مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 سياحة في دماغ الدكتور البرادعي
...............................................................

 

الدكتور البرادعي

 

بقلم : معتز شكري
......................


في البداية أنا أحترم الدكتور البرادعي ونقدي له نقد موضوعي ، وما قد يتضمنه النقد من أسلوب ساخر أحيانا فأمر مشروع ، لأن ذلك من مقتضيات الكتابة السياسية والأدبية والصحفية ، وأنا رجل صناعتي الكتابة : قد أسخر لأوصل الفكرة ، ولكن الاحترام للشخص نفسه مكفول دائما. ثم إنه إذا كان المثل يقول : من ألف فقد استهدف ، أي جعل نفسه هدفا للنقد بل والهجوم اللاذع أحيانا ، فما بالكم والدكتور لم يؤلف فقط ، بل قبل هو وقبلت جوقته المحيطة به أن يكون قبلة لأنظار المصريين وأملا في تغيير أوضاع البلد ، وسعيا لحكم مصر ، وهذا كله له ثمن كبير ، أوله على الإطلاق أن يكون من حق كائن من كان على أرض مصر أن يرى فيه رأيه بمنتهى الحرية ، وإلا فسيكون شهاب الدين "أسوأ" من أخيه ، معلش مشيها "أسوأ" المرة دي ! ومصر يا إخواننا بالطبع ليست كوستاريكا ولا هي جمهورية من جمهوريات الموز ، مع احترامي لكوستاريكا وحبي الشديد للموز.

إذن من حقنا أن ننقده ، بل من واجبه علينا أن يصبر على النقد ويحتسبه عند الله تعالي إذا كان مخلصا في مساعيه وحبه لوطنه ، لأنه إذا رفض هو أو رفضت الجوقة المحيطة المهللة له - والتي فرضته على الشعب المصري بعملية غسيل مخ منظمة نجحت فقط من خلال ثغرة الحالة المروعة للمصريين من الإحباط واليأس من تغيير الوضع الحالي المتردي وطرحه "كقشة" يتعلق بها الغريق – إذا رفضوا النقد والتفنيد فستكون أول القصيدة كفرا ، وسيقول الناس إذا كان لم يطق النقد وهو ما زال "بيخبط في الحلل" و"بيسخن قبل نزول المضمار" ، فكيف سيفعل معنا إذا "تجسطن في الكرسي" و"تسلطن" في المنصب و"عاش الحالة" ؟!

تلك كانت نقطة نظام ، وأنا أحب نقاط النظام في بحوثي ومقالاتي.

نأتي الآن لدماغ الدكتور البرادعي.

فكرت في القيام بجولة أو سياحة داخل فكر الدكتور البرادعي ، وبما أن الفكر محله الدماغ مثلما أن النية محلها القلب ، فقد لفت نظري أن دماغ الدكتور لا تشي بغموض ، فهي ملساء لامعة حتى ولو لم تمسسها بقعة ضوء ، فإذا مستها اشتد لمعانها. فيا ترى ماذا في هذا الدماغ ، تحت القشرة الملساء اللامعة ؟

سبق أن اعترضت على أفكار له وفندتها في مقالات سابقة ، واليوم دعوني أركز على نقطة أراها غريبة جدا وقد تعرض لها الدكتور مؤخرا ، وهي قبوله بقيام أحزاب سياسية على أساس ديني. الراجل دلوقتي بيقول لك : نو بروبلم ! وأنا لا أراها غريبة مثلا لأنني ضدها ، بالعكس أنا من أنصار حرية تكوين الإحزاب بمجرد الإخطار ودون أي قيود وللجميع ولنترك للصندوق مهمة الفرز وتحديد اتجاهات الجماهير.

أنا أراها غريبة لأنها تتناقض مع رأيه السابق إبداؤه في معارضته الشديدة – والساخرة – للمادة الثانية (التي أراها أنا المعقل الاخير للهوية الإسلامية لمصر) في الدستور والتي تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.

كيف يرفض من حيث المبدأ فكرة "دين الدولة" و"مرجعية شريعة معينة" ، ويبلغ رفضه درجة السخرية الشديدة اللاذعة عندما قال إن وزارة الصحة ليس لها دين ووزارة الصناعة ليست مسلمة ، ثم يعلن أنه يقبل – بمعنى أنه كصاحب برنامج سياسي مثلا سيؤيد أو على الأقل لن يعارض – قيام أحزاب على أساس ديني ؟

ما قيمة الحزب السياسي يا دكتور إذا لم يكن مشروع حكومة ؟!

يعني ليمسك الدكتور الرئاسة مثلا. خلاص مسك ؟ مسك.

ثم ليعدل الدستور إذا لم يكن قد تمكن من تعديله قبل ذلك. خلاص عدل ؟ نعم ، عدل.

ثم لتكن في الدستور الجديد مادة تجيز قيام حزب ديني أو على أساس ديني أو مرجعية دينية ، سموها ما شئتم. أو على الأقل مادة ترفع جميع القيود وتجعل تكوين الأحزاب بالإخطار كما ينادي كل ناشطي الحقوق السياسية والمدنية وحقوق الإنسان. خلاص الدستور الجديد أجاز ؟ نعم ، أجاز.

ما الذي سيحدث ؟ ستشكل جماعات كثيرة أحزابا ، وفي مقدمتها بالطبع جماعة الإخوان المسلمين ، حقها ولا مش حقها ؟! حقها !

وبما نعلمه جميعا من وجود كثيف لها في الشارع وشعبية جارفة ، بغض النظر عن موافقتنا على كل مواقفها أو تحفظنا على بعضها ، وبما نعلمه من تدين شديد لدى الجماهير العريضة – حتى من غير المنتمين إلى الجماعة - واعتقادها الجازم بأن حل جميع مشاكلنا هو بالعودة للدين ، فالطبيعي أن الإخوان سيشكلون الحكومة !

خلاص شكلوا ؟ آه شكلوا !
ماذا سيفعلون بعد ذلك ؟

أول خطوة : تعديل الدستور لإعطاء المرجعية الإسلامية غطاء دستوريا قويا وشاملا في جميع مجالات الحياة.

للمرة الألف أنا هنا لا أعترض على الشريعة فأنا من أنصار الشريعة ، ولكن طبعا بفهم لأبعاد الموضوع كله وبالمقاصد والكليات والأصول والتدرج ، إلخ ، ولست من أنصار القسوة ولا الشدة ولا التطرف ولا استغلال الدين لقهر الناس ولا التهور بممارسات تنفر الناس مما يظنونه هو الشريعة ولن يكون كذلك ، إلخ.

فلنكمل السيناريو المتخيل.

ما الذي سيكون الدكتور قد جناه إذن من مشروعه ؟ ببساطة : توصيل الإخوان بأسهل الطرق وعلى كفوف الراحة للحكم !

للمرة المليون ليس موضوعنا هنا الإخوان سواء معهم ولا ضدهم. أنا أحاول فقط أن أنفذ إلى داخل دماغ الدكتور لأعرف كيف يفكر وماذا يريد.

طيب ، هل يصدق أحد أن الدكتور فعل كل ما فعله وما سيفعله – ده اللي فاضل لسه كتير قوي يا دكترة والتقل كله ورا يا هندذة ويا ترى حضرتك لا مؤاخذة حتستحمل لغاية امتى وانت ابن عز ومش وش بهدلة ومقضيها تصريحات فقط بعيدا عن مواطن الضرب والاعتقال والإهانة احتماءا على ما يبدو بشهرتك الدولية كرهان واحد ووحيد وأوحد ! - نستأنف ونقول هل يصدق أحد أن كل ما فعله الدكترة بتاع نوبل والطاقة والذرة والكبير كبير والنص نص نص نص هو من أجل إيجاد ملاذ آمن وانتقال سلس ومريح على بساط الريح لجماعة الإخوان المسلمين للوصول إلى عابدين والقبة ؟

يعني هل سيكون النشيد القومي لهذه المرحلة مثلا :

يا راكب الفيتون وقلبك حامي
اطلع على القبة وفوت قدامي ؟! (مع الاعتذار لعمنا بيرم)

أنا شخصيا أعتقد أن إجابة السؤال هو لا .. لا .. لا تكذبي !

طيب ، لما انت ناوي تسوق على طول في السعي للرئاسة – مرة – وبعدين لما لقيت الحكاية صعبة بقت للسعي لتعديل الدستور – مرة تانية – وأحيانا تقول للمصريين التفوا حولي وساعدوني عشان أقدر أساعدكم ، لماذا يا دكتور يا محترم لا تكون صادقا مع نفسك ومع شعبك الذي بدأ يلتف الألوف منهم حولك بالفعل وبدأوا يدفعون الثمن غاليا من اعتقال وضرب وإهانة وملاحقة وتشويه سمعة ، إلخ. وحيساعدوك أكتر من كده إزاي لا مؤاخذة ؟ يطلعوا فوق السطوح مثلا ويكشفوا روسهم ساعة مغربية ويدعوا على كل من لا يتبع الطريقة البرادعية ؟! حيرتني والله ، يا رجل افعل أنت شيئا له قيمة غير جولاتك السياحية المستريحة حتى يلتف حولك الشعب كله. نم على دكة المحطة كما فعل النحاس ، قف في ميدان واخطب كما كان يفعل مصطفى كامل ، قم بجولة في الخارج دافع فيها عن حقوق المصريين واحشد تأييد المنظمات الدولية المحايدة أو حتى المصريين بالخارج ، اذهب إلى حيث اعتقل أنصارك وطالب بنفسك بإخراجهم وإلا فقل خذوني معهم. بات ليلة في القسم يا سيدي ، إيه المشكلة يعني ، فيه شباب اتبهدلوا من أجلك أنت.

أرجع واقول لماذا اللعب على كل الحبال ومنافقة الإخوان أو مغازلتهم ، لماذا لا تكون صادقا مع مبادئك الأصلية – قبل التعديل – والتي خرجت بعفوية وتلقائية ، ومن فضلة القلب يتكلم اللسان ، في أحاديثك الأولى التي صدرت "طازة" دون تفحص وتمحص الواقع المصري وحجم الإخوان فيه ؟

لو أنا منك يا دكترة أقول : أنا كده وهافضل كده واللي عايزني بأفكاري دي كما هي فأهلا وسهلا ، ومن لا يريد فبراحته ، وليسلك طريقا آخر ، أو ينضم لحزب أو اتجاه آخر من العمل السلمي والوطني ، مثلا يعني.

إنما مرة أنا ضد أن يكون الإسلام دين الدولة وضد أن تكون الشريعة مصدر الشريعة (قال ذلك بعظمة لسانه في مقابلات موثقة) ، وبعدين الآن تقول لا مشكلة مع أحزاب على أسس دينية ؟

إذا لم تكن هذه هي الانتهازية في أجلى صورها ، فماذا تكون ؟

قال لي كاتب فاضل وصاحب مدونة شبابية – في رسالة عتاب على ما كتبته من قبل في المسألة البرادعية – إذا كان الرجل صاحب ملايين كما تقول (أنا الذي قلت عنه يعني) فهذا دليل على أنه شبعان ولا تحركه لحكم مصر إلا دوافع وطنية.

والحقيقة أنني وعدت الكاتب الفاضل بأن أعيد النظر في موقفي من البرادعي إذا أحسست بجديد يقنعني ، وهو ما لم يحدث بعد ، ولكنني في مسألة الشبع هذه أريد أن اقول أمرا آخر : من الذي قال إن المحرك الوحيد للمناصب هو تكديس الثروات وسرقة الشعوب ، هناك شهوة الحكم يا سادة وبريق المنصب الخطير الذي لا يقارن به اي منصب آخر. إنه حكم مصر أيها السادة ، ليست كوستاريكا ولا جمهورية الموز ، مع احترامي لكوستاريكا وحبي الشديد للموز.

إنها مصر يا إخواننا ، مصر يا أساتذتنا.

سخرت صاحبة مدونة جبهة التهييس الشعبية من قول الدكتور في تصريح له بما معناه أنه ليس معجزة للتغيير ولكنه بمثابة كبريت وضع بجوار برميل بارود يغلي هو مصر ، وقالت يومها بأسلوبها المضحك المبكي العبقري : افعل شيئا وسيبك بقى من حكاية الكبريت والولاعة دي خنقتني !

لا تقدموا البرادعي "إفطارا" لشعب صام ثلاثين عاما في قول وخمسين في قول آخر ! فلن يكون الصوم مقبولا ولا الإفطار شهيا !

كل الاحترام لشخص الدكتور البرادعي ، ولكن مصر تستحق من هو أفضل ! ارجع ورا خطوة يا دكتور ، فربما يحجب وجودك الطاغي المفتعل آخرين أفضل ! من يعلم إلا الله تعالى.

قبل ظهورك على الشاشة أصلا ثار العمال وأضرب الكادحون وضرب وسحل الثائرون وحبس الناشطون ، وهؤلاء وقود الحرية الحقيقي.

أنت أعدتهم إلى الخلفية وكانوا يتصدرون المشهد ، لأنك ملأت الصورة وحدك ! صدقني ، بك ، أو من دونك ، ستستمر مسيرة الإصلاح والتغيير ، اسمح لي مسيرة الحرية عايزة بهدلة وأنت مش وش بهدلة يا دكترة. اجلس في فناء قصرك الجميل بعيدا عن زحام القاهرة وضجيج العشوائيات وتلوث الماء والهواء والغذاء وحرقة الدم ، لتكتب مذكراتك وتسافر من وقت لآخر للفسحة في بلاد الفرنجة الجميلة.

مصر مازالت في انتظار رجلها أيها السادة !

المحرر : ونزيدك من الشعر بيتا

أم الذنب ذنبى فى صلعتى وسائتك صورتها الناحلة
فرأسى .. مصلعة مثل جدى و ليست بجامدة جاهلة
محدبة ذات سطح صقيل علامتنا (ماركة العائلة)
فيعلم كل من الناس أنى سليل من الأسرة الفاضلة
و يعلم كل من الناس هذا و لا تعلمى أنت يا نائلة !!! ... المزيد


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية