توشكي حلم إتوئد
...............................................................
|
كان توشكي الفكره والحلم والأمل في غد أفضل لكل المصريين .. |
بقلم : مجدي المصري
.........................
*توشكي الفكره والحلم والأمل في غد أفضل لكل المصريين ..
*زفت الينا جميع وسائل الإعلام منذ عده سنوات مضت الخبر .. مبشره ومستبشره بمشروعنا الوطني القومي "توشكي" .. ذلك المشروع الذي كانت أفئده المصريين تهفوا اليه .. فهو المشروع العملاق بمعني الكلمه لتحويل الفائض المائي المصري خلف السد العالي في بحيره ناصر الصناعيه الشاسعه وبواسطه مفيض توشكي وطلمبات الرفع العملاقه الي شرايين مائيه تروي ملايين الأفدنه الصالحه للزراعه لتكتسي باللون الأخضر .. وتصبح واحه مصر الجديده الواحه الأمل التي ستنتج لمصر من الخيرات ما يغطي حاجه إطعام أبناءها ويفيض منه الكثير للتصدير وجلب العملات الصعبه لنستورد بها مستلزمات إنتاج جديده تدفع بالدماء في شرايين الإقتصاد المتهالك وتوجد ملايين فرص العمل ..
*سد عالي آخر أو قناه سويس أخري أو حرب أكتوبر جديده .. حلم وطني قومي جديد يلتف حوله المصريون بمختلف أطيافهم التي تشتتت تحت مسميات كثيره لم تكن مصر تعرفها من قبل سوي في فترات الإنهيار التي مرت بها عبر التاريخ ..
*هذا الحلم الذي حلم به ملايين البسطاء علي أرض مصر بعد عقود من الإخفاقات .. والتدهور الإقتصادي .. وإنحدار المستوي المعيشي لهم .. والقروض .. والديون .. والإهدار الدائم للمال العام .. والتي تثقل كاهلهم أكثر وأكثر .. لأنهم هم وأولادهم وأحفادهم من سيسدد هذه القروض والديون في الحاضر والمستقبل ..
*وطفو النماذج الطفيليه الثراء والسطوه علي ساحه الأحداث .. وإنهيار القيم .. والمبادئ .. وإنعدام الإنتماء .. وتفشي الرشوه .. والمحسوبيه .. والوساطه في كل مناحي الحياه ..
*وملاله ملايين البسطاء من كل ما يحدث ..
*خرجت علينا وسائل الإعلام وسط كل هذا الهدير الصاخب مبشره بهذا الحلم والذي بات الملايين يحلمون به .. تحلم كل أسره بإمتلاك بضعه أفدنه من أرض توشكي تزرعهم بسواعد أفرادها وتجني من وراءهم ما يسد رمقهم ويكفيهم شر الحاجه ..
*حلم .. عاش ملايين الناس البسطاء يحلمون بهجره جماعيه من الوادي الضيق الذي ضاق بسكانه .. فلم تعد حتي العشش تكفي لايواءهم وسترهم .. حلموا بأطفالهم ينطلقوا بين المزروعات غير خائفين من سياره طائشه يقودها شاب عابث ماجن علمه أبوه المجون وحمي مجونه بنفوذه .. تسحقهم كما يُسحق الحلم بين ثنايا عقولهم ووجدانهم ..
*حلم بسطاء الناس ببيئه نظيفه خاليه من التلوث .. تقي من بقي منهم أحياء أو شبه أحياء من شرور الأمراض المستعصيه .. والتي فتكت بالكثير منهم جراء المبيدات المُسرطنه .. والأدويه المغشوشه .. ومصنعات مخلفات المستشفيات ..
*تقي أجساد من بقي منهم حي .. من موت محتوم .. أجسادهم العليله التي لا حراك فيها ولكن مازالت بها قلوب تنبض بدم خلا من كل مقومات الحياه .. هو الأقرب الي الدمع .. وألسنه خرساء يصدر منها فقط الأنين .. ولكنها تلج بالشكوي والدعاء لرب البريه من ظلم البشر الذين تتكدس خزائنهم بالمال الناتج عن عصرالبسطاء وسحقهم وإستخلاص الأرصده التي تكتظ بها البنوك .. وعيون جحظت من كثره ما شاهدت وشهدت ..
*حلم بسطاء الناس بعدما علموا كم أرهق المشروع ميزانيه الدوله وأنهم هم المنوط بهم إقتطاع أجزاء كبيره من قوتهم وقوت عيالهم لسد العجز في الموازنه .. ضرائب ورسوم وتمغات علي كل شيئ وأي شيئ وتحمل البسطاء كل ذلك من أجل أن يستردوه يوما ويجنوه من أرض المستقبل في توشكي ..
*ورويدا .. بدأ تنفيذ المشروع العملاق .. وتحول الحلم الي واقع .. وإنطلقت المياه من الطلمبات العملاقه الي الوادي الرحيب تدفع أمامها بالرمال .. ليصبح الوادي جاهز للإستزراع والإخضرار ولكن .. وأه من مراره لكن ..
*فجأه وبدون سابق إنذار .. هبط الأثرياء علي أرض توشكي تحملهم طائراتهم الخاصه قادمه بهم من داخل ومن خارج مصر .. يحملون في أيديهم عقود تملك أرض توشكي بالكامل ليحيلوها الي مزارع شاسعه عملاقه وقصور منيفه وحمامات سباحه خاصه وأسوار عاليه تحجب عيون هؤلاء البسطاء عن مجرد النظر الي ما بداخلها .. وشركات حراسه وأمن وطرق خاصه ممنوع المرور بها ..
*وتشل الصدمه ألسنه الملايين من بسطاء الناس يريدوا أن يقولوا أي شيئ .. أي أحد يستمع اليهم .. أو حتي يقول أو يفسر .. أو حتي يعطيهم أمل .. بأن هناك توشكي أخري في الطريق سوف يكون لهم نصيب فيها .. أو حتي مجرد أمل .. لمن حزم أمتعته إستعدادا للرحيل الي توشكي ..
*ويتسائل ملايين البسطاء عن الغد .. ولكن هل بقي لهم غد ؟؟