مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 كيف تصبح محللا سياسيا في يوم واحد بدون معلم ؟!!!!
...............................................................

 بقلم د. محسن الصفار‏
.........................

 

مبنى التلفزيون

 

جاء سعيد إلى زوجته مسرعاً وعلامات اللهفة للتحدث بادية على وجهه من بعيد وبريق عينيه يدل على أنه وقع على كشف مهم يفوق كشف ارخميدس للوزن النوعي عندما كان في الحمام، خاطب سعيد زوجته قائلاً:
- وجدتها.
- وجدت ماذا؟
- العصا السحرية التي ستجعلنا أغنياء.
- أي عصا سحرية يا سعيد هل جننت؟
-لا لم أجّن ولكني وأخيراً وبعد مشاهدة مئات الساعات من البرامج التلفزيونية عثرت على المهنة الأسهل والأكثر مدخولاً في العالم وتجعل الجميع يحترموني ويحسبون لي ألف حساب.
- هل قررت أن ترشح لرئاسة الجمهورية؟
- لا, أي رئاسة جمهورية أنت الأخرى هل صدقت أن أحداً يستطيع أن يزيح الرئيس عن منصبه؟ رؤسائنا لا يخسرون الإنتخابات إلا إذا كان عزرائيل هو الذي ترشح ضدهم.
- ماذا إذاً؟
- قررت أن أصبح محللاً سياسياً للقنوات الفضائية.
- ماذا؟ وما خبرتك أنت بالتحليل السياسي؟ أنت يارجل لم تجر حتى تحليل بول عندما طلب منك الطبيب ذلك والآن ستصبح محللاً سياسياً؟ كيف وأنت لم تمارس السياسة في حياتك؟ سائس الخيل يفهم في السياسة أكثر منك.
- هنا حلاوة الموضوع فعندما راقبت القنوات الفضائية وجدت أن جميع المحللين عندهم لا يحملون أي شهادات معينة وكل ما يقولونه هو كلام جرايد لا يزيد ولا ينقص وحيثما يعجزون عن الرد يبدا السب والشتم ووصف الطرف المقابل بانه عميل وصهيوني او صفوي ايراني وما الى ذلك من الصفات , ولدي صديق يعمل مراسلاً لأحد الفضائيات سيتوسط لي ويعتمدوني محللاً للاوضاع السياسية ويدفعون لي بالدولار عن كل مرة أشارك فيها ببرنامج سياسي أو حواري.

- ولكن يا سعيد أنت لا تفقه في السياسة شيئاً وسيضحك الناس عليك.
- لا تقلقي فصديقي سيعطيني موضوع النقاش مسبقاً وسأقرأ ما كتبته الجرائد عن هذا الموضوع وأكرره حرفياً هذا كل ما في الامر.
- أمري لله لا أدري ما أقول يا سعيد.
- قولي توكلنا على الله ودعينا نشم رائحة الدولار في هذا البيت.
في اليوم الموعود إتصل صديق سعيد وأبلغه بأن يستعد ليكون ضيفاً على أحد برامج المحطة بصفته محللاً سياسياً والموضوع سيكون عن الأزمة الإقتصادية العالمية وتأثيرها على الإصلاحات السياسية في الشرق الاوسط اشترى سعيد كل الجرائد ذلك اليوم وقرأ كل ما يمكن قراءته عن هذا الموضوع وذهب إلى الاستوديو بعد أن لبس أفضل ثيابه و دخل حيث تم إجلاسه على المقعد المخصص له ووضعوا له الميكرفون والسماعة وطلبوا منه إنتظار إشارة البدء، كان قلب سعيد يدق بسرعة حتى كاد صوته يصم أذنه وفجأة سمع صوتاً في السماعة يقول:

- أهلاً أستاذ سعيد أنا مقدمة البرنامج.
- أهلاً مدام كيف الحال؟
- الحمد لله آسفين أستاذ سعيد ولكن في اخر لحظة قررنا وبسبب أحداث غزة أن نغير موضوع الحلقة وراح يكون عن حرب غزة ودور العرب في إيقافها ولأنك محلل سياسي قدير وصاحب خبرة كما وصفك مراسلنا فلا أظن أنه سيكون لديك مشكلة في تغيير الموضوع صحيح؟
أسقط في يد سعيد فلا هو قادر على التراجع وإلا طارت الوظيفة الحلم ولا هو يعرف أي شيء عن موقف الانظمة العربية من موضوع الحرب على غزة ولكنه قرر أن لا يترك الفرصة تفلت من يده وقال:
- لا ليس هناك أي مشاكل.
- عظيم سنبدأ الآن.

بدأت المذيعة بتقديم الحلقة وتحدثت عن الصراع العربي الاسرائيلي وعن دوافع الإدارة الاسرائيلية لحسم معركة غزة حتى وصلت إلى دور الدول العربية في إيقاف الحرب ومساندة الشعب الفلسطيني وقالت:
- أعزائي المشاهدين يسرنا أن نستضيف عبر الأقمار الصناعية المحلل السياسي المخضرم الأستاذ سعيد وحيد فريد كي يعطينا رأيه بهذا الموضوع, أستاذ سعيد ما هي برأيك الحلول الجذرية للصراع العربي الإسرائيلي خصوصا بعدما شاهدت الفيلم المصور عن الجرائم بحق النساء والاطفال ؟.
صمت سعيد برهة مرت كأنها الدهر حيث لم يكن يدري بماذا يجب أن يرد على المذيعة فلو أن العرب كانوا يريدون فعل شيء لفعلوه فجأة وجد نفسه يقول:

- والله يا مدام هناك طريقتين لحسم النزاع العربي الاسرائيلي.
- جميل وما هي يا أستاذ سعيد؟
- أحد الحلين عقلاني ومنطقي وعملي والآخر خيالي وصعب التنفيذ إن لم يكن شبه مستحيل.
- وما هو الحل المنطقي؟
- الحل المنطقي هو الاستنجاد بجريندايزر* كي يأتي بوحشه الفضائي ويضرب اسرائيل ويدمرها ويخلصنا.
ضحكت المذيعة من هذا الكلام وقالت:
- أستاذ سعيد إذا كان هذا هو الحل الواقعي فماذا سيكون الحل الخيالي إذاً؟
- أن يتحد العرب ويلقون بالخوف جانباً ويوحدوا قلوبهم وثرواتهم وجيوشهم ويحسمون هذه المسألة مرة واحدة وإلى الأبد ويتذكرون ان اليهود ليسو سوى 5 ملايين وسط 300 مليون عربي و….

قطع المخرج الإرسال وطرد الحرس سعيد إلى الشارع بينما كانت المذيعة تقول:

- أعزائي المشاهدين نعتذر عن إصابة المحلل السياسي بنوبة جنونية ونكمل البرنامج مع ضيفنا التالي

وكل تحليل سياسي وأنتم بخير.

* جريندايزر شخصية كارتونية فضائية خيالية
 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية