مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 ويكيليكس .. تأملات ودلالات

 

تأملات ودلالات

 

بقلم : سعد رجب صادق
...........................


لا شك أن ويكيليكس WikiLeaks تُعْتبر ظاهرة جديدة فى عالم الإعلام المعاصر ، وترجع أهمية تلك الظاهرة إلى أنها تمثل أفرادا لا يرتبطون بأنشطة جماعات أو منظمات ما ، ولا بأجندة دولة أو دول ما ، وأن نشاطهم يأخذ بعدا غير مألوف فى الإعلام الرسمى أو الحزبى أو المستقل ، الذى يهدف فى العادة إلى خدمة أغراض ضيقة ، أو يرمى إلى غايات محددة .. إنه نشاط يتحدى النظام العالمى الفاسد بدوله الكبرى وهيئاته ، كما أنه يستخدم تقنيات النشر والتواصل الحديثة ، والتى لا تُكلف كثيرا ، وتفوق فى انتشارها ووصولها إلى الناس ما سواها من الوسائل التقليدية ، ولهذا يمكن للمرء أن يتفهم وصفهم لأنفسهم بأنهم منظمة إعلامية لا تهدف إلى الربح not-for-profit media organization ، أو أنهم منظمة من المتطوعين volunteer organization ، أو أن غرضهم تقديم الأخبار والمعلومات الهامة إلى عامة الناس to bring important news and information to the public ، ومن أجل أداء هذا الدور يعتمدون على شبكة من المتطوعين، تضم صحافيين ومبرمجين software programmers ، ومهندسين فى شبكة المعلومات network engineers ، وخبراء فى الرياضيات mathematicians ، ونظرا لما أحدثته تسريبات ويكيليكس من ضجيج وضوضاء خلال تلك السنوات القليلة الماضية ، وارتباط جزء كبير من ذلك بأحوال المنطقة العربية والإسلامية ، يصبح من اللازم أن نتأمل فى تلك التسريبات ، وأن نحاول تفهم مغزاها ودلالاتها عربيا وعالميا ، وهو موضوع هذا المقال .

أولا : لمحة سريعة

- 2006 : تم تأسيس موقع ويكيليكس على يد Julian Assange ، وهو أسترالى فى أواخر الثلاثينات من عمره ، درس الفيزياء والرياضيات وبرمجة الكومبيوتر فى جامعة ملبورن University of Melbourne ، وتشير إليه الصحافة الغربية عادة على أنه computer hacker وذلك لخلفيته الدراسية ، وارتباطه فى سنوات عمره المبكرة ببعض عمليات القرصنة الالكترونية ، وقد أطلق أسانج الموقع من منزل خارج جامعة ملبورن ، وهو مُحرر الموقع والمُتحدث الرسمى باسمه .
- 2007 : نشر الموقع فى 31 أغسطس تقريرا أعدته شركة دولية للتحريات فى 2004 عن عمليات التعذيب والقتل ، وعن الأصول والأموال التى تمت سرقتها من كينيا خلال عهد الرئيس الكينى Daniel arap Moi ، وفى ديسمبر من نفس العام نشر الموقع الجدول اليومىStandard Operating Procedure for Camp Delta لسجن جوانتينامو Guantanamo Bay حيث تتحفظ الولايات المتحدة على من تصفهم بالإرهابيين ، وهذا الجدول وإن لم يكن مصنفا إلا أنه للاستعمال الرسمى فقط For Official Use ONLY ، وفيه دلالات على حرمان بعض السجناء من مقابلة لجنة الصليب الأحمر الدولية International Committee of the Red Cross
- 2008 : فى 19 فبراير أصدر أحد القضاة الفيدراليين بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية أمرا بإغلاق الموقع بتهمة نشر وثائق عن تورط أحد فروع البنوك السويسرية Julius Baer فى غسيل الأموال ، والتهرب من الضرائب ، وهو ما ترتب عليه احتجاجات من قِبل وسائل الإعلام الأمريكية ، ومناصرى حرية التعبير ، مما حدا بالقاضى إلى الرجوع عن قراره فى الأول من مارس ، والتصريح للموقع بمواصلة نشاطه .
- 2009 : فى 14 من يناير نشر الموقع تقريرا للأمم المتحدة عن إساءة قوات حفظ السلام التابعة لها للفتيات والنساء فى الكونغو ، وقد تحفظت الأمم المتحدة على التقرير ولم تعلن عنه ، ومن الأشياء المخزية فيه على سبيل المثال مقايضة الجنود للفتيات الصغيرات الفقيرات على أنفسهن مقابل أشياء بسيطة كعلبة بسكويت أو برطمان من المربى .
- 2010 : فى الخامس من ابريل عرض الموقع فيديو أخذته إحدى طائرات الأباشى Apache الأمريكية فى العراق ، وفيه تطلق نيرانها على المدنيين العراقيين ، مما أدى لمقتل العديد منهم ، بالإضافة إلى اثنين من مراسلى وكالة رويترز Reuters للأنباء ، وقد اتهم الجيش الأمريكى الجندى Bradley Manning بتسريب الفيديو ، وتم القبض عليه فى مايو من نفس العام ، ووجهت له فى يوليو تهمة مخالفة ما يعرف بـ Uniform Code of Military Justice ، والتى تصل عقوبتها إلى 52 عاما خلف القضبان .

وفى 25 يوليو من نفس العام نشر الموقع 92,000 وثيقة خاصة بالحرب فى أفغانستان ، تغطى الفترة من 2004 إلى 2010 ، وهى الوثائق التى وصف البيت الأبيض نشرها بأنه قد يعرض أرواح الأمريكيين وحلفائهم للخطر ، وفى 22 أكتوبر نشر الموقع 392,000 وثيقة خاصة بالحرب فى العراق ، وهو أيضا ما وصفته وزارة الدفاع الأمريكية بأنه يعرض الجنود الأمريكيين وقوات الحلفاء للخطر ، وفى 28 نوفمبر نشر الموقع 251,287 وثيقة لوزارة الخارجية الأمريكية ، منها 15,652 مصنفة secret أو سرية ، و 4,330 مصنفة NOFORN أى لا يطلع عليها الأجانب .
ومما يجدر ذكره أن عام 2010 والذى شهد نشر أكثر من 700,000 وثيقة ، شهد أيضا فى الأول من سبتمبر إعادة فتح المدعى السويدى لقضية الاغتصاب المتهم فيها أسانج ، الذى نفى التهمة ، واعتبرها محاولة لتشويه اسمه عقابا له على ما ينشره الموقع من وثائق ، وقد قبضت عليه السلطات البريطانية فى أواخر العام بناء على طلب من السويد ، وتم إطلاق سراحه بعد فترة ، وهو ينتظر ترحيله إلى السويد ، وفى 29 نوفمبر صرحت الإدارة الأمريكية بأنها تدرس اتخاذ إجراءات قانونية ضد ويكيليكس .

ثانيا : الاشتقاق اللغوى ودلالاته

كما ذكرت فى الفقرة السابقة فإن القائمين على ويكيليكس هم مجموعة من المتطوعين ، الذين يتضجرون من سياسات الدول الكبرى ، وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان ، ورغم كونهم متطوعين ولا يهدفون إلى التربح مما ينشرون ، فإنهم يُخْضعون ما ينشرونه من معلومات للفحص والتدقيق بواسطة وسائل التحرى الصحفية التقليدية traditional investigative journalism techniques، وأيضا باستخدام التقنيات الحديثة modern technology-based methods ، وقد يكون من المفيد للجماعات الناشطة عربيا وإسلاميا أن تؤسس موقعا كهذا ، يشارك فيه كل قادر على تقديم المعلومة أو الصورة أو الفيديو الموثق لكل صور الانتهاكات التى يتعرض لها الإنسان فى بلادنا ، ولهذه الأسباب وجدت من المفيد الاستفاضة فى الحديث عن تاريخ ويكيليكس القصير ، وعن الاشتقاق اللغوى للتسمية ، وهو ما أعنيه فى هذه الفقرة ، ربما يستحث ذلك المتضجرين من سياسات أنظمتنا الفاسدة لتأسيس عمل مشابه ، لفضح ممارسات تلك الأنظمة وتجاوزاتها ، عن طريق تلك التقنية وما تتيحه من المشاركة والتفاعل .
مصطلح wiki مشتق من الكلمة wikiwiki، وهى كلمة بلغة أهل هاواى Hawaiian تعنى سريع fast, quick ، وعند استعمالها كاسم noun فإنها تعنى موقع على الشبكة يسمح لرواده بإضافة أو إزالة أو تعديل محتوياته ، ومن هنا جاء اسم دائرة معارف الانترنت wikipedia ، والتى تمكن زوارها من إضافة مواد أو تعديلها أو محوها ، وتستعمل الكلمة أيضا كفعل verb ويعنى : يبحث عن موضوع ما أو يساهم بموضوع أو إضافة ما على ال wiki ، وقد طوّر تلك التقنية Ward Cunningham فى التسعينات ، حيث أطلق أول موقع من هذا النوع wikiwikiweb ، ورغم أن ويكيليكس أوقفت استعمال تقنية ال wiki فى ديسمبر من العام الماضى ، إلا أنها تبقى تقنية جيدة وقابلة للاستعمال فى منطقتنا العربية والإسلامية ، وربما لو تبنى هذه الفكرة بعض المهتمين من أصحاب الخبرة بعلوم الكومبيوتر لأصبح لها تأثيرا كبيرا فى ملاحقة المجرمين والفاسدين من رجال الأمن والسياسة والإعلام ، علاوة على الحكام وأسرهم والشخصيات الرسمية ، والكثير منهم يقومون بأعمال وتصرفات ، تضر بمصالح الشعوب ، وتجافى الشرائع ، وتخالف القوانين .

ثالثا : تأملات ودلالات

المتأمل فى ما أُثير حول ويكيليكس خلال الفترة الماضية يستطيع الوصول إلى مجموعة من الدلالات ذات الأهمية ، وذلك لارتباطها بالطريقة التى يُدار بها العالم ، وبالأساليب التى تتبعها الدول الكبرى ، والتى تفتقر إلى الشرعية فى معظم الأحوال ، وهو غرضى الأساسى من كتابة هذا المقال ، يضاف إلى ذلك التصرفات المخزية للقيادات العربية ، وهى وإن كانت متوقعة ومحسوسة من غالبية الناس ، إلا أن تلك الوثائق جاءت دلالة دامغة على عدم أهلية وكفاءة تلك القيادات .
1- الدلالة الكبرى فى هذا الموضوع هى النفاق الغربى ، والكذب والتضليل الذى تمارسه الحكومات الغربية ، رغم ترديدها المستمر لشعارات حقوق الإنسان ، والديموقراطية ، وحرية التعبير ، وغيرها ، والمشكلة هنا أن الكثيرين فى العالم ينخدعون بتلك الشعارات ، ويحسنون الظن بتلك الدول ، والمتأمل فى السلوكيات الغربية يستطيع أن يجد بسهولة مجموعة من المبادئ الباطلة التى ترسم السياسات الغربية فى مجال العلاقات الدولية ، وأهمها :

1- المعايير المزدوجة : ففى الوقت الذى يتحدثون فيه عن حرية التعبير ، وحق الإنسان فى الحصول على المعلومات ، فإنهم ينطلقون فى حملة هجوم شرسة على ويكيليكس لنشرها بعض الوثائق التى تفضح سياساتهم الخرقاء ، ولو كانت هذه الوثائق مثلا ملكا لحكومة الصين أو روسيا أو إيران أو كوريا الشمالية أو غيرها من دول العالم التى لا تستحوذ على الرضا الغربى ، لخرجوا جميعا على لسان رجل واحد يشيدون بمن سرب تلك المعلومات ، وكيف أن ذلك قدم خدمات جليلة لقضايا الحرية والشفافية وحق الشعوب فى المعرفة ، وحقها فى محاسبة المخطئين والمتجاوزين ، والمتأمل فى تصريحات المسؤولين الأمريكيين والغربين يجد عجبا ، فمثلا عضو مجلس النواب الأمريكى Peter King يصف تلك التسريبا ت فى نوفمبر 28 من العام الماضى ، بأنها أسوأ من هجوم فعلى أو عسكرى على الولايات المتحدة This is worse even than a physical attack on America . It is worse than a military attack ، ويطالب فى خطاب بعث به إلى المدعى العام Eric Holder ووزيرة الخارجية Hillary Clinton بإجراء حاسم ضد ويكيليكس ومؤسسها swift action ، ومحاكمته طبقا لقانون التجسس Espionage Act ، واعتبارويكيليكس منظمة إرهابية أجنبية Foreign terrorist organization ، وهو نفسه الذى يتزعم الآن حملة تشهير واستهداف للمسلمين فى الولايات المتحدة فى مجلس النواب تحت دعاوى انتشار التطرف بينهم radicalization ، وعدم تعاونهم مع السلطات .

ويصف البيت الأبيض نشر الوثائق بأنه يعرض الدبلوماسيين ورجال المخابرات وكل من يطلبون الدعم الأمريكى فى قضايا الديموقراطية وشفافية الحكومات !! such disclosures put at risk our diplomats , intelligence professionals , and people around the world who come to the United States for assistance in promoting democracy and open governments ، وتصف Nicole Thompson المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية التسريبات بأنها تستحق الشجب لما تلحقه من أضرار بالأشخاص والعلاقات الدولية It’s reprehensible for any person to leak classified information because of the risks that it puts to so many individuals , so many international relationships ، ويذهب Mike Huckabee وكان أحد الطامحين للترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية الماضية ، إلى وصف التسريبات بالخيانة العظمى والتى يستحق صاحبها الإعدام Whoever in our government leaked that information is guilty of treason . I think anything less than execution is too kind a penalty ، بينما Sarah Palin وهى مرشحة أخرى محتملة للانتخابات الرئاسية القادمة تكتب فى صفحتها على ال Facebook بأنه من الضرورات الملحة تعقب مؤسس ويكيليكس كما نتعقب قادة القاعدة وطالبان Why was he not pursued with the same urgency we pursue al Qaeda and Taliban leaders ، ويبلغ الهوس الغربى مبلغه عندما يطالب Thomas Flanagan وهو مستشار رئيس الوزراء الكندى Stephen Harper الرئيس الأمريكى بإعداد خطة لاغتيال جوليان أسانج ، أو إرسال طائرة بدون طيار لتقوم بذلك U.S. President should put out a contract on Assange or use a drone ، ويصل التهويل حدوده القصوى فيصف وزير الخارجية الايطالية Franco Frattini تسريبات ويكيليكس بأنها 11 سبتمبر الديبلوماسية العالمية September 11 of the world diplomacy ، بينما تصفها مجلة Forbes الأمريكية بأنها نوع من الحرب يمكن تسميتها بالتمرد أو العصيان المعلوماتى information insurgency الذى يستخدم العبوات المعلوماتية الناسفة informational IEDs as its weapons ، ولا يقتصر الشجب والإدانة على السياسيين بل يمتد إلى الإعلاميين والذين يعتمد عملهم فى أساسه على حرية المعلومات ، ومن هؤلاء مثلا Bill O’Reilly وهو واحد من مشاهير مقدمى البرامج على تلفزيون FoxNews ، حيث يصف من سرب وثائق الخارجية الأمريكية بالعمالة ، واستحقاق الإعدام أو السجن مدى الحياة Whoever leaked all these State Department documents to the WikiLeaks is a traitor and should be executed or put in prison for life
من الأشياء الجديرة بالذكر فى هذا السياق أن الرئيس الأمريكى أوباما الذى وقف أمام الكاميرات ينتقد حجب الحكومة المصرية للانترنت خلال الانتفاضة الأخيرة بدعوى حرية المعلومات freedom of information ، فى الوقت الذى فعل فيه ذلك كان ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى قد تقدموا بمشروع قرار للكونجرس ( Protecting Cyberspace as a National Asset Act of 2010 ) لإعطاء الرئيس المريكى سلطة حجب الانترنت shut down لمدة تصل إلى أربعة أشهر ، بحجة حماية الأمن القومى الأمريكى إذا احتاجت الضرورة ذلك ، وبدون أن يخضع هذا القرار للمراجعة أو النقض من المحاكم الفيدرالية shall not be subject to judicial review ، والعجيب أن من قدموا هذا المشروع يضمون الأطياف السياسية المختلفة فى مجلس الشيوخ ، فأحدهم ينتمى للديموقراطيين ( Tom Carper عن ولاية Delaware ) ، وآخر للجمهوريين ( Susan Collins عن ولاية Maine ) ، والثالث للمستقلين ( Joe Lieberman عن ولاية Connecticut ) ، أى أنهم ليسوا ديموقراطيين فقط فيقال إنهم يريدون توسيع صلاحيات رئيس ديموقراطى .

2- الكذب : وقد أرسى Paul Joseph Goebbels , 1897-1945 ، وهو وزير الدعاية فى الحزب النازى ( 1933-1945 ) ، قواعد هذا الأسلوب ، وتعتمد على أنه إذا كانت الكذبة شديدة الفجاجة والوقاحة ، وتم تكرارها بما فيه الكفاية ، فسيعتقدها عوام الناس Big Lie technique of propaganda which is based on the priciple that a lie , if audacious enough and repeated enough times , will be believed by the masses ، وكذبات الغرب كثيرة ومعروفة ، ومنها الادعاء بأن احتلالهم لبلاد الغير ليس إلا لتنويرهم ، والارتقاء بشؤونهم ، وكذبة أسلحة الدمار الشامل العراقية ليست ببعيدة ، وكذلك تحويل كل من يدافع عن حق بلده فى الحرية إلى إرهابى ( حماس وحزب الله والمقاومة العراقية والأفغانية وغيرهم ) ، والتدخل فى شؤون الآخرين تحت دعاوى حقوق الأقليات ( دارفور وجنوب السودان وتيمور الشرقية وكردستان العراق ، ومناطق أخرى كثيرة ) .

3- الميكافيلية : يُعَّرف قاموس Oxford الميكافيلية Machiavellianism بأنها استخدام الأساليب الملتوية والخبيثة فى التعامل the employment of cunning and duplicity in statecraft or in general conduct ، وهى مشتقة من اسم الكاتب والديبلوماسى الايطالى Niccolo di Bernardo dei Machiavelli , 1469-1527 ، وهو صاحب كتاب The Prince الذى يتضمن تلك أساليب فى الحصول على القوة السياسية والمحافظة عليها ، وتستخدم الكلمة أيضا فى علم النفس والاجتماع لوصف الأشخاص الذين يستخدمون حيل الخداع والمناورة لتحقيق مكاسب شخصية .

أى أننا أمام سياسات غربية تقوم على ازدواجية المعايير ، وعلى الكذب ، وعلى استخدام الميكافيلية أو الوسائل غير المشروعة أو غير الجائزة قانونيا أو أخلاقيا ، لتحقيق أهدافهم فى استغلال الآخرين ، والتدخل فى شؤونهم ، واستنزاف ثرواتهم ، وإبقائهم فى حالة التخلف والفوضى والتناحر ، ليستمروا مصدرا للمواد الخام ، وسوقا مفتوحة لمنتجات الغرب ، وليستمروا أيضا كيانات ضعيفة خائرة غير قادرة على استقلال الإرادة أو المنافسة ، وقد أظهرت أزمة ويكيليكس الأخيرة كل تلك العورات ، فالموقع الذى منحته مجلة The Economist البريطانية جائزة الإعلام الجديد New Media Award فى عام 2008 ، ومنحته منظمة العفو الدولية جائزتها Amnesty International Media Award لعام 2009 ، واعتبرت مجلة Time مؤسسه جوليان آسانج شخص عام 2010 Person of the Year فى اختيارات القراء Reader’s Choice ، وكذلك أيضا صحيفة لومند الفرنسية ، Le Monde ، وتم منحة جائزة Sam Adams Award لما سُمى ب Integrity in Intelligence ، أصبح هذا الموقع ومؤسسه فجأة هدفا لكل طاعن ، وأصبح إغلاق الموقع ، ومطاردة صاحبه أو سجنه أو قتله مطلب الحكومات ومطلب السياسيين .
2- الدلالة الكبرى الثانية فى هذا الموضوع هى حاجة العالم إلى نظام دولى جديد ، لأن الأحوال لو مضت على تلك الوتيرة من النفاق العالمى ، وإخفاء الحقائق عن الشعوب ، والإضعاف المستمر للمنظمات الدولية .. لو استمر الحال على هذا المنوال فإن المنظمات الدولية ستصبح ألعوبة فى يد الأقوياء ( مجلس الأمن ووكالة الطاقة الذرية وغيرهما أصبحوا بالفعل أداة طيعة فى يد الولايات المتحدة ) ، وستضيع حقوق الضعفاء ، ويجور الأقوياء على السلام والاستقرار العالمى ، وهى كلها أشياء حادثة الآن ، وتنذر بعواقب وخيمة من الفوضى والاضطراب ، ولعل مثال ذلك ما نشرته صحيفة Le Monde الفرنسية عن إحدى وثائق الخارجية الأمريكية المُسربة ، وفيها طلب للديبلوماسيين الأمريكيين بجمع معلومات عن مسؤولى الأمم المتحدة تشمل كلمات الدخول على الانترنت ، وأرقام بطاقات الائتمان ، والرحلات الجوية ، وبصمات الأصابع ، والبصمات الوراثية ، وصور قزحية العين ، وصور بطاقاتهم الشخصية ، another memo asked U.S. diplomats to collect basic contact information about U.N. officials that include internet passwords, credit card numbers , and frequent flyer numbers. They were asked to obtain fingerprints , ID photos , DNA and iris scans of people of interest to the United States ، وكلها معلومات لا يمكن استخدامها لأغراض بريئة ، ولا يمكن أن تكون إلا بغرض الضغط على هؤلاء ومقايضتهم على معلومات أو أسرار أو مواقف لا يجوز للولايات المتحدة التدخل فيها .

كتب يوسف الزعاترة مقالا بعنوان ( أسانج فى قبضة الديمقراطية الغربية ! ) : ( من يصدق ؟ السويد واحة الحريات والديموقراطية تفتعل قضية تحرش جنسى لجوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس ، تماما كما تفعل بعض وليس كل دول العالم الثالث مع معارضيها ، وبالطبع من أجل إسكات الرجل بناء على الأوامر والضغوط الأمريكية – وثائق ويكيليكس كشفت أن السويد عضو سرى فى الناتو ، وتخفى تعاونها مع الاستخبارات الأمريكية عن البرلمان – ، ومن يصدق أن بريطانيا التى تتمتع بأفضل نظام قضائى ... تستجوب الرجل بناء على تهمة تعلم أنها مفتعلة ، ثم تعتقله بدعوى أنه مطلوب فى بلاده ، مع أن فى ديارها عددا كبيرا من المطلوبين فى بلادهم ، ولا يجرى استجوابهم ولا تسليمهم رغم الطلبات الكثيرة على هذا الصعيد ... الديموقراطية فى الغرب مبرمجة على النحو الذى يخدم الأوضاع القائمة...السلطة الحقيقية هى للمؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية والنخبة السياسية التى تعرف حدود الحركة ، فى العقود الأخيرة دخل على الخط بُعْدٌ جديد ...إنه ذلك المتعلق بالحماية التى يتمتع بها اليهود ودولتهم العبرية حيث غدا ذلك جزءا لا يتجزأ من المقدسات التى لا تمس ، جوليان أسانج تمرد على النظام ، الأمر الذى أفقد الغرب عقله وصوابه ... ورغم أن الأزمة أمريكية بامتياز إلا أن حلفاءها فى الغرب لم يسكتوا ، ومن يتحالفون مع واشنطن فى حروب عبثية لن يتخلوا عنها فى معركة من هذا النوع ، أسانج كان يفضح حقيقة الغرب المعروفة وليس أمريكا فقط ... ربما سينجح القوم فى إسكاته ، ولكن النافذة التى فتحها فى جدار التعتيم والصمت حيال جرائم الغرب وازدواجية معاييره ...لن تغلق مهما أخذوا من احتياطات ، لا سيما أن الروح الإنسانية التى تتوفر عند كثيرين ستظل تدفعهم نحو رفض الظلم ، ومن ثم فضحه بكل ما أوتوا من قوة ) [ صحيفة المصريون ، 12-12-2010 ] ..

3- الدلالة المؤسفة والمخزية فى تلك التسريبات تتعلق بالحكام العرب ، ومدى ما أصابهم من الخلل النفسى والسلوكى ، والتداعى الأخلاقى ، والأمية والجهالة السياسية ، وتواطئهم مع أعداء الأمة ، وقد تناولت صحيفة The New York Times الأمريكية ، وصحيفة The Guardian البريطانية ، وصحيفة Le Monde الفرنسية ، وصحيفة El Pais الأسبانية ، وصحيفة Der Spiegel الألمانية ، وهى الصحف الخمس العالمية التى انفردت بنشر الوثائق المسربة عن وزارة الخارجية الأمريكية ، تناولت مواقف الحكام العرب تجاه إيران ، ولعل أقبحها ، وكلها قبيحة ، ما جاء على لسان العاهل السعودى ذى ال 86 عاما ، الملك عبد الله ( خادم الحرمين الشريفين !! ) يحث الولايات المتحدة مرارا على قطع رأس الأفعى ( يقصد إيران ) قبل فوات الأوان cut off the head of the snake ، أو وصف وزير دفاع دولة الإمارات الأمير محمد بن زايد آل ناهيان للرئيس الإيرانى بأنه هتلر Hitler، ووصف قادة السعودية والإمارات ومصر لإيران بأنها ( شر ) evil ، وأنها تشكل تهديدا لوجود المنطقة existential threat ، وستقودها إلى الحرب ، ووقوف السعودية ودول عربية أخرى بجانب اسرائيل فى ضغطها على الولايات المتحدة لتدمير البرنامج النووى الإيرانى ، ومطالبة الأردن والبحرين للولايات المتحدة بضرورة الإسراع فى ذلك ، واللقاءات الديبلوماسية السرية بين اسرائيل والسعودية وقطر وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة للتنسيق وتبادل المعلومات الاستخبارية بشأن الخطر الإيرانى .

الملفت للنظر فى الدبلوماسية الإيرانية أنها كانت أكثر نضجا وتماسكا ، فلم تنجر إلى مهاترات مع العرب أو غيرهم ، وقللت من أهمية الوثائق المُسربة ، واعتبرتها محاولة لشق صف العرب والمسلمين .

ولا تقتصر هزليات الحكام العرب على الشكوى والحض على إيران ، بل يشكون من بعضهم البعض ، ويطعنون فى الخفاء بعضهم بعضا ، فالعاهل السعودى يصف رئيس الوزراء العراقى بأن كاذب وعميل لإيران ، والرئيس المصرى السابق مبارك ينصح الإدارة الأمريكية بأن تنسى حكاية الديموقراطية فى العراق لأنها تحتاج إلى ديكتاتور ، والمغرب يشك فى امتلاك الجزائر لبرنامج نووى ، والجزائر بدورها تحذر الإدارة الأمريكية من امتلاك إيران للسلاح النووى ، والعواقب الوخيمة لذلك على منطقة الشرق الأوسط ، وهناك أمر آخر لا يقل قبحا عن أقوال الملك عبد الله عن إيران ، بل إنى أراه يجمع بين القبح والإجرام ، وهو ما يخص لبنان ، وقد تناوله عبد البارى عطوان فى مقاله ( ويكيليكس .. ما خفى أعظم ) : ( الوثائق قدمت صورة مأساوية للزعماء العرب ، من حيث الكفاءة والمسلك الشخصى ... فهل يعقل أن يصل الأمر بوزير دفاع لبنان ميشال المر إلى درجة مطالبة السفيرة الأمريكية السابقة ميشال ساسون بتمرير رسائل إلى إسرائيل بعدم الاعتداء على الخط الأزرق الحدودى ، وعدم قصف البنية التحتية للمناطق المسيحية اللبنانية ، وأنه أعطى أوامره إلى قائد الجيش فى حينه – أى أثناء عدوان يوليو 2006 – العماد ميشال سليمان – الرئيس اللبنانى الحالى – بعدم التصدى لهذا العدوان الإسرائيلى ؟ ... فكيف يمكن الحديث عن الشراكة والتعايش فى بلد مثل لبنان ، إذا كان وزير دفاعه يعطى ضوءا أخضر لإسرائيل لقصف المناطق الإسلامية الشيعية ، وكأن من سيتعرضون لهذا القصف ليسوا لبنانيين ، بل ليسوا بشرا فى الأساس ؟ ... هذه الأنظمة لن تستطيع إلقاء المحاضرات علينا فى الوطنية ، كما أن الولايات المتحدة لن تجرؤ على وعظنا حول ضرورة احترام القوانين والمعاهدات الدولية ، وهى التى تخترق هذه القوانين والمعاهدات ، ولا تتورع عن التجسس على الأمين العام للأمم المتحدة ومساعديه وجميع المندوبين الأجانب فى المنظمة الدولية بدون استثناء ) [ صحيفة القدس العربى ، 3-12-2010 ] .

ولا يكتفى هؤلاء الخونة العملاء بتفريطهم فى الحق الفلسطينى ، ومغازلاتهم لإسرائيل ، وتقتيرهم على أهل غزة الذين يعانون الجوع والحصار ، بل يزايدون الإدارة الأمريكية على تشديد ضغوطها على حماس ، وتذكر صحيفة الجارديان البريطانية وثيقة مؤرخة لعام 2009 ، وفيها يقول مدير المخابرات المصرية السابق عمر سليمان : ( إن الضغط على حماس وخصوصا من مصر ، سينجح فى تفكيك قدرة حماس على تمويل نفسها ، وسيجعلها أكثر مرونة ) ، وفى وثيقة أخرى لنفس العام يقول ولى عهد إمارة ( أبو ظبى ) الشيخ محمد بن زايد : ( إن انتصار حماس فى الانتخابات يجب أن يكون درسا للغرب ) ، وينصح حاكم إمارة دبى الشيخ محمد بن راشد فى وثيقة أخرى لنفس العام كونداليزا رايس بالضغط على حماس لاحترام إرادة المجتمع الدولى ، وفى وثيقة بتاريخ 2006 للسفارة الأمريكية فى ( أبو ظبى ) أن المسؤولين الإماراتيين يعتبرون حماس منظمة إرهابية ، وأنهم لن يمولوها حتى تنبذ العنف .

وقد أعلن أسانج فى لقاء له مع برنامج “ بلا حدود “ على قناة الجزيرة بتاريخ 22-12-2010 ، أن هناك مزيدا من الوثائق سيتم نشرها قريبا ، منها 2,700 وثيقة مصدرها إسرائيل ، و 3,000 عن السودان ، و 1,500 عن اليمن ، ووثائق أخرى عن مصر وتونس وليبيا وبلدان أخرى ، كما أعلن عن وثائق تتناول صناعة النفط والبنوك وسلوك المؤسسات العسكرية ، وآلاف الوثائق التى تتناول قطر وقناة الجزيرة .

والسؤال المشروع هنا : هل يتضرر الحكام العرب من فضائحهم المدوية ؟! هل يستحون من تحريضهم على تدمير دولة إسلامية هى إيران ؟! وإذا كان الجهل ، وسوء الفهم قد خيل لهم أن إيران الشيعية خطر على العرب السُنّة ، فما بالهم يحاصرون حماس السُنّية ويحرضون عليها ؟! والإجابة القطعية أنهم لن يتضرروا مما يُلحقون بتلك الأمة من الخراب والدمار ، ولن يعرفوا خجلا أو حياء على أفعالهم المشينة .. إن الشئ الوحيد الذى يُلحق بهم الضرر أو يُصيبهم بالعار أن يقصروا فى خدمة السادة الغربيين والأمريكيين واليهود . يذكر سلامة أحمد سلامة فى مقاله ( الهمس الدبلوماسى ) : ( سئل الصحفى البريطانى الشهير روبرت فسك عن رأيه فى تبعات هذه التسريبات على الدول العربية وسياساتها ، فكانت إجابته الصريحة والصادمة أن العرب منساقون وراء السياسة الأمريكية مهما ارتكبت ) [ صحيفة الشروق ، 4-12-2010 ].

4- من الدلات الهامة فى تلك التسريبات حاجة العالم إلى إعلام قوى ، ينشد الحقيقة ، ولا يخضع للحكومات أو المنظمات أو الأفراد من أصحاب المصلحة فى تضليل الناس والكذب عليهم ، وقد عبّر جوليان أسانج عن ذلك فى مقال له بعنوان ( لا تطلقوا النار على الرسول لكشفه حقائق مزعجة ) ، نشرته صحيفة The Australian ، وأشار إليه موقع قناة الجزيرة بتاريخ 8 ديسمبر 2010 ، وفيه : ( إن المجتمعات الديمقراطية تحتاج إلى إعلام قوى مثل ويكيليكس ، يضع الحكومات تحت مرقاب الصدق والنزاهة ... الموقع كشف حقائق قاسية حول الحرب فى العراق وأفغانستان ، وأخبار أخرى عن فساد الشركات ... لا ضير أن تضطر بعض الدول فى بعض الأحيان لخوض الحرب ، شرط أن تكون حربا عادلة ، لأنه لا يوجد خطأ أكبر من كذب الحكومات على شعوبها حول الحرب ، والطلب من مواطنيها أن يضعوا حياتهم وضرائبهم فى خدمة تلك الأكاذيب ... إن العاصفة الهوجاء التى تدور حول ويكيليكس الآن تؤكد الحاجة للدفاع عن حق الإعلام فى كشف الحقيقة ) .

ولا شك أن دور المعرفة وآلياتها وارتباط ذلك بالقوة والسلطة والسيطرة أمر لا يحتاج إلى برهان ، وقد تناوله المؤرخ والفليسوف الفرنسى Michel Foucault , 1926-1984 فى كثير من أعماله ، والغربيون يعلمون ذلك ، وهو سر قلقهم وانزعاجهم من ويكيليكس .

5- من دلالات تسريبات ويكيليكس أيضا أن الغرب والولايات المتحدة ليسوا بالقوة والسيطرة التى يصورها البعض ، وإدعاء أنهم يعلمون كل شئ ، وأنهم قادرون على كل شئ ، كلام فارغ لا أساس له ، فالظلم شديد الهشاشة ، والظالمون والطغاة لا أصدقاء لهم ، وإنما المصالح الآنية التى تدفع ضعاف النفوس ، وضعاف الضمائر ، إلى تملقهم ونفاقهم ، وقد عبر وزير الدفاع الأمريكى Robert Gates عن ذلك فى تصريحه بتاريخ 29-11-2010 ، والذى قلل فيه من أهمية نشر وثائق الحرب فى العراق وأفغانستان ، وأشار إلى أن الحكومات تتعامل مع الإدارة الأمريكية ليس حبا وثقة فيها ، وإنما هى المصالح The fact is governments deal with the United States because it’s in their interests not because they like us , not because they trust us and not because they think we can keep secrets ، ويبقى دائما الشرفاء الذين يريدون فضح التجاوزات ، أو حتى الموتورين من النظام لسبب أو لآخر فيكشفون أيضا بعضا من المخازى والانتهاكات .. إنه الصراع الدائم بين الخير والعدل والحق والحقيقة ، وبين الشر والظلم والضلال والأكاذيب .

6- الدلالة الهامة الأخرى أنه ومع التطورات الهائلة فى تقنية المعلومات والتواصل ، أصبح العالم على مشارف عصر جديد تترد فيه مصطلحات جديدة مثل الحرب الالكترونية cyber war ، والجريمة الالكترونية cyber crime ، والإرهاب الالكترونى cyber terrorism ، والفضاء الالكترونى cyber space ، وغيرها من الكلمات والتى ما زالت تفتقر إلى التعريف الدقيق ، غير أن الحقيقة التى لا جدال فيها الآن أن العالم اليوم بمؤسساته المالية والعسكرية والإعلامية والاقتصادية يعتمد على الفضاء الالكترونى ، وهو ما يجعل كثيرا من المرافق الحيوية عرضة للتخريب الذى قد يُحدث أعطالا أو أضرارا جسيمة فى شبكات الكهرباء والمياه ووسائل المواصلات ومصادر الطاقة ، أو اضطرابات فى المعاملات المصرفية ، ومما يُزيد تعقيد الأمر السهولة والسرعة والكلفة المنخفضة لإحداث ذلك ، علاوة على صعوبة أو استحالة تحديد الجناة ، وقد بدأت المجتمعات الآن فى التجهيز لاحتمالات تلك الأخطار المستقبلية ، فالولايات المتحدة على سبيل المثال أعدت وثيقة صدق عليها البيت الأبيض فى مايو 2009 بعنوان ( مراجعة سياسات الفضاء الالكترونى ) ، وفيها خطوات لتفعيل الأمن الالكترونى ومتطلباته ، كما كشفت وكالة المخابرات المركزية CIA عن مخططات لمواجهة الهجمات الالكترونية ، وفى 2010 تم تعيين الجنرال Keith Alexander مسؤولا لجهاز جديد يضم 1,000 شخص من المتخصصين ، مهمته حماية الشبكة العسكرية الأمريكية ، وقد فعّلت أيضا انجلترا وحلف الناتو خططا لمواجهة احتمالات حرب الكترونية ، وتنبهت الصين إلى الأمر أيضا فأكدت فى خطتها للدفاع القومى على أهمية بناء جيش قوى وقادر على النصر فى حرب المعلومات .

أما البلاد العربية والإسلامية فمازالت غير واعية وغير جاهزة لتلك النوعية من الأخطار ، ولعل ما تعرضت له إيران فى سبتمبر 2010 من إصابة أجهزة الكومبيوتر فى أحد مفاعلاتها الذرية لهجوم بفيروس أُطلق عليه stuxnet ، واُتهمت إسرائيل وقتها فى إطلاقه ، لعل ذلك يجذب انتباه المسؤولين فى بلادنا إلى ضرورة مسايرة العالم فى التقنيات الحديثة ، والإعداد لها بالتعليم والمران والحصول على المعرفة والخبرة ، ووضع الخطط ، وسن التشريعات .

إن العالم المعاصر فى حاجة ماسة إلى أنظمة تهتم بالجوانب القانونية والأخلاقية لسياساتها ، وبحاجة ملحة إلى منظمات دولية متحررة من سيطرة الكبراء والأقوياء والأغنياء عليها ، وبحاجة شديدة إلى إعلام ذى أمانة ومصداقية ، ومجافاة للكذب والتضليل ، أما بلادنا العربية والإسلامية فهى بحاجة لا تحتمل الصبر أو الانتظار إلى شعوب لا تفرط فى حقوقها ، وحكومات لا تتخلى عن واجباتها الشرعية والأخلاقية والدستورية ، وزعامات تعرف معنى الولاء والانتماء حقا لأمتها ، والبراء من أعدائها .

سعد رجب صادق
saad1953@msn.com

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية