أجور الفنانين .. ومأساة جميلة
...............................................................
| |
عمرو دياب | |
بقلم : معتز شكري
......................
أخبار تفقع المرارة : مطلوب كبد فولاذية مثل الجدار الفولاذي ! يقول الشاعر العربي : ولي كبد مقروحة من يبيعني بها كبدا ليست بذات قروح أباها علي الناس لا يشترونها ومن يشتري ذا علة بصحيح؟! صحيح هذا الشاعر ، الذي اختلفت المصادر بين أن يكون ابن الدمينة أو الحسين بن مطير ، قال بيتا ثالثا هو : أئن من الشوق الذي في جوانبي أنين غصيص بالشراب جريح إلا أنني لست مثله في حكاية "الشوق" هذه ، لأنني لا أئن من الشوق ، بل من الغيظ والكمد والحسرة وقلة الحيلة ! تسألونني : ولماذا ؟ ما الذي أتعب كبدك ، ورفع ضغطك ، وفقع مرارتك ، وبهدل صحتك وشمت فيك أعاديك ، وزود بلاويك ؟ أقول لكم : اقرأوا واسمعوا معي هذه الأخبار التي نشرتها وسائل الإعلام مؤخرا ، واحكموا بأنفسكم ، واذهبوا بعد ذلك لقياس ضغطكم ، وفحص أكبادكم ، والتأكد من سلامة مراراتكم !
وسأضع عناوين ، ثم تعليقات ، من عندي ، أما الأخبار ذاتها فهي كما نشرت لم أزد فيها حرفا ، اللهم إلا من قبيل التلخيص فقط :
الخبر الأول : أجور الفنانين في "رأس" السنة : آه يا راسي !
الخبر نشره موقع محيط الإخباري ، ويتكلم عن أجور الفنانين في حفلات رأس السنة ، بين الأجور المحددة المعروفة لكل منهم ويتعامل على أساسها المتعهدون ، والأرقام التي خرجت من الفنادق الكبرى التي تتنافس في اختطافهم لجذب الرواد لها . ومن باب التلخيص ، سأورد خلاصة ما جاء في الخبر حول الأجر الأصلي والأجر الذي أعلنته الفنادق :
1 - عمرو دياب فى الحفل الواحد مليون جنيه مصرى طبقا لكبار متعهدى الحفلات فى مصر ، أما ما قالته الفنادق الكبرى فهو أن أجره 650 ألف دولار أى وبحسبة بسيطه أكثر من 3 مليون جنيه.
2 - تامر حسنى رفع أجره لشريحة الـ 800 ألف جنيه عن الحفل الواحد فى رأس السنة ، طبقا للقائمين على إدارة أعمال تامر ، بينما يشير المتعهدون إلى أن أجره لم يتخط حاجز الـ 450 ألف جنيه ، وهو ماتختلف معه قائمة الفنادق التى تؤكد أن أجره 600 ألف جنيه.
3 - تتقاضى شيرين 100 ألف دولار فى الحفل الواحد ، أى نحو 550 ألف جنيه ، هذا هو ماتؤكده قائمة الفنادق ، وهو يختلف تماما مع ما يؤكده المتعهدون بأن أجرها لم يتخط حاجز الـ 200 ألف جنيه.
4 - يتقاضى محمد حماقى أجرا يتراوح مابين 120 : 150 ألف جنيه عن الحفل الواحد حسب تأكيد كبار المتعهدين ، بينما تؤكد قائمة الفنادق أن أجره فى حفلات هذا العام وصل إلى 400 ألف جنيه.
5 - يبلغ أجر عاصى الحلانى 60 ألف دولار ، أي أكثر من 300 ألف جنيه على حد تأكيد الفنادق ، وهو ما يختلف معه المتعهدون حيث اتفقوا على أن أجره فى مصر يتراوح مابين 70 : 90 ألف جنيه فقط.
6 - تحصل إليسا على أجر قيمته 55 ألف دولار فى حفل رأس السنة فى القاهرة ، وهو أيضا ما يختلف معه المتعهدون حيث اتفقوا على أن أجرها هو 40 ألف دولار فقط.
7 - رفعت نيكول سابا أجرها إلى 120 ألف جنيه على حد تأكيد الفنادق ، ويكفى الإشارة إلى أن مدير أعمالها أبلغ المتعهدين فى الصيف الماضى بأن أجرها الجديد 60 ألف جنيه.
8 - المفاجأة هى تأكيد الفنادق أن أجر هيفاء 200 ألف جنيه وهو أقل بكثير من أجرها الحقيقى باتفاق المتعهدين الذين أكدوا أن أجرها يبلغ 70 ألف دولار فى حفلات هذا العام.
9 – المساكين أصحاب الأجور الصغيرة يتضمنون مصطفى قمر 200 ألف جنيه ، وإيهاب توفيق 150 ألف جنيه ، وساموزين 140 ألف جنيه .
التعليق : أعرف أنه سيقال لي وما القضية هنا ؟ أليس الناس الذين يسهرون ويريدون أن ينبسطوا يدفعون عن طيب خاطر ؟ طيب ، وأنت مالك ؟ ستقول إنهم لا ينتمون للشعب المصري الغلبان المغلوب على أمره ، والذي يرسل شكاواه للصحف والبيت بيتك من أجل التبرع بألف جنيه لزوم دواء غالي الثمن ويظل المذيعون "يشحتون" عليه طوال الحلقة حتى يجود بالمبلغ أصحاب القلوب الرحيمة ؟ افرض ، هل تتوقع من هؤلاء الذين هم "واكلينها والعة" ، سواء المطربين أو زبائنهم ، أن يحلوا محل الشئون الاجتماعية ؟ هل تريدهم دفع الزكاة مثلا ؟! الحقيقة أنا لا أريد شيئا من ذلك ، ولا أتوقعه. أنا أريد شيئا واحدا فقط : لا تنشروا هذه الأخبار حفاظا على أكبادنا ومراراتنا ، ليس أكثر !
الخبر الثاني : يا "جميلة" : مشكلتك أنك عشت حتى رأيت الزمن "القبيح" !
من مواقع إخبارية كثيرة جدا ، وصحيفة أخبار الأدب المصرية ، ومدونة " أصحاب" الجزائرية ، إلخ ، واسمحوا لي أن أدرج تعليقاتي بين أقواس داخل الخبر :
وجهت المناضلة الجزائرة جميلة بوحيرد رسالة إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ، وأخرى إلى الشعب الجزائري ، اشتكت من خلالهما من حالها ووضعها الاجتماعي ، مؤكدة أنها مريضة وفي حاجة إلى علاج ، وأن المنحة التي تحصل عليها من الدولة لا تكفيها. وذكرت بوحيرد في رسالتها للجزائرين أنها تتوجه إلى الشعب المعروف بكرمه وشهامته ، واختارت أن تقدم نفسها من خلال القول إن اسمها جميلة بوحيرد وأنها كان محكوما عليها بالإعدام عام 1957 ، من طرف المحكمة العسكرية بالجزائر العاصمة .
( أليست هذه مأساة وملهاة في وقت واحد : مناضلة طبقت شهرتها الآفاق في العالمين العربي والإسلامي والعالم كله منذ أكثر من خمسين عاما ، وكتبت عنها الكتب والموضوعات الصحفية بلغات عديدة ، وأنتجت عنها الأفلام السينمائية ، ودرسنا قصتها ونحن تلاميذ ، تضطر للتعريف بنفسها لشعبها وهي تطلب المساعدة ، فتقول أنا اسمي فلانة وحكم علي بكذا ، وكان ناقص تقول وأقيم في بيت رقم كذا ، وبطاقة الهوية كذا ، وتحصل على توقيع شيخ الحارة واثنين من موظفي الدولة لكي يضمناها في طلبها ؟! ما هذه المسخرة التي نعيشها حتى نرى مجاهدة عظيمة بحجم جميلة بوحيرد "تشحت" علانية ؟!) .
وأضافت أنها تعيش حاليا وضعا صعبا بسبب المرض الذي يتطلب حسب الأطباء ثلاث عمليات جراحية مكلفة ومعقدة ، مشيرة إلى أنها لا تملك الإمكانيات اللازمة لمواجهة تلك الأعباء ، علما بأنها لا مصدر دخل لها سوى المنحة التي تحصل عليها من وزارة المجاهدين. وطلبت جميلة بوحيرد من الجزائريين مساعدتها كل على قدر المستطاع .
(يا لسخرية الأقدار : الظروف تضطرها للشحاذة علنا ! أي بلد أنت يا جزائر المليون ونصف مليون شهيد ؟ إنني رفضت كل الحملة الظالمة المتخلفة في مصر ضد الجزائر الشقيقة بسبب مباراة كرة قدم ، وكتبت رأيي هذا بكل صراحة ، ولكن الموضوع هنا مختلف ، أليس في الجزائر ثري واحد يعلن تكفله بنفقاتها ، أليس فيها حكومة تعلن فور صدور الشكوى ونشرها بأن الدولة قررت تغطية جميع نفقات علاجها ومعيشتها الكريمة مدى الحياة هي وأمثالها من المناضلين ؟ إنني في مصر على يقين بأن هناك المئات ممن يريدون أن يتبرعوا لها بكل ما يملكون ، وأنا والله أولهم حتى على محدودية دخلي ، ولعل ثريا واحدا في مصر بمقدوره أن يحل المأساة بما لا يزيد عن واحد من المليون من ممتلكاته ! ولكن الفضيحة أن تخرج شكوى جميلة من الجزائر أصلا بما يعني أنها واجهت هناك صمتا كصمت القبور)
وكشفت جميلة النقاب عن أنها تلقت عروضا من أمراء بالخليج ولكنها اعتذرت عن قبولها.
(كتر خيرهم والله أمراء الخليج ، ولكن حيلاحقوا على ايه ولا على ايه ؟ علاج كتاب مصر على نفقة أمير خليجي ، والدكتور المسيري كان يعالج على نفقة أمير خليجي ، وأين بحق السماء "أمراء" مصر إذا جاز التعبير ، و"أمراء" الجزائر ، وغيرهما من البلاد العربية ، بل أين من تتصدر أسماؤهم صفحات "فوربس" الأمريكية ضمن قائمة أغنى أغنياء العالم ؟!)
كما وجهت المجاهدة رسالة أخرى إلى الرئيس بوتفليقة ضمنتها عتابا شديدا ، مؤكدة في بدايتها أن المنحة التي تحصل عليها من الدولة لا تكفل لها العيش الكريم ، ومشددة على أن ديونها لدى البقال والجزار والسوبر ماركت خير دليل على وضعيتها الصعبة.
(ياه على الفضيحة ! جميلة بوحيرد وصلت لحالة لا تستطيع دفع ديون البقال والجزار والسوبر ماركت ؟! أي زمن نعيشه ؟!)
وأشارت إلى أنها لم يسبق أن فكرت في اللجوء إلى الحصول على مساعدات مالية غير مشروعة ، مؤكدة أن مجاهدين ومجاهدات أخريات يعيشون نفس الظروف الصعبة ،وأن الرئيس من خلال المكانة التي يحتلها لا يمكنه ولا يريد أن يعرف ما تعيشه هذه الفئة.
(آه .. هنا بدأت تقعين في الخطأ يا ست جميلة ! كان مالك بقى ومال عش الدبابير ده ؟ أنت في حاجة للمساعدة قولي ذلك ، ولكن مسألة أن الرئيس تمنعه مكانته من أن يعرف وهو أيضا لا يريد أن يعرف .. أنت هكذا ستتحولين في نظرهم من مجاهدة تطلب المساعدة إلى معارضة سياسية ! خسارة يا جميلة ، ياريت بقى الموضوع كان سيظل فقط ديون البقال والجزار ، كده هيبقى ديون المحامي الذي سيكون عليه أن يدافع عنك أمام النظام في قضية أمن دولة !)
واستطردت قائلة : إن ما يتقاضاه المجاهدون لا يرقى إلى المبالغ الكبيرة التي يتقاضاها نواب البرلمان أو ما تحصلون عليه أنتم شخصيا (بوتفليقة) وكذا ما يحصل عليه محيطكم ، ودعت بوتفليقة إلى التوقف عما أسمته الإهانة ، بإعادة النظر في المنحة المتواضعة التي يحصل عليها المجاهدون ليعيشوا بكرامة ما تبقى لهم من أيام .
(الله يرحمك يا ست جميلة .. ألف رحمة ونور عليكي يا أمنا الغالية ! أنت لست فقط الشهيدة الحية لفظائع الاستعمار ،ولكن ستكونين الشهيدة – حية وميتة – لثمن الحرية وضريبة المعارضة ضد الاستبداد السياسي.. وأخيرا من يجمع التبرعات لجميلة بما فيها أتعاب المحامي ؟!)
06/11/2014