المصريـون و الثـورة الفشنــك
| |
ماهر ذكي | |
ماهر ذكي
.............
الفشنك يا ساده عندنا نحن المصريون هو نوع من انواع البارود الذي يحدث صوت فقط .. اي فرقعة .. كلام فاضي يعني .. مثل الذي يستخدم في المسلسلات و الأفلام .. ولا ادري اذا كان باقى الأخوه العرب يستخدمون هذا المصطلح ( الفشنك ) أم لا. و ما علاقة الفشنك و البشنك بالثورة .. وما دخل الثورة بالفشنكات... أقول..ان ثورة المصريين و التي تعرف تجارياً بإسم ثورة 25 يناير و بعد تسعة اشهر من ميلادها أثبتت لنا و بجدارة انها ثورة فشنك .. أي فرقعه فقط .. صوت و بس من غير فعل.
ان الثورات يا سادة تحدث في مجتمع ما لتنقله من وضع سيئ لوضع أحسن حالاً .. على عكس الثورة المصرية التي نقلت المصريين من وضع سيئ لوضع أسوأ .الثورات تحدث في المجتمعات لتجمع الناس على كلمة سواء فيها مصلحة الأمة .. على عكس الثورة المصرية التي فرقت فئات الشعب إلى عشرات من الشُعب المتباعده .. حتى من كانت تتلاقى منها في المصالح قبل 25 يناير و كانت تأتلف مع بعضها البعض .. تجدهم يتناحرون اليوم كل على فتاته.
الثورة تكون ثورة عندما تتلاشى المطالب الخاصة و تغلب المصلحة العامة على سلوك كل الطوائف .. على عكس الثورة المصرية التي أظهرت مطالب للمصالح الشخصية و الذاتية ( فئوية ) بعدد لم يكن معروفاً من قبل 25 يناير .. و الكل يريد لمطلبه ان يتحقق الأن ( ناو ) و إلا قطع طريق او اعلن إضراباً ..حتى الأطباء يا سادة اضربوا عن العمل و تركوا المرضى على أسرتهم تأكلهم الألام من أجل إضراب لتحقيق بعض المطالب التي لم نسمع عن اي منها قبل 25 يناير .. و ليس الأطباء فقط بل و العمال و المدرسين والمهندسين و المحامين و كل الفئات بمن فيهم الشرطة .. وكأن المصريين إستفاقوا من سباتهم الطويل جميعا مرة واحده و يريدون ان يحصلوا على حقوقهم دفعة واحده .. و الله عفركوش بن فرطكوش أو شمهورش ملك الجن الأحمر ذات نفسه ما يقدر عليها .
الثورة تقوم و لها قائد او مجموعة من النخبة الذين يملكون فن ادارة العامة .. على عكس الثورة المصرية التي لم تعرف قائد لها حتى الأن و عندما تسأل أي من جماعة (التوك شو) يهرب من السؤال بإجابة نموذجية ( الشعب المصري هو قائد ثورته) و تراهم جميعاً يلفظونها بنفس طريقة النطق و كأنهم مدربين عليها تدريباً جيداً.. و ثوره بدون قياده (جيده كانت ام سيئة) مثل سيارة بدون وقود او شباك بدون زجاج.
الثورة تقوم لتظهر مدى تحضر من قاموا بها .. هم ثاروا على وضع تنتفي فيه صفات التحضر و الرقي و لذلك ثاروا عليه ليقدموا للعالم نموذج حضاري يثبت انهم كانوا محقين في ثورتهم .. مثلا مافعله الضباط الأحرار مع الملك فاروق بعد ان خلعوه من حكم مصر .. عاملوه معاملة هي قدوه و نموذج يحتذى به في العالم .. حيث اقاموا له موكب وداع رسمي بطلقاته النارية و موسيقاه العسكرية و سفينة خاصة و وداع رسمي بوفد ممن يديرون البلاد وعلى رأسهم رئيس الوزراء على ماهر .. وداع يليق بمصر و ملك مصر ( حتى و ان كان به كل العبر على حد ماقالوا هم ) لكنهم اكرموه ليقدموا للعالم معاني جديده تعلم الناس الرقي و التحضر .. و ليؤكدوا للعالم ان هواية المصريين المفضله هي صنع التاريخ للأخرين .
على عكس الثورة المصرية الحديثه التي اتهمت كل من هم من مواليد قبل 25 يناير بالخيانة و العمالة و الفلوله أو الخضوع و الخنوع و الذل .. او السرقة و النهب .. ليس مهم التهمة .. المهم ان هناك ملايين ملايين من المصريين في قفص الإتهام .. و محاكم تعمل ليل نهار على قضايا ليست كاملة و لن تصدر فيها اية احكام .. لأنها قضايا تسقط عنها الصفة القانونية لعدم إستيفاء محررات الدعاوى التي اقامتها .
الثورات في التاريخ تبرز وجوه جديدة تعلم الناس مبادئ جديده و تنمي افكارهم و تزرع فيهم الامل المنشود بغد افضل و مستقبل واعد .. على عكس الثورة المصرية التي أبرزت لنا العديد من الوجوه التي أقل مايقال في أغلبهم انهم جهلاء أميين في الوطنية ..كما اظهرت الثورة مجموعة من الإعلاميين الذين يحتاج اغلبهم لهيئة عليا من الاطباء النفسيين لعلاجهم .. كما ابرزت مجموعة من المتحدثين في الشأن المصري يحتاج اغلبهم لخبير جنائي ليقول لنا لأي فصيل إجرامي ينتمي هذا المتحدث ( نصب.. سرقة .. خلافه ) .. كما اظهرت لنا عدد غير محدود من الأفاقين و المنافقين بشكل فاضح و سافر يدعوا للغيظ.
الثورات في التاريخ تبدأ في العقول أولاً ثم تتحرك لتصل لقصور الحكام و تتمكن و تحكم و تنهض و تصلح .. على عكس ثورة المصريين التي بدأت من حيث لايدري احد و واصلت بالصدفة .. و انتهى بها الحال للعشوائية التي تتصف بها الأن .
إن مصر اصبحت مثل سوق الخضار .. اصوات كثيره متداخلة و مختلفة في حدتها و قوتها و نوع سلعتها .. سوق و الكل يبيع فيه بضاعته .. و كلما كان البائع صوته أعلى كلما إلتف حوله الزبائن .. و لذلك لا تجد في مصر الأن صوت واطي غير صوت الناخب الذي سيتم تزويره كالعاده .. و لكن هذه المرة ليس بيد زبانية الحزب الوطني المنحل .. بل بيد جماعات و فئات هي اخطر على مصر من الحزب الوطني المنحل نفسه .. لأن الحزب الوطني كانت له اجنده واحده و هي كيفية سرقة خيرات البلد بأي طريقة .. اما جماعات و إتلافات اليوم فإن أجنداتها تحتاج لمئات الأسواق بحجم سوق الفجالة لتتعرف عليها.
ادعو لمصر و شعبها العظيم بالصحة و العافية .. و اتمنى لمصر أن تبقى مصر التي أعرفها و يعرفها العالم بأنها أم الدنيا .. أدعوا الله ان تتعافى مصر و تقف لتقول للجميع ( أنا إن قدر الإله مماتي .. لا ترى الشرق يرفعون الرأس بعدي .. ما راماني رام و راح سليماً .. من قديم عناية الله جندي ) كما قال حافظ ابراهيم.
و من كل ماذكرته على مسؤليتي اعلاه عزيزي القارئ .. هل ترى شيئاً في ثورة المصريين غير انها ثورة فشنك.؟؟