الواقع الثقافي في القشر الغلافي(1)
...............................................................
| |
الواقع الثقافي | |
بقلم : حسين راشد
.....................
الكلمة .. كنت أراقب من بعيد هذا العالم بشيء من التعقل و التدبر قبل أن أنخرط في وهمٍ كنت أظنه واقعاً .. فقد تخيلت مذ كنت صغيراً أن هذا المجتمع " مجتمع المثقفين و الأدباء" مجتمعاً منتقى انتقاءً و قلت لذاتي يومها من أنت أيها الصعلوك كي تدخل بين الملوك .. كانت ذاكرتي الصغيرة و التي حاولت أن تمتلئ بالتراث الأدبي و الفلسفي حبلى بالفكر و الخيال الجامح .. حتى أنني في بداية دخولي المعترك الأدبي في قصور الثقافة كنت في سن المراهقة كنت أهاب أن أقتحم هذا الحرم الفكري أو أدنسه بجهلي – المفترض- بين عمالقة شبوا و شابوا في محرابه .. جلست بينهم جلسات عدة حتى استطلع أسلوب الحوار و النقاش .. و الإلقاء طالما صممت أن أعلن لهم أنني شاعراً .. رويداً رويداً بدأ فمي يفتح و يلقي بعضاً من الآراء حول بعض الأعمال القصصية و الشعرية .. و بما أنني كنت مولعاً بالفلسفة و الحكمة و المنطق و قراءة الأشعار و الأزجال و الروايات الصغيرة و القصص.. كانت مداخلاتي قد أشعرت البعض أنه يجب التخلص من هذا العفريت - و كلمة العفريت في أصلها أنه الجن الصغير – هذا الذي يحدث ضجيجاً يستحسنه البعض و يستاء منه الكثيرين .. فكان عليهم أن يسمعوا ما أنتجه هذا – اللمض – ليجلس بين أيادي المحكمين –على المسلخ – و يقوم السادة الأدباء الكبار في السن أو في أقدمية الوصول للمكان بتقديم النصائح لهذا الوافد المشاكس .. وقد كان .. حقيقة لا أتذكر تلك القصيدة و لكن لأن الموقف كان موقفاً فاصلاً فقد حفظت ذاكرتي موضوع القصيدة و التي كانت باللهجة العامية و كان موضوعها في ذاك الزمان يتلاءم معه لأنه كان عن فكرة شاب من الأرض يتحدث مع وافد من الفضاء و بين هذا و ذاك دار حوار القصيدة .. و أذكر الجملة تحديداً صاحبة الموقف العبقري الذي حدث معي .. كانت " قابلت صديقي في الفضا المحال" و كانت الطامة الكبرى ووقف صاحب القدر الرفيع و الموسوعة اللغوية و الشاعر الفحل و ما إلى ذلك من مسميات ليناقشني ..( قصدك أيه بالفضا المحال" ولم يترك لي مجالاً للإجابة .. فقال المقولة الذائعة الصيت و التي لا يختلف عليها أحد " روح أقرا يا بني لفلان و علان و ترتان" وبعد أن كنت قد ألفت المكان صدمت بأن من به ليسوا ملائكة الكلام ولا حماة للفكر المصان ولكني وجدت غيلاناً تطرح ألسنتهم سهاماً على الدوام ... كنت حينها في الثامنة عشر ربيعاً فأخذت نفسي و ذهبت لأعد ذاتي من جديد لأنكب على كتبي المحببة بين الحين و الحين .. و تركت الساحة الأدبية المحلية لأركز في هوايتي التي لا يتوجب عليها فرض أحد رؤيته فيها لأنها فطرة الفن .. و يكتب قلمي أشعاره لذاته .. و يحتفظ برداءة أفكاره داخله لأنه لا يوجد من يدله على الطريق أو يختصر له المعاناة ..فليس على المرء أن يتخيل مجتمعاً ثم يفترض أنه موجداً بين شتات ..
فكانت إذابة للقشرة الأولى لهذا المجتمع الوهمي .. و عودة للمجتمع الحقيقي في شارع الحياة.
نهاية الجزء الأول
- الجزء الثاني – الفن التشكيلي
- الجزء الثالث – مرحلة المزج و المعاناة
- الجزء الرابع – الصدمة الكبرى الواقع الثقافي في القشر الغلافي