مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الصغير والكبير في حكم مصر

 

 ذكى

 

بقلم : ماهر ذكى
....................

كان الملك فاروق ملكاً لمصر والسودان .. كان البعض يحبه و البعض يعشقه و البعض يستفيد منه والبعض يكرهه .. لكن ما من شك ان فاروق كان ملكاً يفهم مكانته و كانت له هيبته و مكانته في المنطقة بل قل في العالم.. وحينما قام عليه ضباط الجيش بإنقلاب ايده الشعب فصار إسمه ثورة يوليو .. عامله الضباط معاملة حاكم سابق و أعطوه حقه كاملاً في التكريم كملك كان حاكماً لبلد عظيم مثل مصر .. و حسب ظني ان هذه هي المرة الوحيده في تاريخ العالم التي شهدت ثورة على حاكم يتم عزله فيها ثم يخرج مكرماً ممن قاموا عليه بالثورة.
ترك فاروق الحكم و كان مقعده كبيراً .. و ظن الكثيرين ان أحداً لن يستطيع ان يملأ الكرسي .. و ستنزلق مصر في الفراغ السياسي.
وجاء محمد نجيب اول رئيس لجمهورية مصر العربية .. و كان رجل عسكري لا يملك اي خبرة سياسية .. و إنشغل بتمكين نفسه في السلطة .. فحفر له رفقائه حفرة الكمين فسقط فيها .. و ترك الكرسي كبيراً على من سيأتي بعده .

و أتى جمال عبد الناصر إلى الحكم .. و استلم الكرسي الكبير .. و انشغل أيضاً في تصفية رفقاء الأمس .. لكن عبد الناصر كان قد تعلم الدرس من تجربة نجيب .. و تعامل مع الأمر بطريقة أكثر ذكاء من نجيب .. فإلى جانب تصفية الخصوم أوجد لنفسه طريقاً موازياً يعطيه الشعبية و القوة .. إهتم بقضايا البسطاء المهمشين و عالج الكثير منها .. إتخذ قرارات حقيقية لبناء دولة حقيقية .. بإختصار ... كان يملك الحلم .. زادت شعبيته و أحبه الناس .. و كانوا سنداً له في حربه مع خصومه وناصروه و نصروه عليهم .
لكن عبد الناصر وقع في خطيئة اهل الثقة .. إعتمد عبد الناصر على أهل الثقة في كل المواقع في الدولة لا أهل الخبرة و الكفاءه .. فكانوا مثل السوس الذي نخر عظام دولته القوية .. إلى ان سقطت الدوله على يده فيما يعرف بنكسة 67 .

إستيقظ عبدالناصر من غفوته .. و بدأ يغير من سياسته و يعتمد على اهل الكفاءة .. و بدأ بالجيش .. فأسس لجيش متين تسقط فيه كل المعايير إلا معيار الكفاءة .

و رحل عبد الناصر عن الدنيا و كان رحيله بمثابة لطمة على وجه الملايين من المصريين و العرب و الأفارقة و بعض دول شرق أسيا و أمريكا اللاتينية .. رحل عبد الناصر و ترك كرسي الحكم كبيراً جداً .. و تأكد الجميع أن احداً بمفرده لن يستطيع أن يملأ كرسي حكم مصر.

وجاء السادات لحكم مصر .. و بدأ نفس البداية .. إنشغل بالتخلص من رفقاء الأمس الذين أزعجوه كثيراً .. و لأن السادات كان قارئ جيد و كان أكثر ذكاءً من عبد الناصر و نجيب .. فوضع كل إهتمامه و تركيزه في علاج النكسة التي كسرت ظهر عبد الناصر .. و حقق نصر أكتوبر مع الجيش الجديد الذي كان قد وضع أساسه عبد الناصر .

ولأن السادات كان محللاً جيداً للأحداث فحاول الإبتعاد عن خطيئة عبد الناصر الكبرى – أهل الثقة – فشرع في بناء دولة المؤسسات .. و كانت هي عصا موسى التي منحته القوة و السيطرة في حكم مصر بسلاسة وكذلك خلصته من كل خصومه دفعة واحده.

و بهذه الطريقة وحدها إستطاع السادات ان يملأ وحده و من دون شركاء الكرسي الكبير الذي تركه عبد الناصر.. و كانت خطيئة السادات الكبرى .. هى الغرور و الإستعلاء و التكبر .. فبدأ يتصرف منفرداً لا يسمع لأحد .. لا يستجيب لنصيحة .. فقط هو الحاكم الإله .. و دفع ثمن ذلك حياته.

و كالعادة ظن الكثيرين بأن كرسي حكم مصر كبيرا جداً على من سيأتي بعده .. السادات كان بطل الحرب و السلام .. كان مؤسس دولة المؤسسات .. كان بطلاً شعبياً لا جدال في ذلك .

و جاء حسني مبارك لحكم مصر .. و لأن مبارك لم يكن يحلم يوماً بهذا المنصب مثل سابقيه الثلاثه فإنه إصطدم بالكرسي .. و لأنه لم يكن قارئ ولا مطلعاً .. و لأنه كان محدود القدرات الذهنيه و الفنية التي تلزم لمنصب حاكم مصر .. فإنه بدأ بداية إختلطت فيها عوامل القوة عند سابقيه الثلاثه .

بدأ قوياً حازماً .. إهتم بقضايا الفقراء والمهمشين .. إحترم المؤسسات في الدولة و أكد عليها و دعمها .. حسن السياسة الخارجية و أعاد الكثير من العلاقات الخارجية .. اعاد السيطرة لمصر على البلاد العربية وإفريقيا ..
إستطاع في زمن بسيط ان يملأ الفراغ .. و ان يملأ الكرسي وحده من دون شركاء .. لم ينشغل بتصفية أي خصوم .. وسار في طريقه يحصد شعبية يوماً بعد يوم.

كان حريصاُ على ألا يقع في خطيئة أياً من سابقيه .. بل كان يفضل الهدوء دائماً في معالجة المشاكل .. لم يصطدم بأحد لفترة طويلة
و دانت له الأمور .. أصبح الحاكم القوي الواثق المتمكن .. و لأنه لم يكن يملك اي حلم .. صارت أيام حكمه تشبه بعضها بعضاً .. و طول مدة حكمه لمصر فتحت الباب امام الطامعين ليكونوا مجموعات من المستفيدين على حساب أي شئ .. فلقد ساء في عهده مجمل حال مصر من تعليم و صحة و إقتصاد و تنمية و غيرها من جوانب الحياة .. و كانت خطيئة مبارك القاتلة هي الإهمال .. لأن الإهمال غيب الدولة و أدواتها في كل شئ .. فإنتشر الفساد وفاحت رائحة سقوط الدولة و ازكمت الأنوف و أشمها كل الناس إلا مبارك و حاشيته .. و كان ثمن هذه الخطيئة باهظاً على مبارك .. فقد قام الشعب عليه و إستغلت بعض الأطراف الخارجية و ذوي المطامع من الداخل هذه الهبة الشعبية .. و تضافرت الجهود و تم إسقاطه و أزاحوه عن الحكم و كان مصيره السجن .

و جاء للحكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة .. و لأنهم عسكريون لا يفهمون في ألاعيب السياسه .. و لأنهم جديون مستقيمون كعادة أهل العسكر فقد تلاعبت بهم اطراف عده .. داخلية وخارجية .. و كانت خطيئتهم هم أيضاً انهم حاولوا إرضاء الكل .. لم تكن لديهم رؤية ولا حلم في حكم مصر بعد إنتفاضة شعبية كهذه .. شيئاً فشيئأ تحول حرصهم على إرضاء الجميع لخوف من المجهول .. فإنزلقوا بمصر في منحنى هو الأخطر على الإطلاق في تاريخ مصر.

وجاء لحكم مصر محمد مرسي العياط .. و لأنه لم يكن يحلم يوماً بأن يكون شيخ حارة .. و لأنه لا يملك قراره الشخصي على الأقل لأنه ليس ملكاً لنفسه .. فهو مملوك لجماعة مأمور منها بالسمع و الطاعة و مديناً لها بوصوله لهذا المنصب .. أصبح رئيساً تنفيذياً .. او قل مسؤول ملف رئاسة الجمهورية في جماعة الإخوان المسلمين.

ولأن هذه الجماعة إنشغلت طيلة أكثر من ثمانين عام في الوصول للسلطه و القفز عليها .. فإنها جمعت كل خطايا الأنظمة السابقة كاملة .. من إنشغال بالتمكين و تصفية خصوم و تعالي و تكبر و إهمال وعدم خبرة سياسية .. أنهم يقودون قطار مصر نحو الهاوية .. فقد جعلوا من مندوبهم مرسي قزماً .. و أصبح هو الشخصية الوحيدة في تاريخ من حكموا مصر هو القزم التابع منفذ الأوامر .. وكنت اظنه سيكون مثل عز الدين ايبك المملوك ايضاً و زوج شجرة الدر الذي جاء لحكم مصر و هو زوج السلطانه .. إلا انه كان أكثر رجولة و لم يرضى بأن يكون تابعاً بل إنفرد بالحكم و قام بتهميش السلطانة شجرة الدر.

ان مصر لم يحكمها صغيراً من قبل و اصغر من حكمها قهر جيوش الهكسوس ( أحمس ) و الصغير الأخر الذي حكمها سماه علماء التاريخ نابليون مصر القديمة لأنه كان أعظم ملوكها على الإطلاق ( رمسيس الثاني ) هؤلاء هم الصغار الذين حكموا مصر .. و لن نتطرق للكبار لأن القائمة كبيرة .

إن الرجل الذي يجلس الأن على كرسي حكم مصر عليه أن يفهم ان ملوكاً فراعنة عظام و من بعدهم عمرو بن العاص و صلاح الدين الأيوبي و سيف الدين قطز و الظاهر بيبرس و محمد على و جمال عبد الناصر و غيرهم الكثيرين جلسوا على هذا الكرسي .. كرسي حكم مصر ليس للصغار.. و إن لم يفهم ذلك الدكتور محمد مرسي العياط .. فإنه سيذهب هو وجماعته لنفس المكان الذي ذهب إليه كل الأقزام الذين حاولوا الصعود على ظهر مصر .. بداية من ست إله الشر عند الفراعنة حتى حمد بن جاسم امير قطر المخلوع.

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية