أمريكا بتتكلم عربي
...............................................................
هناء عبيد
..............
تقع مدينة ديربورن في ولاية ميتشيغن الامريكية، وهي مدينة صناعية ، ويوجد بها شركة فورد للسيارات. وتعتبر ديربورن أكبر مدينة للتجمع العربي، حيث تشكل الجالية العربية حوالي 35% من سكان المدينة. وتعتبر الجالية اللبنانية أكبر الجاليات العربية فيها، تليها الجالية اليمنية ثم العراقية
حين تدخل هذه المدينة الجميلة تنبهر بالمحلات والمتاجر العربية، فلا تكاد تصدق أنك في مدينة أمريكية، حيث المطاعم ذات المأكولات والجلسات العربيه المميزة، بالإضافة إلى المحلات التجارية التي يمتلكها العرب والتي تحيط بكل جوانب شوارع المدينة. حتى المحلات التجارية والمطاعم الأمريكية تحمل عبارات عربية، فكثيرا ما تقرأ مثل هذه الجمل العربية " أهلا وسهلا"، نتكلم العربية"، "تفضل بالدخول". كما أن معظم مطاعمهم بإختلاف أصولها، تكتب بألوان وأضواء زاهية كلمة "حلال" أو يوجد لدينا لحوم حلال، وهذا بلا أدنى شك أمرطبيعي جدا، فالمصالح الإقتصادية هنا تلعب دورها، بحيث تتحول اللغة العربية من لغة إرهاب كما يحلو للبعض أن يسميها إلى لغة عمل وتجارة مفضلة ومرغوبة
وكما تدل المحلات التجارية بيافطاتها العربية على أن هذه المدينة يغلب عليها الطابع العربي، فإن الملامح العربية الشرقية التي يتميز بها سكانها، لا يمكن أن تخفي بأنهم من أصول عربية بأي حال من الأحوال، حيث النظرات الفضولية للسيدات وبعض الرجال، والحجاب الإسلامي للسيدات المسلمات، كذلك المشية المميزة التي لا يمكن أن يختلف عليها اثنان بأنها مشية عربية، وحتى لو لم تتضح ملامح الوجه، بالإضافة الى السيجارة الموضوعة على جانب الفم لبعض المدخنين، والتي منها تعرف أن مدخنها عربي لا محالة. كذلك تشاهد العائلات العربية أمام المنازل، بعضهم يتناول أطراف الحديث، بينما ينهمك البعض الآخربتدخين الأرجيلة، في حين يلعب أبناءهم الصغار على مرأى من أعينهم
الحق يذكر، أن مدينة ديربورن تستحق ما يطلق عليها، إذ يطلق عليها البعض عاصمة العرب في أمريكا، فكل مظاهرها تأخذ الطابع العربي، لدرجة وجود متحف عربي فيها، يضم كثيرا من التراث العربي والإسلامي، حيث يحتوي على أعمال ولمحات عن علماء ورموز عربية وإسلامية مثال ابن الهيثم، إبن سيناء، جبران خليل جبران، وغير ذلك مما لا عد له ولا حصر. كما يوجد بها أكبر مسجد إسلامي في أمريكا. ويشكل المسلمون حوالي 60% من سكانها العرب و40% من المسيحيين، وكما ذكرت أعلاه فإن معظمهم من لبنان واليمن والعراق
وفي هذه المدينة الجميلة ترى نجاحات عربية وانجازات رائعة في جميع النواحي، حيث عيادات الأطباء، الصيدليات، المحلات التجارية الكبيرة، الجرائد المحلية العربية، هذا بالإضافة إلى المشاركة العربية في بعض المراكز السياسية الهامة. فالحق يقال، أن مدينة ديربورن تعتبر نموذجا ناجحا لمدينة عربية بمعنى الكلمة. وأجمل ما فيها أنك تشعر بذلك الحنين الذي يربطك ببلادك العربية، وتشعر بالسعادة الكبيرة أنك في أحضان الوطن بالرغم من آلاف الأميال التي تفصلك عن الأرض والأهل والخلان، فهي بمثابة الأم التي تحتضنك بأحضان العروبة والعادات والتقاليد والملامح الشرقية. وقد صادف في هذه الأيام إحتفال مدينة ديربورن، بالمهرجان العربي الدولي بدورته الخامسة عشرة، حيث تعرض مختلف البضائع العربية من ملابس وتحف شرقية، بالإضافة إلى جميع أصناف المأكولات العربية، كما تنصب به أيضا بعض الألعاب الترفيهية للأطفال، بالإضافة إلى وجود بعض الكتب الإسلامية والمسيحية. وبالطبع لم يخل المهرجان من الأغاني العربية الجميلة والدبكات والرقصات الشعبية. هذا وقد تعانقت الأعلام العربية في هذا المهرجان ممثلة تضامنا وتعاونا نفتقده هذه الأيام
وقد تنوعت أسماء المشاركين بالمهرجان، حيث الأسماء ذات الأصول الإسلامية والمسيحية، وقد حيا أحد مطربي المهرجان كل الجاليات العربية، الإسلامية والمسيحية من لبنانية، فلسطينية، أردنية، عراقية، سورية، يمنية، خليجية، مصرية، مغربية، تونسية وغيرها، كما حيا الشعب الجزائري بوصوله إلى مباريات كأس العالم، ولم ينسى بأن يحيي شعوبنا الصامدة في فلسطين ولبنان والعراق
لقد كان بحق مهرجانا جميلا جسد التآخي والوحدة العربية دون وجود لاي نعرات أو عنصرية أو كره. وقد أعدت بلدية ديربورن كل السبل الكفيلة بنجاح وسير المهرجان على أحسن مايرام، حيث أغلقت أكبر شارع في ديربورن، وكتبت يافطات أمام المنازل "ممنوع الوقوف بأمر من البوليس" لحفظ الخصوصية والنظام، وكذلك للمحافظة على أماكن لسيارات أصحاب المنازل. وما كان ملاحظا ومسترعيا للإنتباه في ديربورن، أن العرب استطاعوا التخلص من الماركة المسجلة لنا والتي تميزنا عن غيرنا وهي الفوضى وقلة النظام، مما يجزم بأن القوانين الرادعة هي أكبر ضابط للسلوك والنظام
الحقيقة وددت أن أشارككم هذه التجربة الجميله بالتعرف على مدينة عربية رائعة في أمريكا، شاهدة على نجاح وذكاء العرب بمختلف المجالات، إذا ما توفرت لهم الفرص والبيئة المناسبة، بالإضافة إلى الإشارة إلى المهرجان العربي الدولي الذي احتضنته هذه المدينه الجميلة والذي كان بمثابة دعوة جميلة لوحدة عربية بجميع إختلافات الديانات والمذاهب
أخيرا، وكما دائما، دمتم بألف خير ومحبة وسلام بجميع إختلافاتكم