| | | | مقاطيع حفلة توقيع
| | حسين | |
بقلم : أحمد حسين ......................
لا أدعي كذبا انني من المتابعين لحفلات توقيع الكتب الجديدة للكتاب المشهورين. ولكن حظي أوقعني مرة يتيمة في احدى هذه الحفلات. ولا اخفيكم سرا بانني كنت في غاية السرور والغبطة وذلك بسبب انني كنت قد قرأت الكتاب الذي بصدده سيتم توقيعه وكنت من المتابعين لاعمال هذا الكاتب بالاضافة انني كنت من اشد المعجبين به وبأسلوبه في الكتابة والذي لا يخرج عن النمط العام هذه الايام وهي الكتابة الساخرة على الاوضاع. حتى انني قد احضرت معي بعض اعمال هذا الكاتب حتى يضع توقيعه عليها لاحتفظ بها واتباهى بها بين اقراني. ولم انسى بالطبع ان التقط بعض الصور بيننا حتى اريها لاصدقائي المغفلين لكي اضفي مسحة من الغرور والكبرياء على شخصيتي وبانني من المهمين في هذا الزمان. ولم أصدق عيني قبل الحفلة والتي اقيمت في احدى المكتبات المشهورة في مصر عندما شاهدت بأم عيني بعض اصدقاء الكاتب وهم من الكتاب ايضا بالاضافة لحضور شاعر مشهور عنه انه كان من اشد المناهضين لحكم مبارك وعائلته. فسلمت عليه ولازالت ليونة يده استشعرها عندما يراودني حلم الليلة العصماء. وكان عدد الكتاب الذين حضروا الحفلة لا يتجاوز خمسة بينهم سيدة مشهورة في عالم الصحافة. وبعد اقل من ساعة على تواجدي في المكان جاء الكاتب ومعه صديقه الشاعر ثم دخلوا المكتبة وجلسوا على المنضدة المخصصة لهم في مقابلة كراسي الحضور. وكان عدد الحضور لا يتجاوز الثلاثين بحكم ضيق المكان وبحكم ان المكتبة تعلم جيدا اعداد القادمين لمثل هذه الحفلات.
ولم اغفل قبل الجلوس ان اسبق الجميع وان اجلس في المقدمة حتى املأ عيني بالكاتب وبمن معه. فاعتدلنا جميعا عندما بدأ صديق الكاتب بالكلام وبالتعريف به وباعماله مع اضافة بعض كلمات الاطراء لزوم الحفلة. وكما هي عادتي فإنني لا يشغلني كثيرا الكلام بقدر انتباهي لحركات الانسان الذي يثير انتباهي وهو الكاتب في حالتنا تلك. فالذي لفت نظري انه كان يبدو عليه انه استيقظ من النوم منذ قليل ، وهو ذات نفسه اعترف بذلك عندما كان يأكل قطعة الحلوى التي قدمتها له المكتبة مع كوب من الشاي بأن ما ياكله هو الافطار. لذلك اكتشفت انه ينام متأخرا ويصحو متأخرا. ولما لا وهو الكاتب الذي يسهر طوال الليل في القراءة والكتابة. ولكن راودني سؤال ، لماذا معظم من يمتهن الصحافة او الكتابة وكان مشهورا تكون لديه مثل هذه العادات والسلوكيات؟ هل لا يفكر الكاتب الا ليلا ويتوقف عقله عن الابداع نهارا؟؟!!
المهم انني لم اتوقف كثيرا للتأمل وبدأت في الاندماج مع الحفل ومع اقوال هذا وتلك من اصدقاء الكاتب الى ان جاءت اللحظة الفارقة وهو الوقت المخصص للقراء والمتابعين لاعماله وهم الحضور ومنهم انا بالطبع. عادة لا أبدا ابدا بإلقاء الاسئلة واترك الجميع يستنفد مالديه من خزعبلات حتى اكون اكتشفت صورة لاشكال الاسئلة والاجوبة وحتى ادقق فيما سأقوله. ولم انسى طبعا ان اهتم بالسؤال وبطريقة القاءه باسلوب يجعل الجميع ينبهر بكلامي وحتى يقولوا من هذا العملاق الذي يجلس بيننا لعل احدهم يكتشفني او يقدمني الى مجتمع المشاهير واصحاب الصفوة. فبدأت اولا في الاصغاء جيدا الى الاسئلة الملقاة على الكاتب ، فوجدتها من نوعية ( ازي الحال ؟ ، وكيف الاولاد ، وتشكرات ، وابقى تعالى اتغدى عندنا ، وامي بتسلم عليك ) ولم اجد فيها بعد تمحيص دقيق اي سؤال عن محتوى الكتاب او مضمونه او فكرته حتى انني كدت اشك ان احدا منهم قد قرأ الكتاب.
وهالني كم السطحية في الاسئلة والاجوبة وكأن الحفلة انقلبت الى فقرة الساحر. وقبل ان تنتهي الحفلة بقليل ايقظني من سباتي سؤال وجهه لي احد اصدقاء الكاتب وكأنه استشعر او قرأ ما يدور بخلدي من اسئلة . وطلب مني بصورة مباشرة ان اسأل اذا كان لدي اسئلة . فوجدتني مفزوعا قليلا من هول المفاجاة حتى ان الافكار كلها طارت من رأسي فجأة. فتلعثمت الى ان تمالكت نفسي ولم اجد غير ان وجهت سؤال أضحك الجميع برغم انني كنت اؤمن بجديته. فالسؤال كان في عنوان الكتاب ذات نفسه ، العنوان كان يحمل اسما لافتا الى الانظار حتى انه حقق مبيعات خيالية بسبب اسمه فقط. وطبع منه اكثر من ثمانية عشر طبعات. وبرغم جدية السؤال من وجهة نظري الا انه لم يجب عليه الاجابة التي كنت اتوقعها. ولكنه لف ودار وغير الحوار.
وعند هذه النقطة فقط ادركت انه لا جدوى من حضور مثل هذه الحفلات لانها فعليا مضيعة للوقت ولن تنال منها الا بعض الصور والامضاءات العقيمة التي لن تضر ولن تنفع. بل انك سوف تخسر ثمن اجرة وسيلة المواصلات ذهاب واياب لكي تحضر مثلها ولن تغني عنك شيئا. وقبل الانصراف بقليل نظرت خلفي لاجد الجميع سعداء وانا الوحيد الذي يعلوني الامتعاض. ولم البث على هذه الحالة كثيرا حتى لا تزداد همومي فانفرجت اساريري وعلتني الابتسامات ووجهتها الى الجميع وسلمنا على بعضنا ( ويا دار ما دخلك شر ). وبعد ان خرجت من المكتبة سألت نفسي ( هو انا كنت جاي هنا ليه؟ ) ولم اجد اجابة طبعا كالعادة. فلملمت نفسي وتوجهت الى اقرب وسيلة مواصلات تقلني الى بيتي بعد ان انتهت حفلة مقاطيع توقيع كتاب..!!
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|