مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 تشجيع الأستثمار أم الأستحمار؟

نزل سعيد على أول طائرة حاملا معه تفاصيل المشروع

بقلم د.محسن الصفار‏
.........................


سعيد رجل أعمال ناجح يعيش في أوروبا منذ عشرين سنة حافظ على قيمه العربية والأسلامية ولم يقطع أتصاله يوما بالجالية الأسلامية في بلده ويزور المسجد هو وأولاده بشكل منتظم وأشرف على أن يتقن أبناؤه اللغة العربية بشكل كامل لانها لغتهم وجذورهم .

في يوم وعندما قدم شيك تبرعات لأبناء بلده كالعادة قال له أمام المسجد:
- يا أخ سعيد أنا بأشكرك على روحك الطيبة وحبك للمساعدة ولكن المثل يقول أن أحببت شخصا لاتعطه سمكة بل علمه صيد السمك

- ماذا تقصد ياشيخنا ؟ لم أفهم قصدك
أقصد أن تبرعاتك هي أمر حسن وتشكر عليه وبارك الله في مالك ولكن أن أردت أن تفعل شيئا دائميا فأرى أن تستثمر جزء من أموالك في بلدك في مشروع يشغل عددا كبيرا من الناس ويضمن لهم حياة كريمة هم وعوائلهم وأنت أيضا ستكسب أرباحا طيبة أن شاء الله - حسنا ياشيخنا سأفكر بالموضوع وأستشير عائلتي أن شاء الله

ذهب سعيد إلى البيت وجمع أفراد عائلته وطرح معهم الموضوع وكان جوابهم مشجعا لحبهم لبلدهم ورغبتهم في أن يكون لديهم وجود فيه ينفع الناس من حولهم . توكل سعيد على الله وقرر أن ينزل في أقرب فرصة إلى بلده كي يحضرمقدمات أنشاء مصنع للمواد الغذائية يتمكن من توظيف ما لايقل عن 500 عامل و عاملة ويساعد في تنشيط الاقتصاد الزراعي في القرية التي كانت مسقط راسه ويعاني نصف شبابها من البطالة ويستولي التجار الجشعين على محصول القرية الزراعي بأبخس الاثمان .

نزل سعيد على أول طائرة حاملا معه تفاصيل المشروع .

وصل إلى المطار وقدم جوازه إلى الضابط الذي سأله :
- كم ستبقى في البلد ؟
- أنا هنا كي أستثمر وأبني مصنعا لابناء قريتي
أجابه الضابط بلا مبالاة:
- حسنا حسنا سنرى كم سيصمد مشروعك !!

تعجب سعيد من هذا الكلام وذهب إلى الفندق وقضى ليلته متحمسا كي يقدم أوراقه في الصباح الباكر إلى الوزارة المعنية بالأستثمارات ذهب إلى هناك ووصل في بداية الدوام.

دخل الوزارة وصعد إلى الطابق العلوي حيث مكتب الوزير سلم على السكرتير وبقية موظفي المكتب وقال بثقة :

- لو سمحت أريد أن أقابل الوزير الان
- ومن تكون حضرتك ؟
- أنا مواطن مغترب وأريد أن أقيم مشروعا أستثماريا في قريتي وأريد أن أكلم الوزير بشان التفاصيل

نظر السكرتير اليه برهة ثم مالبث أن أنفجر ضاحكا بصوت مرتفع ولحق به بقية زملاؤه وهم يضحكون بصوت مرتفع تعجب سعيد من هذا السلوك وقال :
- ماهو المضحك فيما قلت ؟
- والله يأخى عندما دخلت وتكلمت بكل ثقة أنك تريد رؤية الوزير حسبتك شخصية هامة أو مسؤول كبير , الوزير ياحبيبي مشغول وليس لديه وقت لك و لأمثالك أذهب إلى مكتب المديرالعام فهو من يستطيع أن يساعدك.

خرج سعيد وهو يسمع ضحكات الموظفين من خلفه .وصل إلى مكتب المدير العام وسلم على السكرتير وطلب مقابلة المديرالعام ووضح له سبب المقابلة قال له السكرتير :
- حضرتك غلطان يجب أن تذهب أولا إلى القرية التي تريد أقامة المشروع فيها وتشتري الارض ثم تتقدم بطلب إلى مدير الناحية وأذا وافق فسيرفع طلبك إلى المحافظة وأذا وافقت المحافظة عندها سياتي طلبك إلينا طبعا سيذهب بداية إلى دائرة الدراسات وأذا وافقت عليه سيرفع إلى لجنة تقرير الأستثمارات وأذا اقرت اللجنة المشروع سيصل ساعتها إلى السيد المديرالعام .

- يا الله وكم سيستغرق كل هذا ؟
- يعني , حسب الاوضاع مابين 4 الى 6 اشهر أذا لم يكن هناك معوقات

دار رأس سعيد من هذه البيروقراطية في بلد يدعي أنه يشجع الأستثمار و لكنه مع ذلك رضي بالأمر الواقع وكون هدفه نبيلا فان الأمر يستحق العناء حزم حقائبه وذهب إلى قريته وعثر على أرض ذات موقع جيد وأشتراها من صاحبها وقام بتسجيلها ثم تقدم بالطلب إلى الناحية التى أحالته إلى المحافظة وهناك بدا الطلب يصعد وينزل ومن لجنة إلى أخرى ومن مدير إلى معاون ومن مفتش إلى خبير حتى أنتهت المعاملة أخيرا بعد 3 اشهر مرت على سعيد كأنها دهر وأحيل الطلب إلى الوزارة وهناك ايضا بدات رحلة العذاب من لجنة إلى أخرى حتى وصل الطلب إلى المدير العام بعد شهرين .

راجع سعيد المنهك إلى مكتب المدير العام وذهب إلى السكرتير الذي قال له :
- مبروك أستاذ سعيد لقد صدرت الموافقة المبدئية على طلبك
فرح سعيد بأنتهاء رحلة العذاب هذه وقال للسكرتير :
- ألف شكر ياسيدي متى أستطيع البدء بالمشروع ؟
- حالما تستحصل على موافقة وزارة الصحة وبعدها وزارة البيئة وموافقة وزارة الداخلية
- الداخلية ؟ وما دخل الداخلية بالموضوع ؟ أنا لم أتقدم بطلب ترخيص لحزب سياسي
- الداخلية لازم توافق من ناحية كونك لاتملك خلفيات سياسية تجعل توضيفك لهذا العدد من الناس خطرا على أمن الدولة

- سبحان الله وكيف يكون تأمين وظائف للناس خطرا على أمن الدولة ؟
- والله هذه أجراءات يجب الألتزام بها ولست أنا من وضعها
- طيب أي شي أخر ؟
- موافقة البنك المركزي على مصدر الأموال وبعد أن تحصل على كل هذه الموافقات يرفع الطلب إلى الوزير و أذا وافق عليه سيرفعه إلى مجلس الوزراء وعندها تصدر الموافقة النهائية أن شاء الله.

- طيب ولماذا تخبرني بكل هذا من البداية ؟
- أنت لم تسال
- وكل هذه الموافقات كم تستغرق ؟
6 أشهر إلى 3 سنوات !!
- هل من أوراق بعد ذلك ؟
- لا
- هناك ورقة أخيرة يجب أن تضاف إلى الملف
تعجب سكرتير المدير العام وقال :
- ليس على حد علمي ماهي ؟
- شهادة من مستشفى المجانين تفيد بأني مجنون كي أستمر في هذه المهزلة , أنا أستعوضت الله خيرا في نقودي ووقتي وأنا عائد الى اوروبا ولن أعود هنا قبل موتي والارض التي اشتريتها سأجعلها مقبرة للعائلة .

نظر إليه السكرتير وقال :
- أنت حر ولكن هل تريدني أن أخبرك بالاوراق المطلوبة لكي تستطيع تحويل أرضك الى مقبرة ؟
خرج سعيد ومشاعر الغضب وخيبة الأمل والحزن تمزق صدره وجمع أغراضه وفي المطار رأه نفس الضابط وقال له :
- ألم اقل لك لن تبقى هنا طويلا ؟ هذا هو حال كل من يريد الأستثمار في بلداننا رافقتك السلامة
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية