مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 جيران الهنا !!!
...............................................................

بقلم : د. محسن الصفار
...........................


انتقل سعيد إلى شقة في بناية في أحد الأحياء الشعبية يصر صاحبها على أنها عمارة بينما هي في الحقيقة ليست سوى بيت قديم من عدة طوابق أشبه ببناء تاريخي منه إلى مبنى سكني. ولكن سعيد كان مضطراً للسكن فيه لأن الراتب لا يكفي بصراحة لأكثر من ذلك انتقل سعيد إلى الشقة وبدا بفك اغراضه عندما رن جرس الباب فتح سعيد الباب فوجد أمامه امرأة عجوز تبتسم بشكل تبرز معه أسنانها الصفراء وهي تقول:

- صباح الخير يا ابني ازيك؟

- متشكر الحمد لله أي خدمة يا حاجّة؟

- أنا خالتك أم محمود اللي ساكنة في الدور إلاول.

- أهلاً يا خالتي.

- والنبي عاوزه منك خدمة الأكل اللي يزيد عندك ما ترميهوش بره حطه في كيس وأنا أجي آخده.

- ليه؟

- علشان الفراخ يا ابني.

- فراخ إيه؟

- أصلاً أنا بأربي فراخ في الشقة عندي ولازم أجيب لهم أكل والجيران كلهم يدوني بقية الأكل اللي عندهم.

- بس ده خطر يا خالتي انتي ما سمعتيش عن انفلونزا الطيور؟

- أنا ماليش دعوة بالسياسة يا ابني !!!.

- سياسة إيه يا حاجة؟ ده مرض يجي من الفراخ والطيور وينتقل للبني آدمين.

- اديك قلتها بنفسك !! بص للمطرح اللي أحنا ساكنين فيه وشوف اذا كنا عايشين زي البني. آدمين , ما تخافش ما فيش حاجة حتحصلنا.

- على رأيك خلاص كل يوم حاحط بقية الأكل في كيس ورا الباب.

- متشكرة يا ابني.

رن جرس الباب مرة اخرى فوجد سعيد هذه المرة شابا تبدو عليه اثار الادمان وهو يحمل تلفزيونا ويتلفت يمينا وشمالا

- تشتري التلفزيون ده يابيه ؟ بعشرين جنيه بس

- تلفزيون ايه ده اللي بعشرين جنيه ؟ انت سارقه

- اششششش وطي صوتك حد يسمعك , انت مالك سارقه والا وارثه العمارة كلها بتجيب حاجتها من عندي وبالرخيص كمان خلصني تشتري والا لا ؟

- لا يا حبيبي الله الغني انا مابشتريش حاجة مسروقة .

في اليوم التالي فتح سعيد باب الشقة ففوجيء بامرأة في الشقة المقابلة تقف بملابس فاضحة وأقل ما يقال عنها إنها شبه عارية غض سعيد نظره وهمّ بالعودة إلى شقته عندما استوقفه صوت المرأه وهو يقول:

- صباح الخير يا اسمك إيه؟

أجاب سعيد وهو ينظر إلى الجهة الأخرى:

- سعيد يا افندم

- أهلاً يا سعيد, يا سعودة, يا سوسو!!.

- سوسو؟؟ الله يكرمك على كل حال.

- على العموم أنا جارتك ميمي.

- أهلاً يا ست ميمي أي خدمة؟

- لا أنا بس عايزاك تعرف اسمي علشان لو حد سأل عني في نص الليل وإلا كده تشاور له على شقتي.

- وهو حد حيسأل عن حضرتك في نص الليل ليه يا افندم؟ حضرتك دكتورة.

ضحكت ميمي بصوت مدوّي وقالت:

- دكتورة؟ وماله؟ مش أنا با عمل مساج لزبايني؟ مش أنا با خرجهم من حالة الكآبة اللي همه فيها؟ يبقى كله طب وأجري على الله.

- وهمه معارف حضرتك حيرنوا جرس شقتي أنا ليه؟

- أصل بعضهم يبقوا سكرانين ويلخبطوا بالشقق.

- لا لا ، حرام كده الواجب الواحد يساعدهم دي إنسانية برضه.

- تشكر يا بيه ابقى شرفني في الشقة علشان جلسة علاج مجانية كده أصول الجيرة يعني.

تمتم سعيد وهو يقفل باب الشقة: الله يخرب بيتك وبيت العلاج المهبب بتاعك!! شغل المسجّل وأخذ يستمع إلى بعض الموسيقى الكلاسيكية فإذا بجرس الباب يرن مرة. أخرى فتح الباب فوجد أمامه رجل شكله مخيف له ذقن طولها نصف متر وحليق الشارب بادره بالقول:

- السلام على من اتبع الهدى

- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته تفضل؟

- سمعت عندك منكراً فجئت أنهاك عنه.

- منكر إيه لا سمح الله؟

- الموسيقى فهي رجس من عمل الشيطان.

- بقى انت سايب الرقاصة اللي ساكنه قصادي ويجيلها زباين سكرانين في نص الليل وجاي تنهاني عن اني اسمع موسيقى في شقتي ؟؟.

- هناك اخ آخر وظيفته نهي الرقاصات انا واجبي النهي عن الموسيقى.

- يا سلام تخصص يعني؟ ولاو بيقولك ما فيش كفاءات في بلادنا.

- بلاش تريقه هل ستنتهي أم نجبرك على ترك هذا المنكر؟

- لا يا اخويا وعلى إيه؟ انتهى يا حبيبي انتهى!!!

أغلق سعيد الباب وهو متعجب من هذه التناقضات من جهة غانية تعمل علناً وعيني عينك ومن جهة متشدد ينهاه حتى عن سماع الموسيقى في شقته!!! دخل سعيد إلى الحمام كي يستحم ولم يكد يبدأ حتى رنّ الجرس مرة اخرى لبس ثيابه على عجل وخرج وفتح الباب فوجد رجلاً يقف وراء الباب ويقول:

- انت بتستحمى؟

- طب قول السلام عليكم الأول آه باستحمى وانت مالك؟

- مالي إزاي أنا البواب.

- أهلاً يا بواب بيه مالك انت ومال حماّمي بقى؟

- ممنوع الدش والحمام غير الصبح قبل الساعة 9 وبالليل بعد الساعة 7.

- هو احنا في السجن؟ حنستحمى بالمواعيد؟

- هو كده.

- اشمعنى يعني؟

- علشان أنا طول النهار باشتغل في غسيل العربيات ومش عاوز المية تخلص من الخزّان اللي فوق السطوح فاهم؟

- فاهم يا بواب بيه أي أوامر تانية؟.

- أوامر إيه يا بيه دا انا خدّامك.

في اليوم التالي كان سعيد مع أحد زملائه في العمل ويروي له ما حدث معه ويقول:

- سبحان الله يا أخي البناية دي قمة التناقضات البواب يتحكم في السكّان, واحدة عاملة الشقة بتاعتها زريبة والثانية عاملة شقتها كباريه واحد فاتح هيئة الأمر بالمعروف ونهي عن المنكر على حسابه والسكان بيشتروا حاجات مسروقة من ولد صايع ومدمن.

أجابه زميله:

- هي بس دي المشاكل اللي فيها؟

- آه وهو ده قليل؟

- طبعاً بالمقارنة مع البلاوي اللي تحصل في البنايات التانية ده كويس جداً وعلى فكرة لو قررت تسيب الشقة دي بلغني علشان يمكن أنا أستجرها دي شقة لقطة على الوصف ده.

وكل شقة وأنتم بخير.


 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية