ليلة ألقاء القبض على سعيد
|
تكلم ضابط الجوازات بصوت خافت حضر على أثرها فورها عناصر من الشرطة وأمسكوا بسعيد |
بقلم : د. محسن الصفار
........................
جمع سعيد أغراضه وحمل الحقائب في سيارة الأجرة وتوجه نحو المطار كي يلحق بطائرته التي ستحقق حلم حياته في حضور حفل زفاف أبنه المغترب والذي يصادف غدا، توجه نحو الجوازات بعد تسليم الحقائب وسلم على الضابط وأعطاه جوازه .
نظر الضابط إليه مليا ثم قال:
- لم صورتك في الجواز بذقن وأنت حليق الذقن ؟
تعجب سعيد من السؤال وقال:
- أنا ذاهب لحضور مراسم عرس إبني ويوم أخذت الصورة كنت على عجل فلم ألحق أن أحلق ذقني.
ضرب الضابط حروف أسم سعيد في جهاز الكمبيوتر، وفجأة أتسعت عيناه وحمل السماعة وتكلم بصوت خافت حضر على أثرها فورها عناصر من الشرطة، وأمسكوا بسعيد المذهول مما يجري لدرجة أن لسانه أنعقد عن النطق بينما وقف ضابط الجوازات وهو يصرخ :
- خذوه هذا المجرم المطلوب من القضاء إلى الحجز حتى ترحيله إلى النيابة.
فزع سعيد من كلمة النيابة وتوسل بصوت أقرب للبكاء :
- سيدي والله هناك سوء فهم أنا رجل شريف ولست مجرما وغدا زواج إبني ولايمكن تاجيله، الله يرضى عنك لاتحرمني من حلم حياتي والله ماعندي غير هذا الولد وأمه متوفية حرام عليك.
لم تجد توسلات سعيد نفعا فاقتيد مكبلا بالاغلال وسط نظرات الناس في المطار وكل منهم يفسر الموضوع على هواه، واحد يقول تاجر مخدرات وأخر يقول أرهابي دولي ونصاب وكل تهمة شنيعة يمكن تصورها.
وفي الحجز حاول سعيد أن يتذكر حياته كي يعرف سبب أعتقاله فلم يجد شيئا فهو عاش طوال حياته بكل شرف وأمانة وأحترام للقانون ، ولكنه تذكر أنه في أحد الايام نهر أحد زملاؤه في العمل عندما كان يغرق في مدح الوزير و أعطاه صفات لاتليق إلا بالرسل والانبياء وتقترب من الكفر وتوعده زميله في وقتها بأنه سيريه من هو الوزير، ولكنه ترك الفكرة لأن هذا الوزير تم طرده منذ سنوات وهو الأن يقبع في بيته ولايملك لنفسه نفعا ولاضرا.
ياربي ماذا تكون إذن ؟ قالها لنفسه مائة مرة مالذي فعلته كي أكون مطلوبا أمنيا ؟ تذكر أن جاره الذي يعمل في جهة أمنية كان يوقف سيارته كل يوم أمام مدخل كاراج بيته وفي يوم طلب منه أن يتوقف عن ذلك فضربه الجار وهدده بأن يغلق على حياته أن هو أعترض مرة ثانية ، ولكنه أستبعد ذلك من رأسه مبتسما بمرارة قائلا ومنذ متى أصبحت المخابرات تصدر أحكاما بالأعتقال هم ياخذونك وأنتهى بدون حكم ولا مذكرة توقيف ولامن يحزنون .
بات سعيد في الزنزانة دون أن يغمض له جفن بين خوفه على مصيره وحزنه على إبنه الذي سينقلب عرسه الى مصيبة بعد أختفاء والده دون أي خبر أو أثر أذ لم يسمح له بالأتصال بأي أحد من أقاربه أو معارفه، وفي الصباح أقتيد مخفورا إلى النيابة ووقف على رجليه ثلاث ساعات مع عتاة المجرمين والقتلة حتى جاء دوره ووقف أمام قاضي التحقيق الذي فتح ملفه وقال لسعيد الذي كاد قلبه أن يتوقف من الخوف :
- يا سيد سعيد أنت عليك غرامة مرورية منذ 3 سنوات لتوقفك في مكان ممنوع و لأنك لم تسددها فقد صدر الأمر بالقاء القبض عليك
لم يصدق سعيد ما يسمع فبعد معاناته كان الأمر أشبه بنكته سمجة أو كابوس مرعب ولكنه قال
- ياسيدي القاضي أنا أصلا لا أملك سيارة ولم أملك يوما سيارة ولا أحمل رخصة قيادة لأني قلبي الذي يكاد يتوقف منذ ليلة أمس لايستحمل السواقة وأنت تعتقلني بسبب غرامة مرورية ؟ وعلى فرض صحة الموضوع كم هي غرامة التوقف الممنوع ؟ وهل يستحق هذا المبلغ التافه أهانة الناس ومسح كرامتهم بالأرض ومعاملتهم كالمجرمين ؟
نظر القاضي إليه وقال :
- ألست أنت سعيد وحيد حميد ؟
- لا يا سيدي أنا سعيد وحيد فريد
أمسك القاضي بالقلم وشطب على الملف وقال لسعيد :
- بسيطة ياعم تشابه أسماء وحصل كل خير أن شاء الله !! ولكن كي ترفع أمر ألقاء القبض يجب أن تاخذ هذه الورقة وتذهب إلى المحافظة و الأمن العام والجوازات ودائرة تنفيذ الأحكام ومديرية الكمبيوتر ومركز شرطة الحي الذي تسكن فيه وهذا كل شيئ وأن شاء الله ماتزعل منا !!
وكل تشابه أسماء وأنتم بخير.