كلام في صلب السياسة
...............................................................
|
مقهى صغير في أحدى الدول الغربية يرتاده العرب |
بقلم : محسن الصفار
..........................
عندما قرر الصحفي الشاب سعيد المقيم في أحدى الدول الغربية أن يكتب مقالا حول الأنسحاب الأمريكي المفترض من العراق لم يجد بدا من أن يخرج إلى الشارع كي يستطلع رأي الناس حول هذا الموضوع.
كان المكان الأنسب هو مقهى صغير يرتاده العرب بجنسياتهم المختلفة يوميا وخصوصا كبار السن منهم الذين يجدون في هذا المقهى بقعة تذكرهم بأوطانهم التي تركوها كل لأسباب مختلفة عن الثاني فمنهم من خرج مرغما والأخر من خرج بحثا عن لقمة العيش التي لم يجدها في وطنه .
جلس سعيد إلى طاولة وطلب فنجان شاي عندما أستمع عرضا إلى رجلين مسنين أحدهما لهجته عراقية والأخر لهجته فلسطينية يتحاوران فقال العراقي لصاحبه :
- يا أبو وديع الحمد لله إلى عندنا بدو يطلعون صحيح شوية شوية لكن الباقي يجي عليه الدور ويطلع .
فرح سعيد وقال لنفسه :
- عظيم عز الطلب هاهم يتحدثون عن خروج الأمريكان سأستمع كي أعرف رأي المواطن العادي دون خوف من الصحافة .
أستمر الرجل المسن بالحديث قائلا :
- يا أخي طلعت روحي بسببهم طينو عيشي لا ليلي ليل ولا نهاري نهار وماصدقت بس أبتدوا يخرجون, كأنه عندي عيد .
أجابه المسن الفلسطيني :
- مبروك ياأبو جاسم عقبال اللي عندنا يخرجون بس همه لازقين وما راضين يطلعون .
قال أبو جاسم :
- لا راح يطلعون عاجلا أم أجلا, كل ماهنالك همة بحاجة إلى ضغوطات قوية تجبرهم على الخروج .
أجابه أبو وديع:
- كل الضغوطات مانفعت معهم وكل واحد يقول أنه راح يجبرهم على الخروج وما في أي فايدة يازلمة هلكت.
قال أبو جاسم مشجعا:
- يعني همة صحيح أبتدوا يطلعون بس البقايا مازالت موجودة, بس مثل ماطلع الكبير بيلحقوه الصغار ونرتاح .
رد أبو وديع بأبتسامة مريرة :
- ياحبيبي يا أبوجاسم بيطلعو شوي, بيجي غيرهم أكثر 10 مرات مافي مفكة من هالمصيبة يازلمة .
نهض سعيد من مكانه وأتجه نحو الرجلين وسلم عليهم وعرف نفسه كصحفي وقال :
- أنا أسف أستمعت إلى حديثكم السياسي عرضا حول خروج الأمريكان من العراق وأحب أعرف أذا بتسمحولي أنشر كلامكم .
نظر الرجلان إليه بتعجب وقالا بصوت واحد :
- لا لا اكيد لا .
طمأن سعيد الرجلين واعدا بأنه لن ينشر صورا أوأسماء فرد عليه أبو جاسم قائلا :
- ياحبيبي الموضوع ليس خوف أنت فهمتنا غلط أنا وصاحبي أبو وديع مصابين بأمساك مزمن في القولون أمبارح لاول مرة من أسبوع أرتاحيت, وكنت أخبر صاحبي أبو وديع عن الدواء الجديد الذي استعملته لرفع الأمساك ولم نكن نتحدث في السياسة.
ضحك سعيد وقال .
- لا يا عم بل الواقع أنك كنت تتحدث في عمق السياسة وأنت لاتدري .