مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 التحرش الجنسى ظاهرة جديدة وخطيرة
...............................................................

 

التحرش الجنسى

 

بقلم : سعد رجب صادق
..........................


أصبح التحرش الجنسى حدثا يوميا يرصده المتابعون للتغيرات السلوكية التى طرأت على المجتمع المصرى ، ويتحدث عنه الصحافيون والاعلام ، بل انه تجاوز أماكن العمل والدراسة وهى بيئته فى غيرنا من المجتمعات ، ليشمل عندنا أيضا الشوارع والأسواق ، ويمتد الى وسائل التواصل العصرية من المحمول وشبكة الانترنت ، والمتأمل فى تلك الظاهرة الجديدة والخطيرة ، يجدها ظاهرة عالمية ، تختلف حدتها وسعة انتشارها من مجتمع الى آخر ، وتتباين أسبابها ودوافعها ، ووسائل استجابة المجتمعات لها ، وحيث أن مجتمعاتنا تفتقر دائما الى الدراسات والاحصائيات ، وتفتقر أيضا الى التوصيفات القانونية للانحرافات السلوكية الجديدة ، يصبح من المجدى مراجعة التقارير والتعريفات العالمية ، والاستفادة منها فى فهم أسباب الظاهرة ، وطرائق التعامل معها ، وخاصة أن الطبيعة البشرية تتماثل فى أصقاع العالم المختلفة ، كما أن التغيرات التى طرأت على البشرية خلال العقود القليلة الماضية ، جعلت التواصل والتأثير والتفاعل بين الشعوب أمرا سهلا وميسورا.

اذا نظرنا الى المجتمعات الأوربية فانه حسب احصائيات منظمة العمل الدولية ILO ، وصلت نسبة التحرش بالنساء العاملات فى عام 2008 الى %15 فى الدنمارك ، %41 فى النرويج ، %21 فى فرنسا ، %27 فى أسبانيا ، %35 فى التشيك ، %58 فى هولندا ، وامتد التحرش ليشمل أيضا الرجال ، حيث يتعرض %14 منهم للتحرش من قبل النساء فى المجتمع البريطانى ، وفى المجتمع الألمانى فانه من بين كل ست قضايا ترفعها النساء ضد رجال تحرشوا بهن ، توجد قضية يرفعها رجل ضد نساء تحرشن به ، وهو أمر لم يكن معهودا حتى عام 1990 ، وفى المواصلات العامة وجدت استطلاعات الرأى أن واحدة من كل 23 فتاة تتعرض للتحرش فى قطارات لندن وباريس وفرانكفورت.

أما فى الولايات المتحدة الأمريكية ، فقد زادت حدة التحرش بالنساء فى أماكن العمل من %42 فى عام 1980 ، الى %60 فى 1992 ، الى %62 فى 1999 ، وقد وجد أن %43 من حالات التحرش تحدث من رئيس بالعمل ، و%27 ممن هو أقدم senior ، و % 19 ممن هم فى نفس المستوى أو الدرجة الوظيفية ، و %8 ممن هم أقل درجة ، وكانت حادثة المحامية المبتدئة Anita Hill ، والتى رفعت دعوى تحرش ضد القاضى Clarence Thomas فى عام 1991 ، والذى كان مرشحا وقتها للمحكمة العليا Supreme Court حدثا فارقا فى المجتمع الأمريكى ، حيث زادت الوعى بالمشكلة ، وزادت أيضا الشكاوى من التحرش الى ثلاثة أضعاف فى خلال عام ، وبحلول عام 1999 طورت %97 من أماكن العمل سياسة مكتوبة لمشكلة التحرش ، وقدمت %62 منها تدريبا لموظفيها لمعرفة الضوابط والقوانين ، وتجنب الوقوع فى التحرش ، وقد أدى ذلك الى انخفاض ملحوظ فى الحالات المبلغ عنها الى Equal Employment Opportunity Commission أو EEOC ، من 16,000 عام 1997 الى 12,510 عام 2007 ، وانخفضت أيضا شكاوى الرجال الى %16 عام 2007 وكانت %17 عام 2004 ، وفى العام الماضى 2008 ، سجلت EEOC 13,867 حالة تحرش فى أماكن العمل ، منها %15.9 للرجال.
أما بالنسبة للمدارس والجامعات فى الولايات المتحدة ، فانها مسرح آخر للتحرش ، وفى دراسة قامت بها American Association of University Women أو AAUW فى عام 2002 على تلاميذ المدارس ، الصف 8-11 ، وجد أن %83 من الطالبات تعرضن للتحرش ، و %78 من الطلاب ، وأن %38 من الحالات تمت من مدرس أو موظف بالمدرسة ، كما وجدت الدراسة أن %36 من المدرسين تعرضوا للتحرش من قبل الطلاب ، وفى دراسة أخرى قامت بها نفس الهيئة عام 2006 على طلاب الجامعات ، وجد أن %62 من الطالبات ، و %61 من الطلاب تعرضوا للتحرش ، وأن %80 من الحالات تمت على يد طالب آخر ، و%39 تمت فى مساكن الجامعة .

أسباب التحرش فى المجتمع الأمريكى ، والمجتمعات الغربية عموما تحدثت عنها دراسة حديثة لعلماء الاجتماع بجامعة منيسوتا University of Minnesota بالولايات المتحدة ، والتى صدرت هذا العام 2009 ، بعد تتبع ثلاثين عاما من التقارير والتغيرات السلوكية ، حيث وجدت الدراسة أن أسباب التحرش فى العمل ليس لها علاقة بالجنس ، وانما بمحاولة السيطرة ، والنظرة الى المرأة ككائن يجب أن يخضع دائما للرجل ، كما وجدت الدراسة أيضا أن انتشار المواد الاباحية pornography يشجع على التحرش ، وأنه فى البيئة التى تنتشر فيها البذاءة obscnities ، تصبح النساء ثلاث مرات أكثر عرضة للتحرش ، و3-7 مرات أكثر فى بيئة تنتشر فيها النكات الجنسية .

حسب احصائيات 2003 ل United Nations Development Fund for Women أو UNIFEM ، وهى احدى وكالات الأمم المتحدة ، فان 16 دولة فقط فى العالم بها تشريعات محددة للتحرش ، 128 دولة بها تشريعات غير محددة ، 44 دولة ليس بها تشريعات وخاصة فى أفريقيا والشرق الأوسط ، وتعتبر الولايات المتحدة أكثر الدول صرامة فى قضايا التحرش ، والذى يعتبر ضد القانون حسب Title VII of the Civil Rights Act of 1964 ، وفى عام 1975 اتفقت المحاكم الفيدرالية على اعتبار المضايقات الجنسية فى العمل جريمة واستغلالا وظيفيا يؤدى الى بيئة عمل غير صحية تنعكس سلبيا على الأفراد صحيا ونفسيا ، وتؤثر على انتاجية العمل أيضا.

ولكن ما هو التحرش بالضبط ؟ طبقا لتعريف القوانين الأمريكية فان التحرش الجنسى sexual harassment هو كل ما هو غير مرغوب ، وغير مرحب به من الطرف الآخر وله صفة أو ايحاء جنسى ، وقد يكون فى شكل كتابى ، كملاحظات مكتوبة ، أو خطابات بذيئة ، أو لفظى أو كلامى كالنكات والتعليقات والألفاظ المبتذلة ، أو يكون احتكاكا أو لمسا جسديا، أو يكون باستخدام صور أو كرتون أو أدوات ذات دلالة جنسية ، أو حملقة غير ضرورية ، أو ايماءات ، أو غيرها ، وهناك مصطلحات أخرى تستخدم فى تعريف المضايقات الجنسية مثل sexual assault , ويعنى كل الأفعال المقصودة ، وذلك تمييزا عن مصطلح sexual misconduct وهو للأفعال غير المقصودة كأن يظن الفرد رضا الآخر وتقبله ، والأمر ليس كذلك ، وهناك أيضا child molestation ويختص بالأذى الجنسى للأطفال من بالغين أو مراهقين أكبر منهم فى العمر ، وقد زاد معدله فى الولايات المتحدة بنسبة %322 فى الفترة من 1990-2000 ، وتفيد الدراسات أن 1.3 مليون طفل يتعرضون للأذى الجنسى كل عام فى أمريكا ، وأن واحد من كل ستة من الأطفال الذكور ، وواحدة من كل أربعة من الاناث ، سيلحق بهم الأذى الجنسى قبل بلوغهم سن 18 ، وهناك مصطلح آخروهو incest ويستخدم فى حالة الأذى الجنسى بين الأقارب سواء كانوا بالغين متساوين فى العمر أو متقاربين ، ولكن أحدهما أقوى وأقدر عن الآخر ، أو بين طفلين أحدهما أكبر من الآخر.

ما هو الحل ؟

1- الوازع الدينى هو أقوى الأسلحة التى يمتلكها المسلم لمواجهة الانحرافات السلوكية ، وعندما تربى الأسرة والمجتمع الأبناء والبنات على العفة والفضيلة ، وعلى أخوة المسلمين جميعا ، فانه من الصعب تخيل شيوع التحرشات وامتدادها لتصبح ظاهرة عامة ، وعملا مشينا يذهب بكرامة المرء ، ويسئ الى أخواته من المسلمات اللائى من المفروض أن يجدن الستر والحماية من شباب المجتمع ورجاله ، لذا وجب التأكيد على غض البصر ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ...وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن...) النور 30-31 ، ووجب التأكيد على أهمية الحشمة ، ومراعاة مواصفات الزى الاسلامى للمرأة ( يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن...) الأحزاب 59 ، ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) الأحزاب 33 ، ( ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن...) النور 31 ، ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) النور 31

2- الاعلام مسئول عن كثير من الانحرافات السلوكية بتغريبه للأمة ، وتقديمه النماذج السيئة للشباب فى الأفلام والمسرحيات ، والقصص والروايات ، وغيرها مما يضعف الوازع الدينى ، ويتلاعب بعقول صغار السن وقلوبهم ، ومن العجيب أن الغربيين يتنبهون لذلك ، ونحن نجد بيننا من يدعون الى الحديث فى أمور الجنس ، وعلاقة الرجل بالمرأة مثل ( خالد منتصر فى مقاله جنازة عيد الحب ، المصرى اليوم ، 6/11/2009 ) ، تقول Valerie Huber , وهى المسئولة عن برنامج يدعو للعفة والعذرية بين الطلاب فى المجتمع الأمريكى executive director of the National Abstinence Education Association أو NAEA ، فى حديثها لصحيفة Washington Post أن التركيز على المواضيع الجنسية ، ومحاولة اضفاء البريق والجاذبية عليها ، يفسد ثقافة المجتمع ، فى حين أن المطلوب أن نؤكد على قيم العفاف والعذرية حتى الزواج ، We have a highly sexualized culture that glamorizes sex. We really need to encourage abstinence -until-marriage programs

3- وضع الضوابط القانونية للتحرشات الجنسية ، وايقاع العقاب على المخالفين ، مع الزام أماكن العمل ، والمدارس والجامعات ، بتوعية العاملين والطلاب ، وتعريفهم باللوائح والقوانين ، والحزم والصرامة فى تنفيذها.

4- محاربة المواقع الاباحية ، وغيرها من كل صور الاباحية ، حيث أنها عامل رئيسى فى انتشار التحرش ، وغيره من السلوكيات الجنسية المنحرفة ، كما ثبت بالدراسات والاحصائيات ، كما أنها مسئولة عن النظرة الدونية للمرأة ، وأنها مخلوق لمتعة الرجل ، تقول Dr. Judith Reisman فى شهادتها أمام الكونجرس الأمريكى فى نوفمبر 2004 عن أخطار المواقع الاباحية على المجتمع أنها تجعل من النساء حيوانات وغير آدميات non-human animals ، ويفسر هذا امتداد التحرش ليشمل المحجبات والأقارب فى المجتمع المصرى ، حيث تختل فى الذهن كل القيم والمفاهيم.

اننا أمام مشكلة خطيرة ومعيبة ، تحتاج جهد قوميا تشارك فيه الأسرة والمدرسة والجامعة ، والاعلام بجميع وسائله ، والمسجد وعلماء الاسلام ، والمشرعون والشرطة والقضاء ، ولو تركنا الأمر بدون معالجة سينطلق من عقاله ، ويتفشى فى كل مكان ، وخاصة أن عوامل البطالة ، وفساد التعليم ، وصعوبة الزواج ، والتضليل والاثارة التى يمارسها الفاسدون فى الفن والاعلام ، تساعد على انتشار المشكلة واستفحالها .

saad1953@msn.com

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية