مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 ماذا لو كانت الدجاجة إسلامية!!؟
...............................................................

 

احترام الأديان

 

بقلم : هناء عبيد
....................


إن احترام الأديان، وعادات وتقاليد الشعوب، والحريات العامة التي لا يتأتى عنها أي ضرر أو أذى بأي شكل من الأشكال، هي من أهم الأمور التي تصبو إليها البشرية السوية جمعاء، لأن الإحترام المتبادل بين جميع الفئات هو أحد العوامل التي تضمن التوافق وتوحيد المصلحة في سبيل رفعة وسمو أي أمة على وجه الأرض، وهو الضمان بأن تستغل ميزة الإختلافات بين أفرادها لتعمل بوتيرة واحدة لوضع لمسات الجمال والروعة على الحياة، وتنوع الثقافات وإثراء الفكر والإبداع.

لكن للأسف، فإننا نجد بأن هناك إنتقادات ملحوظة لجل مظاهر الحياة من بعض الفئات التي لا تريد أن تنهض بهذه الأمة عاليا (وأرجو الإنتباه إلى أنني لا أشير لفئة بعينها بل كل الفئات التي من شأنها خلق الفرقة بين أفراد أمتنا) ويتجلى ذلك بوضوح أكبر عندما يتعلق الأمر بمواضيع ذات صلة بالإسلام. فتبدأ الإنتقادات اللاذعة والجارحة، وتنقلب الأمور رأسا على عقب في كل أمر صغيرا كان أم كبيرا. بينما تنجو أمورا كثيرة من الإشارة إلى غرابتها، أو إنتقادها بالرغم من غرابتها وبعدها عن المألوف والمنطق إذا تأتت من مصدر بعيد عن الإسلام.

فمثلا من المفترض أن تشوب النظرة إلى رجال الدين كل إحترام وتقدير، بغض النظر عن ديانتهم إن كانت الإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو غيرها، كما أنه من الواجب احترام كل ما يتعلق بأمورهم المختلفة من طريقة ملابس أو طقوس مهما بدت بالغرابة والبعد عن المألوف لبعضنا، وأن يمارس الجميع دياناتهم بحرية دون تدخل لضمان احترام الحريات العامة. ولكن للأسف لا تؤخذ الأمور في هذه الناحية بميزان العدالة، ففي حين ينادي الجميع بالحريات العامة ينقلب الحال رأسا على عقب عند دخولها تحت ظلال الحريات الإسلامية. فالنقاب مثلا يعتبره البعض رمزا للديانة الإسلامية، وتلتزم بعض المسلمات بهذا الزي، لكن للأسف لا تسلم هذة الفئة من النساء من أبشع الصفات المقذعة التي تطلق عليهن لإرتدائه، وأصبح إختياره لسبب من الأسباب لا يدخل ضمن الحريات العامة التي ينادي بها أصحاب الحضارات والرقي، فيتفنن الكثير بإلقاء ألقاب شنيعة عليه كالكلمات التي بتنا نحفظها من كثرة تكرارها مثال خيمة أو كيس قمامة دون أدنى مراعاة لمشاعر الملتزمات به واللاتي قد يخفين تحته أسمى وأرقى مكارم الأخلاق. فحادثة سرقة حدثت تحت غطاء النقاب لا تعني شيئا أمام الملايين ممن يفضلون إختياره كملبس يضفي عليهم الشعور بالراحة والإمتثال لتعاليم دينهم، وهذا لا يعني بالضرورة أني مع أو ضد النقاب، لأن ذلك برأيي يعتبر مسألة شخصية ليس لي أن أقحم إجتهادي بها طالما لا يتأتى منها أي ضرر أو أذى لأحد. ونلاحظ أنه في نفس الوقت الذي يطلق فيها صفات السخرية على النقاب، لا أحد يبدي أي إحتجاج أو إعتراض على الملابس الدينية الأخرى التي أكن لها كل إحترام. منها مثلا الملابس التقليدية لبعض جماعات اليهود المتدينين ( مع إحترامي الشديد لحرصهم على إحترام شعائرهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم) . فهذه الجماعات تلبس جاكيتات سوداء طويلة، حتى لو كانت درجة الحرارة مرتفعة، وتلبس قبعات مميزة، وتحلق شعرها بينما تطلق "السالف" الذي يلوى بطريقة معينة، وتلبس نساءهم ملابسا طويلة ويغطين رؤوسهن بأغطية تشبه الحجاب الذي تلبسه المسلمات، مع فارق ربطه من الخلف، وأطفالهن من البنات يلبسن تنانيرا طويلة وتحتها جرابات سوداء غليظة.

ويقوم أفراد هذه الجماعات بالصلاة بطريقتهم المعهودة بهز رؤوسهم للأمام والخلف باستمرار، بحيث يكون منظرهم غريبا عما هو مألوف للبعض" كل الإحترام لأديانهم وعاداتهم وتقاليدهم" ولكن ما أردت قوله هو أنه لو كانت هذه الممارسات الدينية إسلامية لكان الحال غير الحال كما تعلمون.

وكما يعلم الجميع فإن عادات وتقاليد الشعوب تتنوع وتختلف لدرجة الغرابة أحيانا والطرافة أحيانا أخرى. فمن العادات الغير مألوفة في مجتمعاتنا بعض ما تقوم به إحدى الطوائف اليهودية، بحيث يقوم الرجل بوضع ديك على رأسه ويقوم بتحريكه بحركة دورانية على رأسه ثلاث مرات وبعدها يصلي ويقوم بذبح الديك، وبهذا يكون الديك قد أخذ ذنوب وخطايا هذا الرجل. وتفعل السيدات الأمر نفسه ولكن يستبدلن الديك بدجاجة. ومع كل الإحترام لعاداتهم ولكن ماذا لو كان الديك إسلاميا!!؟ أو كانت الدجاجة إسلامية!!؟، ستتحول الطرافة حينها إلى سذاجة وتخلف بمسمى الإسلام، وغيرها من المفردات اللاذعة.

وماذا عن مصارعة الثيران، التي يذهب ضحيتها كثير من الثيران ومصارعيهم، فلو كانت هذه اللعبة تحت شعار إسلامي، لما سلمت هذه المباريات من تسميات شنيعة، وما سلمت من المحطات الفضائية التي ستتسابق حينها لنقلها على الهواء مباشرة لعرضها على أنها إرهاب إسلامي، أو لعرض ما تخلفه من دماء مراقة على أيدي المسلمين في سبيل رياضة ترفيه.

وماذا أيضا عن التقليعات والموضة الغريبة التي يتهافت عليها الشباب " مع احترامي أيضا لها لأنها تدخل ضمن الحريات العامة" والتي قد نجدها غير مقبولة في مجتمعاتنا الشرقية إسلاميا أو مسيحيا، مثل قصات الشعر، التي بعضها يظهر الرأس وكأنه متوج بعرف ديك مع لمسات من ألوان فاقعة من الأحمر والأخضر والأصفر.

كذلك الأقراط التي توضع على كل أجزاء الجسم والتي يوضع بعضها بجانب العين أو الحاجب أو أحيانا داخل الفم على اللسان " ولا أدري كيف يمكن التحدث أو الأكل في هذه الحالة". كذلك الوشم "التاتو" الذي يلجأ البعض إلى وضعه على جميع أجزاء الجسم بما فيها الوجه الذي تختفي معالمه تماما أحيانا. كل هذه التقليعات الغريبة تأخذ مسميات الموضة والموديل والتقدم والمدنية، بينما لو كانت من ابتكار الجانب الإسلامي فإنها بالطبع ستأخذ منحا آخر تماما فتصبح الموضة حينها تحت مسميات أخرى مثل "قصات وأقراط البدو وتاتو التخلف الإسلامي...وهكذا.

ومن بعض الأمور التي أود الإشارة إليها في هذا الموضوع، هي إحدى التجارب التي أتاحت لي الفرصة بمشاهدتها في أمريكا، وهي بعض الجماعات المسيحية التي يطلق عليها "الآمش". هذه الجماعات تسكن في بعض قرى ولايات أمريكا، وهذه المجموعات لا تستخدم أي شيء مصنع حديثا، كالكهرباء، السيارات، التلفزيون، الغسالات، المصانع..إلخ. فهي تعيش حياة بدائية، تستخدم الخيول والعربات للتنقل، وتستخدم الأيدي للغسيل، وتقوم بنشر الملابس المبللة على أحبال الغسيل لتجفيفها كما في بلادنا، وهذه الطريقة في تجفيف الملابس غير مألوفة في المدن الأمريكية. وتعتمد معيشتهم على الحرف البسيطة كالزراعة، والصناعات اليدوية الخفيفة، ولهذا فإن منتجاتهم الحيوانية والزراعية تكون طبيعية وصحية لأنها لا تعتمد على الكيماويات والهرمونات المصنعة. وتنتشر الفنادق على أطراف قراهم، حيث أن نمط حياتهم وعاداتهم وقراهم تعتبر معلما جميلا ومميزا للزوار، فقراهم على مستوى عال من الجمال حيث الطبيعة الخلابة النقية الخالية من مخلفات الصناعات العصرية والمدنية الحديثة. ولا شك بانها كانت تجربة جميلة بالتعرف على هذه الجماعات الرائعة ببساطتها وتماسكها، وتمسكها بعاداتها وتقاليدها بكل فخر وإعتزاز دون لحاق بأي زخرف وبهرجة ومظاهر حياة حديثة، ودون ذوبان ومحو لهويتها التي تفتخر بها .

قد تكون طبيعة حياة هذه الجماعات قريبة من طبيعة حياة البدو في مجتمعاتنا بفارق إختلاف الطبيعة المناخية، فقد إختار هؤلاء البدو تلك النوعية من الحياة البسيطة ووجدوا راحتهم بها. ولكن للأسف، ففي حين تعتبر جماعات الآمش جماعات مميزة وجماعات تحترم لتمسكها بعاداتها وتقاليدها" وهذا حقيقة هو نفس شعوري الشخصي نحو هذه الجماعات" تؤلف الكتب وتتفنن المقالات بقذع ووصف بدو مجتمعاتنا بأبشع الصفات وأسوأ العبارات دون مراعاة بأنهم فئة فاضلة من مجتمعاتنا وتاريخنا. ويتناسى هؤلاء المنتقدون أن إختيار نمط معين من الحياة يدخل ضمن الحرية العامة التي يتشدق بها أصحاب الحضارة والرقي. وأن نمط أي حياة "مهما غلبت عليها البساطة" لا يعيب أصحابها. فإن سعد هؤلاء البدو بسكن خيامهم ورضوا الجمال وسيلة تنقلاتهم فهنيئا لهم بحياتهم التي اختاروها، ان كانوا لا يضرون ولا يؤذون احدا.

مما لا شك فيه بأن كل هذه الحروب والانتقادات والتهجمات القائمة على اتفه الاسباب والتي حصرتنا في مجالات ضيقة من التفكير والابداع والتطور ما هي الا مخططات مدروسة وضعت لنا من قبل جماعات تأبى ان ترى اللحمة والتآخي بين افراد امتنا بجميع اديانها ومذاهبها وطوائفها، لانها تعلم علم اليقين بان اتحاد هذه الامة سيكون قوة لا يستهان بها لصد اعدائها المتربصين بها. وقد برعت هذه الجماعات في إختيار موضع الألم لضرب الأمة ببعضها، وهو ايجاد النعرات والتشاحن بين دياناتها المقدسة.

إنه حقا لمن المحزن والمؤلم جدا لنا أن تؤول الأحوال بهذه الأمة إلى هذا المنعطف، الذي لا يليق بأمة بنت صرح أوطانها بكفاح كل فرد من أفرادها دون إلتفات إلى دين أو مذهب أو طائفة، ما دام الجهد يصب في نهر مصلحة واحدة، إنكم تعلمون أيها الأفاضل علم اليقين، بأن من أشعل فتيل هذه الخلافات هم فئة فضلت مصلحتها الخاصة على مصلحة الجميع وكان لها ما أرادت. نرجو من الله تعالى أن تحاسب كل نفس ذاتها بما قدمته من خير أو شر لهذه الأمة، وأن يتحكم الضمير في قراراتنا لتعلو مصلحة أمتنا على المصلحة الشخصية، كما نتمنى من الله تعالى أن ينعم على أمتنا بروح الإحترام والمودة بين جميع أفرادها بجميع أديانها وطوائفها ومذاهبها.

ودمتم بألف خير ومحبة وسلام بجميع إختلافاتكم.
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية