مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الصحافة المصرية وإدمان الفشل : 1- لغة الشوارع

لغة الشوارع

بقلم : سعد رجب صادق
..........................

لا يمكن لباحث أمين ، أو متابع نزيه ، لحال ستة عقود من الإعلام والصحافة المصرية بعد حركة 23 يوليو 1952 ، إلا أن يصل إلى خلاصة جازمة ، ونتيجة قاطعة ، مفادها ما يمكن تلخيصه فى النقاط التالية :

- دأب الإعلام والصحافة المصرية على مجافاة الحقيقة بالإفك والكذب ، ومجافاتها بالمسخ والتشويه ، أى أننا هنا أمام حركة إعلامية وصحافية تتجنب الحقيقة بالكلية ، أوتُقدمها للناس بعد تغييرها وتحويرها ، وفى كلتا الحالتين تضيع الحقيقة أو تنطمس ، وبالتالى يذهب تأثير وضوحها وسطوعها ، وقوة منطقها ، وسلامة حجتها ، وسهولة تقبلها والاقتناع بها ، وعندما تغيب الحقائق يسهل التضليل ، ويتفشى فى المجتمع النفاق والتدليس ، وتختلط المعانى والمصطلحات ، وتلتبس الأمور والأشياء ، فيصبح الحق باطلا ، والباطل حقا ، وينزوى الشرفاء والمخلصون ، ويبرز الاستغلاليون والانتهازيون ، ومن أمثلة ما حاق بتلك الأمة على يد الإعلام ونخبته الفاسدة تسمية رؤسائنا الفاشلين بمسميات الزعيم الخالد ، والقائد المُلْهم ، والرئيس المؤمن ، وبطل الحرب والسلام ، وبطل الضربة الجوية ، وتسمية الهزيمة الساحقة فى 1967 بالنكسة ، واعتبار تغييب القانون شرعية ثورية ، واعتبار الموات والركود الذى حل بنا طوال الحقبة المباركية ثباتا واستقرارا ، وإطلاق وصف السلام على الاعتراف المهين بشرعية الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين ، وإلصاق تهم التطرف والتشدد والإرهاب بكل معترض أو محتج على فساد الأحوال واستبداد الحكام ، وشرعنة سرقة المال العام ، والجور على حقوق الفقراء ، بمصطلحات من قبيل الخصخصة ، وتشجيع الاستثمار والمال الأجنبى ، وتحرير الاقتصاد ، وإيقاع غالبية المواطنين فى حبائل الأفكار الدخيلة على مجتمعنا ، وتغريبهم والتلاعب بهويتهم وإنتمائهم بمفاهيم مثل العلمانية والليبرالية والمواطنة والدولة المدنية وغيرها ، وكلها لفصله عن دينه وتراثه وثقافته وهويته وتوجهه الإسلامى .. والأمر لم يقتصر على الجوانب السياسية وإنما امتد ليشمل كل الجوانب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، لتكون المحصلة النهائية مجتمعا تائها ضائعا ، لا بوصلة له ، ولا قبلة يتوجه شطرها .

- ودأب أيضا على مجافاة العرف والفضائل والعادات والسلوكيات الحميدة ، مما أشاع كافة أنواع القبائح من البذاءة والابتذال ، والعرى والتحرش، والجرأة على الأعراض والنساء ، والقسوة على الصغار ، واحتقار الكبار سنا وقدرا ومكانة ، وإضعاف مكانة الأسرة ، وتفكيك روابط الزوجية وصلة الرحم والأخوة والصداقة والجوار ، وروابط الدين والوطن والعروبة والإسلام ، وقد لعبت النخبة الإعلامية والثقافية والفنية دورا إجراميا فى إشاعة كل تلك الفواحش فى المجتمع ، ومازالت تعمل جاهدة فى الإفساد والإغواء ، ومناصبة العداء للأصوات الفردية والجماعية القليلة التى تحاول التصدى لها ، وتحجيم دورها فى الهدم والتخريب .

- فماذا كانت النتيجة ؟! أجيالا لا قدوة لها ، ومجتمعا بأكمله افتقد أو يكاد يفتقد بالكلية كل ضروريات النجاح ومواصفاته ، من الجدية والعمل ، وتحرى الدقة والإتقان ، والإخلاص والأمانة ، واحترام الحقوق ، وأداء الواجبات ، والالتزام بالقوانين ، والثبات على المبادئ ، والاجتهاد فى التعليم والبحث ، وغيرها مما هو من اللوازم الأكيدة لأى مجتمع يرغب حقا فى حياة كريمة ، ومستقبل مشرق .

- ماذا علينا أن نفعل ؟! هل نقف صامتين لنخبتنا الثقافية والإعلامية والفنية لتمارس عملها التخريبى بدون نقد أو محاسبة ؟! هل نتقوقع على ذواتنا ، وننسى واجبنا الدينى والأخلاقى والوطنى فى التصدى للإفساد والتضليل ؟! هل نُغفل أن سعادة ومستقبل كل واحد فينا مرتبطة بنجاح مجتمعنا وتقدمه ، وأنه لا يمكن الفصل بينهما ؟!

فى تلك السلسلة من المقالات عن الصحافة المصرية وإدمان الفشل ، أحاول كواحد من أبناء تلك الأمة أن أقف بالمرصاد لكل محاولات التدليس والإفساد والتضليل ، واضعا فى الاعتبار القضايا الضرورية والتى لا تحتمل اختلاف الآراء ، وتباين المواقف ، فحق الناس فى تباين الرؤى ، وتفاوت الاتجاهات ، من الحقوق الأصيلة التى لا تقبل المزايدة أو التفاوض عليها ، تماما كحقنا وحق أبنائنا وأجيالنا القادمة فى الحماية من الإفساد والتضليل .

أولا : لغة الشوارع

لغة الشوارع هى لغة من لا ثقافة ولا علم لهم .. يتصايحون ويتشاتمون ، ويخوضون فى الأعراض والنساء ، ويبالغون فى العداوة والخصومة ، لا حياء عندهم ولا خجل ، ولا منطق عندهم ولا حجة ، أعلاهم صوتا ، وأكثرهم فجاجة ، وأشدهم شططا ولججا , وأوفرهم بذاءة وابتذالا ، هو عادة أعظمهم رهبة فى عيون خصومه ، وأخشاهم فى نظر مناوئيه ، ولكنهم وإن كان لهم بعض العذر فى جهلهم وتدنى معارفهم ومداركهم ، ونشأتهم فى بيئات لم توفر لهم الحد الأدنى من الفهم والمعرفة ، ولا يوجد فيها من يكون لهم قدوة ومثلا ، فإنه لا عذر لنخبتنا الإعلامية والصحافية والفنية ، فهم يدَّعون الفكر ، ويزعمون الريادة ، ويُبرزون أنفسهم حاملين لألوية الحداثة والتنوير ، ومرددين لشعارات الحرية ، وتقبل الآخر فى العقيدة وفى الرؤى والتوجهات ، ولكنهم يقولون ما لا يفعلون ، ويُظهرون ما لا يُبطنون ، يداهنون وينافقون ، ويدلسون ويكذبون ، ولكنه ورغم ذلك فإنه يتوجب على الناقد الأمين أن يتعرض لأفكارهم ، ويناقش أطروحاتهم ، وينقض حججهم بالحجة والبرهان ، ويتجنب الخوض فى شخوصهم ونواياهم وأعراضهم ، ولا يمنع ذلك أن يكون المرء صارما فى تفنيده ، قاسيا فى نقده ، لأن هناك من القضايا ما لا يحتمل الملاينة والملاطفة ، ولا يجوز فيها الطبطبة والمجاملة ، وما يسرى على أهل الفكر ، يسرى أيضا على أهل السياسة ، وعلى الناس جميعا .

ثانيا : التعرض للأعراض والنساء

كتب محمد موافى فى صحيفة " المصريون " بتاريخ 19 أبريل 2011 مقالا بعنوان ( قرش حشيش يا حسن ) ، وفيه يوجه النقد للسيد / حسن نصر الله ، أمين حزب الله اللبنانى ، ويشكك فى ولائه وانتمائه للأمة العربية ، وفى مصداقية عدائه لإسرائيل ، ويقارن بينه وبين طائفة " الحشاشون " الذين ظهروا بالشام أيام الحملات الصليبية ، وكانوا متهمين فى ولائهم وإخلاصهم للعرب والمسلمين : " فى درعا أحرقوه ، واشتعلت عمامته السوداء ، وساحت صورته بالساحة الممتلئة بجرحى الثوار ، وكذبوه ، قال : إنه لا فرق بين حاكم البحرين ومجنون ليبيا ، لأنه سكت عن ابن ( زوجة الأسد ) ، وكما التكرار شعار التاريخ ، فالتناسخ عقيدة الحشاشين ، لدرجة التناسخ بالأسماء ، وأكبر حشاش بالتاريخ يسمى حسن الصباح ، وما بال السيد حسن لا يأتينا ، يسكن فى الثورة التى تلينا ، غضبان ألا نؤيد ثوار البحرينا ، فلماذا إذن سكت عن مستضعفى سورية الحزينة ... حسن يا حاج حسن ... تريد منى بعد ذلك أن أصدق أن سيفك معى على إسرائيل ... أسمع كلامك أهتف : الله عليك ، وأشوف أمورك أصدق ظنى ... والحشيش ... أنا العمران الرأس بالوراثة المصرية ... والحشاشون ... ليسوا ساكنى الغرز ومريديها ، ومادحى القفا ، ولكنهم أولئك القفوات ... حزب الله ملأ إعلامنا بصموده أمام الصهاينة ... ولو كثرت عيوبك وأردت لها غطاء وحصانة فهاجم إسرائيل على الفور ، فحسن غَنّى لنا زمانا أنه الوحيد الذى انتصر على إسرائيل ، وروج له بذلك حشاشون جيوبهم عامرة بخيراته ... فماذا تغير يا عم الحاج ؟ وقد أسكت الله حسك ولم تتكلم عن السيد بشار ، أم أن الأمر من بدايته لم يتغير ، وهى فلوس بشار ، وذهب المعز لدين الله الخامنئى " .

عندما يصف موافى الذى يكتب فى " المصريون " و " الدستور " ، ويعمل مذيعا أيضا فى التلفزيون المصرى .. عندما يصف الرئيس السورى بـ ( ابن زوجة الأسد ) ، ويضعها بين قوسين جذبا لانتباه القارئ ، فإنه بالقطع يستخدم لغة الشوارع ، ويتعرض للأعراض والنساء ، اللائى لا دخل لهن فى الموضوع ، ويستخدم مفردات السفهاء فى الشوارع المصرية فى تحقير المرأة والإساءة إليها ، وكان بإمكانه أن ينتقد استبداد بشار وتجبره على شعبه ، وأن يتعرض كما شاء لإطلاقه لجيشه وشرطته على مواطنيه ، ولكنه اختار لغة ساقطة ، وأسلوبا رقيعا ، لا يمت للوطنية والغيرة على الدماء البريئة التى تراق فى سوريا ، وقد كرر ذلك مرة أخرى فى مقال بعنوان ( دريد لحام والصابون ) ، نشرته نفس الصحيفة بتاريخ 8 مايو 2011 : " يا من ليس فى عروقهم أحمر ، ولا فى وجههم ماء ، هل جيش وقائده ابن زوجة ملك الغابة ..." ، ثم يتعرض مرة أخرى فى نفس المقال للسيد / حسن نصر الله : " أما أعجب من الفريقين فزعيم حزب سياسى دينى صدقناه لما نادى بحرية الشعوب العربية والجهاد ولبنى عبد العزيز والكاتيوشا ، ثم سكت عن مشهد الدم فى الشام ، فلا نامت أعينهم ، وأعين من سكت عنهم ، أو يفضحهم فضيحة القرد أبى صديرى " .

يقع موافى مرة أخرى فى خطأ جسيم ، فبدلا من نقد ما يراه انتقائية فى موقف أمين حزب الله تجاه الانتفاضات العربية ، وهو لا شك حق لكل غيور على مستقبل هذه الأمة ، يحول الأمر إلى وصلة من ردح الشوارعية ، لا عقل فيها ولا منطق .. أليس من الهزل والعبث أن يقارن بين حزب الله وبين طائفة الحشاشين ؟! أليس من البله والاستهبال أن يشبه السيد / حسن نصر الله بحسن الصباح الحشاش ؟! .. يفعل موافى كل ذلك وسط هوجة من مفردات الشوارع : قرش حشيش ، عمران الراس ، ساكنى الغرز ومريديها ، مادحى القفا ، القفوات ، ولا أدرى سر ولع موافى باستخدام كلمة الحشيش والأقفية ، حيث يكرر ذلك فى مقال آخر ( لن تفسدوا الشعر ولن تسكنوا الميدان – المصريون 3 مايو 2011 ) ينتقد فيه قصيدة شعرية لا تروق له : " وسألت صديقا حداثيا فلعله رأى ما لم أرى ، فقال يا أخى هذا هو التجديد ، فقلت : يا أخى بل من أنبأك أن أباك ذيب ، وقسما بمن فلق الإصباح ، وجعل أقفيتكم مليحة للصفع عند الاصطباح ، إن هذا كلام حشاشين ... هذا ما يستدعى دخول الحمام ..إحم إحم " .

إن التشكيك فى ولاء حزب الله وأمينه للأمة العربية وقضاياها ، والإدعاء بعمالته لإسرائيل ، كلام فارغ لا يقول به العقلاء ، كما أن الإشادة بمقاومة الحزب للاحتلال الإسرائيلى لجنوب لبنان حتى تحريره ، وتقديم أمين حزب الله ابنه شهيدا فى تلك الفترة ، وانتصاره على إسرائيل فى حربها على لبنان فى صيف 2006 ، لا يعنى التقليل من انتصار الجيش المصرى فى حرب العاشر من رمضان ، ولا يعنى التقليل من أية مقاومة ، أو أى نصر ، يحققه العرب كأفراد أو جماعات أو دول ، بل إن الواجب يفرض علينا جميعا الإعتزاز والفخر بكل المجاهدين وكل الشرفاء ، كما أن العدل والأمانة أيضا تفرضان علينا أن نسلم لحزب الله وغيره فى الحق الأصيل فى اتخاذ الحلفاء والأصدقاء ، سواء كانت سوريا أو إيران أو غيرهما ، وخاصة أننا فى زمن أصبحت فيه المقاومة سبة وعارا وإرهابا ، وسببا فى التضييق والمطاردة ، من الحكومات العربية قبل الأجنبية .

تقتضى الأمانة أيضا على المتعرضين للانتفاضات العربية ألا ينسوا أو يتغافلوا عن الأيدى الإسرائيلية والغربية التى يعنيها العبث بالحكومات والانتفاضات على حد سواء ، لخلق حالة من الفوضى ، وتبديد الطاقات والجهود، وإذا كان النظام السورى السابق والحالى يشتركان فى القمع والدموية ، فإن ذلك لا يمنع من التأكيد على الدور الأمريكى فى التمويل وصناعة الحلفاء والأعوان داخل سوريا ، وقد عبر عن ذلك الكاتب الأمريكى Craig Whitlock فى مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست Washington Post الشهيرة ، بتاريخ 18 أبريل 2011 ، تحت عنوان ( الولايات المتحدة تمول المعارضة السورية سرا ) U.S. has secretly financed Syrian opposition ، وفيه بناء على وثائق السفارة الأمريكية فى دمشق ، ووزارة الخارجية الأمريكية ، أن المسؤولين الأمريكيين اقترحوا على جماعات المعارضة السورية فى 2007 إطلاق قناة فضائية ضد النظام السورى ، والتى بدأت بثها من لندن عام 2009 تحت اسم " بردى " ، وأن حركة العدل والتنمية المعارضة السورية ، والتى تدير القناة تلقت 6 ملايين دولار من وزارة الخارجية الأمريكية ، وأن هناك أموالا أخرى تم تخصيصها لدعم البرامج والشخصيات السورية المعارضة فى الداخل ، وأن هذه الأموال بدأت فى التدفق أيام الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش ، ومازالت مستمرة فى زمن الرئيس الحالى أوباما ، وقد حجبت الصحيفة أسماء تلك البرامج والشخصيات بناء على طلب وزارة الخارجية الأمريكية U.S. officials raised the idea of helping to start an anti – Assad satellite channel in 2007 ... The State Department has secretly financed Syrian political opposition groups and related projects , including a satellite TV channel that beams antigovernment programming into the country ... the State Department has funneled as much as $6 million to the group ; the Movement for Justice and Development , a London – based network of Syrian exiles ... The U.S. money for Syrian opposition figures began flowing under President George W. Bush in 2005 . The financial backing has continued under President Obama ... some of that money has also supported programs and dissidents inside Syria ... the Washington Post is withholding certain names and program details at the request of the State Department

ثالثا : المعايرة بالشكل والجسم والهيئة

كتب د . مصطفى رجب مقالا فى صحيفة " المصريون " بتاريخ 6 مايو 2011 ، تحت عنوان ( المشاهد الحميمية ) ، وفيه يتعرض لرد فعل إحدى مذيعات التلفويون على ما قيل أنه أمر من رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون بمنع بث القبلات والمشاهد الحميمية : " نشرت صحيفة صفراء ... خبرا عن أمر شفوى أصدره رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون بمنع بث المشاهد الحميمية والقبلات من الأفلام قديمها وحديثها ، وفى المساء سألت مذيعة قناة صفراء نحيفة بعض مصادرها هاتفيا للتأكد من صحة الخبر ، وقد ظهر على وجه المذيعة من الهلع والجزع والرعب ... صاحت المذيعة وناحت وولولت وقالت وهى تكاد تلطم خديها الملتصقين ، وتصك صدرها المتصحر : يظهر إننا داخلين على إيران أو افغانستان ، وأضافت " الله لا يقِّدر. طب د المشاهد دى احنا اتربينا عليها ) .. عندما يعاير أستاذ جامعى مذيعة بصغر ثدييها ( صدرها المتصحر ) ، ونحالة قدها ( نحيفة ) ، ودقة وجهها ( خديها الملتصقين ) .. يفعل ذلك وهو أستاذ التربية الإسلامية !! ، ورئيس قسم أصول التربية !! بكلية التربية جامعة سوهاج ، تحت دعاوى الدفاع عن الفضيلة والعفاف ، والرد على مروجى الفتنة والإثارة الجنسية .. أليس هذا ورب الكعبة هو قمة الهزل ، وغاية الاستخفاف بعقل القارئ ؟! متى كان صغر الثدي أو نحافة القوام عيبا ؟! ألم يكن الأجدى أن ينتقد حرفية المذيعة ومهنيتها ، ومقدرتها على تناول المواضيع المطروحة بمصداقية وحيادية وأمانة ؟! كيف يبرر ذلك لطالباته فى الجامعة ، أو لأبناء الصعيد وهو واحد منهم ، ويعلم بيئتهم المحافظة ، واستهجانهم للتعرض لأوصاف أجساد النساء ؟! هل يوجد فرق صغير أو كبير بين الأوصاف فى المقال وبين الأوصاف التى يشرشح بها الشوارعية فى مناوشاتهم واشتباكاتهم ؟! ألا يعلم أستاذ التربية أن الإنسان لا دخل له فى شكله ومنظره ، وأن الله سبحانه هو الخالق المصور الذى أبدع كل شئ خلقه ( لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم ) التين 4 ؟!

كتب محمود القاعود بتاريخ 6 يونيو 2011 ، مقالا بعنوان ( شبيحة ساويرس .. متى ينتهون ) ، نشره موقع " أخبار العرب Alarabnews " ، يتعرض فيه لنفس المذيعة ويصفها بالغراب : " وكما فعلت مذيعة تشبه الغراب ، فى إحدى فضائيات ساويرس ، عندما أشيع عن منع الأحضان والقبلات فى التلفزيون المصرى ، وصارت مشكلة أمن قومى ... ليحول الشبيحة هذه الشائعة إلى " غزوة القبلات والأحضان " " .

الشئ العجيب فى قضية ما يسمى بالمشاهد الحميمية أن رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون نفى أن يكون قد أصدر قرارا بهذا الخصوص ، ورغم ذلك ما زالت مقالات الصحافة تتحدث عن الأمر رغم مضى شهرين على تلك الشائعة ، غير أن الأعجب من هذا أن بعض كاتبات الصحافة يعتبرن قرارا كهذا وكأنه انقلاب على ثوابت المجتمع ، رغم أن النساء أولى الناس بالدفاع عن العفة والحياء والفضيلة ، لأنهن أكثر من يلحق بهن الضرر من شيوع الفساد والرذيلة فى المجتمع .. كتبت كريمة كمال فى صحيفة " المصرى اليوم " ، بتاريخ 5 مايو 2011 ، مقالا بعنوان ( اختطاف المرحلة ) ، وفيه تصول وتجول وتندد بانقلاب رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون على ما استقر عليه المجتمع : " فى هذه المرحلة ليس من حق أحد أن يخرج عما استقر حتى يستقر غيره ... ليس من حق أحد ... أن يفرض رؤاه ، أو يختطف القرار ، أو يتصرف وكأنما هو السلطة العليا فى مكانه ... على السلطة القائمة فى البلاد الآن ، وهى المجلس العسكرى ، وعلى حكومة الدكتور شرف أن يعلنوا أنه ليس من حق مسؤول فى موقعه أن يغير ما هو قائم فعلا " .. كيف للمذيعة والكاتبة وغيرهن من مرتزقة الصحافة والإعلام أن ينزعجن إلى هذا الحد من الأدب والحشمة ، وحماية أبناء المجتمع وبناته من تلك المشاهد الفاضحة ؟!

ولكن يبدو لى أن لغة الشوارع وخيالات الحميمية قد تمكنت من العقول ، وترسخت فى السلوكيات ، ولا تنفك تداعب رغبات الصحافيين والإعلاميين ، فلا يستطيعون لها مقاومة ، ولا يجدون منها فكاكا .. كتبت د . غادة شريف فى صحيفة " المصرى اليوم " ، بتاريخ 24 مايو 2011 ، مقالا بعنوان ( عليكو واحد ) : " لست أدرى لماذا هذا الإصرار على الاستخفاف بالشعب !! أصلك يا شعب قفاك مثير ولم يفقد بريقه بعد ... كان لى زميل ... دائما يشكو لى مما سماه " عيب قاتل " فى زوجته ، وهذا العيب يتلخص فى أنهما عندما يشرعان فى علاقتهما الحميمية ، كانت تلتزم الصمت ، حتى أنه كثيرا ما كان يقرصها حتى يتأكد أنها " لم تفطس فى إيده " ، ثم فجأة وأثنا استغراقه فى وحى اللحظة ، تفاجئه بكلام عن العيال فى المدرسة ، أو تذكره بواجب أسرى ، فما كان من زميلى هذا إلا أن ينهرها قائلا : " ده وقته يا ولية ؟ " ... إلى أن تطور رد فعله بصفعة على وجهها ... حتى وصل الأمر مؤخرا إلى شلوت يطوحها من فوق السرير ، مع ثباته على السؤال الخالد " ده وقته يا ولية ؟ " ... رئيس الوزراء يتجاهل كل هذه الزمبليطة ... البلطجة وعودة طوابير البوتاجاز والسولار والبنزين والخبز ... ويدلى بتصريحات عن حضور قمة الثمانى ، ويتحدث عن عدم التخلى عن البرنامج النووى ، فأجدنى لا أستطيع أن أمنع نفسى من توجيه سؤال برئ للحكومة : " ده وقته يا ولية ؟ " " .

ولا أدرى من هو هذا الرجل المصرى الذى يفضح أسراره الزوجية ، ويتحدث إلى إمرأة أخرى عن معاشرته لزوجته وأم أولاده ، وتعامله معها فى الفراش بالقرص والصفع والشلاليت ؟! .. لقد أفلست الكاتبة ، ولم يكفها أنها تكتب مقالاتها بالعامية الركيكة ، بل هيأت لها خيالاتها أن تستخف بنفسها وبقرائها بتلك القصة المبتذلة ، وما كان لها حاجة أن تتحدث عن الأقفية ، ولا حاجة لأن تلجأ إلى خيالات الحميمية لتسأل الحكومة أو رئيس الوزراء سؤالا ، ولكنها الضحالة والسطحية ، والاستهبال والاستعباط ، وقد صارت تلك النقائص لغة الصحافة ، وطريقة كتَّابها ، وأسلوب الكثيرين ، وديدن حياتهم ، ثم بعد ذلك نتساءل بلا وعى : ماذا حدث لنا ؟! وماذا حل بمجتمعنا ؟!

وتمضى الكتابات المتهافتة التى تسخر من أجسام الآخرين وهيئاتهم ، فيكتب محمد موافى تحت عنوان ( سوريا والمعلم الكذاب ) ، نشرته " المصريون " بتاريخ 23 يونيو 2011 ، وفيه يتفكه على وجه وزير الخارجية السورى وليد المعلم : " تركيبة وجه الرجل المنفوخ مثل كيس قطن ، واللامع كعلبة فازلين " ، ويكتب رئيس تحرير الصحيفة محمود سلطان متهكما وهازئا من وزن وحجم صحفى آخر ( إبراهيم عيسى ) فى مقال بتاريخ 3 يونيو 2011 ، تحت عنوان ( تخانة عقول ) : " آخر أكاذيب جر الشكل ... مع المجلس العسكرى ... أطلقها صحفى " بروتة " ، لحم أكتافه من المال الشيعى والطائفى ... وظل الصحفى يطنطت مثل " فرقع لوز " ... إنها تخانة العقول التى ورثتها من تخانة الأجساد ، التى علفت وسمنت بالمال الشيعى والطائفى والمرتزق أيضا " ، ويعطى محمود سلطان نفسه حق وضع المعايير والضوابط التى تحدد الأدب من قلة الأدب ، فيكتب مقالا بعنوان ( لا أدب مع قلة الأدب ) ، نشره بتاريخ 17 يونيو 2011 : " الجمل " الحدق " شاء أن " يدبس " شرف فى خازوق " الدستور أولا " ، وقال للتليفزيون الرسمى " أؤيد شرف فى وضع الدستور أولا " ... الجمل فى تصريحاته أشار إلى أن " الأحزاب لها حق ضرب نتائج الاستفتاء بالجزمة لأنها تملك الشرعية الثورية " ... البعض طالبنى أن أتأدب فى الحديث عن قوى وطنية لها رأى ... كيف أُطالب بالتأدب مع من يرفع آناء الليل وأطراف النهار حذاءه فى وجه الشعب المصرى ، ولا يكف عن إهانته ، ويطالب بإلغاء إرادته ، واختياره الحر ، ولا يمل ولا يكل فى الترتيب مع فضائيات وعصابات " علب الليل " ... لا أدب مع قلة الأدب " ، وبين جزمة الأحزاب التى يريد الفقيه الدستورى !! أن تُضرب بها نتائج الاستفتاء ، وإعلان محمود سلطان أنه لا أدب مع قلة الأدب ، فربما نشهد فى التاريخ المصرى المعاصر الصحافيين والإعلاميين والسياسيين وربما المصريين جميعا ، وقد فرش كل واحد منهم الملاية للآخر ، وانشغل الكل فى التنابذ والتشاتم ، ونسوا أنهم جميعا يدَّعون حب مصر والهيام بها ، ويزعمون الرغبة فى صلاح شأنها ، والرقى بأحوالها ، ولا أدرى كيف يكون الردح وسيلة لذلك !! ، إن السقوط إلى مستنقع البذاءة والابتذال يشوه مكانة الكاتب ، ويحط من قدره ، ولا تشفع له بعد ذلك منزلته أو علمه أو غيرته ، فهناك من الزلات والأخطاء ما لا يمكن محوه أو نسيانه .
عندما تصبحُ لغة الشوارع هى لغة الصحافة والإعلام ، تنزوى الحجة ، وتضيعُ الحقيقة ، ويفتقدُ الناس أدب الخلاف ، ويحلُ الردح محل الحوار ، فتنطمسُ العقول ، وتُظلمُ القلوب ، ويسودُ أصحاب الصوت العالى من الدهماء والسفهاء ، ويشيعُ التحرش ، ويفتقدُ الناسُ الألفة والمحبة ، وتضيعُ القدوة ، ويضربُ المجتمع لنشئه مثلا سيئا ، ويلقى الشاتمون والساكتون عليهم فى يوم القيامة رب العالمين وقد حملوا الأوزار والذنوب .. صدق رسولنا الكريم (ص) عندما سأله معاذ بن جبل (رض ) : يا نبى الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ ، فقال (ص) : ( ثكلتك أمك يامعاذ ، وهل يكب الناس فى النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟ ) الترمذى 2616

سعد رجب صادق
saad1953@msn.com
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية