مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 بعد مجزرة قافلة الحرية : حوار صاخب مع قلمي
...............................................................

مجزرة قافلة الحرية

بقلم : معتز شكري
.....................

استدعيت قلمي على عجل ، فجاء متثائبا ضجرا :

- ماذا تريد ؟ ألا تتركني أغفو قليلا ؟
- أمرك غريب أيها القلم ، شأني أن آمرك وشأنك أن تطيع
- لا ، هذا كان "زمان" ، أما الآن فقد تغير الوضع
- أي وضع ؟ هل تضع رأسك برأسي بمنتهى البساطة ؟
- لقد لبثت معك عمرا طويلا ، هل تنكر ذلك ؟ هل استعصيت عليك من قبل ، أم كنت دوما طوع أفكارك يسيل بها دمي ودمعي لكي أعبر عما يجول بخاطرك ؟
- أي دم وأي دمع ؟ لعلك تقصد "يسيل بها حبري" ؟ّ
- بالنسبة لك هو حبر ، وبالنسبة لي هو دمي ودمعي وعرقي ونبض أعصابي
- طيب يا سيدي القلم ، واضح أنك اليوم ترفع راية العصيان ، ما قضيتك ؟
- قضيتي أنني سئمت منك ومن أقرانك جميعا ، فياليتك تتركني أبحث عن كاتب آخر في بلد آخر غيركم
- بلد آخر مرة واحدة ؟! يعني أنت لا تعترض علي أنا فقط ، ولكن ترفض البلد كله بمن فيه ؟ ومن تقصد بقولك "منك ومن أقرانك جميعا" ؟
- أقصد أمة العرب
- مالها ؟
- أمة غريبة عجيبة ، لا تفعل أي شيء في أي شيء ، وبدلا من أن تتحرك بعمل مفيد يحرك قضاياها للأمام تنخرط بالكلام والكتابة ، ولا يتعب ويهلك في النهاية سواي أنا وأبناء جلدتي من الأقلام المسخرة لخدمتكم. ألا تسأمون من الكلام ؟ ألا تتعبون ؟ ألا تستحون ؟
- مهلا مهلا أيها القلم المتمرد ، ما هذه اللهجة الخشنة التي لم أعتدها منك من قبل ؟
- يا أخي زهقت ، قرفت ، خلاص ، فاض الكيل وطفح ، كل يوم تطلبني فألبي وأكتب لك ما تريد ، ثم أنظر حولي فأجدكم أيها العرب كما أنتم : مجرد بالونة ضخمة مليئة بالهواء ، مجرد ظاهرة صوتية ، فقاعة صابون ، لا شيء سوى الكلام ، والجدل ، والعبارات الإنشائية ، ثم لا شيء.
- طيب ماذا تريدني أن أفعل إذا كانت صنعتي هي الكتابة ؟ ألا تراني كهلا ضعيفا وأعفيت من التجنيد في شباب لعدم لياقتي الصحية ؟ هل تريد أن تعايرني بضعفي ؟ ثم هل تستهين بقيمة الكتابة ؟ وهي أصلا رسالتك وصنعتك أنت أيضا ولست أنا فقط ؟
- طبعا لا أستهين ، ولكن للأسف يا سيدي ، لقد فسدت الصنعة ، و"باظت" المهنة ، ولم يعد لها بينكم معشر العرب أي احترام كما في الأمم الأخرى ، بل لماذا نذهب بعيدا ، لم يبق لها قيمة واحترام كما كانت أيام آبائي وأجدادي وهو ما يجعلني أذوب حسرة وألما ، ليتني كنت مثل جدي الأكبر قلم القاضي ابن شداد الذي كتب أمجاد صلاح الدين أو قلم جدي الآخر الذي دون قصائد المتنبي عن بطولات سيف الدولة ، إيه ، كانت أيام ، والآن هزلت ! ياليتني أذوب فلا أكون شيئا مذكورا ولا أرى فضائحكم أيها العرب الجبناء !
- لا في عرضك ! لا تذب الآن ، إنني في أمس الحاجة إليك للكتابة ، فأنت متنفسي الوحيد ، وأنت في نظري بداية طريق الخلاص من كل ما تعانيه الأمة ، فأنت الطريق إلى الوعي ، والباب إلى العلم ، والسبيل إلى الحرية ، والسلم إلى عودة المجد والرفعة والتقدم
- يا عم دعك بقى من هذا الكلام الكبير ، ألم تزل أنت وأمتك تجترون هذه الشعارات التي ليس لها أي رصيد عندكم ؟ لسه ستقول لي "باب" و"شباك" و"سلم" ولا أدري ماذا أيضا ؟! ارحمني يرحمك الرحمن الرحيم !
- ياه ! واضح أن حالتك المزاجية صعبة للغاية ، ما الذي أدى بك لكل هذا ؟
- نفس ما أقض مضجعك الآن وأفزعك من فرشك الوثيرة لكي تستدعيني على عجل
- تقصد المجزرة التي ارتكبها المجرمون السفاحون الصهاينة ضد مناضلي قافلة الحرية في عرض البحر الأبيض فأحال بياضه إلى لون الدم ؟
- وهل هناك حدث غيره يهتم به العالم كله الآن ؟ ثم ما هذا الكلام البلاغي المنمق ؟ أحال بياض البحر الأبيض إلى لون الدم ؟ ألم أقل لك إنكم أمة الكلام والكلام فقط ؟ يا صاحبي ، إن اللون الأحمر الذي سال في البحر الأبيض ليس لون الدم ، إنه لون حمرة الخجل ، فالبحر تورد خجلا مما يحدث فيه
- تقصد مما فعله الصهاينة طبعا
- لا ، ليس فقط ، ولكن مما تفعلونه أنتم بصمتكم وخزيكم ، كفاكم عارا
- ألا ترى أنك "زودتها" قليلا أيها القلم وأنا صابر عليك منذ الصباح ؟
- يعني ماذا ستفعل معي ؟ هل تتشطر علي أنا فقط ، وأنت تترك هؤلاء الهمج يمرغون كرامتكم أيها العرب والمسلمون في البر والبحر والجو وأنتم مازلتم تقولون "الخيار الاستراتيجي" و"الباذنجان الأصلي" و"القرع العسلي" ؟! يا أخي فلقتني !
- حيلك حيلك ! هل تحملني أنا وحدي وزر صمت العرب والمسلمين وتخاذلهم جميعا ؟
- ماذا أفعل ؟ ليس أمامي غيرك !
- أحس أنك عرفت أمورا تألمت منها
- فعلا ، يعني مثلا رئيس بلد عربي كل ما استطاع أن يعلق به على المذبحة هو أسفه لأن الصهاينة (طبعا لم يسمهم صهاينة!) استخدموا القوة المفرطة غير المبررة ، يا سلام ، أليس هذا ما يقوله الأجانب حبايب الصهاينة ، طيب ما الذي جاء به جديدا لكي يعبر عن أمته وشعبه ؟! ثم أمين الجامعة العربية ، كل ما فتح الله به عليه أن يقول إن ما حدث يثبت أن إسرائيل لا تريد السلام ! بالذمة هل هذا كلام يا رجل يتناسب مع فداحة المجزرة ؟ ثم تسأله السي إن إن في حوار هاتفي على الهواء عن رأيه فينهمك في شجب الحصار الظالم الغاشم الفظيع المريع الشنيع المفروض على قطاع غزة ، فلما يقول له المذيع الأمريكاني الذكي الفاهم للأمور : طيب ، ماذا فعلت الدول الأعضاء في الجامعة العربية لكي تفك عن غزة الحصار وتبعث لها بالمساعدات ؟ فيجيب مرتبكا : فعلت الكثير ، ألا تعرف – يقول للمذيع – أنه كان على متن سفن قافلة الحرية كثيرون من العرب ؟!
- طيب ، بعد أن وصلت رسالتك ، ماذا تريد الآن أيها القلم ؟
- أريد أن تتركني أنام قليلا مادمتم أنتم جميعا نائمين ، ألا يكون لي خير في الأمة التي أعيش بينها ؟! أمة نائمة لابد أن تكون أقلامها نائمة !
- طيب وبعد أن تنال قسطا من النوم ، هل تعدني أن تعود لكي تكتب لي ما أريد ؟
- آسف !
- لماذا ؟
- ستصلك مني قريبا استقالة
- وإذا لم أقبلها ؟
- سأرحل على كل حال
- إلى أين يا ترى ، حتى أطمئن على مستقبلك المهني ، برضه العشرة لها واجباتها
- لا أدري الآن ، ولكن إلى أي بلد يقترن فيه القول بالفعل ، فأجد ما أكتبه على لسانهم قائما على أرض الواقع ، لقد سئمت من نفاقكم وكذبكم وإنشائكم
- فإذا لم تجد ؟
- سأخلد إلى النوم لأرى أسلافي الكرام : أقلام عصور الأمجاد ، وإلا فباطن الأرض خير لي من ظهرها
- سأفتقدك كثيرا أيها القلم ، ولا أدري والله ماذا أفعل بدونك ، ألا تأخذني معك لنبدأ معا حياة جديدة من الصدق والعمل ؟
- لا بأس ، سافكر !
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية