مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 نفسية الشعوب العربية: واقع ما بعد الاغتصاب

 

ثوراتنا مصنوعة

 

بقلم : حازم خيرى
......................


"من هم قوى السوق؟" محاضير محمد

ثمة أوجه شبه عديدة بين استقلال "قومي/مدني"، سبق وأن أحرزته بلداننا العربية بعد رحيل الاستعمار الأوروبي، وبين استقلال "ما بعد قومي/لامدني" نعيشه اليوم، على خلفية سقوط دولة العسكر[1945ـ2001]، وهي أنظمة عسكرية فاشية، مُطعمة بملكيات استبدادية، أجيز لها احتلال فضائنا بمشروعية الاستقلال الوطني.

أوجه الشبه هذه يساعد على حجبها عن ضمير مجتمعاتنا، تخلفها المُخنث، فضلاً عن ممارسات أصحاب الرأي فيها، كونهم ينتهجون "العمى الجزئي"، في تحليلهم الرديء، للماضي والحاضر، على نحو آية في الغموض. إذ ليس واضحاً ما إذا كان مفكرونا وساستنا على وعي كامل بتفاصيل المشهد ـ بحقائقه المريحة وغير المريحة ـ، أم أن تواضع المستوى وقلة المعلومات[ولا أدري كيف]، هو المسئول.

الاستقلال العربي الأول ـ أعني استقلال ما بعد الحرب العالمية الثانية ـ، أحرزته حكومات مشهورة لدى شعوبها بوطنيتها، برعت على نحو يفوق كل تخيل في إيقاف المد الثوري "الشعبي"، وكذلك في مزج البناء والإصلاح بالقمع والإرهاب، إلى جانب براعتها في التمكين لمدنيات "فاشية"، نالت بقوة من مصداقية الحكم المدني!!

استقلالنا الأول أنجب، بتخصيب شيطاني، اغتصاباً جماعياً لنفسية الشعوب!

أما استقلالنا الثاني ـ وأعني به الاستقلال العربي ما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ـ، فها هو يُجيز بمشروعيته للإسلام السياسي احتلال فضائنا العربي! فالإسلاميون في طريقهم لامتلاك زمام الأمور، هم ورثة العسكر بلا ريب، ولو أنهم ليسوا وحدهم، على ما يبدو! فثمة أمور عديدة تشي بحرص ثوراتنا "العولمية" ـ ربما غير المُدرك ـ، على غرس بذور مدنية "قوى السوق" الكونية..

مدنية "قوى السوق" الكونية الخفية هذه، يُتوقع لها أن تكون استنساخاً رديئاً للمدنية الأمريكية! هدفها ـ من واقع العديد من الأدبيات والتصريحات الغربية ـ هندسة وتأهيل ثقافتنا العاجزة عن النمو، لما بعد الاستقلال الثاني[ما بعد دولة الإسلام السياسي/الخلافة]! هذا على المدى البعيد، أما على المدى القصير، فقد يكون الهدف هو لجم التشظي القومي وتداعياته، وإيجاد مُعادل مدني "مصنوع" للطائفية بأنواعها!

ثوراتنا مصنوعة وليست مولودة، وفارق بين ثورة تُصنع..وثورة تُولد.

استقلالنا الثاني ما بعد صناعي، بمعنى أنه نتيجة للتحول الحاصل نحو "القوة الناعمة"! فبعد أن كانت مُنتجات عصر الصناعة "الصلبة" تُخاطب الجسد وحده، نجد منتجات عصر المعرفة وثورة الاتصالات تُخاطب العقل والقلب، عبر سلع وخدمات "لينة"، تدل على تعملق السيادة "اللينة" وزحفها الرهيب على حساب السيادة "الصلبة"، أعني الحدود المرسومة للدول، والبنى السلطوية الآمرة ـ كالجيش والبوليس.. ـ.

أعجبني كثيراً قول الماليزي الشهير محاضير محمد، في كتابه: "العولمة والواقع الجديد"، إنه على أبناء حضارتنا أن يتذكروا جيداً أنه قد فاتتهم الثورة الصناعية تماماً ـ بما صاحبها من إيقاظ للوعي ـ، وهم في نقاش مستفيض ومناظرات "لامجدية"! وأن قرون الثورة الصناعية شهدت كارثة تحطيم مجتمعاتنا!

والسؤال: إذا كان تحطم مجتمعاتنا قد تم في عصر الصناعة التنويري، فماذا سيحصل لنا في عصر ما بعد الصناعي، بكل استهلاكيته، وتحكمه الما بعد الحداثي "الفيديولوجي" في عقول وقلوب البشر، وحرصه على قتل الإنسان الداخلي المستقل؟!

الثائر الحق هو من يُكافح ضد الاغتصاب الجماعي لنفسية الشعوب.

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية