| | | | جبر الخواطر
| | حسين | |
بقلم : أحمد حسين .....................
في معرض مقالة للدكتور معتز بالله عبد الفتاح بعنوان ( الطفل الذي مات ) في جريدة الوطن ، تساءل الاستاذ في جامعة القاهرة عن السبب في الكوارث التي حلت بمصر ومن هو المسؤول عن كل ماحدث ويحدث. وظل يضرب الامثلة في قصة من قصص الخيال الادبي التي تخلو من اي فن. وبرغم من اننا لا ننقص حق القوم في التعبير عن ارائهم وافكارهم ولكننا نعترض احيانا ليس على الكتابة او طرح المواضيع ولكننا نعترض على المحتوى او المضمون. فالذي قصده الاستاذ الدكتور من المقال ان مصر تمر بمشاكل لايعلم احد كيفية حلها او من هو المسؤول عنها. ولا ندري كيف لايدري الاستاذ الدكتور من هو المسؤول عن كل الترهات التي تحدث برغم وجوده في الساحة السياسية .وهو ايضا كان موجودا في حكومة الدكتور عصام شرف وكان موجودا في اللجنة التاسيسية. الا يكفيه وجودا مثل هذا حتى يعلم من هو المسؤول؟؟ الا يكفيه منصبه سواء في جامعة القاهرة او جامعة ميتشجان او المناصب الاخرى او حتى وجوده في الصحف او الفضائيات ليل نهار حتى يعلم من هو المسؤول؟؟ الى هذه الدرجة لم تسعفه مناصبه وشهاداته وعقله؟ واذا لم يكن يعلم من المسؤول فمن سيعلم، عم فرج الخباز ام الحاج درويش الدجال؟ انه زمن عجيب لا تعرف من العالم ومن الجاهل فعلا.
من هنا نحب ان نفترق الى طريقين ونناقش ابعاد السير فيهما. اما الاول فطريق المعرفة التي يتوجب ان يتحصل عليها المرء لكي يكون مؤهلا للكلام قبل ان يكون مؤهلا للفعل. فالدراسة الاكاديمية التي يتحصل عليها كل فرد ان استطاع لاتجعله ذو رأي او علم ان لم يضيف اليها. فالدراسة ماهي الا طريق بدون اضاءة وما عليك بعدها الا ان تضيئه بفكرك وعقلك.
هي تعلمك فقط كيف تقبض على المفتاح وعليك انت ان تديره لكي تنير الطريق. فكل العلوم بدون اي استثناء ليس لها اي فائدة ان لم تعرف كيفية استخدامها. فكم من متعلم جاهل بكيفية استغلال علمه. فكل منا لديه عقل يمكنه حفظ مليارات من الصفحات ولكن قليل منا من لديه القدرة على التحليل واستنباط الافكار وطرح الاكتشافات الجديدة. ولن اسرد لك نوعية الاختراعات والمكتشفات والعلوم التي خرجت من اناس لم يتحصلوا على دكتوراه فلسفة او حتى بكالوريا ولكنهم بفكرهم وعقلهم فقط استطاعوا ان يشقوا غيوم السدم البعيدة بنظرة من اعينهم. حتى ان مهاتير محمد الذي يتغنون بأسمه ليل نهار في مصر لم يكن معه دكتوراه في الاقتصاد والعلوم السياسية ولكنه كان خريج كلية الطب ولا نعلم جيدا ماذا كان تخصصه. المهم ان الرجل عرف بعقله ماذا تريد ماليزيا ومن المسؤول!! لم يستخدم شهادة الدكتوراة خاصته في الكلام فقط بدون فعل لم يتشبث بمكان غيره ولم يطنطن في الصحف والمجلات عن مآسي ماليزيا وكبوتها ومن المتسبب فيها. لم يطرح الاسئلة بدون اجابة وتركها للالسنة تلوكها كل على نواياه.
وبناء عليه فان طريق المعرفة ليس مربوطا بطريق الدراسة. بمعنى ان دراستك العلمية قد تفيدك في مجال عملك التخصصي فقط ان استطعت استغلالها ولكنها لا تسعفك ان لم يكن لديك العقلية للتحليل والاستنباط واستخراج الجديد. الدراسة تفيدك داخل حلقات الدرس النظرية ولكنها بعيدة كل البعد عن الواقع العملي. لان الواقع العملي واقع تجريبي يحتاج ترابط افكار ومعطيات للتحليل. فان لم يكن لديك العقلية للتفكير العملي فالافضل لك ان لا تقحم نفسك في كل صغيرة وكبيرة وبعد ان تفشل فيما تفعله ترمي كل النواتج في اقرب مكب للنفايات ثم تلعن الظروف وتبحث عن المسؤول!! المفترق الاخر الذي نود مناقشته هو طريق النوايا ، او الخواطر بمعنى ادق. قلما نجد من يقدم على عمل اي شئ الا وتسبقه كلمة ( علشان خاطري ) وكأننا لا نفعل اي شئ الا بعد ان نعبد طريق النوايا. فنسمع كثيرا كلمة ( علشان خاطر مصر ) وضف من عندك ما يساورك من الخواطر. الم نتعلم بعد ان العمل ليس به خواطر؟ الا آن الاوان ان ندرك حجم مأساة الخواطر عندما تتدخل في العمل؟ فاذا سقط العمل الذي نفعله نتشبث برقاب بعضنا حينها ونلعن الظروف والايام التي تقابلنا فيها. العمل يا سادة ليس به خواطر، العمل مسؤولية وكد وجهد . من ينجح يجازى على نجاحه ومن يفشل تقطع رقبته بدون خاطر او تسمية عليه. العمل يا رفاق ليس به صديق تخاف عليه او أخ تجنبه الحساب. العمل ليس به نوايا انما ورقة وقلم ومسطرة وادوات رسم وحساب. واذا قضت الخواطر مضاجعنا فلا بأس من استخدامها بعد العمل ، في النزهة او عندما نشرب النرجيلة . لان الكارثة تحل عادة من زاوية الخواطر ، لانها تدفعنا الى التماس الاعذار لبعضنا.
وتجعلنا نشتم بعضنا في السر بدلا من المواجهة. ثم في النهاية تتوه المسؤولية بين الجميع ولاندرك من المتسبب فيها. وان حاولنا التحقيق وايجاد المتسبب في التقصير فلن نجد الا زبد البحر يتبخر من بين الايادي. ثم تتشكل الماساة وتنهار الدولة والمجتمع.
يجب على الجميع ان يدرك ان المسؤولية تقع على الجميع بالتساوي. لا فرق بين وزير وغفير. حددوا طبيعة ووظيفة كل واحد بالورقة والقلم. انيروا الطرق لكي يرى الجميع وجهتهم. راقبوا بعض وضعوا كل في مقامه. واذا وجد تقصير في جانب ساعدوه بدون تدخل في النوايا وان لم يفلح فازيلوه واكملوا الطريق.
هلا تعلمت الدرس يا استاذ دكتور الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة بعد؟ ام تريد المزيد من التعلم؟؟!!
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|