مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 رسالة إلى الشعب المصرى

الشعب الصابر

بقلم : سعد رجب صادق
..........................


تتوالى الدعوات والرسائل الموجهة إلى الإنسان المصرى ، تأتيه من أفراد أو جماعات أو منظمات أو أحزاب ، وتأتيه من كل صوب وحدب داخليا وخارجيا ، وهو فى حيرة من أمره ، لا يعرف كيف يستجيب ولمن يستجيب ، ومن يبغى له خيرا ، ومن يتمنى له شرا ، ومن كان خالص النية لا يود إلا الإصلاح ، ومن هو سيئ الطوية لا يريد له فائدة أو نفعا ، ومن هو الداعم لآماله ، والمحس بآلامه ، ومن هو المتاجر برغباته وطموحاته ، المتبلد الحس عن معاناته وعذاباته ، ومن هو الصادق فى نصيحته ، ومن هو الغاش فى مقترحاته وتوجيهاته ، والحقيقة أن الأمر محير لكثير من المصريين ، فقد حُرموا نعمة التعليم السليم ، وابتلوا بأمية ثقافية تضاف إلى أميتهم الأبجدية ، وحلت عليهم لعنات المضللين والأفاكين والمدلسين من السياسيين والإعلاميين ، وزاد الأمر سوءا تخلى علماء المسلمين عن دورهم وواجبهم فى الأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، والنصح للأمة ، وقولة الحق لسلطان أو مسؤول جائر ، فكيف السبيل للحيارى التائهين ، وأين البوصلة التى تقود إلى الطريق المستقيم ؟!

إن من مصلحة النظام المستبد ، والنخبة الفاسدة ، أن يعيش المجتمع فى حيرة دائمة ، وبلبلة مستمرة ، وأن ينشغل الناس فى مناقشة أمور هى من الحقائق والبديهيات ، وذلك لأن الحيرة والبلبلة وتبديد الوقت والجهد والطاقة فى جدليات عقيمة ، كل تلك الأشياء تسهم فى إلهاء الناس عن واجباتهم ، وهو ما يعطى الاستبداد فرصة الاستمرار والبقاء ، ويمنح النخبة مزيدا من الوقت فى التضليل والسمسرة والمتاجرة بالشعارات ، والتلاعب بالعقول والقلوب ، ولذلك ينبغى علي المصريين جميعا أن يتفقوا على مجموعة من الثوابت ، ثم ينشغلوا بعد ذلك بالعمل ، حيث لا وقت للتنظير والثرثرات :

1- علينا أن نتفق على أن الغرب لا يريد لنا خيرا ، وأن المراهنة على التغيير الخارجى وهم وغباء ، فالغرب أسس حضارته على سرقة الآخرين واستغلالهم ، وبقاء تلك الحضارة مرتهن ببقاء الآخرين متخلفين متناحرين ، كما أننا فى نفس الوقت لا نسعى إلى عداوة أحد ، ولكننا نريد أن يتعامل معنا الجميع من منطلق المساواة والعدل ، واحترام خصوصياتنا الدينية والثقافية .
2- علينا أن نتفق على أن إسرائيل عدو أبدى ، ولا يمكن أبدا أن يكون صديقا ، وكلما بالغنا فى تقديم القرابين لهذا العدو ، كلما بالغ فى إهانتنا والكيد لنا ، ولذلك فإن الدفع نحو التطبيع ، وبيع الغاز المصرى بأقل من سعر استخراجه ، وتأمين حدودهم ، والتواطؤ معهم على حصار غزة ، والسعى لتصفية القضية الفلسطينية ، كلها أمور تصب فى غير مصلحتنا ، وتلحق بنا وبأمننا القومى ضررا فادحا، يصبح معه من السفه وانعدام الرؤية أن نمضى في هذا الطريق ، إننا بحاجة إلى وقفة للتأمل والمراجعة ، وتصحيح المسار وتعديل الانحراف ، وهى أمور هامة وملحة لا تحتمل التأجيل أو الانتظار .
3- علينا أن نتفق على أننا جزء أصيل من الأمة العربية والإسلامية ، وأن كل العرب والمسلمين هم بعدنا الاستراتيجى ، وظهرنا الذى نحتمى به ، وأنهم ينظرون إلينا للريادة والقيادة ، ومن العبث خذلانهم والإنصراف عنهم ، تحت أوهام الشراكة أو الصداقة مع الولايات المتحدة أو إسرائيل ، وأن الأفارقة والآسيويين وبلدان أمريكا الجنوبية هم بعدنا الثالث ، ويلزمنا التقرب منهم ، وتحسين كافة أنواع علاقاتنا ومعاملاتنا معهم ، لنتعاون جميعا تجاه عالم أكثر عدلا ، ومنظمات دولية أكثر توازنا .
4- علينا أن نتفق على أن المثلث الإيرانى التركى المصرى ضرورة ملحة لأمن تلك المنطقة ، وضرورة ملحة لتقدمها واستقرارها ، ومن الغباء أن نتخذ من إيران عدوا ، أو من تركيا خصما ، إن قوة هذا المثلث وترابطه سيكون انجازا استراتيجيا بالغ الأهمية لنا ولهم فى الحاضر والمستقبل .
5- علينا أن نتفق على أن الإسلام هو هوية تلك الأمة ، وسمتها الفريدة التى تميزها ، وأن من يتخلى عن هويته وتميزه لا يمكن أن يصنع تقدما أو يحقق نهضة ، حتى لو قلد الآخرين فى كل شئ ، وفى كل صغيرة وكبيرة ، لأنه لن يكون أبدا غير قرد مقلد ، أومسخ مشوه .
6- علينا أن نتفق على أن قضيتنا الكبرى هى التعليم ، وإصلاح شؤونه بات أمرا ضروريا وعاجلا ، واليومَ الذى يكون فيه عندنا جيل تعلم تعليما جيدا من الصف الأول الإبتدائى حتى التخرج من الجامعة ، سيكون وقتها عندنا قادة حقيقيون لهذا المجتمع فى كل الميادين ، يعملون عى إصلاحه ونهضته ، ويضمنون لمن خلفهم من الأجيال ألا يقع عليهم ما وقع علينا من تحريف وتشويه وسوء إعداد .
7- علينا أن نتفق على أن حياتنا السياسية بصورتها الراهنة مثل صارخ للهزل والتهريج .. حزب حاكم من المنتفعين والأفاكين ، وأحزاب صغيرة شوهاء ، لا برامج لها ، ولا حضور لها ، تؤدى أدورا ثانوية فى مشهد عبثى لحالة مختلة فى كل مكوناتها.
8- علينا أن نتفق على أن التغيرات الاقتصادية العشوائية قد دمرت الزراعة والصناعة وغيرها من دعائم المجتمع ، وأفرزت مجموعة من مصاصى الدماء ، الذين كونوا ثروات طائلة ، وفى المقابل ضرب الفقر والمرض كل طبقات المجتمع حتى صرنا فى تحول غير مألوف فى تاريخ الأمم إلى قلة فاحشة الغنى ، وأغلبية أرهقها الفقر وسوء الحال .
9- علينا أن نتفق على أن النخبة المصرية فاسدة حتى النخاع ، ولا دور لها إلا الكذب والتضليل ، وتغريب الأمة وفصلها عن دينها وجذورها وثقافتها ، وكل ما تقوم به لا يعدو إلا أن يكون رغيا وثرثرة وتنظيرا عقيما ، تجنى من ورائه الثروة والشهرة والعمالة تارة للشرق وتارة للغرب ، ولا نجنى غير التشويه والحيرة والبلبلة .
10- علينا أن نتفق على أن البرادعى وهم يجب الإفاقة منه ، وأن ما يقال عن أنه رمز، أو أنه ألقى حجرا فى بركة حياتنا الراكدة ، أو أنه أملنا فى الإصلاح والتغيير ، كل هذا كلام فارغ ، فالبرادعى لم يفعل لهذا الشعب شيئا صغيرا أو كبيرا ، لا فى الماضى ولا فى الحاضر ، ولا يمكن أن يفعل له شيئا فى المستقبل ، فليس هناك فى تاريخ البشرية زعماء من منازلهم ، أو زعماء من على بعد ، وليست هناك زعامة تمارس بحديث صحفى بين الحين والحين ، أو تويت tweet كلما عنّ له المزاج ، أو زيارة سياحية من وقت لآخر ، كل زعماء البشرية الصادقين والمخلصين عبر التاريخ دفعوا ثمنا باهظا فى سعيهم لخدمة شعوبهم ، من اعتقال ومطاردة ونفى وتضييق وتعريض بأهليهم وأسرهم ومصادرة لأموالهم ، وغير ذلك من كل صور الأذى والمعاناة .
11- علينا أن نتفق على أننا أصبحنا جزءا أصيلا من مشكلتنا ، بالفوضى والعشوائية التى أصبحت نمط حياتنا ، وبالتواكل والتكاسل الذى أضعفنا عن طلب حقوقنا ، وبالنفاق والمحسوبية والجور على حقوق بعضنا البعض ، لقد أصبحت الطبقة المتوسطة المصرية والتى هى ميزان المجتمع أكبر خادم للأغنياء بالإفك والزور، وأكبر مساهم ومستفيد من الفساد ، ولا يمكن لمجتمع فسد فيه الأطباء والمهندسون ورجال القانون والمدرسون وأساتذة الجامعات ورجال الشرطة ، لا يمكن لمجتمع هكذا حاله ، أن يجد العزيمة والإرادة أو حتى الرغبة الصادقة ، لأن ينهض لتحسين أحواله وأوضاعه .
12- علينا أن نتفق على أن معاذيرننا وحججنا لتكاسلنا وتقاعسنا وفسادنا ، لا يقبل بها عقل أو منطق ، حتى وإن كان بعضها صحيحا ، فالغلاء وضيق ذات اليد وقسوة الظروف والحزب الوطنى والفساد الحكومى لا تبرر الرشوة والابتزاز والدروس الخصوصية والنهب واليأس وإهمال العمل وغيرها ، لأن المتأمل فى ذلك يجد أن كل المقترفين لتلك السوءات هم من الطبقة الوسطى، أى أنها بذلك تساهم فى الفساد ، وتساهم فى توسيع دائرته ، لأن كل فاسد لا يؤدى ما عليه ، أو يأخذ ما ليس من حقه ، سيتعرض فى معاملاته الوظيفية والحياتية والأسرية إلى من لا يؤدى حقه ، ومن يبتزه ليأخذ منه ما ليس من حقه ، أى أننا ببساطة ندور فى حلقة بائسة من ابتزاز أنفسنا ، والإساءة إلى أنفسنا ، وزرع اليأس فى أنفسنا من مستقبل يسود فيه العدل والحق ، ( وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ) الأنعام 129 ، كما أن اتباع الظالمين تحت دعاوى الخوف ، أو تحقيقا لمصلحة ، أو شعورا بالسلطة والقوة ، لا يجلب لصاحبه غير الخزى والخسران فى الدنيا والآخرة ( إذ تبرأ الذين اتُبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتًبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وماهم بخارجين من النار) البقرة 167-166
13- علينا أن نتفق على حقيقة لا تقبل النقاش ، وهى أن صلاح أحوالنا لن يتم إلا على أيدينا ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الرعد 11، وطريق الصلاح يبدأ بأن يؤدى كل واحد ما عليه من واجبات ، سواء تجاه الله تعالى ، أو غيرها من الواجبات الأسرية والوظيفية والمجتمعية ، ولنا أن نتخيل حالنا لو أدى غالبيتنا أدوارهم ، المدرس والطالب وأستاذ الجامعة والطبيب والمهندس ورب الأسرة والزوجة والسائق والعامل وغيرهم ، وكيّف كل واحد منا حياته بما يتواءم مع طاقاته وإمكانياته ، لا شك أننا سنكون أكثر رضا عن أنفسنا ، وأكثر سكينة واطمئنانا ، وأكثر أملا فى مستقبلنا ومستقبل أجيالنا ، وقد يهيؤ الله جل وعلا لنا من تلك الأغلبية الصالحة زعيما حقيقيا يقود هذا المجتمع إلى مزيد من الإصلاح ، وإرساء قواعد حياة وسلوكيات صحيحة ، ودولة ذات مؤسسات يحكمها العدل والقانون .
14- علينا أن نتفق على أن التغيير والإصلاح طريق طويل ، لا يمكن قطعه فى يوم وليلة ، ومع تعاظم مفاسدنا ، يزداد هذا الطريق طولا ، ويحتاج مزيدا من الصبر والجَلَد ، ولكنه لا يحتاج من أحد أكثر من جهده ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) البقرة 286 ، ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن 16
إذا توافقنا على تلك الحقائق والبديهيات نكون قد امتلكنا النواة اللازمة لمشروع قومى ، يمكن أن نزيد عليه ، ونضيف إليه فى مراحل قادمة ، ونكون أيضا حمينا أنفسنا من بلبلات المدلسين والكاذبين ، ووضعنا أقدامنا على بداية طريق الإصلاح والتغيير الطويل ، وحررنا أنفسنا من أوهام النخبة الفاسدة عن التغيير بالخارج ، أو التغيير العسكرى ، أو العصيان المدنى والمظاهرات المليونية وغيرها من التخاريف ، لأننا وببساطة لا نحتاج مع الأمل ( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) يوسف 87 ، ( قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ) الحجر 56 ، ومع العمل ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) التوبة 105 ، إليهم أو إلى غيرهم .

( قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير ) آل عمران 26

سعد رجب صادق
saad1953@msn.com


 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية