مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 أنــا .. لا أريـد إسقـاط النظـام

 

ماهر ذكي

 

ماهر ذكي
.............

في البداية احب ان اوضح للجميع انني اتحدث هنا عن نفسي فقط .. و لست مفوضاً من أحد لأتكلم بإسمه .. ولا أعلم من سينضم إلي و من سيعارضني ..و يخيل لي انه حينما اقول انني ( أنا ) لا أريد إسقاط النظام .. ان احداً لن يتبرع بشتمي و لعن والداي .. و لو انني ( لا اضمن ذلك ) و لكن على الأقل هو إجراء وقائي و كما قال السابقون .. الوقاية خير من العلاج.

لكن .. لماذا أنا لا أريد إسقاط النظام ؟؟ بل و لماذا تجرأت لهذه الدرجه لأعلن أنني لا أريد ما أعلن ملايين من الناس أنهم يريدونه .. لماذا الأن لا أريد مطلباً لطالما كنت أريده .. بل و ذقت في سبيله المُر ؟؟ لماذا لا أريد هذا المطلب الذي عندما خرج من أفواه المطالبين به خلخل قواعد قصور الحكام الذين مكثوا على رقاب العباد لعقود من الزمن ؟؟ لماذا ...أنا لا أريد إسقاط النظام .

انا لا اريد إسقاط النظام إذا كانت مصر ستعيش في حالة اللا نظام و كل واحد من أبنائها يحاول ان يزحزحها نحوه هو فقط لتتماشى مع مصالحه ...

أنا لا اريد إسقاط النظام ..إذا كان النظام الجديد يتطلب ان يقتل المصري اخيه المصري .. او يخونه .. او يحقر من شأنه .. او ينكر حقه في التعايش في وطنه... أو ان يحتاج المصري لجدار عازل بينه و بين اخيه المصري ليكفوا عن الإقتتال فيما بينهم .

أنا لا أريد إسقاط النظام ..إذا كان النظام الجديد يقوم على العنصرية و هدم الأخر الذي هو شريك لي في و طن بناه جدي و جده سواء .. و وجب علينا ان نمهده لولدي و ولده سواء أيضاً كما فعل الأجداد...

أنا لا اريد إسقاط النظام ..إذا كان النظام الجديد سيقسم المصريين لميدانين أحدهما تحريرياً و الأخر عباسياً أو مصطفى محمودياً أو اياً ما كان إسمه .. و يكون الامر الطبيعي فيه أن يتم تقسيم المصريين لوطنيين و عملاء .. لمأجورين و مخلصين .. لمثقفين و جهلاء....

أنا لا أريد إسقاط النظام ..إذا كان هذا النظام الجديد يحوي من بين مكوناته من كان يطالب بالديمقراطية و حقوق الأخر و إعلاء مبدأ سيادة القانون .. و يوم أن يأتي الدور على تطبيق كل هذه الأشياء يعترض عليها و ينزل للشارع و يتهجم على من يحاول تطبيقها بدعوى ان ذلك ليس في مصلحة الوطن الأن .. بعدما تأكد انه سيخرج من المولد بلا حمص .. و يبرر ذلك بأن هناك فصيل بعينه سيستحوذ على البلد لأنه هو من يتمتع بالتنظيم و يملك المال و القوة ..

أنا لا أريد إسقاط النظام .. إذا كان النظام الجديد لا يفهم متطلبات الشعب و ينتظر ان يحركه برنامج تلفزيوني ( توك شو ) .. أو معركة في شارع محمد محمود يموت فيها زهر من زهور الوطن بهذه السهولة وبدون سبب .. ليتحرك و يتخذ خطوات من شأنها ان ترسم خريطة لمصر المستقبل..

أنا لا أريد إسقاط النظام ..إذا كان النظام الجديد في مصر سيكون قانونه أن من ليس معي فهو ضدي .. ثم يرفض كل فصيل فيه الفصيل الأخر بدعوى انه لا يفهم في مصلحة الوطن .. نظام ترفض فيه الكنيسة التيار الاسلامي .. و يرفض فيه التيار الإسلامي الكنيسه .. و كلاهما يرفض الجيش .. و الجيش يرفضهما .. و حرب ضروس .. و كأن الشعب أغنام يسوقها من يملك قوة الدين او المدفع فقط..

أنا لا أريد إسقاط النظام ..إذا كان النظام الجديد سيأتي إلينا و كأنه فتح إسلامي لبلاد الكفار .. نظام يعتقد انه جاء لأمة من الجاهلين بأمور الدين و ان عليه ان يعلمهم من جديد .. و كأن ألف و أربعمائة عاماً ضاعت سدى ما بين شعرات لحاهم الطويلة و جلبابهم القصير .. و انهم سيبدأون في تلقيننا تعاليم الدين من نقطة الصفر .. و لتكن نقطة البداية ( المرأه ) التي يجب ان نوأدها لأن كل شئ فيها عورة و حرام من أخمص قدمها و حتى شعر رأسها..

أنا لا أريد إسقاط النظام ..إذا كان النظام الجديد قد جاء ليرهب الناس و يفجر رعبهم على ابواب أرزاقهم التي سيغلقها النظام الجديد ( كالسياحة و الترفيه و الشواطئ و الفنون و الآثار ) و خاصة انهم أفنوا عمرهم فيها ولا يعلمون وظيفة او مهنة أخرى ليعملوا بها.. و حتى ان كانوا يعرفون .. فهم ليسوا على إستعداد لأن يبدأوا في عمل جديد من تحت الصفر .. لأن عملهم ( الذي لا يوجد به ما يعيبه ) لا يتوافق مع النظام الجديد...

أنا لا أريد إسقاط النظام ..إذا كان النظام الجديد سيترك مشاكل مصر الإقتصادية و الصحية و التعليمية و غيرها من الأمور الصعبة .. ليتفرغ للحديث عن قيادة المرأه للسيارة و إن كانت حرام أم حلال .. و الخلوه متى تكون شرعية و متى تكون غير شرعية .. و هل سندخل الحمام بالرجل اليمنى ام اليسرى .. و نترك البحث العلمي و نتفرغ للإجابة على سؤال يقول .. هل يجوز لي ان أتزوج من إبنة خال عمة جوز خالة مرات أبويا أم لا .

أنا لا أريد إسقاط النظام ..إذا كان هذا النظام سيكسر ثوابتنا الإجتماعية و الأخلاقيه تحت شعار الحريات الشخصية .. و يسمح لفتاة بأن تصور نفسها عارية و تنشر صورها بنفسها على الإنترنت .. متحدية بذلك كل أخلاقيات مجتمع محافظ بمسلميه و مسيحيوه كالمجتمع المصري.

أنا لا أريد إسقاط النظام ..إذا كان النظام الجديد سيجعل المواطن المصري يرفض الخبز و يطلب الأمن و الأمان فقط .. بل و يحلم بهما و يبحث عنهما في مصر التي قال فيها رب العزة جل شأنه ( إدخلوا مصر إن شاء الله امنين ) { يوسف - 99 }.. و حينما يصل هذا المطلب لرئيس وزرائها .. يبكي و تنزل دموعه على الملأ..

أنا لا أريد إسقاط النظام ..إذا كان النظام الجديد سيجعل المصريين يترحمون على الماضي و يتمنون يوماً من أيامه .. إذا كان هذا النظام سيجعل المصريين يندمون على أيام نظام هم من ثاروا عليه و أسقطوه بقوتهم و إرادتهم.. و فرحوا بسقوطه في كل شبر من أرض مصر.

أنا لا أريد إسقاط النظام ... إذا كان النظام الجديد لديه إصرار عجيب على ان يذهب بنا للماضي و يغرقنا في حكاياته و تفاصيلها المملة .. فهذه قصة كواليس التنحي .. و هذه قصة علاقات شخصية .. و هذه قصة فساد فلان .. و هذه قصة تدخل ترتان في كل صغيرة و كبيرة .. و هذه قصة أمنا الغولة .. و يفرض علينا ان نغرق في براثن الماضي و لا نلتفت للحاضر الصعب و المستقبل الأصعب .. غير مدركين ان اللحظة التي تمر علينا و نحن في حالة الإعوجاج هذه تحتاج لسنين لتقويم هذا الإعوجاج .. أي أن اللحظة الأن تساوي سنوات من المستقبل .. و نحن لا نفقد اللحظات فقط بل نفقد الساعات و الأيام و الأشهر ... و قد نفقد السنين أيضاً..

قولي قد قلته .. و لا أعلم من معي و من ضدي .. لا أعلم من سيظل يقول .. الشعب يريد إسقاط النظام .. و من سيقول أنا لا أريد إسقاط النظام.

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية