مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 المواقع الاباحية وضررها على الفرد والأسرة والمجتمع
...............................................................

بقلم : سعد رجب صادق
..........................

تحدث مشاهدة المواد الاباحية أضرارا نفسية وسلوكية

يبلغ عدد المواقع الاباحية pornographic sites على شبكة الانترنت أكثر من 400,000 موقع ، منها 40,634 موقعا فى الولايات المتحدة وحدها ، وتستحوذ المواقع الأمريكية على %11 من اجمالى زيارات تلك المواقع ، وطبقا لاحصائيات Family Safe Media ، وهى منظمة أمريكية ، فان المواقع الاباحية تشكل %12 من اجمالى مواقع شبكة الانترنت ، حيث تنال %25 من أنشطة محرك البحث Google ، أى ربع استخدامات الشبكة ، وتنقسم الى ثلاثة أنواع : 1-مواقع تتطلب اشتراكا شهريا pay sites ، برسوم تتراوح بين 10-100 $ ، ويبلغ عددها 500 موقع ، كل منها مكون من موقع رئيسى يقود الى عدد من المواقع الأخرى links ، وتحظى مواقع ذلك القسم ب %56 من الزيارات . 2-مواقع لا تتطلب رسوما أو اشتراكات شهرية free sites ، ويبلغ عدد زوارها %80-%90 من رواد المواقع الاباحية ، وتقوم بدور الدعاية والاعلان والترويج للمنتجات الاباحية من مواقع وكتب ومجلات وأقراص مدمجة DVD ومنتجات مختلفة مثل sex toys وغيرها . 3-مواقع لتحميل الفيديو versions of You Tube .

يبلغ الدخل السنوى للمواقع الاباحية حوالى 2.5 بليون دولار ، أى حوالى %2.5 من اجمالى دخل الشبكة ، أو ما يعرف ب e-commerce revenue ، والجدير بالذكر أن هناك 16.7 مليون مشترك فى الولايات المتحدة وحدها ، أى حوالى %11.25 من اجمالى مستخدمى الانترنت ، عمر 18 سنة وأكبر ، والذى يقدر ب %66 من الأمريكيين ، ويرتاد تلك المواقع الرجال والنساء ، من جميع الفئات العمرية ، وتبلغ نسبة الرجال %30 ، والنساء %17 ، ونسبة الفئة العمرية 18-29 سنة %38 ، 30-49 سنة %26 ، 50-64 سنة %14 ، أكبر من 65 سنة %6 ، وقد وجدت الدراسات أن %20 من زوار تلك المواقع فى المجتمع الأمريكى متزوجون ، %36 غير متزوجين ، وبالنسبة لحالة العمل فان %28 يعملون full time ، و 30% لايعملون ، و %36 طلاب ، وبالنظر للخلفية الدينية فان %20 بروتستانت protestant ، بينما يشكل الكاثوليك catholic نسبة %24 ، واليهود %29 ، واللادينيين %26 .

جاءت كلمة pornography من الكلمة الاغريقية pornographos وتعنى الكتابة graphien عن العاهرات porne ، واستعملت حديثالأول مرة عام 1857 ، وتعرفها القواميس بكل ما هو مبتذل من الكتابة أو الرسوم أو الصور، أو ما شابه ذلك مما يفتقر الى القيمة الفنية artistic merit، وامتد المعنى ليشمل كل أنواع المواد التى تهدف الى الاثارة الجنسية ، انتاجا وعرضا وترويجا ، ولا يوجد فى البلاد الغربية تعريف قانونى محدد لها، وان كان الجميع متفقين على تجريم استخدام الأطفال child pornography فيها ، وترجع مشكلة الغرب الى جدلية حرية التعبير التى تكفلها الدساتير للبالغين ، مما حدا بالمحكمة الأمريكية العليا supreme court الى اباحة انتاج وعرض تلك المواد لأول مرة فى عام 1960 ، وتعتبر المواقع الاباحية على الانترنت أوسع ألوان المواد الاباحية انتشارا ، لسهولة الحصول عليها فى كل وقت ومكان ، كما أنها أيضا أشدها تأثيرا على قطاعات واسعة من الناس ، وتقسم تلك المواد الى ما يعرف ب soft-core ، وتشمل كل صور العرى ولكن بدون ممارسات جنسية ، و hard-core وتشمل الممارسات الجنسية ، وما يعرف بfetishes ، وتحتها كل أنواع الممارسات غير السوية ، مثل العنف والتحقير وايقاع الأذى النفسى والبدنى بالمرأة ، والاغتصاب ، وعلاقات المحارم ، والاتصال الجنسى بالحيوانات ، والجنس الجماعى ، والسحاق واللواط ، وغير ذلك الكثير ، وعادة ما تكون هناك مواقع متخصصة لكل نوع من تلك الممارسات الشاذة .

تحدث مشاهدة المواد الاباحية أضرارا نفسية وسلوكية وصحية على الأفراد ، وخاصة صغار السن من المراهقين والشباب ، مما يؤثر على استقرار الأسر وترابطها ، وينعكس سلبا على المجتمع ، وقد راجعت عددا كبيرا من الأبحاث والدراسات التى اعتنت بهذا الموضوع ، ورغم أنها تمت فى المجتمعات الغربية ، وخاصة المجتمع الأمريكى ، الا أنها تنطبق على المجتمعات عموما ، وذلك لتشابه الطبيعة البشرية ، علاوة على سهولة التواصل والتأثيرات المشتركة ، ولا نغفل غياب الدراسات والاحصائيات والتحليل لمعظم المشاكل فى بلادنا ، أضف الى ذلك الهجمة الاعلامية على ثوابت الأمة ، والتضليل العلمانى الذى يمضى على قدم وساق ، مع تخلى الأنظمة عن دورها ، وتقاعس العلماء ، وكلها عوامل أحدث قدرا كبيرا من اللبس والخلل فى عقول الناس وسلوكياتهم وأفكارهم ، ولخطورة الموضوع ، وتأثيراته السلبية الشديدة على المجتمع المصرى ، سأتناول تلك الأضرار محاولا الاختصار قدر الامكان ، مع عدم اغفال شئ منها ، حتى تتضح الصورة كاملة للأفراد والأسر ، والشرفاء والمخلصين وأصحاب التأثير ، حتى نستفيق من غفوتنا قبل استفحال الأزمة ، وفوات الأوان.

1-تبديد الوقت والمال : فى عام 1993 أجرت محلات الفيديو فى الولايات المتحدة 600 مليون شريط اباحى ، وأنفق نزلاء الفنادق 175 مليون دولار لمشاهدة الأفلام الجنسية فى غرفهم ، وأنفق الأمريكيون فى منازلهم 150 مليون دولار لقنوات التلفزيون الاباحية ، وأفلام الجنس pay-per-view ، وفى دراسة قام بها أحد الاخصائيين النفسيين عام 1998، على عينة من 18,000 مشترك للانترنت ، وجد أن %62 منهم ينفق أسبوعيا أربع ساعات للمشاهدة ، وأن %37.5 من هؤلاء يمارس العادة السرية ، أو يستنمى أثناء المشاهدة ، وفى دراسة تمت عام 2000 وجد أن 25 مليون أمريكى يبددون 10 ساعات أسبوعيا لمشاهدة المواد الاباحية ، و4.7 مليون يبددون أكثر من 11 ساعة أسبوعيا ، أى أن حوالى عشر مجموع السكان ينفق أسبوعيا 10 ساعات على الأقل من وقته فى المشاهدة ، وفى دراسة أخرى قام بها Gene Abel ، وهو أستاذ فى علم النفس فى جامعة Emory ، ومتخصص فى علاج المشاكل الجنسية ، وجد أن %60 من مرضاه يمكثون 4-6 ساعات كل ليلة للمشاهدة ، وينفقون ما بين 400 $ الى 600 $ أسبوعيا على المواقع الاباحية ، ويلجأ كثير من رواد تلك المواقع الى الدخول عليها فى ساعات العمل من 9-5 ، حيث أن %70 من دخول تلك المواقع يحدث فى تلك الفترة الزمنية ، ويؤدى ذلك الى فقدان %27-%40 من هؤلاء لوظائفهم ، وما يترتب على ذلك من مشاكل مالية فى %58 من الحالات ، والى الطلاق فى %40 .

2-ئؤدى مشاهدة المواقع الاباحية الى انحرافات سلوكية عديدة ، منها البذاءة ، واستعمال الألفاظ السوقية obscenity ، والتأثير على نظرة المراهقين والشباب للعلاقات الحميمية والمرأة ، واعتبارها فقط مصدرا للمتعة ، مما يفقد الزواج والأسرة المكانة المحترمة فى القلوب والعقول ، وتزداد رغبة صغار السن فى تقليد السلوكيات والممارسات الموجودة فى تلك المواد ، ظانين أنها ممارسات طبيعية ، وهى ليست كذلك ، فيقعون فريسة للعادة السرية ، والعلاقات الجنسية المبكرة ، وما يرتبط بذلك من الحمل والأمراض الجنسية ، وتشوه صورة العلاقة بين الرجل والمرأة ، وما يتبع ذلك من مشاكل نفسية وسلوكية ، وتفكك أسرى ، وفى دراسة أجريت على 600 طالب أمريكى فى مرحلة الدراسة الثانوية ، وجد أن %91 من الذكور ، و %80 من الاناث يشاهدون تلك المواد ، وأن %60 من الذكور ، و %40 من الاناث ، عبروا عن رغبتهم فى محاكاة ما شاهدوه.

3-افساد العلاقة الزوجية والطلاق : وجدت الدراسات أن مشاهدة تلك المواقع يؤثر على واقعية نظرة الجنسين لبعضهما البعض ، ويؤدى الى ما يسمى body politic ، حيث ترتسم فى ذهن الرجل صورة المرأة ذات الرشاقة والقوام الكامل ، والنضارة والجمال ، والمقدرة على التفنن فى الأوضاع والممارسات الجنسية ، وكذلك ترتسم فى ذهن المرأة صورة الرجل ذى الفحولة والمقدرة الجنسية الفذة ، مما يؤثر سلبا على مقدرة كل طرف على اثارة واغراء وامتاع الطرف الآخر ، وهو ما يعرف ب performance anxiety ، مما يؤدى الى عزوف الزوج عن زوجته ، واستبدالها بالمشاهدة والاستنماء ، وتصاب المرأة بضعف الثقة بنفسها low self-esteem ، وبجسدها body image disorder ، مما يدفعها الى محاولة ارضاء الزوج بممارسات تعتبر مهينة لها degrading ، مما يضيف الى أحاسيس القلق والاضطراب ، ويقع الطرفان فريسة للعادة السرية والزنا ، وتنتهى العلاقة بالطلاق ، وقد وجد فى استراليا أن مشاهدة المواد الاباحية تشكل السبب الأول لحدوث الطلاق ، وفى الولايات المتحدة حسب American Academy of Matrimonial Lawyers ,2002 فان %50 من حالات الطلاق كانت بسبب المواد الاباحية .

4-انحرافات السلوكيات الجنسية : تؤدى مشاهدة المواقع الاباحية الى قائمة طويلة من السلوكيات الجنسية الخاطئة ، أو الشاذة وغير السوية ، ويرجع ذلك الى ابراز تلك المواقع لتلك الأنماط الجنسية بصورة مثيرة وجذابة ، وومن تلك الانحرافات العلاقات العابرة casual sex ، وتعدد الخليلات أو الخلان multiple partners ، وهو ما يعرف ب promiscuity ، واللواط sodomy بين الرجل والرجل ، والسحاق lesbianism بين المرأة والمرأة ، والجنس الجماعى group sex ، وتبادل الزوجات ، الجنس مع الحيوانات bestiality ، وتقدر نسبته بين الرجال فى أمريكا ب %4.9-%8.0 ، وبين النساء ب %1.9-%3.6 ، زنا المحارم incest ، الاغتصاب rape ، الجنس العنيف rough sex ، وايقاع الأذى النفسى والبدنى بالمرأة عن طريق مجموعة كبيرة من الممارسات الشاذة bondage ، وعشرات النماذج الأخرى مما لا يتسع المجال لذكرها .

5-ارتباط مشاهدة المواقع الاباحية بكثير من الجرائم عموما والجنسية خصوصا ، مثل الاغتصاب ، والتحرش الجنسى ، وزنا المحارم ، وممارسة الجنس مع المومسات ، والعنف الأسرى ، والعنف مع الأطفال ، واساءة معاملتهم ، وفى دراسة أمريكية عن معدل الجرائم الجنسية فى بعض المدن ، وارتباط ذلك بمشاهدة المواد الاباحية ، بناء على 20 عاما من الاحصائيات ، وجد على سبيل المثال أن هناك 38,000 جريمة اعتداء جنسى فى مدينة Michigan ، وأن %41 منها تمت بعد المشاهدة ، وفى مدينة Austin ، ارتفعت نسبة الجرائم الجنسية بعد المشاهدة من %177 الى %482 ، وارتفعت فى مدينة Indianapolis بنسبة %46 ، وفى مدينة Phoenix بنسبة %36 ، وقد وجد أيضا أن جميع من اغتصبوا النساء أو الأطفال قد اطلعوا على مواد اباحية قبيل جريمتهم.

6-الادمان : ويطلق عليه cyber sex addiction ، وهو أشد تأثيرات المواد الاباحية خطورة ، ويشبه ادمان الكحول والمخدرات ، ويبدأ بالمشاهدة حيث تنتقل الصور images الى المخ فى ظرف 3/10 الثانية حيث يصعب بعد ذلك محوها ، ويؤدى ذلك الى افراز كيماويات مختلفة يطلق عليها opioids ، ويسميها البعض erototoxins ، وهى كيماويات طبيعية تشبه المخلقة صناعيا مثل الهيروين heroin ، والمورفين morphine ، ومنها epinephrine ، وهو الذى يسبب احساس المدمن بأنه فى عالم آخر ، أو ما يشار اليه فى الاستعمال الدارج high ، وكذلك oxytocin ، وهو المرتبط بالشعور بالحب feelings of love ، والdopanine ، ويؤدى الى الاحساس بالنشوة والمتعة ، كما أنه يسبب زيادة نبض القلب ، وضغط الدم ، وغيرها من التغيرات التى تعترى الفرد عند الاثارة الجنسية ، وهو أيضا يسبب الادمان ، وعدد آخر من الكيماويات ، والتى يتم استقبالها على مراكز استقبال فى المخ receptors حيث تؤدى عملها ، وبزيادة فترات المشاهدة يعترى مواقع الاستقبال الضرر ، مما يشعر المشاهد بمزيد من الرغبة فى المشاهدة ليتحقق التأثير والمتعة ، ومع استمرارية تلك العملية يتحول الفرد الى مزيد من المشاهدة ، ومستويات أعلى من المواد الشاذة والعنيفة ، ليتحقق الشعور بالمتعة ، ويؤدى ذلك الى ما يعرف ب emotional bonding ، أو ارتباط عاطفى وثيق مع المشاهدة ، ورغبة عارمة فى تكرار تلك الأنشطة حيث يحدث الادمان ، وهو نفس السلوك فى أنواع الادمان الأخرى ، وفى حالة العلاقة الزوجية يتحقق نفس الارتباط ويتعمق بالأنشطة الجنسية بين الرجل وامرأته ، وتنتهى تلك الأنشطة بممارسة العادة السرية ، أى أن الادمان هنا يصبح ثلاثى الأبعاد ، فهو ادمان للمشاهدة ، وادمان للكيماويات والذى يشبهه العلماء بادمان الهيروين تماما ، وادمان للعادة السرية ، وتصبح جميعها بديلا للزوجة ، وقد وجد العلماء أن من يحاولون التخلص من هذا الادمان يصابون بنفس أعراض من يحاولون التخلص من ادمان السجائر أو الكحوليات أو المخدرات withdrawal symptoms ، كما وجد أيضا أن الادمان يؤثر على القوة والأداء الجنسى ، حيث يصاب المدمن بمشاكل فى الانتصاب erectile dysfunction ، والقذف المبكر premature ejacculation ، كما وجد أيضا أن الادمان والذى كان فى العادة للرجال ، أصبح أيضا فخا للنساء ، وأن كثيرا منهن يعانين من ال sado-masochism ، وهو عدم الشعور باللذة الجنسية الا من خلال ايقاع الأذى البدنى والنفسى عليهن أو ايقاعه على الغير .

7-هناك جانب يغفله الكثيرون عند الحديث عن أضرار المواد الاباحية وهو الأضرار التى تلحق بالفتيات المشاركات فى تلك الأعمال ، وعادة ما يكن صغيرات السن ، يعانين من المشاكل الأسرية والنفسية vulnerable ، مما يسهل معه اجتذابهن والتأثير عليهن ، ورغم ما يخلع عليهن من ألقاب مثل porno stars ، الا انهن جميعا يعانين من ادمان الكحول والمخدرات ، والاصابة بالأمراض الجنسية ، والاكتئاب ، وأنواع مختلفة من الاضطرابات النفسية ، والاحساس بالدونية .

المتأمل فى تلك القائمة الطويلة من الأضرار الثابتة بالدراسات والأبحاث يجد الاجابة ، أو جزءا كبيرا منها للأسئلة التى تثار فى المجتمع المصرى الآن عن انفلات الشباب ، وشيوع التحرش الجنسى ، والزنا ، وزنا المحارم ، والشذوذ ، والاغتصاب ، والعنف الأسرى ، والعنف البدنى والجنسى ضد الأطفال ، والضعف الجنسى ، واهمال الزوجة ، وارتفاع نسبة الطلاق بين الشباب وحديثى الزواج ، والتفكك الأسرى ، وعزوف حتى القادرين عن الزواج ، ولكن كيف لنا أن نواجه ذلك الخطر الكبير ؟

ما هو الحل ؟

1-لا بد أولا من التنبه لوجود المشكلة ، والتحذير منها ، ومن آثارها المدمرة ، وتقع مسئولية ذلك على الأسرة التى يجب عليها مراقبة تصرفات أبنائها ، ونصحهم وتوعيتهم ، وعلى علماء المسلمين ، وعلى الشرفاء والمخلصين من الصحافيين ورجال الاعلام ، بعد أن فسدت الغالبية ، وأصبح دورهم التغريب ، والترويج لما يهدم ثقافة الأمة وثوابتها ، والهاء الناس بالثرثرة والموضوعات التافهة والمقالات العقيمة.

2-الجهد القانونى الذى يقوم به المحامى نزار غراب لاجبار الدولة على حجب تلك المواقع ، وحصوله على حكم محكمة القضاء الادارى بمجلس الدولة فى 12/5/2009 بالزام وزير المواصلات وتكنولوجيا المعلومات ، ورئيس الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات ، بحجب تلك المواقع ، والعجيب فى الأمر مماطلة الدولة فى التنفيذ ، حيث صرح الوزير أمام البرلمان فى ابريل الماضى باستحالة الحجب ، ودعا الشباب الى الوعى ، وتفعيل دور المنزل والأسرة والدين ، وفى الأسبوع المنصرم اضطر المحامى الى تقديم بلاغ ضد عمرو بدوى رئيس جهاز تنظيم الاتصالات ، يتهمه فيه بالامتناع عن تنفيذ الحكم رقم 10355 القاضى بحجب تلك المواقع ، ومما يثير الدهشة أن دولا أخرى غير اسلامية مثل الصين وسنغافورة وكوريا الجنوبية تعتبر المواقع الاباحية خطرا على المجتمع ، وتهديدا له ، وفى عام 1995 أصدرت كوريا الجنوبية قانونا لحجب المواقع الاباحية ، وهى أول دولة تفعل ذلك ، ويعاقب القانون بالسجن لعامين ، وغرامة تصل الى 20,000 $ مسئول أية شركة انترنت ISP تسمح بتلك المواقع ، كما أن الصين انتقدت محرك البحث Google لانتهاكه القوانين المنظمة للانترنت فى الصين ، وسماحه بتقديم روابط تلك المواقع ، وألزمت الشركات المنتجة للكمبيوتر بتثبيت برنامج جديد يحمل اسم السد الأخضر green dam على جميع الأجهزة المنتجة التى يتم بيعها اعتبارا من يوليو 2009 ، وذلك لحجب تلك المواقع ، كما شنت حملة فى عام 2008 أدت الى اغلاق 44,000 موقع اباحى ، وتوقيف 868 شخصا مسئولين عن ذلك ، ومما يجدر ذكره هنا أن الشركات التى تقدم خدمة الانترنت Internet Service Provider أو ISP ملزمة حسب القوانين الدولية باحترام قوانين البلاد التى تؤدى لها خدماتها ، كما أنها تملك من التقنيات ما يمكنها من حجب تلك المواقع.

3-فى مايو 2009 عقدت الشبكة العربية للمعلومات وحقوق الانسان ندوة بعنوان حجب المواقع الاباحية بين الرفض والتأييد ، وقد رأى بعض الشباب والمدونين ومن يسمون بنشطاء حقوق الانسان ‍‍أن حجب تلك المواقع يسبب الكبت الجنسى ، كما أنه اعتداء على حق الانسان فى الاختيار ، وهو دفاع عن باطل بباطل ، لأنه كما أسلفنا فان تلك المواقع تتحول الى ادمان يضعف المقدرة الجنسية للمشاهد ، علاوة على أنه فى الحقيقة يستنزف طاقاته النفسية والذهنية والصحية فى وهم وخيال مما يفقده المقدرة على التعايش ، وممارسة الجنس مع امرأة حقيقية ، علاوة على ما ينتابه من مشاعر الخوف والعدوانية والخجل والغضب ، حتى أن البعض يطلق تعبير sexually broken أو المفلس جنسيا على هؤلاء ، كما أن هذا الاستنزاف للطاقة العاطفية والجنسية فى الوهم والخيال يسبب صورا مختلفة من الخلل النفسى والسلوكى مثل borderline personality disorder ، و dissocitive identity disorder ، وهى صور من الخلل تجعل صاحبها غير قادر على التفاعل العاطفى والنفسى والجنسى مع امرأة حقيقية ، كما أن الادعاء بالعدوان على حق الانسان فى الاختيار سوء فهم للخطوات المتتابعة للادمان والتى تبدأ بما يسمى الاختيار choice ، والذى يصبح عادة habit ، تتطور الى رغبة ملحة ودافع لا يقاوم compulsion ، ينتهى بالادمان addiction ، والجدير بالذكر هنا أن مدمنى المواقع الاباحية يصلون الى مرحلة تسمى endorphin-depleted ، أى مستنزف فى كيماويات endorphins ، وهى المرتبطة بلذة أو رعشة الجماع climax or orgasm ، وذلك بسبب تثبيط الادمان لانتاج تلك المادة ، أى أن المدمن يفقد حتى الاحساس باللذة المصاحبة للعملية الجنسية ، ولذلك فانه ينبغى الحذر من هؤلاء المروجين للمفاسد تحت زعم حقوق الانسان ، وحرية الاختيار ، وغيرها من الشعارات الجوفاء.

4-فى مجلس الشيوخ الأمريكى فى 18 نوفمبر 2004 ، عقدت جلسة استماع hearing ، حيث ألقى أربعة من العلماء بأقوالهم أمام Subcommittee on Science , Technology and Space ، وكان الموضوع هو ادمان المواقع الاباحية وخطره على المجتمع ، وقد أدلوا بكثير من المعلومات ونتائج الدراسات عن المواقع الاباحية وما تلحقه من أضرار ، وقد أشرنا الي تلك الأضرار فى مواضع مختلفة من هذا المقال ، غير أن ما يعنينى هنا الاشارة الى بعض ما قاله هؤلاء من دعوات للتنبه الى الخطر الداهم من تلك المواقع ، قالت Dr. Judith Reisman : ان المواد الاباحية تجعل من النساء حيوانات وغير آدميات non-human animals ، وأنه من الواجب على الكونجرس والقضاء والبوليس والباحثيين أن يتخذوا الاجراءات القانونية تجاه المواد الاباحية كما فعلوا مع السجائر ، وقال Dr.Jeffrey Satiover : لا نستطيع أن نغفل عن تلك المشكلة الكبرى ، وأن المواد الاباحية ما هى الا شكل من أشكال الهيروين أقوى مائة مرة مما كان عليه من قبل a form of heroin 100 times more powerful than before ، وقالت Dr, Mary Anne Layden فى ختام كلمتها أنه ليس هناك أية دراسة أو معلومات تفيد بوجود أى نوع من أنواع الفائدة فى المواد الاباحية ، وقال رابع هؤلاء العلماء Dr. James B. Weaver نقلا عن Daniel Weiss فى مؤتمر عقد عام 2005 لمناقشة المواد الاباحية : انها خطر على الصحة العامة public health hazard ، فاذا كان الغربيون والآسيويون يفعلون ذلك خوفا على أبنائهم ومجتمعاتهم ، أليس الأولى بنا أن ندافع أيضا عن أبنائنا ومجتمعنا وقيمنا؟!

5-الوازع الدينى هو أقوى ما يملكه الانسان ليدفع عنه الشرور والآثام بجميع أنواعها ومصادرها ، والتربية الاسلامية الصحيحة تغرس فى نفس كل مسلم آداب الاسلام وفضائله ، ومن الصعب تخيل مسلم تشرب الاسلام فى قلبه وعقله وسلوكه ، تجنح به الشهوات ، وتتنازعه الرغبات ، وتوقعه فى الحرمات ، ومن يقرأ قوله تعالى ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ان الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن...) النور 30-31 ، ( ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) الاسراء 36 ، لن ينظر الى عورات الآخرين ، حتى وان كانت صورا ، وكانت لغير مسلمين ، وهى حرام فى كل الأحوال ، ومن يقرأ ( ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا ) الاسراء 32 ، لن يضع نفسه فى مواضع تقربه من كل الفواحش الجنسية ، ومن يعلم حرمة العادة السرية فى ( والذين هم لفروجهم حافظون . الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) المؤمنون 5-7 ، لن يبدد طاقته وجهده فى فعل حرام ، والذى يعلم حق زوجته عليه ، من قوامة تتجاوز الوفاء باحتيجاتها من المأكل والملبس والمسكن ، الى الوفاء باحتياجاتها العاطفية والجنسية والنفسية والبدنية ( الرجال قوامون على النساء ) النساء 34 ، لن يجلس الساعات الطوال أمام كمبيوتر فى خيالات وأوهام ، مجحفا بحق زوجته فى السكن والمودة والرحمة ، ومن يعلم أن الله جل وعلا سائله عن عمره وشبابه وماله ، لن يبدد من ذلك شيئا ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به ) رواه الترمذى من حديث ابن مسعود (رض).

اننا أمام خطر داهم ، وشر مستطير ، وأمر يحتاج جهد الشرفاء والمخلصين جميعا ، انقاذا لأنفسنا ، وأبنائنا ، وحفاظا على مجتمعنا نظيفا من الفواحش والنجاسات ، خاليا من الجرائم والتحرشات . ألا هل بلغت ..اللهم فاشهد.


saad1953@msn.com
 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية