مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 مجددا ، في "المسألة البرادعية" : نقطة نظام !
...............................................................

 

محمد البرادعى

 

بقلم : معتز شكري
.....................

صار الأمر فعلا خليقا بأن نطلق عليه "مسألة" على غرار المصطلحات التاريخية المعروفة ، مثل "المسألة الشرقية" و"المسألة المصرية" ، والآن القضية رقم واحد في مصر – شئنا أم أبينا – هي الدكتور البرادعي ، وصار تصنيف أي مصري الآن هو : هل أنت مع البرادعي ؟ أم أنت ضد البرادعي ؟ وأصبح تصنيف الأحزاب والقوى والتيارات والمنظمات ، إلخ ، يتوقف على موقفها من البرادعي. والذين أتشرف بأنهم قرأوا لي مقالاتي السابقة – وأنا أقر وأعترف أنني لست كاتبا كبيرا ولا مشهورا ولا واسع التأثير - لعلهم يذكرون أنني ضد البرادعي ، لست ضده كمصري ولا كدبلوماسي ولا كصاحب منصب ولا كصاحب حق في الترشح للرئاسة ، مثله مثل غيره ، ولا كشخصية عامة تعمل مع غيرها لتحسين الأوضاع أو تعديل ما يجب تعديله من مواد الدستور.

أنا ضده كفكر لأنه لا يعبر عني ، وضده بالطريقة "المريبة وغير الطبيعية" التي ظهر بها ويريد أنصاره فرضه علينا بالعافية ، وضده ك"بطل" متخيل و"مهدي منتظر" يعلق عليه الجميع الأمل في حل مشكلات مصر جميعها ، وضده ك"معلوم قليل ومجهول كثير" ، وأنا لو سار الثمانون مليونا من المصريين خلفه وبقيت وحدي لفضلت البقاء وحدي على أن أكون فردا في قطيع يسوقه شخص يقلقني ما أجهله عنه ويقلقني أكثر ما أعلمه عنه.

لم أصبر ثلاثين سنة حتى أفطر على البرادعي. وأخشى أن يتحول من "قشة يتعلق بها الغريق" إلى "قشة تقصم ظهر البعير".

لن أكرر ما قلته سابقا في أكثر من موقع إليكتروني ، وبمقدور أي شخص ونحن في زمن التقنية والإنترنت ، أن يستعين بمحركات البحث ليعيد قراءة وجهة نظري ، ولكنني اليوم معني بالتوقف عند هذه الظاهرة الغريبة لتحليلها ، أما أمر البرادعي فهو سائر إلى حيث تشاء الأقدار، وسوف نرى كلنا – إذا كنا أحياء إن شاء الله تعالى – ما سيحدث على عينك يا تاجر !

وما فيناش من زعل أرجوكم ! من يحب البرادعي ويتحمس له فبالهنا والشفا ، وبمقدوره أن يسير مع الرجل في الشارع ويصلي معه في الجامع ويهتف باسمه في الطرقات ويغني له الأغنيات وينشد الهتافات : يعيش البرادعي .. يا .. يعيش .. يعيش .. يعيش .. ياللي في مصر غيرك مفيش !

أما الظاهرة ، فهي أننا كمصريين لا نميز بين العقل والعاطفة ، ولا بين الواقع والأحلام ، ويختلط لدينا دائما تقريبا القائد الذي نتطلع إلى أن نختاره – المفروض – مثل باقي خلق الله ، ونحاسبه إذا شئنا ونعزله إذا أردنا والبطل المخلص (بتشديد اللام) الآتي لنا من غياهب الأزمان لكي يفعل وحده المعجزات ويضرب بعصا موسى فتحدث المنجزات ، وإذا شاء أطلق على الأعداء الصواريخ وإذا شاء ضرب بقدمه الأرض فطلعت بطيخ !

مازلنا عايشين حلم القائد الملهم .. البطل الفرد .. الذي يفعل كل شيء وهو ضمان كل شيء وإذا مات متنا معه وانتهى أمرنا تماما.

لا نريد من بطلنا أن يقدم لنا كشف حساب عن أي شيء ، فهو لا يسأل عما يفعل ، أستغفر الله العظيم ولكن هذا فعلا هو حال الكثيرين منا ، بل لا نسأله أصلا ما هو برنامجه الذي يريدنا أن نسير معه أو وراءه لتحقيقه ، فهو بالتأكيد يفهم أحسن منا جميعا وأكيد نيته خير إن شاء الله !

وبعدين الراجل صلى في الحسين ، والجمعة التي بعدها في المنصورة ، ما شاء الله .. ما شاء الله .. عايزين "بورنامج" أحسن من كده ؟! صلاة النبي أحسن !

الدليل على مشكلتنا النفسية المستعصية أننا في وجه شراسة عدونا وتحت وطأة عجزنا وخيبتنا الثقيلة كما في قضية فلسطين مثلا لا نملك إلا أن نصيح : أين أنت يا صلاح الدين ؟! عد إلينا يا صلاح الدين !

والموتى لا يعودون !

إلا إذا كان الدكتور اسمه بالكامل : محمد "صلاح الدين الأيوبي" البرادعي !

فإذا قيل المقصود أن يرزقنا الله تعالى بطلا مثله ، قلنا إن الله سبحانه له سنن لا تتبدل ولا تتغير ولو استحققنا النصر لجاءنا النصر ، ولكن ما أصفق وجوهنا ونحن على حالنا هذه التي نحارب الله فيها ليل نهار ثم ندعو الله تعالى ونبكي في القنوت : اللهم يتم أولادهم .. اللهم رمل نساءهم .. اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين !

دعاء عسل والله !

صلاح الدين ظهر في مناخ سبقه ، ولولا عالم كأبي حامد الغزالي وقائد عظيم كالسلطان نور الدين محمود لما استطاع صلاح الدين أن يظهر أو أن يفعل أي شيء.

فكرتنا عن البطل المنقذ المخلص فكرة عجيبة ! نقعد مع القاعدين ثم نطلب النصر والتقدم والرفعة والازدهار ! بأمارة إيه لا مؤاخذة ؟!

هل نفترق كثيرا عمن قالوا لرسولهم : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ؟!

عودة للبرادعي : مستعد أبيع الذي ورائي والذي أمامي ( وهو مش كتير على فكرة وربنا أمر بالستر ! ) لكي أسير وراءه ، ولكن أقنعوني.

سيحاولون إقناعي : لأنه أحدث حراكا في الحياة السياسية الراكدة.

طيب ، الحراك هذه كلمة غائمة ليس لها مدلول كبير، وهي ليست في جميع الأحوال غاية في ذاتها ، ولا شك أنها أفضل من الموات والسكون ، ولكن لابد أن يكون الحراك رشيدا وإلا لقادنا إلى الهلاك.

فالحراك يمكن أن يحدث في اتجاهات مختلفة ففي أي اتجاه يسير هو ؟ ، ثم إن من الظلم للشعب المصري الذي بدأ من سنوات يتحرك ضد الظلم بمظاهرات ووقفات احتجاجية واعتصامات ومدونات أن ننسب ذلك كله للبرادعي الذي لم يظهر في الصورة إلا منذ شهور عندما تقاعد من منصبه الرفيع وبدأ يفكر في شيء يشغل وقته بدلا من الجلوس على المقاهي.

الحراك شيء حدث ويحدث منذ سنوات وشارك في صنعه كتاب ومفكرون وأحزاب وحركة كفاية وحركة 6 إبريل وحركة 9 مارس والإخوان ونقابة الصحفيين ونقابة المحامين وجمعيات حقوق الإنسان ومظاهرات الطلبة والعمال وسكان الدويقة والمعاقين وكل أصحاب المظالم في مصر وهم أكثر من الهم على القلب.

ما الذي ساهم به الأستاذ البرادعي – آسف أقصد الدكتور محمد "صلاح الدين الأيوبي قطز الظاهر بيبرس عنترة الزناتي خليفة أبو زيد الهلالي" البرادعي ؟!

صفر كبير !

لماذا ؟ لأنه كان خارج البلاد يكدح في منصبه الخطير الذي يقبض منه الدولارات بالملايين ، مرة مرتبات وحوافز وبدل طبيعة عمل ، مرة يرضي الامريكان ، ومرة يفقع تصريح يلاعب بيه إيران ، ومرة يتسبب في ضرب سوريا ، وهكذا ، ومرة جائزة نوبل بملايينها الكثيرة ، والآن علي بابا بعد أن نفدت فلوس المغارة يحس بالزهق والملل وهو مالوش في قعدة القهاوي. قال لك طب وليه قعدة القهاوي لا مؤاخذة ؟ ما بلده أولى بيه وبعدين البلد صلاة النبي أحسن بقى فيها "حراك" أهه بفضل وتضحيات حركات كثيرة ، وحاجة عال والثمرة قربت تسقط ، ما تيجي يا عم الدكتور تقطفها عالجاهز ، وعمك نيوتن قال لك التفاحة بتقع لتحت مش لفوق ، وانت قاعد فوق ، تعال وانزل تحت ، والناس هناك طيبين قوي ، ما هيصدقوا ويرحبوا لأنهم مثل الغريق الذي يريد أن يتعلق بقشة ، تعال يا دكتور وكن أنت القشة ، مين عارف مش يمكن تضرب معاك وتكسب البريمو ؟!

"بايضالك" في القفص يا عمنا .. "مكتوبالك" و"والدتك داعيالك" !

الرجل لم يبد أية آراء سياسية عن مصر إلا بعد أن فوجيء – للمرة المليون أقول "فوجيء" – ولم تكن في باله قط - بأن البعض في مصر طرح أسماء جديدة لكي يكونوا مرشحين محتملين للرئاسة ردا على الحزب الحاكم الذي يقول لا أحد يصلح إلا الرئيس أو نجله ، وهو ممن طرحت أسماؤهم اجتهادا من بعض الناس (أموت وأعرف مين أول واحد طرح اسمه !) . فبدأ الرجل ينتعش وينبسط و"حليت" له المسألة قوي التي جاءت له على الطبطاب ، بيضة مقشرة !

ما ماضيه في السياسة ؟ ما أفكاره ؟ ما مبادئه ؟ ما تضحياته في سبيلها ؟ ما قدراته القيادية ؟ ما مبادرته قبل أن "يفاجأ" ؟

صفر كبير !

نأتي للبرنامج ؟ بغض النظر عما إذا كان سيتمكن من الترشح للرئاسة أم لا ، لابد أن يعلن برنامجا ، حتى أستطيع أنا وغيري أن نحدد موقفنا ، بجد هذه المرة وليس بهزار . هل أعلن ؟ حسب معلوماتي لا ، أنا لم أسمع بعد ، إلا إذا كان سمعي "تقيل" وأنا مش واخد بالي ، حد يقول لي من فضلكم أعلنه متى وماذا قال فيه ؟

أنا لا أريد أحاديث ، لا أريد أن ألهث وراء كلمة قالها هنا وكلمة قالها هناك ، ومعنى اعتذر عنه هنا ، ومفهوم قال إنه أسيء فهمه فيه هناك ، أنا – كمواطن – لا أريد أن أمشي وراء قائد ليس لديه سوى أحاديث ومقابلات إعلامية ، أنا أريد "برنامج" ولو في شكل بيان للأمة يقول فيه : "أنا فلان الفلاني أطرح نفسي عليكم كناشط سياسي وأسعى لتعديلات دستورية على طريق إصلاح حياتنا السياسية تمهيدا لنهضة شاملة ، ومبادئي التي ألتزم بها لكي ينضم إلي من يريد على أساسها ويحاسبني عليها هي واحد .. اثنان .. ثلاثة."

ويضيف قائلا : "وهذا سوف يعرضني ويعرض من معي لمخاطر وتضحيات ، فليعلم من الآن كل من يريد أن يسير معي في هذا الطريق أنه ليس طريقا مفروشا بالورود ، وأنا لن أضمن لكم أية نتيجة لأن طريق الكفاح طويل ، ولكنني أعلن لكم وألتزم بأن أكون أول المضحين ، لن أترك أي مشاعر خوف تثنيني عن المضي قدما ، لا خوف على مالي أو نفسي أو أولادي أو عائلتي. سأكون في مقدمة الصفوف."

هذا ما أريده ، فهل فعله الدكتور حتى الآن بعد شهور طوال على ظهوره على الشاشة بطلا منقذا ومخلصا ملهما وقائدا حكيما وقشة يتعلق بها الشعب المصري الغريق ؟ أبدا . لم يفعل. طيب ، وماذا ينتظر سعادته ؟ الله أعلم. لا أرى أحدا يطالبه بشيء ، أليس بطلا ملهما لا يسأل عما يفعل ؟ أليس هو الملاح الجديد الذي "حيعدينا" .. ؟! لما ييجي له الإلهام يبقى يعلن برنامج. هو حر. يختار التوقيت المناسب.

ثم ، اكتشفت من أمر الدكتور عجبا ، وكل أمره عجب والله !

كل ما ينقدح عنه ذهنه من أفكار أو يتداركه من نقد يوجه إليه أو يستجيب له من تنبيه ينبه به عليه يأتي كله تقريبا – ويا للمصادفة العجيبة ! – من عدد من المحيطين به إحاطة السوار بالمعصم ، يتقدمهم الناصري العتيد السيد حمدي قنديل ، وطبعا منهم د. حسن نافعة ، ومحمد عبد القدوس ، والدكتور أبو الغار ، مع الاحترام لهم جميعا.

هم الذي قالوا له ونصحوه : غبت طويلا بالخارج ، والمفروض أن تضرب والحديد سخن ، عد الآن ، ولا تتأخر أكثر ، فعاد.

لابد من التواجد بين الجماهير ، فتواجد.

يستحسن تصلي معهم الجمعة ولاسيما بعد تصريحاتك عن الشريعة الإسلامية ، فصلى.

يجب عليك أن تلف القرى والنجوع والمراكز والأقاليم ، فبدأ يلف !

هو أنت لا مؤاخذة مفيش عند سيادتك حاجة "أوريجينال" طالعة من مخ سيادتك لوحدك ؟ طيب أنت جاي من بلاد الفرنجة وقازح علينا بكل ثقلك وحماستك "عايز" تبقى رئيس و"عايز" النظام يغير لك الدستور و"عايز" مننا احنا المواطنين الغلابة اننا نساعدك ونلتف وراءك . هو انت رئيس من ماركة "عايز" ولا تفعل شيئا بنفسك ؟!

ما الذي فعلته وستفعله وفكرت فيه حتى نسير وراءك ، ولاسيما أن المسير وراءك صار مكلفا ، فالطبيب الذي وزع منشورا لتأييدك اعتقل وعذب ، والناشر الذي طبع كتابا عنك اعتقل ، والبقية تأتي. طيب أخرج لنا وللناس وللدنيا كلها ولو بيانا واضحا تقول فيه ما خطتك .. ما أفكارك .. ما مشروعك للإصلاح الشامل . ماذا ستفعل في "الخرابة" التي تريد أن تصلحها ؟!

ثم حكاية الجمعية الوطنية للتغيير ، حكاية غريبة. هل هناك أحد في مصر لا يريد التغيير باستثناء المنتفعين ببقاء الوضع على ما هو عليه ؟ كلنا مع التغيير ، فهل هكذا أنت شفيت غليلنا عندما أعلنت عن تأسيس جمعية وطنية للتغيير ؟ كيف تقترح التغيير ؟ ما الذي في ذهنك للتغيير ؟

هل تريد منا صكا على بياض ؟!

حجة أخرى لمؤيدي البرادعي : أنتم هكذا تريدون بقاء الحزب الحاكم والنظام وبقاء الوضع على ما هو عليه ، ولا تكررون سوى "الهذيان" الذي يردده الحزب الحاكم عن البرادعي !

غلط ! لا نريد.

إذن .. لابد أن تنضموا للبرادعي .

برضه غلط ! لن ننضم للبرادعي !

يعني إما البرادعي وإما النظام الحالي ؟! يا سبحان الله !

وهذا كمن يقول لك : أدعوك للبهائية ، فتقول : أعوذ بالله ، لا أريد.

فيقول : خلاص يا سيدي ، تاهت ولقيناها ، كن قاديانيا.

فتقول : يا ساتر ، لا أريد.

فيقول لك : يا أخي حيرتنا ، لا بهائية ولا قاديانية ، وشكلك كده برضه ضد الماسونية ، كل هذه الاختيارات وفرصة الحرية الرهيبة ولا تريد الاختيار الحر ، طيب عايز تبقى ايه يا أخي ؟

إنه منطق : بلاها نادية .. خد سوسو !

طيب أنا لا أريد لا نادية ولا سوسو ! أنا حر يا أخي !

وياريت كمان بلاش فوزية !

ونلتقي مجددا أحبائي إن شاء الله عندما يفعل البرادعي شيئا جديدا يستحق التعليق ، مين عارف مش يمكن الراجل يزهق في الآخر إذا قرر اللي بالي بالك أن يتقلوا عيار الضرب والشتيمة فيقوم يشمع الفتلة ويبلغ فرار ويقول : مش لاعب ، ما اتفقناش على كده ؟!


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية