبي كما نفعل هنا دائما ؟
- لا بأس يا ولدي ، الموافق يتفضل برفع يده .. موافقة !
- أرشحك لرئاسة المجلس اياه يا والدي !
- عيب يا ولد ! ولكن قبل أن ينفض الاجتماع لي كلمة يا أسرتي الحبيبة الصغيرة أقولها لأسرتي الحبيبة الكبيرة مصر ، وأقولها لزميلي في العمل ريمون ولجارنا في البيت الملاصق عم جرجس ولصديقي الصدوق المخلص ميخائيل ، وسوف أقولها لهم عندما ألقاهم غدا
- ما هي يا أبي ؟
- لقد رد البابا شنودة على كلام الانبا بيشوي وقال في رده على هذه العبارة بالذات : بالعكس انني اقول إننا نحن اللي ضيوف عند اخوتنا المسلمين لأنهم هم الاغلبية ، وقد تأثرت جدا بهذا الرد من شخصية ذكية وأديبة وبليغة كالبابا شنودة ، ولو جاءت فرصة للتعليق عليها سوف أقول هذه العبارة وهي : بل أنتم يا أقباط مصر الاعزاء اصحاب البيت معنا ومثلنا لستم ضيوفا وأنتم لا تسكنون مصر بل تسكنون في حبات العيون ونحن مستعدون أن نضحي في سبيل سلامكم وأمنكم بكل رخيص وغال ، ولن يبني أحد مصر إلا أبناؤها من المسلمين والاقباط يدا بيد وكتفا بكتف ، العيون في العيون والقلوب في القلوب ، فقط نرجوكم ونرجو أنفسنا معكم ان يتحمل بعضنا البعض ، حتى لا يرى بعضنا من بعض "الرزالة" اللي بحق وحقيق وهي انهيار الوطن "الرزل" كله وحضور أعداء مشتركين "رزلين" من خارجه لاحتلاله ونهبه .. "رزالة" "برزالة" يعني !