مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الاصلاح والتغيير .. والتوريث
...............................................................

 

الوريث القادم

 

بقلم : سعد رجب صادق
...........................


التوريث مصطلح شاع استعماله فى الصحافة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية ، ومن كثرة تكراره صار وقعه سيئا على النفس ، وباعثا على التقزز والنفور ، والموضوع يتجاوز المشاعر والأحاسيس وذلك لتأثيره على مستقبل المجتمع ، وامكانية التغيير والاصلاح ، وما يترتب على ذلك من تحولات سيكون لها انعكاساتها الكثيرة على البنية المصرية الداخلية ، وعلى المكانة المصرية عربيا واقليميا وعالميا ، ولذا وجب تناوله بشئ من التفصيل ، الذى يسبر أغواره المختلفه ، وجوانبه المتعددة .

أولا : الحالة العربية

1- سوريا : بدأت عادة التوريث أولى خطواتها المشئومة فى النظام العربى الحديث فى سوريا ، حيث يرى المحللون أن الترتيب لها جرت خطواته الأولى فى أواخر الثمانينات ، وكان نظام الرئيس السورى حافظ الأسد وقتها معنيا بالدرجة الأولى بالحفاظ على استقرار البلاد وأمنها ، وهو نفس منطق النظام المصرى الحالى ، وكان التخطيط أن يرث الابن ( باسل ) الحكم ، غير أنه قتل فى حادث سيارة عام 1994 ، فحل محله ( بشار) الذى ترك دراسة طب العيون فى لندن ، ليتم تهيئة الأوضاع له باقصاء الشخصيات القوية داخل الحكومة فى يونيو عام 2000 ، وترك مجموعة قيادية موالية لدعمه والوقوف خلفه ، وعند موت حافظ الأسد فى يوليو من نفس العام ، قام البرلمان بخفض الحد الأدنى للعمر اللازم دستوريا لتولى الرئاسة من 40 عاما الى 34 ، وهى عمر بشار حينها ، وبعد أسبوع عينه حزب البعث سكرتيرا عاما له ، وقائدا أعلى للقوات المسلحة ، ثم انتخب فى استفتاء حصل فيه على %97 من الأصوات ليكون رئيس سوريا الجديد ، ومنذ أدائه قسم اليمين الدستورى فى 17 يوليو عام 2000 بدأت حلقة جديدة من حكم أسرة الأسد ، ومازالت فصولها ممتدة حتى الآن.

2- اليمن : ذكر الأستاذ فهمى هويدى فى مقال له بعنوان ( يسألونك عن التوريث ) ، نشرته صحيفة الشروق بتاريخ 24-11-2009 ، أن صحيفة نيوزويك العربية نقلت على لسان أحد المثقفين اليمنيين وصفه 31 عاما من حكم الرئيس على عبد الله صالح بقوله : ( صادر خلالها أحلام الوطن ، وأباد كل أسباب وممكنات وجوده وتقدمه ) ، وهى حقيقة يعلمها المتابع ، فالرجل فشل فى التأليف بين أبناء اليمن وقبائله ، وبين شماله وجنوبه ، وأخفق فى تحقيق كل أشكال التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وفتح أرضه وأجواءه وسواحله للولايات المتحدة والغرب بحجة مكافحة الارهاب ، وأوقع جيشه فى صراعات داخلية مع الحوثيين وغيرهم لن تجنى منها اليمن غير مزيد من التدهور والانهيار ، ورغم كل تلك الاخفاقات فانه يعد ابنه العقيد أحمد والمولود عام 1972 لتولى الحكم بعده ، حيث عين قائدا للحرس الجمهورى رغم أنه كان فى العشرين من عمره وقتها ، كما عين قائدا للقوات الخاصة ، وفى عام 1997 فاز بعضوية مجلس النواب عن احدى دوائر العاصمة صنعاء ، وهو أيضا رئيس مجلس الادارة فى مؤسسة الصالح الاجتماعية الخيرية للتنمية ، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أن ابن عمه عمار أصبح مسئولا عن الأمن القومى ، وشقيقه يحيى الرجل القوى فى وزارة الداخلية ، وعلى محسن الأحمرالأخ غير الشقيق للرئيس يقود الجيش فى المناطق الشمالية ، ورغم تولى أفراد الأسرة للمناصب القيادية والأمنية الهامة يرى المحلل السياسى اليمنى عبد السلام محمد أن هناك صراعا على التوريث بين نجل الرئيس العقيد أحمد ، وبين أخ الرئيس غير الشقيق اللواء على محسن الأحمر ، وقد برز هذا الصراع فى صورة حملات تشويه من قبل أنصار نجل الرئيس للواء الأحمر ، ويرى المحلل أن الرئيس اليمنى ونجله يستغلان الصراع مع الحوثيين لاضعاف القدرات العسكرية للأحمر وقواته التى تشارك فى القتال ، رغم مساهمته على مدار الثلاثين عاما الماضية فى دعم وتوطيد أركان حكم الرئيس.

3- ليبيا : يرى المعارضون للنظام الليبى أن تسويق سيف الاسلام القذافى للرأى العام بوصفه مقدمة للاصلاح ، ومدخلا للتحول نحو الديمقراطية الشعبية ، ما هو الا لعبة سياسية ظاهرها الاصلاح ، وباطنها التوريث ، وسيف الاسلام المولود عام 1972 ، تم تكليفه رسميا بمنصب المنسق العام للقيادات الشعبية ، مما يجعله الرجل الثانى فى البلاد بعد والده ، وحسب اللوائح الداخلية للقيادات الشعبية والتى تعتبر المرجعية العليا للنظام الجماهيرى الليبى ، فان كلا من مؤتمر الشعب العام ( البرلمان ) ، واللجنة الشعبية العامة ( الحكومة ) ، والأجهزة الأمنية ، ستكون تحت مسئولية سيف الاسلام ، وهو ما يجعله من الناحية الشكلية رئيس البلاد ، يضاف الى ذلك دوره فى العمل الخيرى ، ودوره الدولى فى تصفية بعض الملفات ، كملف الممرضات البلغاريات ، وغير ذلك من أدوار فى الداخل والخارج.

4- تونس : عدل الرئيس التونسى زين العابدين بن على الدستور ليبقى فى السلطة مدى الحياة ، والعجيب أنه كان يلوم على الحبيب بورقيبة ذلك ، بل أنه أعلن عام 1987 أنه لن يتولى الحكم غير دورتين فقط ، وقد دفع بصهره وزوج ابنته محمد صخر الماطرى الى عضوية اللجنة المركزية للحزب الدستورى الحاكم ، وتم انتخابه مؤخرا عضوا فى مجلس النواب ، علاوة على أنشطته الاقتصادية حيث يدير شركات عديدة فى الصناعات الدوائية والعقارات والسياحة ، وبنك الزيتونة ، واذاعة الزيتونة للقرآن الكريم ، وله أسهم فى بنك الجنوب ، %70 من أسهم دار الصباح والتى تعد أعرق المؤسسات الصحفية التونسية .

5- الجزائر : تشير التقارير أن ( سعيد ) الأخ غير الشقيق للرئيس بوتفليقة ، والذى يشغل منصب طبيبه الخاص ، وكاتم أسراره ، يتم اعداده لخلافة الرئيس.

ثانيا : الحالة المصرية

ولد جمال مبارك النجل الأصغر للرئيس الحالى عام 1963 ، وأسس فى لندن شركة عرفت باسم Mid Investment ، وخلال سنوات تجاوز رأسمالها وأعمالها مئات الملايين ، وكان أول أنشطتها بيع ديون مصر فى الأسواق العالمية ، وبعد عودته للقاهرة تنافست البنوك على ضمه لمجاس اداراتها ، حيث وافق على المشاركة فى أكثر من بنك استثمارى ، وفى عام 1997 انضم لعضوية المجلس الرئاسى المصرى الأمريكى ، وهو معروف بنادى أثرياء المعونة الأمريكية ، وخلال شهور أصبح المتحدث باسم المجلس ، وانضم الى عضوية الحزب الوطنى فى مطلع عام 2000 ، حيث بدأ باللجنة الاقتصادية ، ثم دعا الى تأسيس ما أطلق عليه لجنة السياسات ، والتى تضم 300 شخصية من مختلف قطاعات المال والأعمال والاعلام ، مما أعطاه سلطة تأثير واسعة على السياسة الداخلية ، واختيار الوزراء ، ورؤساء تحرير الصحف الحكومية ، وبعد تعديل المادة 76 من الدستور ، والتى وضعت شروطا للترشح للرئاسة لا تنطبق الا على مرشح الحزب الوطنى ، وهو ما دعا المعارضة المصرية الى الاعتقاد بأن النظام يعد العدة لترشيحه فى انتخابات عام 2011 ، مما يعطى الانطباع أن وصوله للحكم يتم بشكل ديمقراطى ، ولكنه فى الحقيقة لون من التوريث.

ثالثا : مشكلة التوريث

1- التوريث ضد مبادئ العلمانية التى تدعيها الأنظمة العربية.

2- وضد مبادئ الديمقراطية التى تزعم أنها ترسى دعائمها فى الحياة السياسية.

3- وضد قيمة الانسان الذى كرمه الله جل وعلا ( ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) الاسراء 70 ، وبالتالى فانه لا يجوز توريث هذا الانسان وكأنه جزء من متاع الدنيا ومادياتها وحطامها ، واذا كان الله سبحانه قد أعطى هذا الانسان حرية الاختيار فى قضية الكفر والايمان ، وهى أخطر قضايا حياته وأهمها ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) الكهف 29 ، ( من اهتدى فانما يهتدى لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ) الاسراء 15 ، ( لا اكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى ) البقرة 256 ، فمن باب أولى فانه حر أيضا فى اختيار نظام الحكم الذى يحفظ قيمته وكرامته ، ويضمن له المشاركة فى ادارة شئون مجتمعه ، ووضع الضوابط والقوانين التى تراقب أداء هذا النظام ، وتضمن توازنه فلا يجور على الأفراد ، ولا يفرط فى حق الجماعة.

4- وضد مبادئ الشريعة الاسلامية ومقاصدها ، وقد أفتت بذلك دار الافتاء المصرية ، ردا على سؤال أحد المواطنين لمجمع البحوث الاسلامية ، حول قضية توريث الحكم فى الاسلام ، ومدى امكانية تطبيق ذلك فى مصر ، وقد أحالت لجنة البحوث الفقهية بجلستها 22 فى دورتها 44 ، والتى عقدت بتاريخ 9 ابريل 2008 ، السؤال الى أمانة الفتوى بدار الافتاء ، والتى أجابت عليه بالفتوى المنشورة بتاريخ 26 يوليو 2008 ، وفيها ( أن الفقه الاسلامى لا يجيز توريث الحكم ، لأنه لا يجرى فى امامة المسلمين ، كما أن الفقه الاسلامى لا يمنع من تولية العهد ، الذى هو عبارة عن اختيار الحاكم لمن يخلفه ، بلا خلاف بين العلماء ) ، وذكرت الفتوى أيضا أن الالتزام بالدستور ، ونظام الدولة المتفق عليه بين أفراد الشعب هو أمر واجب شرعا ، وأن أى تغيير فى نظام الحكم يجوز شرعا شريطة موافقة الشعب عليه ، وأن الدستور المصرى نص فى مادته 76 المعدلة عام 2005 على أن ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر ، وعليه فان النظام المتفق عليه بين المصريين لا يجيز توريث الحكم ، ولا تولية العهد ( الفقه الاسلامى وان أجاز تولية العهد بين بدائل كثيرة فى طرق تولى الحكم ، فانه لم يلزم بها ولم يلتزمها .. ان الشرع لا يمنع ولا يفرض نظاما معينا لصورة الحكم سواء كانت هذه الصورة ملكية أو جمهورية أو أى نظام آخر يتفق عليه الناس ، ويحقق مصالحهم العليا ، كما أنه لا يمنع من الانتقال من نظام الى آخر اذا ارتضى الشعب ذلك ، واجتمعت عليه كلمتهم ) ، وأشارت الفتوى الى أن ( انتخاب الشعب لأى شخص توافرت فيه الشروط الدستورية التى تم الاجماع عليها سابقا جائز شرعا ووضعا .. ومن أراد أن يغير النظام والدستور الذى اتفق عليه الناس ، فعليه أن يسلك الطرق المشروعة للوصول الى اتفاق آخر يتحول اليه المصريون باتفاق مشروع تترتب عليه آثاره ، وأن الشرع لا يمنع من تغيير الدستور اذا ارتأت الجماعة المصرية ذلك ، واتخذت الاجراءات والخطوات المرعية فى سبيل ذلك ) ، ويرى الدكتوريوسف القرضاوى أن ( دولة الاسلام ليست قيصرية ولا كسروية ، وأنها لا تقوم على الوراثة التى تحصر الحكم فى أسرة واحدة ، أو فرع من أسرة ، يتوارثه الأبناء عن الآباء ، والأحفاد عن الأجداد ، كما يتاورثون العقارات والأموال ، وان كانوا أضل الناس عقولا ، وأفسدهم أخلاقا ) ، بينما يذهب الدكتور عبد المعطى بيومى ، الأستاذ بجامعة الأزهر ، وعضو مجمع البحوث أنه ( لا يوجد فى الاسلام شئ اسمه توريث الحكم ، وانما الأمر متروك للأمة لأنها صاحبة الحق فى اختيار حكامها بارادتها الحرة الحقيقية ) ، وذهب الى ذلك أيضا الدكتور منيع عبد الحليم محمود ، الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ( ان الشريعة الاسلامية ترفض مبدأ التوريث ، وانما تتيح اختيار الحاكم عبر انتخابات حرة نزيهة ، يختار فيها المواطنون من يرتضونه قائما على رعاية مصالحهم ) ، بينما يرى شيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوى ( أن توريث الحكم اذا جاء عن طريق انتخابات حرة نزيهة فلا مانع لأن هذا حق الابن الدستورى ، وليس فيه مخالفة للشرع ، وانما المرفوض أن يكون التوريث بشكل مباشر من الأب لابنه ).

رابعا : التوريث بين الفتوى والتنظير وواقع الحال

لا شك أن هناك فرقا شاسعا بين ما يكتبه الكتاب ، ويفتى به المفتون ، وينظر له المنظرون ، وبين واقع الحياة المصرية والعربية ، فالمفتون والمنظرون وان أجمعوا على عدم شرعية التوريث ، الا أن الأنظمة العربية ليست من السذاجة حتى تورث الحكم بشكل مباشر من الأب الى ابنه ، والمثال السورى السابق ذكره يدلل على ذلك بوضوح وجلاء ، فنواب الأمة والمفروض وصلوهم الى الحكم برغبة الشعب وارادته وأصواته فى انتخابات حرة نزيهة ، هم من يتلاعبون فى الدساتير ، ويغيرون ويبدلون فى التشريعات ، لتخدم الأحزاب الحاكمة ، وتبقى على أولياء نعمتهم من الرؤساء مدى الحياة ، وتمهد الطريق لأبنائهم لوراثة الحكم ، ولا غرابة فى ذلك فالرؤساء ونوابهم جاءوا الى السلطة بانتخابات تحيط بها تهم التزوير من كل جانب ، وكثير من أفراد شعوبهم يعانون من الأمية ، ويشتكون من الفقر المدقع ، الذى يجعلهم صيدا سهلا للابتزاز ، وفرصا سانحة لشراء أصواتهم وضمائرهم ، علاوة على انعدام فرصة المنافسة للأحزاب الكرتونية التى تفتقر الى البرامج ، والقواعد الشعبية والجماهيرية ، أضف الى ذلك ضعف منظمات المجتمع المدنى ونفاقها ، أى أن البيئة بأكملها صالحة لتلك الحياة السياسية الهزلية ، ومن لا يعجبه ذلك ، فان القبضة الأمنية الصارمة كفيلة بأن تلقى به الى غياهب السجون ، بتهم ملفقة أو حتى بدونها ، حيث لا يهتم بأمره أو أمر أسرته أحد ، ليكون عبرة ومثلا لكل من تسول له نفسه التعبير عن عدم الرضا من فساد الأحوال وتدهورها ، ولذلك ترى معظم قوى المعارضة فى مصر على سبيل المثال أنه وفى ضوء القيود الكثيرة على الترشح للرئاسة ، وفى ظل أجواء تنعدم فيها الفرص المتكافئة ، فان فوز مرشح الحزب الوطنى سيكون مؤكدا ، والأمر لا يعدو أن يكون توريثا مقنعا تحت تلك الظروف والملابسات .

خامسا : تصورات المرحلة القادمة

الأمر هنا ليس حدسا وتخمينا ، وانما صورة حركية تعتمد على سنن الله الكونية ، والتى لا تعرف التغيير والتبديل ، ولا تحابى من لا يأخذ بها مؤمنا أو كافرا ، وكذلك أحداث التاريخ ووقائعه فى العصور والأمصار ، وأيضا طبائع الأشياء والتى تدلل على سلوكياتها ، وبناء على تلك الأمور فان المرحلة القادمة فى التاريخ المصرى ستكون على الأرجح كما يلى :

1- سيرشح الرئيس مبارك نفسه لفترة قادمة ، وقد عبر عن ذلك من قبل بأنه طالما ينبض قلبه ، ويتنفس جسده ، فانه باق فى الحكم ، وهى كلمات لا تحتاج الى تفسير أو تأويل أو ايضاح.

2- مسألة التوريث لن تحدث فى حياة الرئيس ، وان كانت المحاولات ستستمر لاتقان اخراجها من بعد ه ، على الطريقة السورية مثلا ، أو حتى الطريقة الجابونية حيث انتخب على بونجو نجل الرئيس الجابونى الراحل عمر بونجو للرئاسة بعد وفاة والده بثلاثة أشهر.

3- لن ينافس الرئيس فى الانتخابات أحد يحسب له حساب ، فالبرادعى تكفيه الضجة التى افتعلها ، والتى يرى البعض أنها بايعاز أمريكى لوضع ضغوط على النظام ، لاجباره على تقديم تنازلات فى العديد من الملفات ( د . عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصرى السابق ، وعضو تجمع - مصريون من أجل أنتخابات حرة- المصريون 7-2-2010 ) ، يضاف الى ذلك شروطه التعجيزية للترشح ، والتى لا يتخيل تنفيذها ، وعلى سبيل المثال اشتراطه الاشراف القضائى الكامل على جميع اللجان الانتخابية ، والتى يبلغ عددها 40,000 لجنة ، ولذلك فانه من المتوقع تخليه عن الترشح ، وربما يقايضه النظام بمنصب ما كما يظن الأشعل ، أما الأسماء الأخرى والتى ترددت احتمالات ترشحها كعمرو موسى ، فانه من العبث الاعتقاد أنه يملك الجرأة لتحدى النظام ، وهو الذى قضى معظم حياته المهنية خادما للأنظمة العربية ، وساترا لعوراتها ، وما تصريحاته وأفعاله الا بهلوانيات أساءت اليه ، وقضت على مصداقيته ، وكان يكفيه موقف واحد يقفه بأمانة وشجاعة للحق والعدل ، فى الملفات العربية الكثيرة ، ليشفع له عند الله والناس ، ولكنه لم ولن يفعل.

4- الضجيج الذى يثيره الاعلام المضلل ، والنخبة الضعيفة المنافقة ، حول التوريث ، هيأ النفسية المصرية وأعدها لتقبل حدوثه أكثر مما سلحها بالعلم والفهم لحقوقها وواجباتها ، وكيفية مواجهة ومقاومة ما يعد لها ولمستقبلها ، كما أن كل من تصدوا لفكرة التوريث فشلوا فى مخططاتهم ، وأفقدوا حركاتهم الزخم والتأييد الشعبى ، وحركة كفاية مثال على ذلك ، حيث أضعفتها الخلافات العقيمة بين قادتها وأعضائها ، حتى باتت لا يحس بها أحد ، كما أن أيمن نور ، وشعار العوالم المبتذل الذى رفعه ( ما يحكمش ) جلب عليه التندر والسخرية أكثر مما جمع حوله راغبى العمل والحراك لتنوير الناس ، واستثارة حماسهم.

5- وحيث أننا جافينا سنن الله فى الكون ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الرعد 11 ، ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الأنفال 53 ، وتناسينا أن أحداث التاريخ فى كل البلاد والأزمان يصنعها الانسان بعمله وجهاده ، وتصديه للشر والظلم والبغى ، وتجاهلنا طبائع الاستبداد ، وأنظمة الحكم الفردية ، والتى لا تتنازل عن سلطانها ومميزاتها أبدا الا اذا أجبرت صاغرة على ذلك ، وجلسنا نحلم ونتخيل البرادعى المنتظر الذى سيملأ البلاد انصافا وعدلا ، بعد أن ملئت جورا وظلما ، أو المخلص الخارجى ( الولايات المتحدة والغرب ) الذى سيضغط على النظام من أجل الديمقراطية والاصلاح ، واكتفينا بالبكاء والنحيب ، واللولولة على حظنا العاثر ، وأوضاعنا المزرية ، فان المرحلة القادمة ستكون امتدادا للمرحلة الحالية ، وسيصدق علينا الحديث النبوى الشريف ( ..ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ، ثم يرفعها اذا شاء أن يرفعها ) لننتقل بعد ذلك الى مرحلة أشد وأقسى ( ..ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها اذا شاء أن يرفعها ..) رواه أحمد ، والمتأمل فى كلمات الحديث يجد وصف الحكم بالعاض ، ووصفه بالعضوض فى حديث آخر رواه البيهقى ( ان الله بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة ، وكائنا خلافة ورحمة ، وكائنا ملكا عضوضا ، وكائنا عتوة وجبرية وفسادا فى الأمة ، يستحلون الفروج والخمور والحرير ، وينصرون على ذلك ، ويرزقون أبدا ، حتى يلقوا الله عز وجل ) ، والعضوض فى اللغة هو كثير العض ، أو ما يعض عليه ويؤكل ، وتطلق أيضا على الكلب والذئب المسعور ، وتطلق على الفريسة التى بين أنيابه ، وهو وصف شديد الذم لتلك الأنظمة الحاكمة التى تعض على الحكم ، ولا تسمح لأحد بالاقتراب مما هو بين أسنانها من سلطان ونفوذ ، وهو ما يعنى بمعنى آخر غياب تداول السلطة ، وانعدام التعددية ، وبقاء الحكم فى العاض ونسله أو أسرته أو قبيلته أو حزبه .

6- ما يحدث وسيحدث فى مصر ، يماثله كما أسلفنا ما يحدث وسيحدث فى بلاد عربية أخرى ، وهو ما سيجعل أنظمة الحكم فى معظم الوطن العربية أو كله تتراوح بين ملكيات ( السعودية والأردن ودويلات الخليج والمغرب ) ، أو جمهوريات ملكية!! كبقية بلاد الوطن العربى ، ومع سيادة تلك الأنظمة على مستقبل الأمة المنظور ، ستختفى قيم الحرية الحقيقية ، ويسود المنافقون والمتزلفون للحاكم وبطانته ، وينتشر الظلم والفساد ، مما يعنى مزيدا من التدهور والانحدار.

7- هل هناك من حل سريع ؟ الاجابة بكل تأكيد لا ، ما هو الحل اذن ؟ هذا ما سأتناوله فى مقالات قادمة .

سعد رجب صادق
saad1953@msn.com


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية