دعم مالي للقدس : أعطهم صرة المال يا غلا م !
...............................................................
| |
أعطهم صرة المال يا غلا م | |
بقلم : معتز شكري
.....................
في آخر الأخبار توقعات بأن تقوم جماعات يهودية (لن أقول يمينية ولا متطرفة) بتدنيس المسجد الأقصى المبارك بمناسبة عيد الفصح اليهودي اعتبارا من مساء الإثنين 29 مارس 2010 وحتى 5 إبريل ، وذلك بتقديم قرابين الفصح العبري داخل المسجد الأقصى ما بين مسجد قبة الصخرة وقبة السلسلة ، على الرغم من رفض محكمة الاحتلال طلبا بهذا الخصوص لهذه الجماعات اليهودية. معقول ، هذا خبر جديد ؟ نعم. أبدا ، هذا خبر قديم جديد متجدد. طيب : غيره من فضلك !
نقول : يأتي هذا بينما تكون القمة العربية قد انتهت في مدينة سرت الليبية والتي بشرت المواطنين العرب حتى قبل انعقادها بأن القادة وافقوا على تخصيص خمسمائة مليون دولار – حتة واحدة - لصندوق دعم صمود القدس.
سلام مربع يا جدع .. وتحية للزعماء العرب على كرمهم وإيدهم الفرطة !
الجدعان .. الجدعان
اللي عمرهم ما اتخلوا عن فلسطين .. طين !
حتى في عز الأزمة المالية .. ليه !
اللي عمرهم ما بخلوا على القدس ولا الحرم الإبراهيمي .. هيمي !
الجامعة العربية .. بيه !
اللي ستظل متمسكة بالعملية السلمية .. ميه ميه !
والخيار الاستراتيجي .. تيجي انت ؟!
رقصني يا جدع !
يأتي منهم صوت يقول : هي والله من لحم الحي ، وسوف تتأثر خطط التنمية في بلداننا ، بس حنعمل ايه ، أهو بقى زكاة عن عيننا وعافيتنا ، زي بعضه !
هل هذا مشهد يدعو للفرجة والتسلية فضلا عن الفرح ؟
أبدا ، برضه قديمة !
الفلوس إما أنها لا تصل ، وإما يصل العشر فقط ، وإما تختفي في السكة في ظروف غامضة ، والقضية محلك سر ، والشهداء يتساقطون ، والفلسطينيون – بما فيهم المقدسيون – يلقى بهم للشارع خارج أرضهم وبيوتهم ، والتهويد على قدم وساق ، ونتنياهو لا يحس أصلا أن هناك أي شيء اسمه الجامعة العربية ، وشكله هكذا يريد أن يهتبل هذه الفرصة التاريخية بعد أن تم إعلان وفاة العرب لكي "ينهي المسألة" برمتها ، والعرب سوف يكون عملهم الوحيد بعد فترة ليست بالطويلة هو الظهور في أفلام "تاريخية" يمثلون فيها دور "العربي المنقرض" على غرار إخوانهم "الهنود الحمر".
برضه قديمة ! غيره من فضلك !
الظاهر ليس عندهم غيره !
خسارة ، أين خيالكم الخصب أيها السادة ؟!
إنه إذن نفس السيناريو المكرر الممل : أحداث دامية ومفزعة وخطيرة في فلسطين المغتصبة والمسجد الأقصى المبارك .. وتهديد لصميم وجود العرب كعرب ، والقادة العرب يدورون حول أنفسهم وكل منهم "يظل يفكر ويفكر" ، ثم "يمضي يفكر ويفكر" ، وبعد أن "يستمر يفكر ويفكر" ينسي أنه كان "يفكر ويفكر" ! ثم يقدح الجميع زناد مخه ويتمخض الجبل فيلد "ناموسة" ، ما هي يا ترى ؟ هي : طيب ، ماذا نفعل ، والمجتمع الدولي لم يتحمل مسئولياته لحل القضية الفلسطينية ؟ ، وماذا نفعل وموازين القوى ليست في صالحنا ؟
ماذا نفعل ونحن ننتظر من الرباعية أن تتحرك ؟ ليس بوسعنا سوى "صرة مال" نلقيها للقدس وأهلها لإعانتهم على الصمود.
- هات صرة المال يا مسرور وارمها لهم
- سمعا وطاعة يا مولاي !
ما الذي يفترض أن يفعله المقدسيون بعد ذلك ؟ هل يرفضون الصرة ؟ طبعا لا ، فهم يعيشون بالأمل ، ولعل الصرة تصل هذه المرة ، فهناك مشكلات كثيرة جدا في مأساة القدس يمكن بالفعل للمال أن يخففها ، من قبيل دعم السكان العرب في ظروف معيشتهم القاسية من ناحية ، كإطعام الجياع وكسوة العراة وعلاج المرضى وبناء المدارس والمستشفيات وترميم البيوت ، على فرض عدم ممانعة سلطات الاحتلال الصهيوني ، ويفيد المال كذلك في تشجيع صمود الصامدين منهم أمام إغراءات الصهاينة الهائلة بعرض عشرات الملايين من الدولارات عليهم للتنازل عن بيوتهم أو بيع أراضيهم في المدينة المقدسة حتى يتمكن الصهاينة من المضي قدما في خطتهم لتهويد أكثر من 80 بالمائة من المدينة بحلول 2020.
وكل ذلك شاهدته بنفسي ورأيته بعيني وسمعته بأذني عندما كنت في القدس ما بين 2006 و 2007 في مهمة صحفية. مقدسي شريف عرض عليه مليونا دولار في بيته المتواضع المكون من طابقين في أحد أحياء القدس الشرقية (البلدة القديمة) ورفض وأوصى أولاده وزرع في قلوبهم ونفوسهم وأمخاخهم أن أرض القدس هي الحياة والشرف والعرض والدين ولا يمكن لأموال الدنيا كلها أن تكون ثمنا لها. وقد ذهبت إلى بيته عدة مرات ، ورأيت للأسف في الطريق – ذهابا وإيابا - بيوتا مرفوعا عليها العلم الإسرائيلي وقيل لي هذا مقدسي ضعف أمام الإغراءات وباع لهم البيت مقابل خمسة ملايين دولار قبل وقت قصير ، ثم اختفى تماما.
يمكن للمال أن يساعد في إعالة وإعاشة مئات الأسر الفقيرة المحرومة التي تلجأ أحيانا لتكية قديمة في القدس موجودة من أيام الدولة العثمانية للحصول على وجبة حساء ساخنة متواضعة للبقاء على قيد الحياة ، وخصوصا بعد أن أعلنت المؤسسة الخيرية التي تمول هذه المساعدة أنها خفضت الوجبات وعلى وشك التوقف عن المشروع كله لقلة التبرعات وتوقف المدد من الخارج.
يمكن للمال أن يساعد في تمويل دعاوى قانونية يوكل فيها أكبر محامين في العالم – من غير الصهيونيين – لمساندة حق العرب والمسلمين والفلسطينيين والمقدسيين في قضيتهم ومأساة حياتهم وما انتزع من أراضيهم وهدم من بيوتهم ، إلخ.
بمقدور المال أن يفعل كل ذلك ، ولا يمكن لعاقل أن يهون من قيمة المال وأهميته وقد جعله الخالق عز وعلا عصب الحياة ، وأثنى سبحانه على الذين يجاهدون بأموالهم في سبيل الله كالذين يجاهدون بأنفسهم ، وقال سبحانه ما معناه إنه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة.
إذن ، حتى إذا قرر الزعماء العرب أن يجاهدوا بالمال فقط لصعوبة وحرج المجاهدة بالأنفس ، سواء من جانبهم شخصيا أو من جانب شعوبهم المقهورة منهم ، فبها ونعمت ، وشيء أفضل من لا شيء.
ولكن ، يا سادة ، هنا مربط الفرس وبيت القصيد .
أنا أفهم أن يأتي ذلك القرار مصحوبا – إن لم يكن مسبوقا – بخطة واضحة وآليات محددة وجداول زمنية وهيئات رقابة وإشراف وتنسيق إقليمي ودولي ، لضمان قيام أعضاء الجامعة العربية بالوفاء بالالتزامات المالية ودفع الحصص ، ثم وهو الأهم على الإطلاق ، ضمان وصول هذه الأموال إلى الفلسطينيين والمقدسيين كاملة ومصونة ، بعيدا عن تدخل أو مصادرة سلطة الاحتلال ، وبعيدا عن تدخلات وتعنتات القوى الكبرى وواشنطن والغرب ، والرباعية ، وبعيدا عن أي انحرافات أو شبهات فساد مالي أو إداري فيما يسمى السلطة الفلسطينية.
حلو الكلام ؟ طيب ، لنراجع صناديق الدعم السابقة ، ومنها قرار سابق إذا لم تكن قد خانتني الذاكرة ، لدعم غزة وإعادة إعمار غزة ، ونحن الآن بعد قرابة عام ونصف على حرق غزة وهدمها فوق رؤوس أهلها ولا يزال غالبية سكان غزة يتضورون جوعا ولولا الأنفاق لماتوا قولا واحدا ، وبعد اكتمال الجدار العازل – عيب قل "الإنشاءات الهندسية" ولا تقل هذه الكلمة القبيحة "الجدار العازل" ! حاضر يا سيدي ، بعد اكتمال الإنشاءات الهندسية – سوف يموتون "رسمي" ، أين ذهبت صرة إعمار غزة ؟!
لا نسيء الظن ، ولكن نقول إن بعض التقارير تحدثت عن أموال "عالقة" في بعض الدول العربية ، ولم تذهب ليس لتقصير منها ، ولكن لصعوبة "المواصلات" ، حيث إن أمر هذه الأموال من الصعب أن يمر بدون رضا إسرائيل ومباركة القوى الغربية والمجتمع الدولي.
طيب ، لماذا لا تطلعون شعوبكم على حقيقة الوضع بدلا من أن تتركوهم نهبا للآمال الزائفة وتبقون شعب فلسطين والقدس دائما في صورة الشحاذ الذي يتلقى أموالا عربية طائلة ولا يبدي ما يكفي من العرفان ، بينما هو في الحقيقة لا يصله شيء ولا يحس بشيء ؟
لماذا إعادة عرض التمثيلية ؟ ألم تفكروا ب"إسكريبت" جديد ولو من باب الترويح عن النفس ودفع السأم والملل والكآبة عنكم وعن شعوبكم ؟
صدقونا ، لو وجدنا عرضا جديدا وأعجبنا سنصفق لكم ، على الأقل حتى لا نموت كمدا.
خذوا عندكم من عندي فكرة عرض جديد :
قرر المؤتمرون قطع الإرسال الخارجي المتلفز عن جميع الشعوب العربية منعا لحرق دمهم وفقع مرارتهم ورفع ضغطهم بلا فائدة من مشاهدة المناظر المؤلمة لمعاناة الشعب الفلسطيني دون أن يكون بمقدورهم عمل أي شيء ، وقرروا الاكتفاء ببث الإرسال الحكومي المحلي في كل بلد عربي ، وسوف يقتصر البث على المواد المبهجة والأفلام المسلية والمسرحيات الكوميدية لرفع الروح المعنوية للشعوب العربية.
ما رأيكم ؟ فكرة جديدة ! أعلنوها ونفذوها ، وسوف نبدي عرفاننا لتوقفكم عن حرق دمنا . وأنا متتنازل عن حقوق الملكية الفكرية !