مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 المشيــر والتحريــر.. و قميـص عثمـان

 

المشير

 

ماهر ذكي
.............

التاريخ عند العرب هو مصدر من مصادر التسلية .. و لا أدري لماذا يتعامل العرب مع التاريخ على انه قصص نحب بعضها و لا نحب بعضها الأخر .. لا أدري لماذا لا يتعاملون مع التاريخ على أنه كان واقعاً حقيقياً ذات يوم .. واقع عاشه أصحابه بصالحه و طالحه وعلينا أخذ العبر منه .. و أن كل من يهتم بقراءة التاريخ إنما هو باحث عن حقيقة تمثلت على أرض الواقع و قد تكون نذير لواقع نعيشه الأن و قد يكون حافز أيضاً لفعل علينا أن نفعله الأن حتى نحاكي تجربة سبقت أو نتجنب خطأ ما وقع فيه من سبقنا في الحياة .. لماذا لا ننظر للتاريخ على انه تجربة جديره بالإحترام ..لا أدري. انا من المهووسين بدراسة التاريخ .. و لا أنكر ان التاريخ يجذبني لعنده بكل سهولة و يجعلني أستغرق فيه و في قصصه و حكاياته .. و أيضاً أخرج من التجربة و أشعر انني تشبعت بخبرات خاصة تعينني على التوقع بإتجاه معين لسير الحدث الذي نحن بصدده.

ندخل إلى الموضوع ..... عثمان هو امير المؤمنين عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين كما يصنفه التاريخ الإسلامي .. و قميص عثمان له موقفان في التاريخ الإسلامي ..

الموقف الأول و هو ولايته لأمر المسلمين ( الخلافة ) . ( يقول الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لعثمان بن عفان ) .. يا عُثْمَانُ، إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا، فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ فَلَا تَخْلَعْهُ، يَا عُثْمَانُ، إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا، فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ فَلَا تَخْلَعْهُ، يَا عُثْمَانُ، إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا، فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ فَلَا تَخْلَعْهُ .. ثلاثاً .. رواه الترمذي.

أما الموقف الثاني فهو كما يقال .. إستخدام قتلة عثمان لقميصه الغارق بدمه و الذي كان موجود في مسجد بدمشق .. إستخدام هذا القميص في مفارقة عجيبة لإثارة الناس ( الفتنة ) و حثهم على القصاص من قتلة عثمان ..!!! بإعتبار أن غيرهم هم قتلة عثمان.. وهذا ما قال فيه الامام على بن ابي طالب ( حق يراد به باطل ).

يخبرنا التاريخ الإسلامي .. ان احداً من الناس ( فيروز .. المعروف بإسم أبي لؤلؤة المجوسي ) قتل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. و بايع بعدها المسلمون بكل قبائلهم و عشائرهم الخليفة عثمان بن عفان أميراً للمؤمنين .. و ما أن لبث يدير امور البلاد و العباد .. حتى خرج عليه نفر من المؤمنين بثورة .. يدعون فيها فشله في إدارة شؤون البلاد و يطلبون منه التنحي ( التخلي ) عن إدارة شؤون المسلمين .. رفض الخليفه أن يتنحى .. تجمعوا عليه و بدأوا في جمع الوفود من سائر الأمصار .. سانده بعض المسلمين و ارادوا أن يحاربوا هذه الفئه المعترضه .. لكن عثمان رفض محاربتهم .. و صار جدلاً كبيراً إنتهى بأن رشح المعارضون الإمام على بن ابي طالب لمنصب الخلافة .. إلا أن الخليفة عثمان رفض .. و من قبله رفض الإمام علي أن يخنث في بيعته للإمام عثمان .. و إنتهى الأمر بمقتل الخليفة عثمان بن عفان في بيته على يد المعارضة في غفلة من مناصريه .. مات الخليفة بيد بعض ممن إختاروه خليفة يوماً و بايعوه بالنفس و المال و الآرض .

و جاء الإمام على بن أبي طالب بإجماع عام لمنصب أمير المؤمنين .. و إنسحبت المعارضة من الميدان .. ثم مالبث الإمام على أن يدير شؤون البلاد و العباد و بعد أربعة أشهر تقريباً حتى ظهرت له حركة معارضة جديدة.. يتزعمها معاوية بن أبي سفيان والي بلاد الشام .. و أعلنها صراحة .. لن أبايع علياً أميراً للمؤمنين قبل القصاص من قتلة عثمان ( دم الشهداء ) و بعد طول شد و جذب لم يجد الإمام علي بُد من إعداد الجيوش لملاقاة معاوية لإجباره على البيعة له .

أعد الإمام علي جيشه و أعد معاوية جيشه .. و حاول الكثيرين الوساطة بينهما لحقن دماء المسلمين .. إلا أن أحداً لم يفلح في ذلك .. و كان من بين الوسطاء الذين سعوا للصلح و فداً من الجند قوامه ثلاثون ألف رجل قادته السيدة عائشة رضي الله عنها و ذهبت بهم للبصرة للقصاص من قتلة عثمان حتى تجنب الحرب بين علي ومعاوية ( هكذا تقول بعض الأراء في التاريخ الإسلامي ).. و تخيلت انها بكونها زوجة رسول الله صلى الله عليه و سلم و أم من أمهات المؤمنين أن ذلك سيكون له إعتبار عند أي من الطرفين .. إلا ان تدخلها أشعل معركة عـُرفت تاريخياً بإسم ( معركة الجمل ) بعد فتنة جديدة إفتعلها نفر من قتلة عثمان ( كما يُروى ) .. و تطور الموقف بين الإمام علي و معاوية إلا أن تدخلت أطراف أخرى و حولت الأمر لنزاع على منصب الخليفة بين علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان .. إنتهى بخديعة ابي موسى الأشعري .

إلتقى الجمعان في معركة صفين و صارت حرباً بين المسلمين و المسلمين .. و تم قتل الإمام علي بن أبي طالب .. و بايع المسلمون الإمام الحسن بن على بن ابي طالب أميراً للمؤمنين في الكوفة .. إلا أن ذلك لم يثني البعض بزعامة عمرو بن العاص عن مبايعة معاوية بن أبي سفيان أميراً للمؤمنين و كان ذلك في بلاد الشام .

أي أن دولة المسلمين أصبحت دولة واحده ذات رأسين .. رأس في الكوفة الخليفة فيها هو الإمام الحسن بن علي .. و رأس في بلاد الشام الخليفة فيها هو معاوية بن أبي سفيان.

سنتوقف هنا .. و لنحاول ان نعيد قراءة هذا التاريخ بموضوعية .. أو بالأحرى نستقرأ التاريخ .. لعلنا نفهم شئ .. شئ من شأنه أن يساعدنا على فهم الواقع و محاولة إستقراء المستقبل ... و طبعاً أنا هنا أقصد الحال في مصر الغالية .

أنا لا أقصد التشبيه بين أحد و أحد .. أنا فقط أعيد قراءة التاريخ لأرى عوامل الإختلاف و التطابق بين الواقع و الماضي .. و افهم انني يجب علي الفصل بين شخوص الأحداث .. و ما كان ينفع في الماضي ليس بالضرورة أن ينفع الأن .. افهم ذلك جيداً .

لكني أقوم بالقياس بين حدثين بينهما فترة زمنية طويلة و لكن طريقة تفكير أبطالهما تتشابه إلى حد بعيد .. دوافع تحريك الأحداث أزعم أنها تتطابق .. علامات تواجد الأيادي الخارجية التي تسعى للهدم موجوده في كلا الحدثين و بوضوح تام .

صورة المسيرين الذين وضعت امامهم صورة تبتعد كثيراً عن الواقع و لكن يتم توظيفها بحرفيه من كلا الطرفين من شأنها إثارتهم .. هذه الصورة أيضاً موجوده بوضوح في الحدثين .

وضعية المتابعين للحدث فقط و قد يكونوا راضين أو غير راضين لكنهم لا يقحمون أنفسهم في الأمر ( حزب الكنبة ) هي أيضاً موجوده في كلا الحدثين بوضوح كبير .

رفض المعارضة لكل محاولات الحاكم للتهدئة و الإصلاح و إعادة بناء الدولة التي سرت فيها الفتنة .. و بناء الدولة أولاً ثم القصاص من القتلة .. ايضاً موجودة في كلا الحدثين .

إشتعال الأمور بين الحين و الأخر بدون أي سبب حقيقي و بروز واضح لصبابين الزيت على النار من هو معلوم منهم و من هو مخفي لتبقى الدنيا مشتعلة مما يثير لغطاُ عند العامة .. ايضاً موجود في كلا الحدثين .
زيادة عدد القتلى كل يوم عن سابقه تحت بند المناداة بالقصاص من القتلة و حقوق دم الشهداء مما يكلف الأمور عدداً جديداً من الشهداء .. أيضاً موجود في كلا الحدثين .

و الأن علينا أن نتوقع ما ستنتهي إليه الأمور .. هل ستنتهي الأمور مثلما إنتهت دولة العدل و الشورى (الديمقراطية) إلى دولة ملكية يرث فيها الإبن الحكم من أباه كما حدث مع ابطال القصة القديمة ... أم ان لأبطال القصة الجديدة رأي أخر.


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية